الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1434 هـ
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

شعائرنا وأزمة الوصول الى الآخر

محمد علي جواد تقي

 

شبكة النبأ: عندما يؤمن الانسان بشيء ما، ويعتقد أنه جزء لا يتجزأ منه، يدافع عنه بنفس قوة الايمان والاعتقاد به، حتى وإن كانت ثمة اشكالية او ثغرات او تناقضات فيما يتبناه ويحمله، لأن القضية تتحول هنا، الى ذات الانسان، فالانتقاد او المؤاخذة ستوجه فوراً الى هذا الانسان، لذا نجد من الصعب عليه تقبل الانتقاد، وإن حصل العكس، فذلك بفضل مجاهدة النفس وتغليب صفات وعوامل اخلاقية على حب الذات.

وهذا ما نلاحظه في الجانب المعنوي أكثر من المادي، حيث الانسان في الحالة الاخيرة، بإمكانه المساومة والتعاطي مع الآخر للحفاظ على مصلحة معينة في المدى القريب أو البعيد، وربما يتنازل أملاً بالحفاظ على مصالح أخرى. بينما فيما يتعلق بفكر وثقافة الانسان الفرد أو المجتمع، وما تشتمل عليه العادات والسلوكيات واللغة والتاريخ والرؤى وغيرها من مكونات الثقافة، هنا تكون هذه المنظومة، بمنزلة الهوية والطابع الذي يعرّف الفرد أو المجتمع بين سائر المجتمعات وحتى الأمم، فمن غير المعقول أن يقبل أحد ان يكون مجهولاً في هذا العالم المتلاطم بالثقافات والافكار والانتماءات.

لكن يحصل أحياناً، أن يواجه البعض مشكلة في التعبير عن أفكاره و عقائده الى الآخر، المحايد او ربما المخالف. وذلك لأسباب عديدة، فيكون بين خيارين أحلاهما مر: إما الانسحاب والتنازل، وهذا مستبعد جداً، وإما التنازل بعض الشيء عما يؤمن به وينتمي اليه، فيضحي ببعض ما يحب ويراه صحيحاً ليبقى هو في الساحة مع ما في جعبته. لكن السؤال: هل يجب علينا الالتزام بقاعدة "الخياران أحلاهما مُر"، أم هناك خيار آخر ثالث..؟

عندما تتعلق المسألة بالعقيدة والمبدأ، ويكون هنالك إيمان كامل وراسخ بقدسيتهما ، فان الخيار الثالث يكون سيد الموقف، حيث ننتبه الى أن التنازل يجب أن يكون من ذات الانسان وليس من متبنياته بالمرة. ذلك أن المشكلة تكمن فيه، فهو العاجز عن إقناع الآخر بصحة ما يؤمن به، بسبب ضعف في منطق الحوار، او قصور في أدوات وآليات الخطاب، والأخطر من ذلك، عدم وجود فهم محدد وقراءة واحدة للنصوص والتراث الديني المؤسسة للبنية التحتية للفكر والعقيدة، فكلما كانت نسبة الفهم أقلّ كانت شدة الحساسية أزاء الآخر أكبر، لأن هنا تحديداً مكمن الخطورة، حيث تتضح ثغرة الضعف والخذلان، وهذا ما نعانيه في الساحة الثقافية والفكرية، منذ فترة طويلة، وقد لمسناه على أكثر من مكان وأكثر من صعيد، حتى بلغ الأمر الى التشكيك والقدح، لما هو مسنود ومؤكد تاريخياً ونصيّاً. ثم تجاوز الأمر الى المساس بمسائل وجدانية حساسة لها صلة بالجانب الانساني، مثل الشعائر الحسينية، التي باتت تمثل اليوم مطلباً انسانياً، الى جانب كونها طقوساً عبادية تستجلب الأجر والثواب في الدار الآخرة، إذ لم يعد خافياً القدرة الخارقة لهذه الشعائر على تغيير النفوس وبناء الذات وتحويل الانسان من الخمول واللامسؤولية والانهزامية، الى إصلاح الواقع الفاسد، والبناء والتطلع الى المستقبل، مستفيداً من شحنات الحرية والكرامة الانسانية، لكن بسبب ذلك القصور في الأداء، باتت عرضةً للانتقاص والتحجيم والتشكيك.

