المشروع الثقافي في عاشوراء

علي حسين عبيد

شبكة النبأ: في مثل هذه الايام من كل سنة، يعيش المسلمون في العراق، وفي جميع انحاء العالم، الاجواء العاشورائية التي تفرض خصوصيتها على كل شيء، فهي تختلف عن الايام والشهور الاخرى بكل ما تنطوي عليه من جلال واكتمال وفضائل، حيث ينغمس الجميع في ذكرى استشهاد سيد شباب اهل الجنة، الامام الحسين عليه السلام وذويه وصحبه الاطهار، في معركة الطف الخالدة التي دارت رحاها على ارض كربلاء المقدسة، لنعيش تجليات المبادئ الحسينية بأبهى صورها، واروع مضامينها، ونلامس مبادئ الفكر الحسيني بأعمق المعاني وأكثرها سموّا وبهاءً، لذلك يستدعي مثل هذا الواقع الخاص بتأثيراته العميقة، أن نستثمره لكي نجدد حياتنا.

وفيما يتعلق بالمجال الثقافي، فإن مبادئ عاشوراء بمعانيها وعمقها الثقافي الانساني المتميز، تتيح لنا اطلاق مواهبنا وقدراتنا في مثل هذه الاجواء الصادقة، لذلك علينا اطلاق مشروعنا الثقافي المتجدد الذي يتلاءم مع الروح الحسينية، والاجواء الايمانية التي تضفي على هذه الايام خصوصية غير موجودة في الايام والشهور الاخرى، إذاً فالمطلوب من الجهات ذات العلاقة بالثقافة، ان تشمر عن سواعدها وتشغل مواهبها وعقولها، وتطلق مشروعا ثقافيا متميزا، له القدرة على تجديد الحياة دائما، ولا يصح أن نكرر أنفسنا في كل عام، بل لابد أن نضيف شيئا جديد متميزا في الجانب الثقافي، يساعد الناس على زيادة وعيهم وتطوير مداركهم، وتغيير حياتهم نحو الافضل، خاصة أن هذه المناسبة العظيمة تستقطب جميع العراقيين من كل انحاء البلاد، فضلا عن الزائرين الكرام القادمين من الدول الاسلامية ودول العالم الاخرى.

إن ايام عاشوراء المباركة تجعل من الجميع في حركة دائبة، مثل خلية النحل، ومن المستحسَن أن لا تكون هذه الحركة عشوائية، ففي كل مجال علينا أن ننتهج التنظيم والتخطيط، لغرض تطوير العمل نحو الافضل، أما بخصوص المشروع الثقافي، فإن ما ينبغي القيام به ثقافيا في مثل هذه الايام، هو تفعيل واستحداث نشاطات ثقافية وفنية يفضَّل أن تكون متواصلة، كونها جميعا تصب في صالح الانسان، وتستقي مضامينها وافكارها من مبادئ الفكر الحسيني الخلاق، على أن نطرح الجديد دائما من الافكار والاعمال الثقافية، في مشروع متطور كبير ومتميز، يتم التخطيط له بدراية وتخصص وعمق، حتى نجد في كل عام ضالتنا في جانب التجديد الثقافي.

على أن يتضمن هذا المشروع الثقافي الكبير الذي يتزامن مع عاشوراء في كل سنة، ويأخذ طابعه واجواءه من طابع هذه الايام التي تزخر بالحركة والنشاط، أن يتضمن فعاليات ثقافية وفنية مختلفة منها على سبيل المثال:

- اقامة المهرجانات الشعرية التي تتعلق بهذه المناسبة، مع التركيز على طرح الرؤى الجديدة التي يمكنها الاسهام في تطوير افكار ومدارك الناس، الى ما هو افضل وأجمل.

- اقامة الانشطة الادبية الجماهيرية المتنوعة، من اجل نشر الفكر الحسيني، بما يطور وعي الناس ويرفع من مستوياتهم الثقافية والفكرية.

- اقامة المهرجانات المسرحية التي تستقطب اعمالا مسرحية من داخل وخارج العراق، بما يتناسب وعظمة عاشوراء، ومبادئ الفكر الحسيني، يرافق ذلك تكريم المبدعين وما شابه.

- اقامة الفعاليات الفنية السينمائية، لعرض الافلام التي يمكنها تجسيد الموقف الحسيني العظيم المناهض للظلم، حتى يتسنى للانسان العربي المسلم، والعراقي أن يعي حقوقه و واجباته ايضا.

- اقامة المعارض التشكيلية التي تأخذ مضامينها وافكارها من الفكر الحسيني، حتى يتم استثمار هذا الفن المؤثر، لصالح الانسان في بلادنا والعالم اجمع.

وبهذا نكون قد حققنا نوعا من التجديد في حياتنا، واضفنا مشروعا ثقافيا متميزا، يمكن أن يسهم بدرجة فعالة في تطوير الوعي والثقافة الفردية والجمعية لعموم المسلمين، استنادا الى ما تم استثماره في عاشوراء، وبما ينسجم مع واقعة الطف، والمبادئ العظيمة التي ضحى الامام الحسين عليه السلام بروحه الطاهرة من اجل نشرها وترسيخها بين جميع الانام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/تشرين الثاني/2013 - 8/محرم الحرام/1435