سماحة آية الله العظمى المدرسي يدعو إلى استثمار فرص شهر رمضان الكبرى ويؤكد على ضرورة الاندماج والتلاحم لفعل الخير

 

بعث آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي رسالة هاتفية إلى اجتماع الجمعيات النسائية في البحرين،  أكد فيها سماحته على ضرورة استثمار فرصة حلول شهر رمضان المبارك بهدف تقوية الإرادة والتسامي الروحي، واقتلاع العادات السيئة والاندماج والتلاحم مع المجتمع والاهتمام بهموم الأمة والمستضعفين.. وإليكم أهم ما جاء في هذه الرسالة الهاتفية:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين، وسلام عليكن ايتها الاخوات ورحمة الله وبركاته وبعد:

نستقبل شهر الله، شهر رمضان المبارك، الذي قد أقبل علينا بكل فضله وفرصه .. هذا الشهر الكريم يتميز بمنظومة من الميزات ويعطينا مجموعة من الفرص:

الميزة الأولى لهذا الشهر الفضيل؛ انه شهر الصيام، والصيام يورث الانسان التقوى، او لم يقل ربنا سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)؟ والتقوى هي روح تعطي الانسان العزم والتقوى والبصيرة.

الميزة الثانية: ان هذا الشهر الفضيل هو شهر القرآن الكريم.. او لم يقل ربنا سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)؟ والقرآن هو روح وروح، ورؤية وعزم، وقانون وتنفيذ للقانون.

والميزة الثالثة في شهر رمضان الكريم؛ هي القرب من الله سبحانه، والتواصل معه عبر الدعاء؛ او لم يقل ربنا سبحانه وتعالى في سياق الحديث عن شهر رمضان المبارك: بسم الله الرحمن الرحيم (واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)؟

بلى الدعاء يقرب الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى وحينما يقترب القلب من نور الرب فإن هذا القلب يستوعب أمرين أساسيين، الأول: يتعالى الإنسان على المسائل المادية الهابطة ويتكامل ويتسامى.

الثاني: يجد في ذاته الإدارة الكافية لتجاوز العقبات أنى كانت.

أما الفرص التي نجدها في هذا الشهر، لو عرفها الإنسان واستطاع أن يغتنمها، فإنها هي الأخرى فرص عظيمة، ولكن قبل ان أبين هذه الفرص لابد أن أؤكد على أن الإنسان بحاجة شديدة إلى أن يكون لديه أولا: الشفافية في البصيرة وثانيا: الإرادة الفولاذية لكي يغتنم الفرص.

فكثيرة هي الفرص التي تمر بحياة الانسان ولكن قليلا من الناس يستطيعون أن يغتنموها لماذا؟ إما لأنهم لا يعلمون أنها فرص جدية، وإنما إنهم لو علموا ذلك لا يجدون في أنفسهم تلك الإرادة الكافية لإستغلال الفرصة.

أما شهر رمضان فبالإضافة إلى الفرص المتاحة فيه والتي سنبينها لاحقا فإن هذا الشهر يتميز ـ كما سبق وأن قلنا ـ بالرؤية والإرادة.

اخواتي الكريمات: إن الإنسان في حياته قد يتعود على اشياء سلبية وقد يتمنى أن يتعود على الأعمال الصحيحة والسليمة ولكن لا يجد فرصة مناسبة لكي يترك تلك العادة السيئة من جهة، ولكي يتزود بتلك العادات الحسنة من جهة اخرى انما في شهر رمضان المبارك وعندما يتجاوز الإنسان شهواته المادية يتسامى إلى الحالة الروحية عبر قراءة القرآن وعبر الدعاء فإنه يجد الفرصة المناسبة لكي يراجع حساباته، لكي يحاسب نفسه لكي يقيم حياته من جديد لكي لا يسترسل مع هذه الحياة التي تحيط بالإنسان بشهواتها وببهارجها وزخارفها بحيث تجعل الإنسان غافلا عما يراد به حتى يزوره ملك الموت وهو غير مستعد لرحلة الآخرة الطويلة.

بلى في شهر رمضان نجد هذه الفرصة في لياليه وايامه، ربما في مثل ليلة القدر التي هي افضل وخير من الف شهر نحاسب أنفسنا، ونقتلع عن العادات السيئة.

فلو كانت عندك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ عادة التدخين مثلا وانت منزعجة من هذه العادة وتبحثين عن فرصة مناسبة لكي تقلعي عن هذه العادة فإنك في شهر رمضان ستجدين القوة والإرادة في النهار لتتركين التدخين وفي الليل أيضا تتركينه، اذ ان الخير عادة والشر عادة فلماذا نترك العادة الحسنة، عادة الخير، ونتوجه إلى عادة السوء؟

إذا كان من الممكن أن يمشي الإنسان سويا وعلى الصراط المستقيم فهل من الصحيح ان يمشي مكبا على وجهه في الطرق الملتوية والى السبل الضالة؟ .. هذه الفرصة الأولى.

أما الفرصة الثانية التي تتيحها لنا أيام شهر رمضان ولياليه المباركات فهي، فرص التسامي الروحي إلى درجة اسمى لكل واحدة منها درجة من الإيمان، درجة من التقوى، درجة من اليقين، درجة من العلم؛ لأن شهر رمضان يعطينا فرصة لكي نتسامى إلى درجات أعلى: (درجات عند ربك) والإنسان حتى لو كانت درجاته الإيمانية كبيرة ورفيعة وذات مستوى فلماذا لا يفكر ولا يطمح في أن يصل إلى أرفع منها؟

أما الفرصة الثالثة والمهمة جدا في شهر رمضان، فهي فرصة الإندماج والتلاحم؛ ان الشيطان يوسوس فينا ويمزقنا ولا يدعنا نجتمع لأن في اجتماعنا ضررا كبيرا على خطط الشيطان وخطط الذين يسلكون مسلك الشيطان. نحن اذا توحدنا واندمجنا مع بعضنا نستطيع ان نفعل الخير للجميع.

إنما في شهر رمضان، شهر صلة الرحم، شهر الاهتمام بالجيران، شهر الاهتمام بالمستضعفين، شهر التجاوز ما في أنفسنا من الحساسيات تجاه بعضنا..

أيتها الأخوات الكريمات، انتن في هذا الشهر الكريم بإمكانكن ان تقمن بهذا الدور، والدور هو ان توضحن لسائر الأخوات بل لسائر الأمة، لأقاربكن من الرجال أيضا، توضحن ان هذه الفرص الكبيرة في شهر رمضان يجب أن تستغل وتغتنم.