وردت في المصادر التاريخية العديد من الروايات التي تشير الى
وجود اختلاف بشأن تاريخ استشهاد حليم المسلمين وسيدهم الامام الحسن
بن الامام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
فالتاريخ الاول في ربيع الأول لخمس بقين منه، والثاني قيل: يوم
العاشر من المحرم يوم الأحد. والثالث قيل كانت شهادته (عليه
السلام) بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من
الهجرة أو تسع وأربعين.
والقول الرابع ذكره الشيخ المجلسي في بحار الانوار إنّه استشهد
(عليه السلام) في السابع من صفر.
ولاضير بذلك فأنها اراء ممكن البحث فيها والوصول لتحديد التاريخ
الصحيح.
ولكن المسالة تكمن بعدم أحياء هذه الشعيرة المقدسة في أي تاريخ
من تلك التواريخ.
وهذه اشارة الى مظلومية الشهيد السبط، فهناك ظلم للامام (عليه
السلام) في كل الامور المتعلقة بسيرته الطاهرة ومايخص ذكره العطر.
ولو بحثنا في حادثة استشهاده (عليه السلام) عام 51هـ سنجد عندما
أعلن نبأ الاستشهاد هاجت الناس في المدينة المنورة ولبسوا السواد
وطال بكاء النساء والرجال سبعة أيام، فهرع أبو هريرة وهو باكي
العين مذهول اللبّ إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
وهو ينادي بأعلى صوته: «يا أيّها الناس! مات اليوم حبّ رسول الله
(صلى الله عليه واله وسلم) فابكوا».
وفي مكة المكرمة اغفلت الحوانيت والتحق الناس بالبكاء والعويل
على فقدان ابن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كذلك سبعة أيام.
وفي العراق بالبصرة كان الناعي الاول عبد الله بن سلمه، وكان
الناعي بعده الحكم بن أبي العاص الثقفي، وعندما نعاه بكى الناس.
وفي الكوفة اجتمع الناس في دار سلمان بن صرد، وفيهم بن جعدة بن
هبير، وكتبوا رسالة تعزية الى الامام الحسين (عليه السلام).
وهكذا نرى صدى كبير لهذه الحادثة الجلل، فمرة لان الامام الحسن
أمام معصوم مفترض الطاعة، وأخرى كونه عز لكل مسلم وعربي، اذ يقول
ابن عباس و عمر بن بعجة: «أول ذل دخل على العرب موت الحسن بن علي».
وقال أبو الفرج: «قيل لأبي إسحاق السبيعي: متى ذل الناس؟ فقال:
حين مات الحسن، وادعي زياد، وقتل حجر بن عدي».
وغير ذلك فأن السبط المجتبى حبيب رسول الله (صلى الله عليه واله
وسلم) وشبيهه في الشكل والاخلاق، فقد أخرج البخاري في صحيحه قولا
لابي بكر قال فيه عن الامام الحسن (عليه السلام): بابي شبيه
بالنبي...ليس شبيها بعلي.ويقول أنس بن مالك: لم يكن أحد أشبه برسول
الله (صلى الله عليه واله وسلم) من الحسن بن عليّ (عليهما السلام).
وهناك رواية خبرية تؤكد على أن المجتبى (عليه السلام) كان شبيها
للنبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فلقد قال (صلى الله عليه واله
وسلم) له: «أشبهت خلْقي وَخُلُقي» (1).
وهذه هي بعض فضائل الامام الهمام المجتبى، فمالنا لا نحي ذكرى
فاجعة شهادته!
