قال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم
من دون الله أولياء ثم لاتنصرون)، هود: 113
يظهر من جميع المفسرين ان الركون المنهي عنه في الآية هو
الولاية المنهي عنها في آيات اخرى قال صاحب المنار في تفسيره بعدما
نقل عن الزمخشري قوله: ان النهي في الآية متناول للانحطاط في هواهم
والانقطاع إليهم ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم والرضا
بأعمالهم والتشبه بهم والتزي بزيهم ومد العيون إلى زهرتهم وذكر ما
فيه تعظيم لهم وتأمل قوله: (ولاتركنوا) فان الركون هو الميل اليسير
وقوله: (إلى الذين ظلموا) وجد منهم الظلم ولم يقل: الى الظالمين
الذين تحقق منهم الظلم تحققا ما والمتلبسين بهذا الوصف المستمر في
ظلمهم والمراد بالآية بالذين ظلموا ليس من تحقق منه الظلم... وكثير
من علماء السنة بتفسيرهم آيات الله النازلة في خطاب النبي (ص) سواء
بالنواهي والوعد او الوعيد والتحذير...الخ
واخرج مسلم في صحيحه وابن ماجة في سننه والامام احمد في مسنده
عن النبي (ص) قوله: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده وإن لم يستطع
فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
كما اخرج أبو داود في سننه عن النبي (ص): (لتأخذن على يد الظالم
وتأطرنه-أي تردنه- او ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم
كما لعنهم –اي بنى اسرائيل-)
وروى الترمذي عن أبي بكر أنه قال: أيها الناس إنكم تقرأون هذه
الآية: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا
اهتديتم) وإني سمعت رسول الله (ص) يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم
فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه).
فنقد المسيء او الوقوف بوجه المخطئ ومعارضة الفاسد مهما كان
موقعه الديني او منصبه السياسي والوقوف بوجهه ليس هو فقط حقا
مشروعا لكل الامة بل هو سنة وواجب عليه الامر الذى دفع فقهاء
المسلمين إلى ان يسموه فرضا هو (فرض كفاية) إذا أداه البعض سقط عن
الباقين ولكن اذا سكتوا واستكانوا للبشر بذرائع زائفة صحابة او
خلفاء كانوا آثمين والفالح منوط بالقيام به (احكام القران) للامام
الكيا الهراس الشافعي فاذا كانت المعارضة فرضا على المسلم فإن
اجتماع عدد منهم في فرقة او جماعة او حزب للقيام بهذه المعارضة امر
واجب لان صوت المجموع اعلى واشد فاعلية وابلغ اثرا من صوت الفرد
(ويد الله مع الجماعة) ويؤيد ماذهبنا اليه من زعم مخاطبة جمهور
المسلمين لعمر: لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا..!!!
وعن الحسن بن عليٍّ أن علياً يقول: إني أذكر الله رجلا رعى لله
حقا إلا نفر فإن كنت مظلوما أعانني وان كنت ظالما أخذلني. ذكره ابن
حجر في فتح الباري.. قال في (مجمع الزوائد) (11997): رواه عبد الله
بن أحمد ورجاله رجال الصحيح.
اذن الاسلام فتح ابواب المسألة والنقد والاعتراض فلا قداسة
للصحابة مهما على شأنهم او ارتفعت مراكزهم امام احقاق الحق..!!
ولكن لعجز الجهلة وتخاذل مرتزقة العلماء لنقد واحد من اولئك
الطغاة والجبابرة والكشف عن زيغه وانحرافه فبدلا من ان يقارعوه
ويفضحوه. لجأوا لوسيلة الصمت امام القباب المقدسة قداسة زائفة وعدم
الوقوف بوجه الظالم بسحب الشرعية عليهم بتأويل انهم ولاة الامر..!
فهذه الممارسات المنكرة حجبت الهواء النقي عن العقل الإسلامي
وكبلته وقيدت حركته وجعلته في غياهب التخلف وعقر التقهقر ومهاوي
التيه ومنذ 1400 عام.. !!
وعلى نهج النبوة قال الامام الحسين: (أيّها الناس، إنّ رسول
الله قال: مَن رأى سلطاناً جائراً؛ مستحلاًّ لحرم الله، ناكثاً
لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم
والعدوان فلم يغيّر عليه بفعلٍ ولا قول، كان حقّاً على الله أن
يدخله مدخله تاريخ الطبري 6/229، وكامل ابن الأثير 4/21..
وقال (ع) في خطاب آخر: (ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمل به، وإلى
الباطل لا يُتناهى عنه ؟! ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً، فإنّي
لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برما انظر
العقد الفريد 2/312، وابن عساكر 4/333.
قال الامام الحسين (ع) غرر عباراته هذه إلاّ بعد أن رأى بعينه،
وسمع بأذنه، ولمس بيده، كيف أنّ الحقَّ لا يُعمل به، والباطل لا
يُتناهى عنه... وقد دعا (ع) إلى الحقِّ الإلهي بالحسنى والقدوة
المنزهة، فقال: (ادعوكم إلى إحياء معالم الحقِّ، فإن تجيبوا تهتدوا
سبل الرشاد).
مثل هذا القول لا يصدر إلاّ عن إنسان معدّ للشهادة، لإحياء
الرسالة، ينطق لسانه بما يستقرّ في وحيه من إيحاءات علويّة، بضعة
من الرسول الكريم وريحانته، ونفحة من نفحات إلهامه، وسر اعداده،
بتحمل عظيم مسؤولياته. فعندما ولدت فاطمة حسيناً أخذه النبيّ بين
يدَيه وأذّن في اُذنه كما يؤذّن للصلاة، وأفرغ في سريرته الطفوليّة
بعضاً من استشرافات النبوّة الهادية للبشر أخرج أبو داود والترمذي
في (السنن) عن أبي رافع مولى النبي (ص) قال: رأيت النبي أذّن
الحسين حين ولدته فاطمة كما يؤذّن للصلاة. وذكر ابن الصّبان في
إسعاف الراغبين: أنّه (ص) حنّكه بريقه وأذّن، ودعا له وسمّاه
حسيناً.. وقد فاز الحسين بمكرمة احياء الدين لقوله (ص): بعد تقبيل
رسول الله (ص) حسينا: (حسين مني وأنا من حسين، حسين سبط من الاسباط
أحب الله من أحب حسينا.) انظر مسند احمد ج4ص172 والحاكم في
المستدرك ج3ص177 وصحيح ابن حبان ج9ص59 والخوارزمي في مقتله ج1ص146
إذاً كان الحسين (ع) امام هداية استمرار الإسلام وبقائه ونقائه
بعد مرحلة التأسيس النبوية..!!!
يامصحف بفم النبي محمد....مازال في آياته يترنم
فكان عاقبة نهضة الحسين بوجه الظلم شهادة وخلود.. واجتثاث
الشجرة الملعونة ومن مكنهم من رقاب المسلمين وذهب طغاة بني امية
ومن سار على نهجهم الى الجحيم.. ويبقى الحسين راية منصوبة خفاقة
على ارجاء الدنيا باسرها تنير الهداية والثورة..!!
قد مات ذكرهم وذكر عاطر.......والوحي حيا والرسالة برعم
[email protected]
..........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة
النبأ المعلوماتية |