الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1435 هـ
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء.. صمام أمان ضد الضياع الفكري

محمد علي جواد تقي

 

شبكة النبأ: من طباع الانسان البحث عن أجوبة لأسئلة كثيرة في الحياة، وهي مسألة غريزية تنمو معه منذ الصغر، فنلاحظ من سمات الطفل؛ التعرّف على الاشياء وما يدور حوله، وبما أوتي من وسيلة، ربما نجد بعض الاطفال يتفحّص الاشياء بيده، والبعض الآخر يتفحصه بفمه، وآخر يضربه بالارض وهكذا... وكلما كبر الانسان ونما عقله وتوسعت مداركه، كانت حاجته الى المعرفة اكثر، واسئلته واستفهاماته أوسع. ثم انه كلما حصل على الاجابات الشافية والوافية مما يكشف له الحقائق ويفتح امامه ابواب المعرفة، كلما كان اقرب الى صياغة الفكر بشكل صحيح واقرب الى الصواب.

هذه النتيجة، تشق امام الانسان خارطة طريق –إن صحّ التعبير- على الصعيد النظري، فتوفر له الرؤية الدقيقة والمحددة للأمور، ثم تمكنه من اتخاذ المواقف المطلوبة، والعكس بالعكس تماماً، كما نلاحظه في عالم اليوم، حيث يعيش معظم سكان العالم "المشكلة النظرية" التي تتجسد في الرؤية الصحيحة التي لا تتوفر إلا بتوفر النظرية الصحيحة او المنطلق والقاعدة لهذه الرؤية. مثالنا البارز والحيّ؛ "العنف"، ففي وقت يتفق معظم المفكرين والساسة في العالم على ان منطق القوة والعنف هو الوسيلة الانجح لتحقيق الاهداف والغايات الوطنية او القومية، نجد ان الشعوب تدفع ثمناً باهضاً لهذه النظرية في ارواحها وطاقاتها وسط نيران الحروب، وهذا ما جعل شعوب العالم تعيش حالة من الضبابية والغموض في الفكر والثقافة، تصل احياناً كثيرة الى حالة الضياع والتيه في الحياة تتجسد في ظواهر اجتماعية ونفسية شاذة، مثل الانتحار او الادمان على المخدرات والتعامل غير السليم مع الغريزة الجنسية، ثم انتشار ظاهرة العنف والقسوة في بعض المجتمعات، لاسيما المجتمعات الغربية.

وسط هذه الصحراء الموحشة، ترتفع هنالك راية من إحدى بقاع هذا العالم، وهي كربلاء؛ حيث المشهد العاشورائي والملحمة الحسينية التي وضعت النقاط على الحروف، وحددت المسار الصحيح للفكر الانساني، فالحق لن يكون مع الحاكم الظالم والمنحرف، والحرية والكرامة لن تتحقق بالمال والامتيازات والاغراءات. واذا راجعنا كلمات الامام الحسين، عليه السلام، يوم عاشوراء، وهو يخاطب أهل الكوفة المغرر بهم والعازمين على قتاله، يجد أن ثمة إضاءات قوية للغاية نحو الحقيقة، فقد بيّن لهم نسبه ومكانته الاستثنائية والى من يعود، كما بيّن حقيقتهم والطريق الذي سلكوه وجاء بهم الى مواجهته، بدلاً من نصرته والالتزام بالوعود التي قطعوها على انفسهم...واذا ما جانبنا الحقيقة؛ فان اهل الكوفة كانوا بالاساس يعانون المشكلة النظرية والازمة الفكرية والثقافية خلال السنوات التي سبقت الواقعة، والدليل؛ مضي احد وعشرين عاماً على انفصال الامة بشكل عام واهل الكوفة بشكل خاص عن عهد أمير المؤمنين، عليه السلام، الذي قضى شهيداً بسيف الضلال والانحراف، سنة أربعين للهجرة، فيما قضى ولده الحسين، عليه السلام، بنفس السيف سنة واحد وستين للهجرة. لذا كانت هتافات وخطابات الامام في تلك الساعات الحاسمة قبل التحام السيوف والرماح، بمنزلة المحاولة الاخيرة لانقاذ ما يمكن انقاذه من ذلك المجتمع الضائع، فكانت النتيجة؛ الحر بن يزيد الرياحي وبعض الجند في جيش ابن سعد، كما يروي المؤرخون.

ومن اجل ان تكون أيام عاشوراء وذكرى استشهاد الامام الحسين، عليه السلام، فرصة ومحاولة جديدة لبلورة الرؤى بشأن كل ما يجري في الحياة، نجد سماحة الفقيه الراحل آية الله السيد محمد رضا الشيرازي – قدس سره- يدعونا الى التوجه فكرياً وثقافياً الى عاشوراء الامام الحسين، عليه السلام، لنكون مصداق الكلمة الواردة في زيارة الامام يوم الاربعين؛ ..."ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة"، ويشير سماحته في احدى محاضراته الحسينية الى أننا "مرتاحون لأننا نعلم من أين أتينا وإلى أين نذهب وما هو المسير والمصير، بينما الشاب الذي فقد هويته فانه يعيش في حيرة لا يعلم من أين أتى وإلى أين يذهب وما هو الشيء المجهول الذي ينتظره، ومثله كمن يظل الطريق وسط الصحراء، لا يعلم أين يذهب وماذا يفعل وما هو المصير الذي ينتظره، ربما يباغته ثعبان من تحت الأرض ويلسعه فيموت، أو أن ينضب عنده الماء فيموت عطشاً، أو ينفد الطعام عنده ويموت جوعاً"، ومعروف أن الضياع المعنوي أشد خطراً من الضياع المادي – كما ينوّه الى ذلك سماحة الفقيه الراحل- فالانسان ربما يموت مرة واحدة  بسبب الجوع والعطش او تعرضه للحيوانات الخطرة خلال حالة الضياع والتيه، بيد أنه يموت اكثر من مرة في حياته بسب الغموض الفكري المسبب للقلق والاضطراب، ويعبر عنها سماحته بأن "ليس لها أبعاد معلومة أو مآل واضح".

وفي هذا السياق ينبه الى عدم وجود شخص ممن تربى وترعرع تحت منبر الامام الحسين، عليه السلام، بين المعتقلين في السجون لاسباب جنائية، او يكون بين المقدمين على الانتحار، او بين المتسكعين والمنضمين في عصابات وجماعات عنف وجريمة وسط المجتمع، بما يعني أن النهضة الحسينية تمثل صمام أمان او بوصلة فكرية للانسان يضمن بها مسيرته في الحياة، وتغنيه عن اللجوء الى النظريات والافكار الاخرى القائمة على التجربة والمعرضة للقدح والفشل. وإن حصل نوع من الانحراف عن الطريق، فان هذه النهضة تتكفل بالتقويم والحفاظ على القاعدة الفكرية و أصل العقيدة في النفوس، فاذا ما كان ثمة خشية على شبابنا وابناء الجيل الصاعد من خطر التيارات  الفكرية ومن حالة الهشاشة في العقيدة والايمان، فان "قضية عاشوراء وقضية الإمام الحسين، صلوات الله عليه، تُعد أفضل رافد لإعادة هذه الهوية وحل المشكلة النظرية للشباب".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/تشرين الأول/2014 - 5/محرم/1436

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1436هـ  /  1999- 2014م

[email protected]