لقد صدق السيد محسن الأمين العاملي وهو يرثي الامام (عليه
السلام) قائلا:
لهفي على الحسن الزاكي وما فعلت
به الأعادي وما لاقى من المحن
سقته بغياً نقيع السم لا سقيت
صوب الحيا من غوادي عارض المزن
فقطعت كبداً للمصطفى ورمت
فؤاد بضعته الزهراء بالحزن
وللحسين حنين من فؤاد شجىً
بالوجد مضطرم بالحزن مرتهن
لله رزء ابن بنت المصطفى فلقد
أضحى له الصبح عن نصب الدليل غني
إمام حق من الله العظيم له
رياسة الدين والدنيا على سنن
الزاهد العابد الأواب من خلصت
لله نيته في السر والعلن
والواهب المال لا يبغي عليه سوى
ثواب بارئه الرحمان من ثمن
قد قاسم الله ما قد كان يملكه
منه ثلاثاً بلا خوف ولا منن
والقاصد البيت لم تحمله راحلة
خمساً وعشرين والنحار للبدن
وذوي المناقب لا يحصي لها عدداً
يراع ذي فطن أو قول ذي لسن
أوصى بعترته الهادي وأكد ما
أوصى وجذرنا من غابر الفتن
لم يبغ أجراً له إلا المودة في الـ
قربى، فجاوزه بالبغضاء والإحن
ثارات بدر ويوم الفتح أدركها
من آل طاها بنو عبادة الوثن
رزء تهون له الارزاء أجمعها
عن عظمه وهو حتى اليوم لم يهن
يا آل أحمد لا ينفك رزؤكم
يهيج لي ذكر أشجان تؤرقني
أنتم سفينة نوح والنجاة بكم
وليس في البحر من منج سوى السفن
ديني ولاكم وبعد الموت حبكم
ذخري إذا صرت رهن اللحد والكفن
الله أنزل فيكم وحيه وعلى
ولائكم بني الإسلام حين بني
في سنة 41هـ غادر الامام المجتبى الكوفة الى مدينة جده المصطفى
(صلى الله عليه واله وسلم)، وفيها نشر الاسلام وتصدى لتعليم أحكامه
وتعاليمه.
وكانت تلك الجهود مثمرة ومباركة، اذ أنشأ (سلام الله عليه)
مدرسة علمية بالمدينة.
وتخرج على يد الامام الحسن السبط مجموعة من الاعلام، فمنهم: ـ
ابنه الحسن المثنى والمسيب بن نخبة، سويد بن غفلة والعلاء ابن عبد
الرحمن والشعبي وهبيرة بن بركم والأصبغ بن نباتة وجابر بن خلد وأبو
الجوزا وعيسى بن مأمون بن زرارة ونفالة بن المأموم وأبو يحيى عمير
بن سعيد النخعي وأبو مريم قيس الثقفي وطحرب العجلي وإسحاق بن يسار
والد محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن عوف و عمرو بن قيس.
وكان هذا الاجراء الاول الذي اتخذه أمامنا الحسن الزكي (عليه
السلام).
الامر الذي دعى معاوية الى التفكير باغتياله، وهناك أسباب أخرى
منها: ـ
1. تصدّى الامام لمؤامرة مسخ السنّة النبويّة الشريفة التي كان
يخطّط لها معاوية بن أبي سفيان من خلال تنشيط وضع الأحاديث والمنع
من تدوين الحديث النبويّ.
2. كان (عليه السلام) متصديا لكافة محاولات التحريف والتضليل
الجاهلي، من خلال نشر الثقافة الرسالية وبث الوعي الديني والسياسي
في أوساط المجتمع، وبسبب هذه الانجازات بنى قاعدة جماهيرية صلبة.
3. بعد قرابة العقد من الزمن، وخلال فترة وجود الامام الحسن
(عليه السلام) في المدينة، لم يستطع معاوية وأزلامه قتل أحد من
المسلمين أو مصادرة اموالهم.
وكان (عليه السلام) في عاصمة جدّه (صلى الله عليه وآله) كهفاً
منيعاً لمن يلجأ اليه، وملاذاً حصيناً لمن يلوذ به، قد كرّس أوقاته
في قضاء حوائج الناس، ودفع الضيم والظلم عنهم.
4. بسبب معاهدة الصلح التي نصّت هذه المعاهدة على أن يكون الأمر
من بعده للحسن ولا يبغي له الغوائل والمكائد.
