شبكة النبأ: أكبر خشبة يتشبث بها
الطائفيون، من أتباع الجماعات المتطرفة والتكفيرية، هي "الدين"..
وشعارهم لإيهام الخائضين معهم بالتوجه الى بر الأمان، أنهم يتبعون
"السلف الصالح"، وليس فقط سيرة الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله،
لذا فهم من يمثل الدين وأحكامه وتعاليمه. لذا فان "الطائفية"
بالنسبة لهم حياة أو موت، وحربهم مع الجميع، إنما هي حرب وجود، ولا
حتى الآن لم يتمكن من سحب هذه الخشبة من ايديهم، أو أماط اللثام عن
وجوههم الحقيقية، إلا يد قاهرة واحدة، هي يد الحسين، عليه السلام،
وكبرائهم على علم بذلك، لأنه، عليه السلام، صدح بشعاره المدوي لدى
خروجه من مكة المكرمة الى كربلاء، بأني "لم أخرج أشراً ولا بطراً
ولا مفسداً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي رسول الله.." .
هذا التحديد من قبل الامام الحسين، عليه السلام، لنهضته ضد حكم
يزيد كشفت زيف الخلافة التي ادعاها الاخير، ويكشف اليوم، وكل يوم،
زيف من يدّعي التديّن والأسلمة من خلال وسائل تتعارض مع قيم الدين
ومبادئ الاسلام، ومنها الإصلاح التي تحمل كل المفاهيم الانسانية
الرائعة، من حرية وعطاء وبناء وغيرها. ولو طالعنا السياسة التي
اتبعها يزيد ومن قبله أبوه معاوية مع المسلمين، لعرفنا وفهمنا أكثر
فلسفة النهضة الحسينية. فقد شهد المجتمع الاسلامي آنذاك ظواهر
سلبية خطيرة، مثل التجسس والخيانة وشهادة الزور والنكول والتخاذل،
وهذه لم تظهر لولا الرعاية الأموية بالمال والترغيب وشراء الذمم،
لذا نجد التباعد الحاصل بين مجتمع الكوفة والامام الحسين، عليه
السلام، علماً أن البدايات كانت مع أمير المؤمنين، عليه السلام،
وكان النهاية المفجعة والخسارة المدوية لهم يوم عاشوراء. وبهذه
السياسة اراد الحكم الأموي خلق إسلام جديد على مقاساته الخاصة
ومزاجات الولاة الحكام من بني أمية وبني مروان، ومن ثم يضمنوا
ديمومة حكمهم وتشبثهم بجسد الأمة.
واليوم نلاحظ ملامح نفس ذلك النهج في الاعمال التي ترتكبها
الجماعات الطائفية تحت شعارات واسماء دينية، فهم يخلقون اسلاماً
ينسجم مع طبيعة ظروفهم وافكارهم. فالمعروف أن جميع رموز هذه
الجماعات من مصريين وفلسطينيين واردنيين وسعوديين، من الفاشلين في
حياتهم والمعقدين، وقد تعرضوا للتعذيب في سجون بلدانهم لا لقضية
عادلة ودفاعاً عن قيم ومبادئ واضحة، لذا فانهم خرجوا لا لينتصروا
لقيم الدين والعقيدة التي انتهكها حكامهم، إنما ينتقمون من كل شيء
يقلل من شأنهم ويذكرهم بضلالة طريقهم، لذا نجدهم يدجلون ويضللون
ويختلقون الاسباب التي تجعلهم أقرب الى الدين من غيرهم، حتى وأن
وجدوا أن الطريق الى ذلك، يمضي على جثث الاطفال ودماء المسلمين
واعراضهم، بل حتى قدرات ومصائر شعوب وبلاد اسلامية كبيرة، كما نشهد
اليوم في العراق وسوريا ومصر والبحرين والسعودية.
ومما ابتكروه أخيراً في حربهم مع الاسلام الحقيقي والأصيل،
إلصاق تهمة "الطائفية" على المنتمين للمدرسة الحسينية واتباع أهل
البيت، عليهم السلام، وكل من يؤدي الشعائر الحسينية، وهم في ذلك
يحاولون مستميتين حجب هذا الشعاع والضياء الساطع عن سائر المسلمين
وتصويره بأنه مسألة شخص واحد هو الامام الحسين، عليه السلام، وكانت
لديه مشكلة مع يزيد في زمانه، بينما على المسلمين اليوم الاهتمام
بالصلاة والصوم والزكاة والاوقاف و...! غافلين عن أنهم يكشفون
انفسهم بأيديهم، لأن من يقرأ التاريخ يجد ان هذا كان منطق أهل
الكوفة مع الامام الحسين، عليه السلام، عندما قالوا: "ما لنا
والدخول بين السلاطين"، و "حسبنا كتاب الله.."، بل كان منطق
الخوارج الذين رفعوا شعار "لا حكم إلا لله"، والعالم الاسلامي
اليوم، لا ينظر الى تجربة الخوارج مع أمر المؤمنين، عليه السلام،
وأهل الكوفة مع ابنه الحسين، عليه السلام، بفخر واعتزاز لضخامة
الخطب، والتداعيات الحضارية والاجتماعية والفكرية التي سببتها على
الأمة، وليس من منصف إلا ويؤكد أن حكم الامام علي ومن بعده ولداه
الحسن والحسين، عليهم السلام، من دون الخوارج ومعاوية ويزيد، كان
أفضل وأحسن، لما خلفوه من هزائم وتخلّف وتمزق في الأمة.
فاذا يكرر الطائفيون – التكفيريون التجارب المريرة مع الأمة،
ويحاولون زجّ ابنائها الى أتون الحروب الأهلية الطاحنة والفتن
الطائفية والتسبب في التمزّق الاجتماعي، فان "الكربلائيين" من
خريجي المدرسة الحسينية، يقدمون للأمة التماسك الاجتماعي والتقدم
والأمان وكل القيم الانسانية البناءة. فهل سجّل أحد على هؤلاء أنهم
تسببوا في أي بلد اسلامي بأزمة سياسية أو اجتماعية أو فتنة طائفية
او لغط في تحريف في مسائل العقيدة والدين..؟ وإن كان، فهو من ردود
فعل الحكام والساسة الذين يستبقون الإصلاح والتغيير بإشعال فتيل
الأزمات وخلق الفتن وخير مساعد لهم، أولئك الطائفيون – التكفيريون. |