شبكة النبأ: أقامت مؤسسة النبأ
للثقافة والإعلام في مدينة كربلاء المقدسة ندوتها الشهرية بعنوان
"عاشوراء وفلسفة الثورة ضد الفساد". قدم للندوة الصحفي علي
الطالقاني مدير المؤسسة قائلا: هل مازالت قضية عاشوراء في معناها
وامتدادها عبر التاريخ تمثل حركة ضد الواقع الفاسد؟ هذا ماسنراه من
خلال الأوراق البحثية التي تطرح المضمون التاريخي والسياسي والديني
ابتدءا من قيام الثورة الحسينية وصولا إلى عصرنا الحالي ومن خلال
فهم فلسفة الثورة ومعالجتها لكل أنواع الفساد.
وتناول الباحثون عدة محاور كان اولها المحور التاريخي
والاجتماعي للدكتور علي السعدي المتخصص في علم الاجتماع السياسي
قائلا: ان ثورة الحسين تشكل ملهما لكثير من النظريات في الاجتماع
والسياسة وهي تربط بينها وبين الثورات التحررية في التاريخ البشري،
فكل الثورات التي جاءت بعد ثورة الحسين استلهمت منها وسميت بثورة
الإصلاح استنادا لمقولة الإمام الحسين (ع)" إنما جئت لطلب الاصلاح
في امة جدي " ورغم ان هذه الثورة قمعت بشكل مباشر الا انها بقيت
معنويا الى الآن واستمرت على هذه الصيغة وما تزال. وتمر علينا هذه
الأيام ذكرى عاشوراء والعراق يمر بهذا الظرف الحرج ضد الإرهاب
وداعش ونتعرض لفكر تكفيري انتحاري بمواجهة فكر حواري قادر على
مواجهة الاخر ليس بالعنف فقط بل بالمحبة. وهنا تستطيع ان نستثمر
تثوير الثورة الحسينية والاستفادة منها في الفكر والسياسة والاصلاح
والجانب العملي. وهذه هي اللحظة التاريخية التي يمكن للفكر الشيعي
الى الإطار الفكري لتأسيس فكر جديد دون ان تفقد هذه الثورة قدسيتها
وتأثيراتها الروحية من حالة خاصة الى ارث انساني شامل وينتقل الفكر
الشيعي من الحالة الخطابية الى الحالة الفكرية.
من جهته تحدث الشيخ عبد الحسن الفراتي عن عدة مفاهيم للفساد
الذي يعني في اللغة الشرك والمعاصي ويعني ايضا الطغيان والتجبر
والمعصية ايضا هي نوع ن الفساد حيث تناولت كلمة فساد عدد كبير من
الآيات القرآنية الكريمة. وعن محور الفساد السياسي أوضح الشيخ
الفراتي معنى قول الإمام الحسين ليزيد (امثلي يبايع مثلك؟؟) فمن
يزيد ومن الحسين (ع) ومن يزيد؟ سوى الدعي ابن الدعي وهو الحاكم
الفاسد المستبد الذي لم يعطي سوى خيارين دمويين للحسين (ع) لا ثالث
لهما القتال او الاستسلام ولم يعطي خيار الحوار او التفاهم وهذا
دليل الحكومة الفاسدة التي خيرت الحسين بين" السلة والذلة وهيهات
منا الذلة " والذلة هي ليست ذلة الحسين المادية او اهل بيته بل هي
ذلة القيم الإلهية وهي أكبر انواع الذلة. وتابع الفراتي حديثه عن
الفساد عندما أرسى الأمويون قواعد الفرهود الاقتصادي وظهور الرشوة
وشراء الذمم. ثم الفساد العسكري وقد حارب الحسين فكرة ان يكون
العسكري يعتاش على الحروب والدماء والمغانم وهو ما يحصل الآن هذه
الأيام على يد داعش شبيه ماكان يحصل على يد جيش امية.
وفي ذات السياق تحدث الدكتور عادل محي من جامعة كربلاء في
محوره عن القران ونظرية الطغاة والطغاة هم الذين يتمثلون بالفساد
ودرجات الفساد متعددة والاستبداد هو اعلى درجات الفساد في كل مكان
المدرسة والبيت والمؤسسة الحكومية والعسكرية. وإذا كنا نمارس
الطاغوت مع أسرنا فلا يمكن ان يجتمع هذا الطاغوت مع عبادة الله عز
وجل ويجب ان يكون المؤمن عادل والحاكم عادل حتى ينسجم مع الطبيعة
القرآنية.. وهذه الأمور طرحتها نهضة الإمام الحسين حيث انه لا يمكن
ان نبايع طاغوت لا شرعا ولا عقلا ولا دينا وإنما لابد من تثبيت
المبادئ التي يرتضيها الله عز وجل ويدعو لها الرسول (ص).
وقال الشيخ مرتضى معاش في مداخلته انه يجب ان نستفيد من القيم
التي أرساها الامام الحسين(ع) في كافة مجالات حياتنا وفي كافة
الأوقات ولابد من مشاركة المثقفين في بناء المجتمع قيميا. لان
المجتمع الآن يعاني من الهشاشة التي سببها الفساد ومنظومة القيم
المفسدة، ونحن بحاجة الى الابتعاد عن حرب الغنائم والعراق اليوم
أصبح بلد المغانم والفرص لبعض الفاسدين، وأمام الشيعة اليوم فرصة
كبرى للتحول والنهوض، استلهاما من القيم الصالحة التي دعت لها نهضة
الامام الحسين، فأما أن يستثمروها او يخسروها.
من جانبه قال الأستاذ زمان الكتاني رئيس مؤسسة الشهرستاني
لتنمية القدرات الإنسانية: إننا بحاجة إلى إسقاطات النهضة الحسينية
على واقعنا لمعالجة هذه المشكلات والسلوكيات.
وقالت المهندسة سيماء مهدي اننا يجب ان نخلق منظومة ثورية
لمحاربة الفساد الإداري في جميع مفاصله ومنها المشاريع التابعة
لمحافظة كربلاء ومع الأسف بعض الأشخاص يتبجحون بحب الحسين وهم في
الحقيقة يؤسسون لفساد العصر.
ومن لجنة المرأة في معهد كربلاء الفني قالت هالة الصباغ انها
تتفق مع الدكتور علي السعدي عندما سلط الضوء على تحديث فكر الشيعة
في مواجهة الفساد واستغلاله في نشر الإصلاح وتوظيف الشعائر
الحسينية لكبح الفساد ونشر مبادئ الثورة مع التحديث إمام العالم.
وشبه حيدر جلوخان مدير قناة كربلاء الفضائية الفساد باي مرض من
الأمراض الفتاكة والتي يجب أن نتحصن منها منذ الطفولة بلقاحات
مستمرة ورعاية صحية لكي نستطيع مواجهة المرض عندما نكبر وهذا مايجب
ان يحصل مع الفساد.
هذا وقد حضر الحلقة النقاشية عدد من الاختصاصين والأساتذة
الجامعيين والصحفيين وعدد من الكوادر النسوية في كربلاء.
والجدير بالذكر ان مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، مؤسسة فكرية
ثقافية وإعلامية تتصدى لدراسة وقراءة الثقافة الأصيلة والفكر
الرصين، عبر نشر أفكار السلم والتسامح والتعددية والاعتدال وحقوق
الانسان والتنمية والاكتفاء الذاتي، من خلال الاصدارات الورقية
والإلكترونية، والندوات والحلقات النقاشية والمؤتمرات، والبرامج
التلفزيونية.
|