5. عدم تعاطفه مع أركان النظام الحاكم بالرغم من محاولاتهم لكسب
عطف الإمام أو تغطية نشاطاته أو إدانتها.
6. رفض الإمام (عليه السلام) مصاهرة الاُمويّين.
7. تكريم الناس وحفاوتهم بالإمام وإكبارهم له ممّا ساء معاوية،
لذلك في خطبة معاوية يوم الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه،
وصلّى على نبيّه، ثم ذكر أمير المؤمنين وسيّد المسلمين علي بن أبي
طالب (عليه السلام) فانتقصه، ثم قال:
«أيّها الناس! إنّ صبية من قريش ذوي سفه وطيش وتكدّر من عيش
أتعبتهم المقادير، فاتّخذ الشيطان رؤوسهم مقاعد، وألسنتهم مبارد،
فأباض وفرخ في صدورهم، ودرج في نحورهم، فركب بهم الزلل، وزيّن لهم
الخطل، وأعمى عليهم السُبل، وأرشدهم إلى البغي والعدوان والزور
والبهتان، فهم له شركاء وهو لهم قرين (ومن يكن الشيطان له قريناً
فساء قريناً) وكفى لهم مؤدّباً، والمستعان الله».
فوثب اليه الإمام الحسن مندفعاً كالسيل رادّاً عليه افتراءه
وأباطيله قائلاً:
«أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن
علي بن أبي طالب، أنا ابن نبيّ الله، أنا ابن من جعلت له الأرضُ
مسجداً وطهوراً، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير،
أنا ابن خاتم النبيّين، وسيّد المرسلين، وإمام المتّقين، ورسول ربّ
العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجنّ والإنس، أنا ابن من بعث رحمةً
للعالمين».
وشقّ على معاوية كلام الإمام فبادر إلى قطعه قائلاً: «يا حسن!
عليك بصفة الرطب»، فقال (عليه السلام): «الريح تلقحه والحرّ ينضجه،
والليل يبرده ويطيبه، على رغم أنفك يا معاوية» ثم استرسل (عليه
السلام) في تعريف نفسه قائلاً:
«أنا ابن مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من
ينفض رأسه من التراب، ويقرع باب الجنّة، أنا ابن من قاتلت الملائكة
معه ولم تقاتل مع نبيّ قبله، أنا ابن من نصر على الأحزاب، أنا ابن
من ذلّت له قريش رَغماً».
وغضب معاوية واندفع يصيح: «أما أنّك تحدّث نفسك بالخلافة».
فأجابه الإمام (عليه السلام) عمّن هو أهل للخلافة قائلاً: «أمّا
الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنَّة نبيّه، وليست الخلافة لمن خالف
كتاب الله وعطّل السنّة، إنّما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكاً فتمتّع
به، وكأنّه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه».
وراوغ معاوية، وانحط كبرياؤه فقال: «ما في قريش رجل إلاّ ولنا
عنده نِعَم جزيلة ويد جميلة».
فردّ (عليه السلام) قائلاً: «بلى، من تعزّزت به بعد الذلّة،
وتكثّرت به بعد القلّة».
فقال معاوية: «من اُولئك يا حسن؟»، فأجابه الإمام (عليه
السلام): «من يلهيك عن معرفتهم».
ثم استمر (عليه السلام) في تعريف نفسه إلى المجتمع فقال:
«أنا ابن من ساد قريشاً شاباً وكهلاً، أنا ابن من ساد الورى
كرماً ونبلاً، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق، والفرع
الباسق، والفضل السابق، أنا ابن من رضاه رضى الله، وسخطه سخطه، فهل
لك أن تساميه يا معاوية؟»، فقال معاوية: أقول لا تصديقاً لقولك،
فقال الحسن: «الحق أبلج، والباطل لجلج، ولم يندم من ركب الحقّ، وقد
خاب من ركب الباطل (والحقّ يعرفه ذوو الألباب)» فقال معاوية على
عادته من المراوغة: لا مرحباً بمن ساءك.
