شبكة النبأ: أقامت مؤسسة النبأ
للثقافة والإعلام بالتعاون مع مركز المستقبل للدراسات والبحوث حلقة
نقاشية تحت عنوان " زيارة الأربعين ودورها في تشكيل مستقبل العراق"
مساء السبت في كربلاء.
وافتتح الجلسة مدير مؤسسة النبأ علي الطالقاني قائلا ان ذكرى
أربعينية استشهاد الإمام الحسين عليه السلام تمثل ظاهرة اجتماعية
تتطلب دراستها بشكل مختلف عما هو سائد اليوم كونها ظاهرة فريدة من
نوعها.
وقدم الباحثون كل من الدكتور قحطان الحسيني التدريس في جامعة
بابل والدكتور محمد عزيز استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد
والدكتور محمد الطائي التدريسي في جامعة كربلاء، اوراقهم البحثية
على ثلاث محاور.
المحور الأول طرحه الدكتور محمد الطائي التدريسي في جامعة
كربلاء عن "دور زيارة الاربعين في ارساء السلم الاجتماعي".
وتحدث الطائي عن جانب الامان الاجتماعي وقال إن زيارة الاربعين
تمثل زيارة السلام للعالم أجمع، وهي الشاهد الحي في تجسيد معنى
الحرية لأنها تحرر الإنسان من كل القيود والأسيجة التي تحول دون
اللقاء الإنساني والحر مع أخيه الإنسان، بالتالي فالزيارة
الأربعينية الانموذج الأقدر على أن يكون رسول الحرية والسلام لسائر
بني الإنسان، ومحو الصورة المشوهة للإسلام من قبل التنظيمات
التكفيرية.
واضاف ايضا من هنا فلا عجب أن تجد معدلات الجريمة في العراق تقل
بشكل كبير وملفت للنظر أيام الزيارة الأربعينية، بل يندر أن تجد
حالة جدال أو خصومة بين اثنين من الزوار طيلة أيام الزيارة
المباركة، وبالتالي فأي صورة أصدق من صور التلاحم الاجتماعي
والتعايش السلمي في زمن عزّ فيه السلام ودقّت فيه طبول الحرب
وأبواقها في أنحاء المعمورة.
كما تحدث الطائي عن العدالة الاجتماعية والتكافل الاقتصادي
قائلا: هذان المبدئان الاقتصاديان تحققا بشكل جلي وواضح في العراق
أيام الزيارة الأربعينية، فالعدالة الاجتماعية تجسدت بأروع صورها
في تلك الزيارة المباركة، إذ لا فرق بين رئيس أو مرؤوس ولا بين غني
أو فقير، فأكلهم وشربهم ومنامهم واحد لا تمييز بين أحد وأحد لأن
الجامع المشترك بينهم والهم الوحيد المتقسم بينهم هو التسابق صوب
المرقد الطاهر لسيد الأحرار (عليه السلام)، ولا أظن أن صورة أروع
وأرقى من تلك الصورة في تحقيق معنى العدالة الاجتماعية.
واضا ايضا ان من أهم النتائج المتمخضة عن التزاحم والتلاحم
الذي يجمع الأبدان النفوس والعقول لزوار الأربعينية الذين جمعهم
هدف واحد وهو زيارة سيد الشهداء (عليهم السلام) هو ذلك التجاذب
الروحي القادر على محو أسباب التفرقة وتجذير معاني الإخاء والولاء
والوفاء وحماية اللحمة الاجتماعية بين أبناء الشعب العراقي، الأمر
الذي تعجز أعظــم الأيدلوجيات والأديان والمشاريع الإنسانية
المعاصرة عن الإتيان بنظيره.
من جهته قدم الدكتور محمد عزيز من جامعة بغداد ورقته الموسومة
"الزيارة الأربعينية ودورها في تشكيل مستقبل العراق ". قال فيها :
ابدأ من حيث انتهى الدكتور الطائي بان زيارة الأربعين اجتمع فيها
ظرفان الزماني والمكاني والذي ولد نوع من التكامل للمواطن الذي
يريد أن يجسد حب الله وأهل البيت. وأشار عزيز إلى قول الشهيد حسن
الشيرازي قدس الله سره إن (عاشوراء حدث جسد مبدأ فهي ثورة الحق
المكبوت على الباطل الطاغي. فعاشوراء مستمر لايمكن مسحه من ذاكرة
الحياة مع بقية مبادئ الكون التي لا تنمحي من ذاكرة الحياة).
وأضاف إن مسيرة الزيارة الأربعينية تمثل أكبر تظاهرة سلمية
حضارية وعالمية تنطلق من باب الحرية الدينية والحق في ممارسة
الشعائر بالطريقة التي نراها مناسبة دون التأثير أو الإساءة لأي
ديان او طائفة أو مذهب.