واذا تبصرنا بالقرآن الكريم جيداً، نجد ان الدعوة الى الاعتصام بحبل الله تعالى التحذير من مغبة التفرقة، يمكن ان تنسحب على الصعيد الفكري والثقافي ايضاً، فالتفرّق الى قراءات واتجاهات متعددة أزاء النصوص والتراث الديني، يؤدي بالضرورة الى حالة من الضعف والتراجع، مما يجعل مسألة الإيمان لدى البعض بمنزلة "المشكلة"، بينما يفترض ان تكون نقطة قوة وامتياز كبير أمام الآخر، لاسيما وأن كل الدلائل العقلية والمنطقية تعاضد جميع الممارسات والاعمال والطقوس الموجودة، كما مرّ في مسألة الشعائر الحسينية.

من هنا نجد الحاجة ماسّة جداً الى فهم مشترك للتاريخ وللنصوص الدينية، حتى وإن كانت بصورة نسبية، للخروج من إشكالية الطرح والتعبير، والتحول الى مرحلة التأثير الحضاري، وهذا ما نلحظه لدى الشعوب والأمم الاخرى، التي تقف على قاعدة قوية من الايمان والاعتقاد بما تراه صحيحاً من طقوسها وشعائرها، ثم تتحدث عنها بكل ثقة واعتداد، وتقوم بنشر اعمالها وثقافتها الى العالم. وربما تكون ردود الفعل أزاء الكثير من هذه الاعمال التي نشهدها في العالم، مقززة وغير محببة، لكن الفيصل هنا "تعدد الثقافات" في العالم، وهو أمر محترم ومعترف به في حضارة اليوم، وهذا المبدأ – التعددية- بحد ذاته هو الذي وقف بقوة وحزم بوجه فكرة "العولمة"، إذ عارضت الشعوب بقوة تمييع الثقافات واندماج الهوية، خوفاً على تاريخها وحضارتها، بغض النظر عما اذا كان ما تحمله صحيحاً أم لا.

ثم لا ننسى مسألة مهمة أخرى على صعيد الساحة الاسلامية؛ أن الآخر ينتظر أجوبة كثيرة على أسئلة حائرة تتعلق بالطقوس الدينية او التراث الديني، وليس بالضرورة ان يتصور البعض استمرار الحالة الهجومية والموقف السلبي من الآخر. وهذا ما نلحظه من خلال الاحاديث الاعلامية عبر وسائل الاعلام وايضاً على "النت"، حيث ترد أسئلة عديدة عن فائدة القيام ببعض الاعمال خلال إحياء ذكرى استشهاد الامام الحسين، عليه السلام – مثلاً- أو فائدة السجود على "التربة". وربما تكون فلسفة السجود على التربة واضحة تقريباً، وهي ربط الانسان وتذكيره بنشأته الأولى، بما يختصر بـ "التواضع لله". بيد أن رجل أكاديمي واستاذ في مادة الفيزياء، خرج على إحدى قنوات الآخر، وعن طريق الصدفة، تطرق الى السجود على السجّاد، وتوصل الى أن النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، إنما أمر السجود الى التراب وليس على السجاد أو الحصير، لتفادي الشحنات الكهربائية من التعرض الى الدماغ والتسبب بآلام في الرأس، بينما السجود الى التراب - أو "التربة" كما نعبر عنه- يساعد على تفريغ الشحنات الكهربائية من الرأس الى الأرض.

ولاشك هنالك تعليلات علمية عديدة لا تحصى لكثير من الممارسات والطقوس بحاجة الى بحث ودراسة وتنقيب لتقدم الى الآخر الاجوبة الشافية والمقنعة ، ليس فقط بصحة ما نذهب اليه، إنما بفائدة وضرورة هذه الممارسات والطقوس للانسان، أي إنسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/كانون الثاني/2014 - 28/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م

[email protected]