فهذه الاسباب العامة وأخرى غيرها جعلت معاوية يخشى من نشاطات
الامام الحسن (عليه السلام) التي حتما ستؤدي الى زوال حكمة وسلطته.
فضاق معاوية ذرعاً بالحسن (عليه السلام)، و أحس أن الحسن قد
ورطه في هذه الشروط التي طفق ينقضها واحدا بعد آخر، و قَدَّر أن
خطته بتوريث الملك لابنه يزيد لن تمرّ والحسن موجود، ففكّر معاوية
في طريقة يقوم بها لتصفية وجود الإمام (عليه السلام) خاصة وأن
النشاط الرسالي بدأ يتصاعد بقوة وأن معاوية مكبّلاً في وجود الإمام
(عليه السلام) لا يستطيع التعرض بالسوء لأي من أصحاب الحسن (عليه
السلام).
فأوعز معاوية إلى المستشارين السياسيين وهكذا أفراد الحاشية
وعناصر من المقربين له أن يدلّوه على طريقة مناسبة يتم فيها اغتيال
الإمام (عليه السلام)، فالبعض اقترح التصفية المعلنة أمام الناس في
المدينة لبث الرعب في كافة أرجاءها والبعض الآخر، اقترح استدعاؤه
إلى الشام ثم تنفيذ فيه خطة الاغتيال.. غير أن معاوية كان يخشى أن
تؤدي هذه العمليات إلى تأليب فئات من الشعب ضد نظامه وتدهور
الأوضاع السياسية في الداخل، ولذلك فكّر في طريقة يتفادى فيها أي
بادرة إثارة وذلك من خلال أمرين وهما:
أولاً: عدم تنفيذ خطة الاغتيال بصورة علنية أو استفزازية ممّا
قد تثير حفيظة الشعب أو المعارضة.
ثانياً: عدم المباشرة في تنفيذ خطة الاغتيال لإبعاد الشبهة قدر
الإمكان عن السلطة، فكان اختياره السمّ كوسيلة هادئة للجريمة..
وقد جرب معاوية هذه الوسيلة، فعمد إلى قتل سعد بن أبي وقاص
بالسمّ.
فأوكل معاوية تنفيذ المهمة إلى إحدى زوجات الحسن (عليه السلام)
وهي جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي وهي بنت لأم فروة أخت الخليفة
أبي بكر التي سقته السم و قد كان معاوية دس إليها أنك إن احتلت في
قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم و زوجتك يزيد.
وإقطاع عشرة ضياع من سورار وهي موضع بالعراق من بلد السريانيين،
وسواد الكوفة.
وفي بداية العرض فكرت جعدة بالامر، ورغم انها عاقر، كانت معاملة
الامام (عليه السلام) اليها افضل معامله، بل لها مكانه كبيرة، ولكن
الاغراءات تغلبت على افكارها حيث تزين الشيطان لما ينتظرها، فلم
تطل التفكير في الأمر بل أعطت موافقة فورية.
جاءت جعدة بالطعام المسموم وقدمته إلى الإمام الحسن (عليه
السلام) فلمّا وضعته بين يديه قال (عليه السلام): إنا لله وإنا
إليه راجعون، والحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين، وأبي سيد
الوصيين وأمي سيدة نساء العالمين، وعمي جعفر الطيار في الجنة،
وحمزة سيد الشهداء (صلوات الله عليهم أجمعين).
وأما إن رفعت جعدة المائدة من تحت الإمام (عليه السلام) حتى بدأ
السم ينتشر داخل جسمه (عليه السلام) ويقطع أمعاءه، فكان السم
يسري.. والألم يسري معه.. وكلاهما يصرمان ما تبقى من عمره الشريف.
