الشهيد الشيرازي: لمحة من تأريخ حافل

علي الطالقاني

 تركوا أن يستريحوا يوما. أو أن يختاروا بيت أو سيارة فارهة وحتى مكانا مناسبا للقراءة. أنهم علمائنا الابرار..

لم أتأمل كثيرا في حياة العظماء ولم أقف على آثار الطواغيت لكي أشاهد ما تبقى من آثارهم ولكن الذي أوقفني شخصية الأديب الشهيد السيد حسن الشيرازي و اكتشافه المبكر للمخططات التي كانت تستهدف الأمة ومستقبلها.

كان الشهيد يهتم كثيرا بمستقبل العراق و يتابع الأحداث وما يترتب عليها من آثار قد تنامت وتزامنت مع عمره الذي نذره للتصدي والدفاع عن وطنه فقد كان الشهيد أديبا وشاعرا وفقيها أستطاع بكتاباته الأدبية والشعرية أن يهز عروش الطغاة والظالمين الذين حكموا بقوة النار والحديد فسجنوه وعذبوه حتى لم يستطع أحد من التعرف عليه أثر التعذيب الذي لاقاه في قصر النهاية ببغداد.

وقد ذكر أخيه المرجع الديني الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي في كتاب(الصياغة الجديدة)، أربعين قسماً من وسائـل التعذيب التي مورست مع الشهيد.

كان الشهيد واحد من بين الرجال الأكثر حركة ونشاطا في العراق وباقي الدول العربية والإسلامية فقد أسس الكثير من الجمعيات والمراكز الثقافية واتبع أساليب متنوعة تسير وفق اتجاهين:

أسلوب تمثل في العمل بطريقة الإرشاد كبقية رجال الدين، أما الأسلوب الثاني فقد ركز على توعية المجتمع من خطورة المخططات التي تستهدف المنطقة برمتها وخصوصا العراق وذلك من خلال مجالس الوعظ والإرشاد وكتاباته التي كانت تتدفق بالمعاني البديعة.

وكانت عبارته تنساب في غاية الرقة والحيوية. وتنزل في الوقت نفسه كالرعد على مسامع الطغاة الذين يصمون آذانهم حذر الخوف من تلك الكتابات وهي كماء صاف في جدول منفطر لم ير الماء من قبل لتدق أسماع كل من يريد التسلط على رقاب الشعوب .

لقد أستغرق الابتكار والإبداع علمائنا الأفاضل فتركوا الدنيا ومشاكلها ولم يتركوا عمل الخير ليسبقهم به غيرهم.

عاش الشهيد الإمام السيد حسن الشيرازي مجاهدا ولم يخضع للذل والهوان ومات ولم تمت كتاباته والصروح العلمية التي بناها في سوريا ولبنان والعراق وغيرها من باقي الدول والتي بقيت تدوي في مسامع الدهر.

 من بين الآثار التي تركها شعر كتبه وكأنه يعلم ما سيجري على العراق صور لنا من خلاله الجور والظلم الذي يلاقيه هذا الشعب من حكومة البعث فضلا عن الآثار التي سيخلفها هذا النظام من ثقافة فاسدة، زرع من خلالها في نفوس الضعفاء الحقد والبغضاء وها نحن نعيش ذكراه بعد مرور ثماني وعشرين عاما ومن بين الكتابات التي خلدها الدهر قصيدة يصور فيها العراق وشعبه يقول فيها:

 

قل للعزيز أصابنا الضـرّاءُ*** فحياتنا داء وأنــت دواءُ

أرض العراق مجازر ومآتمٌ*** والرافدان مدامع ودماءُ

والشعب آخر ما يفكر فيه مسؤولٌ*** وأهداف الورى أهواءُ

والشعب إن يُذكر فللتضليل*** لا ليسوده الحكماءُ

والشعب للحكام ملحمة الهوى*** ووليمة يرتادها الأمراءُ

لا ذلَّ إلا للشعوب وإنما*** للحاكمين الكِبر والغــــلواءُ

فمن الذي في الكوخ أبصر حاكماً** قد أرّقته حشاشة سغباءُ؟

أو هل عرفتم حاكماً يطوي على*** جوع ليأكل قُوتَه الفقراءُ؟

أو هل سمعتم أن مسؤولاً كَسَتْهُ*** قطيفة وله الفلاة فناءُ؟

أو من يواسي المسلمين فلا يَحيف به*** العطاء ولا يجور قضاءُ؟

إلا عليا من تعالى قَدره*** وتـقدست بسمـــائه الأسماءُ

تتنـازع الحكّام فيما بينها*** و الشعب جـــرح نازف و مصاب

يتقاتلـون على المناصب والذي*** سَنَّ المبادئ أنها أبواب

كم جرّبوا في الشعب حُريّاتهم*** وانصبّت الحمراء والصفراء

والطائفية ويلها من فتنة*** عمياء يوقظ حقدها الأقزام

والطائفية جددّت تاريخها*** فإذا لها الحكام والأحكام

لكنها هي لم تغيّر ذاتها ***فشعارها الإرهاب والإرغام

دستورنا القرآن نهتف باسمه*** وشعارنا في العالم الإسلام

وزعيمنا الكرّار لا ميشيل لا ماركس ***لا القسيس لا الحاخام

مَشتِ الشعوب يقودها استعمار*** يحدو لها الصاروخ والأقمار

وتطايرتْ باسم السلام حمائم*** من رِيشها تتناثر الأقدار

ويل الشعوب شرارها أسيادها*** ويسود أسياد الشعوب شرار

والعالم العملاق أصبح لعبة*** يجتاحها الإرهاب والإنذار

قد آن نختار نحن مصيرنا*** من قبل أن يختاره الكفار

ويل العراق فليله لاينقضي * * * حتى تقوم حكومة الإسلام

أو ما دروا ان العراق بدينه * * * وبشعبه وبجيشه المقدام

خير من الشرق الكفور وكل ما * * * في الغرب من إفك ومن إجرام

فعراقنا مهد الحضارة والتقى * * * والعلم والامجاد والاسلام

اسلامنا فوق الميول فلم تجد * * * فيه المبادئ موطئ الاقدام

دستورنا القرآن نهتف باسمه * * * وشعارنا في العالم الإسلام

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3 تموز/2007 -16/جماد الاخرى/1428