الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

احياء ذكرى الانتفاضة

في الطّريقِ الى كربلاء (٤) السّنةُ الثّانية

نـــــزار حيدر

 

هالني العام الماضي، وانا أشارك زوار سيد الشهداء الامام الحسين (ع) في مسيرة الاربعين، جهل الجيل الجديد بانتفاضة صفر عام ١٩٧٧ ضد نظام الطاغية الذليل صدام حسين.

 فلقد تعمّدتُ السؤال من أكبر عددٍ ممكن من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (٢٠ الى ٣٠) عاماً عمّا اذا كانوا قد سمعوا شيئاً او يعرفون شيئاً عن تلك الانتفاضة الباسلة التي اطلقتْ شرارتها مدينة النجف الأشرف، إثْرَ قرار النظام البوليسي منع مسيرة الاربعين الى كربلاء المقدسة، لتصل الانتفاضة أوجها في الطريق العام بين مدينتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، قبل ان يصل المنتفضون الثائرون الى حرمِ ابي الأحرار الامام الحسين (ع) بعد خلّفوا وراءهم عدداً من الشهداء الذين واجهوا رصاص ازلام النظام بصدورهم العارية في خان الربع وخان النص بالاضافة الى عدد من الجرحى، يرفعون معهم القميص المضمّخ بدمِ الشهادة القاني لاحد هؤلاء الشهداء الابرار.

 لم يُجبني احدٌ بما يشفي الغليل، فكلّهم تقريباً أبدوا استغراباً من أسئلتي، اذ لم يسمع احدٌ منهم شيئاً لا عن الانتفاضة ولا عن شهدائها ولا اي شيء يتعلّق بها.

 وان لا يعرف الشبابُ شيئاً عن تاريخه القريب الذي وُلد منه حاضرهُ، فتلك مصيبة، فالجاهل بماضيه القريب والذي لا يعرف تاريخه المعاصر، لا يقدّر حاضرهُ ولا يعمل شيئاً لمستقبله أبداً، ولذلك نلاحظ ان الامم الرّاقية تهتم بتفاصيل تاريخها وأحداثه، خاصة التي تدخل في صناعة حاضره بشكل مباشر.

 فهنا في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، فانّ تاريخ البلاد، والذي لم يتجاوز القرنين من الزمن، يُدرّس بتفاصيله في كل المراحل التعليمية، الأولية منها والجامعية، ليعرف المواطن على وجه التحديد من الذي صنع له هذا الحاضر؟ وكيف؟ وبالتالي ما الذي يجب عليه فعله ليصنع المستقبل له وللجيل الجديد.

 تساءلتُ مع نفسي؛ تُرى: لماذا لا يعرف هؤلاء شيئاً عن الانتفاضة على الرّغم من انها هزّت وقتها أركان النظام وارعبتهُ فأُجبِرَ على إنزال كل ما يمتلك من قوات برّية (اكثر من ٥ آلاف دبابة) وطائرات ليطوّق بها مدينة كربلاء المقدسة من اتجاهاتها ومداخلها الأربعة ويراقب أجواءها من السماء؟.

 أهوَ تقصيرنا؟ انا الشاهد على الانتفاضة وأمثالي؟ ام تقصير الأجيال الجديدة؟.

 شخصياً، اعتقد اننا الملامون على ذلك دون غيرنا، فالأحداث العظيمة والمنعطفات الكبيرة التي تمرّ بها الامم والشعوب انما تتناقلها وتحفظها الأجيال الجديدة من الجيل الذي صنعها، فإذا قصّر صنّاع الحدث عن تدوينه وتماهلوا في كتابته وحفظ تفاصيله واهدافه فسوف لم يعرف الجيل الجديد شيئاً عنه أبداً، فلو ان من صنع تلك الانتفاضة العظيمة وشارك فيها وشهد عليها بأية صورة من الصور قد دوّن تفاصيلها لانتقلت الى الجيل الجديد بلا أدنى شك، ولما جَهِلها، الا انّ تقصيرهم في التدوين والكتابة هو الذي اضاع الفرصة على الأجيال الجديدة للاطلاع عليها والتعرف على أهدافها وتفاصيلها وما جرى فيها.

 طبعاً، لا اريد هنا ان انفي بالمطلق المحاولات التي بذلها عدد من صناع او شهود الانتفاضة لتدوين واحياء ذكراها، أبداً، فلقد كتب بعضهم عدداً من الكتب والكراسات، كما ان بعض المؤمنين اسّسوا مواكب وبنوا حسينيات باسم شهداء تلك الانتفاضة، الا ان هذا الجهد الاعلامي يعد ضئيلا جداً بالقياس الى الواجب الملقى على جيل الانتفاضة ازاءها وإزاء شهداءها ورجالاتها.

 ان احياء مثل هذه الانتفاضات التي شهدها العراق، خاصة ضد نظام الطاغية الذليل صدام حسين، هو احياءٌ للمسيرة الجهادية التي استمرت تغلي في نفوس الشعب العراقي حتى سقوط الديكتاتورية في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣، وهو كذلك احياءٌ لحجم الثمن الباهض الذي دفعه العراقيون لحماية والدفاع عن دينهم وعقيدتهم وشعائرهم التي بذل النظام الديكتاتوري الكثير جداً من الجهود الأمنية والعسكرية والاستخباراتية لمحوها وإلغائها.

 كما ان تدوين تفاصيل مثل هذه الانتفاضة يقدّم للاجيال الجديدة دروساً وتجارب وعبر وخبرة متراكمة في صراعهم ضد الباطل، فكلّنا نعرف جيداً بان الصراع بين الحق والباطل، بين علي (ع) ومعاوية، بين الحسين (ع) ويزيد لم ولن ينتهي حتى قيام الساعة، قد تختلف الاسماء والعناوين والأدوات والظروف الا ان جوهر الصراع يبقى هو هو لن يتغيّر، انه الصراع بين النور والظلام، بين التعايش والإلغاء، بين تقاسم الحقيقة واحتكارها، بين التنوّع والفردية، بين الحب والكراهية، بين العدل والظلم، بين الحريّة والعبوديّة، بين العزة والذلّ، وهل ينتهي كل ذلك في يوم من الايام؟.

 ان احياء ذكرى الانتفاضة، حمايةٌ لهويّة الشعب العراقي من السّرقة والتشويه والتحريف.

 تعالوا، اذن، أيها الاحبة، واقصد بهم جيل الانتفاضة تحديداً، ليدوّن كل واحد منكم ذكرياته عن تلك الانتفاضة، يشفعُها بتحليلاته للظروف والاسباب والمقومات والمنطلقات التي ثار وانتفض من اجلها الناس في تلك الانتفاضة.

 اكتبوا ودوّنوا بعلميّة وحياديّة وصدقيّة عالية وبوثائقية دقيقة، بعيداً عن كل انواع التحيّز والميول النفسية والأهواء.

 كما ينبغي تجديد ذكرى الانتفاضة بكل الطرق الممكنة، واحياء ذكرى شهدائها الابرار [ابو گلل، البلاغي، عجينة، الاسديّان، الميالي، الطالقاني، خويّر، مالو، الايرواني] ورجالاتها الذين تعرّضوا للسجن والتعذيب واولئك الذين صدرت بحقهم احكاماً قضائية ظالمة وقاسية، كالشهيد أية الله السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره).

 كما ينبغي احياء المواقف البطولية التي أبداها الشهداء الابرار قبل تنفيذ حكم الإعدام الظالم بحقهم، في باحات السجن وامام المحكمة، المهزلة، وفي لحظة تنفيذ الإعدام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/كانون الأول/2014 - 17/صفر/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]