وثقل حال الإمام (عليه السلام) واشتدّ به الوجع، فالتفت إلى
أهله قائلاً:
«أخرجوني إلى صحن الدار أنظر في ملكوت السماء»
فحملوه إلى صحن الدار، فلمّا استقرّ به رفع رأسه إلى السماء
وأخذ يناجي ربّة ويتضرع اليه قائلاً:
«اللّهم إنّي احتسب عندك نفسي، فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ لم أصب
بمثلها، اللّهم آنس صرعتي، وآنس في القبر وحدتي».
وجاء إليه أخوه الإمام الحسين (عليه السلام) فلمّا رأى حاله
بكى، فقال له الحسن (عليه السلام): ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال:
أبكي على ما أراك فيه. فقال له الحسن (عليه السلام): إن الذي يأتي
إليّ بسمّ يدبّر فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله
يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدّعون أنهم من أمة جدنا، وينتحلون دين
الإسلام فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك، وسبي ذراريك ونسائك
وأخذ ثقلك، فعندها تحلّ ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رماداً
ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في
البحار).
وظل الإمام الحسن (عليه السلام) يكابد الألم وقد سيطر السّم على
كل أنحاء جسمه، ولما أحس (عليه السلام) ما أصابه و أدرك قرب منيته
شكا لأخيه الحسين (عليه السلام) قائلاً: (يا أخي سقيت السّم ثلاث
مرات لم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي، فجعلت أقلبها بعود معي فقال
الحسين: من سقاك؟ فقال أتريد أن تقتله إن يكن هو فالله أشد نقمة
منك وإن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء»
يقول جنادة بن أبي أمية: (... ثم انقطع نفسه وأصفر لونه، حتى
خشيت عليه، ودخل الحسين (عليه السلام) والأسود بن الأسود عليه، حتى
قبّل رأسه بين عينيه، ثم قعد عنده فتسارّا جميعاً فقال أبو الأسود:
إنا لله إن الحسن قد نعيت إليه نفسه.
ودنا الإمام الحسين من أخيه الحسن (عليهما السلام) فوجد أن وجه
الإمام يميل إلى الاخضرار فقال الإمام الحسين (عليه السلام): مالي
أرى لونك إلى الخضرة؟ فبكى الحسن؟ وقال: يا أخي لقد صحّ حديث جدي
فيّ وفيك.
ثم تعانقا طويلاً وتعابرا ثم بكيا كثيراً فسأل الإمام الحسين
أخاه الحسن (عليهما السلام) عن حديث رسول الله (صلى الله عليه واله
وسلم) فقال الإمام الحسن (عليه السلام): (أخبرني جدّي قال: لما
دخلت ليلة المعراج روضات الجنان، على منازل أهل الإيمان رأيت قصرين
عاليين متجاورين على صفة واحدة إلا أن أحدهما من الزبرجد الأخضر
والآخر من الياقوت الأحمر، فقلت: يا جبرائيل لمن هذان القصران
فقال: أحدهما للحسن والآخر للحسين (عليهما السلام). فقلت: يا
جبرائيل فلم لا يكونان على لونٍ واحد؟ فسكت ولم يرد جواباً، فقلت
لم لا تتكلم؟ قال: حياءً منك. فقلت له: سألتك بالله إلا ما أخبرتني
فقال: أما خضرة قصر الحسن فإنه يموت بالسم ويخضر لونه عند موته،
وأما حمرة قصر الحسين فإنه يقتل ويحمر وجهه بالدم.
وأخر أنفاس الامام (عليه السلام) أخذ يتلو آي الذكر الحكيم
ويبتهل إلى الله ويناجيه وكانت كلمته الأخيرة عليكم السلام يا
ملائكة ربي ورحمة الله وبركاته وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها،
وغاب شخص الإمام (صلوات الله وسلامه عليه) عن دار الدنيا إلى دار
الخلد في جنات النعيم).
فالسلام على الامام السبط الحسن المجتبى يوم ولد ويوم استشهد
ويوم يبعث حيا ورحمة الله وبركاته.
.................................
(1) مجاهد منعثر منشد، المختصر عن الامام الحسن
في التراث الاسلامي، غير مطبوع. |