شبكة النبأ: لا منذ عقود خلت..
تعاني المجتمعات المسلمة الشيعية من ظاهرة متجددة يتكرر وقوعها مع
ذكرى يوم عاشوراء من كل عام، وهو يوم العاشر من شهر محرم الحرام في
التقويم الهجري الاسلامي، والذي صادف استشهاد احد ابرز ائمة
المسلمين الشيعة وهو الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم
السلام في سنة 61 هجرية.
وتتمحور هذه الظاهرة العاشورائية بتصعيد عمليات الاستهداف
المسلح من قبل بعض الجهات في تلك المناسبة التي دأب الشيعة على
احيائها، في تقليد ديني وشعائري يهدف الى التعبير عن الوفاء لإمام
من ائمة المسلمين قضى صبرا في سبيل الذود عن الدين الاسلامي والسنة
النبوية ودفاعا عن القيم الانسانية التي جاء بها الرسول الاعظم صل
الله عليه واله وسلم.
ففي كل عام يسقط المئات من الشيعة بين قتيل وجريح على يد
العمليات الارهابية التي تنفذ من قبل جماعات التكفير العمياء، التي
تحركها فتاوى وعاظ السلاطين في دول خليجية تشكلت مطلع القرن
العشرين، مثل السعودية وقطر والبحرين.
وغالبا ما تشير دلائل تنامي تلك الظاهرة الدموية الى تورط اجهزة
استخبارية لتلك الدول في تمويل وتنظيم العمليات المسلحة، يجمع
المتابعون على وقوف اهداف سياسية ورائها.
ونجحت الايادي السوداء على مدى عقود في تنفيذ عمليات مسلحة،
بالعبوات الناسفة او السيارات المفخخة واحيانا بالمواجهات المباشرة
المتمثلة في اطلاق الرصاص على تجمعات الشيعة في المناطق التي تشهد
ارباك امني مثل العراق او باكستان او افغانستان.
ولا تراعي جماعات العنف السياسي المغلفة بافكار دينية مضللة عند
استهدافها للمدنيين حرمة لطفل او شيخ او امرأة، سيما ان التجمعات
العاشورائية يحييها مدنيون عزل من مختلف الفئات العمرية والاجناس
البشرية، وابرز ما يلفت في الامر ان رغم الهجمات المتكررة التي
يشنها المسلحون خلال مثل هذه الاحتفالات، يصر الشيعة على احياء هذه
المناسبة المقدسة.
حيث ينظم مئات الآلاف من المسلمين الشيعة في هذه المناسبة مواكب
وينصبون خياما يوزع فيها الطعام على المارة بينما يتجمع عدد هائل
في كربلاء حيث يقع ضريح الامام الحسين (ع).
وقتل 43 شخصا في هجمات استهدفت الشيعة في العراق ومن بينها هجوم
انتحاري وسط موكب ديني، عندما تجمع عشرات الاف الزوار الاجانب في
مدينة كربلاء لإحياء ذكرى عاشوراء التي تجري في هذا الوقت من
السنة.
وفجر انتحاري كان يرتدي زي الشرطة، منطقة تسكنها غالبية من
الشيعة في محافظة ديالى شمال بغداد ما ادى الى مقتل 32 شخصا واصابة
80 اخرين، بحسب مصادر امنية وطبية.
وهذا ثالث هجوم يستهدف الشيعة في يوم واحد.
ففي وقت سابق هزت تفجيرات متزامنة منطقة الحفرية جنوب العاصمة
ما اسفر عن مقتل تسعة اشخاص، بينما ادى تفجيران في مدينة كركوك
الشمالية الى اصابة خمسة اشخاص.
وكانت ثلاثة هجمات منسقة استهدفت زوارا من الشيعة في شمال بغداد
واسفرت عن سقوط ثمانية قتلى على الاقل وعشرة جرحى. ووقعت التفجيرات
قرب مدينة بعقوبة (60 كلم شمال بغداد) فيما كان الزوار متوجهين الى
مدينة كربلاء (110 كلم جنوب العاصمة العراقية).
في حين قال مسؤولو مستشفى إن ثمانية أشخاص قتلوا عندما فتح
مسلحون النار على موكب للشيعة في باكستان. وقال مسؤولون طبيون في
مدينة روالبندي إن أكثر من 30 شخصا آخرين أصيبوا في الهجوم الذي
وقع أثناء مرور الموكب أمام معهد ديني للسنة. وتقع روالبندي بالقرب
من العاصمة إسلام آباد وفيها مقر قيادة الجيش الباكستاني.
وتفاقمت في السنوات القليلة الماضية الهجمات على الشيعة الذين
يشكلون خمس سكان باكستان البالغ عددهم 180 مليونا. ومعظم الهجمات
يشنها متطرفون من السنة.
فيما اندلعت اعمال عنف في مدينتي ملتنان وجشتيان جنوب البلاد
حيث امرت السلطات الجنود بالحفاظ على الامن والنظام.
وفي مدينة جشتيان المجاورة، تعرض مسجد شيعي لدمار جزئي وتم
تدمير عدد من المتاجر بعد احراقها من جانب متظاهرين ردا على حوادث
روالبندي. ونشرت باكستان تعزيزات امنية كبيرة على امتداد البلاد في
ذكرى عاشوراء تفاديا لاي هجمات ضد مسيرات الشيعة. وعمدت السلطات
الى قطع شبكات الهاتف المحمول كتدبير امني في يوم عاشوراء اثر
الاشتباكات.
الى جانب ذلك قتلت الشرطة الباكستانية ستة رجال كانوا يعدون
برايها هجوما ضد المسيرة العاشورائية الكبرى في كراتشي، بحسب احد
المسؤولين الامنيين.
وقال شودري محمد اسلام الذي قاد عملية الشرطة ان الرجال الستة
ينتمون الى جماعة لشقر جنقوي المسلحة السنية المتطرفة المحظورة
التي تشن باستمرار اعتداءات دامية ضد الاقلية الشيعية في باكستان. |