شبكة النبأ: انقضت زيارة الأربعين
لهذا العام، رغم التهديدات الامنية المحيقة بالزائرين ومدينة
كربلاء، كثيرون راهنوا على افشال هذه الزيارة، مستفيدين من سطوة
داعش العنفية المتوحشة والتي كرسها الاعلام طيلة الشهور السابقة،
وفي اثلاء الزيارة وخلالها وبعدها، امتد التشويش على الاعداد
المليونية الغفيرة، من خلال التشكيك بصحة الارقام ودقتها، او من
خلال انتماءاتهم الجغرافية وجعلها لا تتكلم الا اللغة الطائفية،
والصاق جميع التهم بالشيعة والتي أصبحت ممجوجة لكثرة ترديدها.
يكفي زيارة الأربعين أن جميع الزائرين المتوجهين الى كربلاء،
ورغم كل المخاطر ياتون حاملين الرايات بدل البنادق والمسدسات، وهم
في مسيرهم لمئات الكيلو مترات يحملون ارواحهم فوق اكفهم، ناذرين
اياها لصاحب الزيارة، ويستبشرون بالشهادة اذا صادفتهم في طريقهم
الطويل.
ما الذي تضمنته هذه الزيارة الاخيرة من فعاليات قام بها
المشاركون عبر مواكبهم العديدة؟، في هذه السطور أتحدث عن الزيارة
من داخل كربلاء، فلم يتسن لكاتب السطور متابعة المواكب خارجها.
جدار حر
وهو ماتكتب عليه اي شيء بعفوية واريحية، وهو احد وسائل التعبير
عن الراي في المفاهيم المتعلقة بالديمقراطية، وهو المسؤولية في
التعبير عن الرأي والسلوك.
في هذه الزيارة وعبر لوحة كبيرة تنتصب على احد الارصفة، يتقاطر
المئات على تدوين كلمات شتى وترك اسماءهم عليها، ولم تقتصر مشاركات
المدونين على الجدار على العراقيين وحدهم، بل هناك الكثير من
تدوينات العرب والاجانب على هذا الجدار.
لوحة وريشة
اخرون يفترشون احد الارصفة، يمسكون بايديهم فرشاة الرسم، ويضعون
على قطع القماش البيضاء الوانهم.. انه المرسم الحسيني، يؤرشف ويؤرخ
ويسجل الوجوه او الاحداث لواقعة العاشر من محرم، واللوحات استذكار
لهذه الواقعة، برؤية شبابية معاصرة، تستلهم منها الكثير من
المفردات.
الطعام والاطعمة
وهو محط التنافس الشديد، وهي ظاهرة عراقية بامتياز لاتجدها في
اي دولة اخرى بغض النظر عن عدد الشيعة في تلك الدول.
وهي القمة في الخدمات التي يعتز بتقديمها اصحاب المواكب
للزائرين، لما يرتبط بالطعام من كرم امتاز به العراقيون، وما يرتبط
بحضارتهم التي قامت على الزراعة منذ فجر التاريخ وحتى الان.
الجهد المضني
ما يمكن تسجيله من مشاهدات في هذه الزيارة وقبلها، ان جميع
الاعمال التي يقدمها اصحاب المشاركون للزائرين تقترن بالجهد الكبير
المبذول لانجازها، وهناك بعض الاعمال القليلة التي لا تتطلب جهدا
كبيرا، لا تكون حاضرة بقوة في زيارة الاربعين، او انها لايمكن ان
تساويها من حيث الاجر والثواب.
ولايقتصر الامر على الجهد المادي وحده، بل هناك الجهد المعنوي
والنفسي، فرغم الاعداد الغفيرة من الناس الذين تكتظ بهم المدينة،
الا ان مشاجرة واحدة لاتقع، وكثيرا ما انتبهت الى سائقي السيارات
الذين يمتنعون عن استعمال المنبه وهم يسيرون بسياراتهم خلف
الزائرئين.
معرض كتاب
التذكير بمكانة الكتاب واهميته عبر بسطات الكتب المنتشرة في
اكثر من مكان، وعلى امتداد ايام الزيارة، وهي تستوقف الزائرين
بعناوينها المتعددة، واشكالها المختلفة، ولا تقتصر العناوين
المعروضة على كتب الادعية والزيارات بل تمتد الى كتب الفقه
والعقائد والتاريخ لغرس الوعي بالكثير من القضايا والتي قد لا
يعرفها الكثيرون.
الاخوة الإنسانية بأوسع تجلياتها.
اربعينية الحسين (عليه السلام) مثل شخصيته عابرة للقوميات
والاعراق والاديان، يجتمع فيها الملايين من جميع الدول والجنسيات،
كتب احدهم على موكبه الذي يوزع فيه الطعام والشاي: اخي خادم الامام
الحسين: لاتمييز في تقديم الخدمة لاي زائر مهما اختلفت قوميته
ولغته ولونه ودينه.
مشتريات وافتخار
معظم القادمين الى مدينة كربلاء المقدسة، يشترون مختلف البضائع
الخفيفة في حملها، وككل فعالية تجارية فهي تقوم بتنشيط اقتصاد
المدينة، وتوفير فرص عمل للكثيرين، وهي من جانب اخر نوع من
الافتخار للذين يشترون تلك البضائع، حين يعود محملا بما اشتراه،
فهو قد اشتراها من كربلاء عند الزيارة، وهي هدية للبعض ممن لم
يستطع المشاركة في هذه الاربعينية. |