شبكة النبأ: المبادئ التي تقف الى
جانب حرية الانسان وتصون كرامته، وتدافع عن حقه بحياة كريمة تليق
بالانسان، هذه المبادئ ستبقى خالدة مهما امتدّ بها الزمن، لأنها
تقارع الظلم على الدوام، وتحث الانسان على الدفاع عن كرامته وحقوقه
وحرياته، وتحث الجميع على مقارعة الطغاة من الحكام والرؤساء
والملوك وغيرهم، حفاظا على قيمة الانسان كمخلوق فضله الله تعالى،
على جميع الكائنات وجعله سيدا وقائدا لها، وجعل منه راعيا لجميع
كائنات المعمورة، بعد أن منحه ميزة العقل والتفكير والمشاعر، ولم
يتركه فريسة لغرائزه الحيوانية، كما هي الحال مع باقي الحيوانات
التي غالبا ما تعيش وفقا لرغباتها وغرائزها، أما الانسان فقد منحه
الله العقل وساعده على الفرز بين الخير والشر، لهذا فإن المبادئ
التي تنتصر للخير تبقى خالدة في سفر الانسانية مهما طال بها
الزمان.
ومبادئ الامام الحسين عليه السلام، التي ثار من اجلها ضد حكومة
يزيد الاموية، تدخل ضمن المبادئ الخالدة، كونها نهضت باعتداد
انساني كبير ضد الزيف والانحراف والظلم، بعد ان حاولت حكومة يزيد
واوغلت في تشويه صورة الاسلام وجوهره، وباتت النزعة المادية تسيطر
على مقاليد الحياة، وصار العقل الاموي بعيدا كل البعد عن المبادئ
النبوية الشريفة التي نقلت الناس من حضيض الظلام الى سمو النور،
لهذا السبب شرع الامام الحسين عليه السلام مع ذويه واصحابه
الاطهار، في اعلان الثورة الحسينية على الحكومة الظالمة، وبدأت
صولة الحق ضد الظلم والفساد، وانتصر الحق حتى ولو بعد حين، وهُزمت
كل مظاهر الظلم والانحراف، وذهبت حكومة يزيد ومعه كل الظالمين الى
المصير الذي يستحقون.
ولأن النهضة الحسينية المباركة، بدأت وظهرت للعلن، بعد أن شطّت
الحكومة السياسية الاموية آنذاك، ومارست الانحراف بكل انواعه،
الاجتماعي والاخلاقي والاداري وسواه، فإن التاريخ الانساني كان ولا
يزال يحتفظ لهذه النهضة بمكانتها العظيمة، وسيبقى يحتفظ لنهضة
الحسين عليه السلام بمكانتها التي لا تضاهيها مكانة او قيمة، لسبب
واضح أنها اطاحت بعرش الظلم والفسق والتجاوز على الحق، وقامت هذه
النهضة فكريا وعمليا على مقارعة الطغيان أياً كان شكله أو مصدره،
لهذا انتسبت الى الانسانية بكل معانيها الخالدة.
وباتت النهضة الحسينية معيارا تُقاس به أفعال الحكومات
وأعمالها، بمعنى أنها صارت مقياسا للحكومات وحكامها، ومن خلالها
يمكن معرفة جودة وصلاحية وأحقية هذه الحكومة من تلك، هذا يدل على
ان النهضة الحسينية لم تكن وليدة ظرف سياسي محصور في عصر او حقبة
محددة، إنها النهضة الحية ما بقي الزمان حاضرا، وما بقي الانسان
على الارض وما بقيت الدول والحكومات، لذلك فإن الحكام والقادة
السياسيون والحكومات الظالمة يخشون هذه النهضة كونها سرعان ما
تفضحهم، وتهز عروشهم، وتؤلّب عليه الشعوب وكل الظالمين، لذلك ليس
هناك حكومة ظالمة على وجه الارض تحب الفكر الحسيني ومبادئه، لأنه
يقف بالضد من مآربها التي تقوم على المصلحية والمنفعة والسرقة
والظلم والاضطهاد.
من هنا فإن جميع الحكومات الاسلامية، او تلك التي تأخذ من
الاسلام دينا رسميا (وشكليا) لها، تدخل تحت مجهر النهضة الحسينية،
سواءً قبلتْ بذلك أم أبتْ، لأن مبادئ النهضة الحسينية تضعها تحت
مجهر الاختبار، وتقارن بين اقوالها وقراراتها الكتابية مع افعالها
القائمة على الارض، وكلما كان البون شاسعا بين القول والعمل لتلك
الحكومات، كلما كانت اكثر واسرع سقوطا من سواها، فالحكومة
الاسلامية والسياسيون الاسلاميون اللذين لا يلتزمون بمبادئ الامام
الحسين عليه السلام قولا وفعلا، فإنهم ساقطون حتما مهما تشبثوا
بمناصبهم ومقاعدهم ومراكزهم، وكلما كانت اساليبهم اكثر خداعا للشعب
كلما كان سقوطهم اسرع من غيرهم.
من هنا ينبغي أن تفهم جميع الحكومات، لاسيما الاسلامية منها، أن
النهضة الحسينية الخالدة لهم جميعا بالمرصاد، وان طريق الظلم
والطغيان والفساد سيقودهم الى السقوط الحتمي، لهذا السبب فإن
الساسة الفاسدون او المفسدون، والحكومات الفاسدة التي لا تراعي
حرمة الانسان وحقوقه وحرياته، تخشى دائما حضور الفكر الحسيني،
والمبادئ الحسينية، لذا نجدهم يقارعون النهضة الحسينية حتى يبقون
في مراكزهم ومناصبهم يوما آخر من اجل الحصور على المكاسب المادية
الزائلة على حساب الفقراء، أما الحكومة والسياسي الذي يلتزم بالفكر
الحسيني ويؤمن به ويطبقه في القول والعمل والسلوك، فلا خوف عليه،
بل سوف يكون محط احترام وتقدير ومحبة الشعب من دون استثناء، وسوف
تقوم الجماهير نفسها بحماية الحكومة العادلة. |