الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء طريقنا للتغيير الذاتي

محمد علي جواد تقي

 

شبكة النبأ: أرضُ كربلاء قبل الواقعة، كانت خالية من الجُند وأي شخص آخر. لكنها كانت تنتظر ملحمة بطولية فذّة تكون ذخراً للتاريخ والاجيال، فهي ليست من سنخ البطولات التي عهدها العرب في الجاهلية؛ فالرجل آنذاك لن يكون بطلاً قوياً، إلا اذا قتل او استباح واستقوى على الطرف المقابل حتى وإن كان بالباطل. وأن لا يكون بشوشاً ولا ضحوكاً إنما عابساً مكفهراً، ويبتعد عن مشاعر الرحمة والشفقة، إنما يطبّع نفسه على القسوة والغلظة في كل نواحي حياته، وإن لم يكن كذلك لما تمكن أحدهم من دفن ابنته وفلذة كبده تحت التراب وهي حيّة تبكي أمام عينيه!.

لقد عرف الناس البطولة في القوة البدنية والعضلية؛ فما هي البطولة في الرحمة والشفقة؟، وهل هي حقاً من عوامل التغيير الذاتي، ثم التأثير على المحيط الخارجي؟.

الامام الحسين، عليه السلام، يحمل طفله الرضيع وقد أفقد الظمأ قدرته على الصراخ وتحريك لسانه، وقدمه أمام جيش ابن سعد طالباً منهم سقيه شربة ماء، وحاججهم بأن لا ذنب لهذا الطفل وسط الصراع الدائر بينه وبينهم. طبعاً؛ كان الدافع لأن يعرض الامام طفله على الاعداء ويحاججهم به، هو العطش، ليختبر به آخر ما تبقى لديهم مما تركه الاسلام في نفوسهم من قيم الرحمة والشفقة والانسانية، وبذلك يكرر نفس العمل الذي قام به جدّه رسول الله، صلى الله عليه وآله أمام الناس أيام حياته الشريفة، عندما كان يحمل الامام وأخيه الحسن، عليهما السلام، على كتفيه، ويسكب عليهما من حنانه وعطفه، ما ظل عالقاً في أذهان العديد من الصحابة لعقود من الزمن، منهم سهل بن سعد الساعدي وآخرين.

النبي الأكرم، كان يسعى لإزالة رواسب القسوة الجاهلية من قلوب المسلمين ليكونوا حملة حقيقيين لقيم الدين والاخلاق الى العالم. أما الامام الحسين في أرض كربلاء، فقد سعى الى تقويم النفوس التي حنّت الى الجاهلية في قسوتها ونزعتها العدوانية، وذلك بنفس الطريقة الذكية والمؤثرة، وكان لهذا المسعى ثماره العظيمة في تغيير مصير عدد من عناصر جيش ابن سعد، في مقدمتهم الحر بن يزيد الرياحي.

من هنا نفهم، ما لهذه القيمة الاخلاقية المقدسة، من قوة تأثير في النفوس والقلوب، وهو ما يؤكد عليه سماحة آية الله الفقيه الراحل السيد محمد رضا الشيرازي – قدس سره- في احاديثه الحسينية بأننا " نعتقد أنه يمكنالانطلاق في عملية التغيير من قضية الإمام الحسين، وإن في قضيته، صلوات الله عليه، قوة هائلة للتغيير". وعندما يذكر سماحته الحر، كمثال بارز على هذه العملية التغييرية، فانه يشير الى الحالة الممتدة في الامة الى اليوم، وحتى يوم القيامة. فالامويون ليسوا فقط أولئك الذين حكموا فترة من الزمن، إنما الذين يحملون نفس الفكر والنهج والسلوك في بلادنا، لاسيما في العراق، فـ "اذا كان يوجد أمويون في العراق أو في أي بلد من بلدان العالم -إستثنوا مجموعة منهم- ولكن بإمكان قضية الإمام الحسينأن تحوِّل حتى الأمويين الى علويين".

لنلاحظ ما قام به الامام الحسين، عليه السلام، في اللحظات الاولى من وصوله ارض كربلاء، وعندما واجه قوة عسكرية من الجيش الاموي بقيادة الحر بن يزيد الرياحي، وكان يحمل أوامر واضحة ودقيقة بالتضييق على قافلة الامام ومنعها من التقدم نحو الكوفة، وبالنتيجة البقاء في المكان نفسه. كل شخص في مكان الامام وظروفه الاستثنائية، كان يفكر قبل أي شيء بالمؤن، لاسيما الماء، وهم وسط الصحراء ومعهم عدد كبير من النساء والاطفال. إلا أن الامام فضّل قيم الرحمة والتخلّق بأخلاق الله، فقدم لافراد الحر الماء، بل حتى سقى خيولهم – كما جاء في المصادر التاريخية-. إنها  البطولة بعينها أن يؤثر الانسان على نفسه ولو كان به خصاصة، بينما نجد الجبن والخوف على المال والطعام والمسكن والمناصب من الضرر اذا ما خرجت من نطاق الملكية الخاصة و"الأنا"، بحيث يُخيّل الى الناظر أن كل هذه الامور المادية من تدبير وإيجاد الانسان نفسه وبقدرته، ولم تأت رحمةً من السماء ومن قدرة قادر.

هنا نتسائل: ما السبيل لأن يخرج الانسان من الجبن والتقوقع؟.

سماحة الفقيه الشيرازي الراحل يدعونا الى اللجوء على ثلاث عوامل مؤثرة في التغيير والتحول نحو الشجاعة والبطولة الحقيقية، هي: إقامة المجالس الحسينية في البيوت، وإبراز مظاهر الحزن من  خلال رفع الاعلام وإضاءة المصابيح الحمراء اللون، لما لهذه الاعمال من تأثير في دفع عملية التغيير في النفوس، والامر الآخر: الخدمة الحسينية بأي شكل من الاشكال، وإشراك الاطفال في هذا المسعى، والامر الثالث: إشراك جزء من الاموال والممتلكات في المشاريع الحسينية، كل ذلك، من شأنه ان ايجاد جسور العلاقة النفسية والروحية مع النهضة الحسينية، وتخرج الانسان من قوقعة نفسه ودائرة الأنا الى رحاب القيم الاخلاقية والانسانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/تشرين الثاني/2014 - 7/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]