اما الورقة البحثية الثالثة فقد قدمها الدكتور قحطان الحسيني
التدريسي في جامعة بابل والتي تحدث فيها عن كيفية توظيف موسم زيارة
الأربعين قائلا يمكن استثمارها بما يخدم الإمام الحسين (ع) ونهضته
الخالدة حيث قال يمكن توظيف هذه الأعداد الهائلة والاستفادة منها
في تعزيز التعايش السلمي بين العراقيين من جهة واستثمارها اقتصاديا
وثقافيا وسياسيا في رسم خارطة طريق لرسم مستقبل الدولة العراقية
الحديثة. والامر الاخر هو كيف يمكن إن تساهم الزيارة الأربعينية
كقوة ضاغطة بشرية فيما لو تولى إدارتها قادة القمة الستراتيجية
المنتخبون من أبناءها بإضفاء الطابع الديمقراطي على الحكم في
العراق عن طريق تفعيل الرقابة الشعبية على البرنامج الحكومي وخلق
جماعة ضغط لمراقبة الحكومة ومدى التزامها ببرنامجها الحكومي، مع
دعم جهود المرجعية الدينية باعتبارها صمام أمان لكافة العراقيين.
وتساءل الحسيني هل استطاع الشيعة استثمار الزيارة بالطريقة
المثلى؟ وبعد أن أدركت الدول العربية خطر الصحوة الشيعية التي
تبلورت بعد 2003 وفي المقابل لدينا سلبيات منها عدم وجود قيادة
شيعية في المنطقة وعدم قدرة الشيعة في العراق على إقناع الآخرين
رغم كونهم أكثرية. وختم الحسيني بحثه قائلا هناك حاجة ماسة
لاستثمار الشعائر الحسينية لجني ثمارها وضمان تحقيق أهداف الشيعة.
وشارك الحضور بعدة مداخلات واسئلة أغنت مضمون الحلقة النقاشية
فقد قال الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس ادارة مؤسسة النبأ للثقافة
والإعلام: إن زيارة الأربعين حدث فريد في التاريخ وقد كانت الزيارة
الأربعينية بعد السقوط مباشرة صادمة للعالم. وهذه الصدمة التي تحدث
عند الفرد العاقل يمكن إن تساهم في التغيير الاجتماعي.
وأضاف معاش إن زيارة الأربعين تحقق طفرة معنوية ونفسية في
البناء الاجتماعي العراقي يمكن إن تساهم في بناء التماسك الاجتماعي
ولكنه لم يستثمر بشكل جيد.
وأكد معاش على إن تحويل هذه الممارسة إلى ظاهرة عملية للتطوير
الاجتماعي هي مسؤولية الحوزات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني.
وتابع إننا نحتاج إلى تحويل هذه الزيارة المقدسة إلى رسالة
للعالم تكشف عن أفكار جوهرية مثل التسامح واللاعنف والتعايش وتكون
الجموع الزائرة تموجات ضاغطة ليس لمواجهة أخطاء الحكومة الحالية
فحسب بل لنصرة المظلومين في مختلف إنحاء العالم.
من جهته قال مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث عدنان الصالحي
قد تستغل زيارة الاربعين بشكل سلبي من بعض القيادات الشيعية. كما
تساءل هل سيؤثر ذلك على المستقبل السياسي في العراق وهل سيشكل بذرة
خطر؟
من جانبه قال احمد المسعودي التدريسي في جامعة كربلاء، إننا
نحتاج أن نخرج النص من ماضيه وقد سمى هذه الشعيرة بالماراثون
الخالد ودوره في تحديد مستقبل العراق وأضاف إن العدالة الاجتماعية
المنشودة ينبغي إن يتم ترسيخها في أيام الزيارات ويجب أن يكون
التحرك البشري بوعي بحيث يربك الجهات السياسية.
وقال دكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات
الاستراتيجية. الذي تسائل: هل استثمرت الدولة العراقية بعد 2003
القضية الحسينية بشكل صحيح؟ ومن يوفر هذه المقومات؟ الحكومة أم
المؤسسات المدنية أم منظمات المجتمع المدني ام المرجعيات الدينية؟.
من جهته قال الدكتور علي ياسين: إلى متى نستطيع أن نبعد
الأربعينية عن التجاذبات السياسية ونجعلها شعيرة خاصة لله؟
يذكر ان مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام ومركز المستقبل للدراسات
والبحوث من منظمات المجتمع المدني في كربلاء التي تهتم بالبرامج
التثقيفية والسياسية والاجتماعية.
|