الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

بين المسيح والحسين في تزامنهما

افكار في السلم والسلام

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الظاهرة الواضحة، انه كلما اشتد البحث عن السلم والسلام في الوسائل الاعلامية وغيرها، وعلت الاصوات في ترويج كلمة السلام وتكرارها، ربما دل ذلك على مدى مشكلة البشرية ومعاناتها وصعوبة الوصول الى السلام وتعقد مسالك سبله وضياع معالمه، والا لم يكن البحث عنه شديدا، فان الانسان اذا فقد شيئا طلبه حثيثا لكي يصل اليه.

الامام الشيرازي الراحل في كتابه السلم والسلام

في اطار المبادلات اليومية وهي كثيرة في حياة الناس وسعيهم، تأتي صيغة (السلام عليكم) اكثر من عشرين مرة في القرآن الكريم، دستور المسلمين، وكتاب الرسالة الخاتمة.. وترمز هذه العبارة كما يرى مالك شبل في كتابه (معجم الرموز الاسلامية) الى الدخول في ارض السلام وهي مقننة تقنينا صارما، تخصص لها كتب الفقه الاسلامي فصولا بكاملها.

والسلام الصحيح هو ما كرر ثلاث مرات، ويحق لليهود والنصارى ان تتم تحيتهم تحية صحيحة.

اما شارب الخمر والملحد والمجرم ، وبشكل عام كل الذين ارتكبوا خطيئة جسيمة لم يعاقبوا عليها، فان القاء السلام عليهم لا قيمة له.

والسلام عليكم، بصيغتها الاسلامية، يجب ان تقترن باسم الله بإحدى صفاته، التسع والتسعين، ويعد ذلك ضمن فائق التأدب والكياسة.. وهي ترد في معاني عديدة تبعا لورودها القرآني، ففي قولهم السلام عليكم: اي السلامة من الله عليكم.

والسلام هو السداد، من قوله تبارك وتعالى( واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) اي صوابا.. وقوله ايضا(الله يدعو الى دار السلام)، السلام: الله، وداره الجنة، وقيل السلامة. ويرد السلام في القران بمعنى (التحية) في قوله تعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا).

والسلام بمعنى (الاستسلام) : (يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ الله فتبينوا ان الله كان بما تعملون خبيرا).

والسلام بمعنى (التحية بالكرامة) : في قوله تعالى (سلام عليكم بما صبرتم) اي يقول هؤلاء الملائكة الداخلون عليهم (سلام عليكم)، وهو انتفاء كل امر يشوبه من مضرة.

والسلام بمعنى (أسلم سلاما): في قوله تعالى (إذ دخلوا عليه) يعني حين دخلوا على إبراهيم  فقالوا  له سلاما  على وجه التحية له أي اسلم سلاما  فقال  لهم جوابا عن ذلك  سلام  وقرئ سلم، فلما ارتاب عليه السلام بهم قال (قوم منكرون) أي انتم قوم منكرون، والانكار بنفي صحة الامن ونقيضه الاقرار، ومثله الاعتراف.

والسلام هو كلام اهل الجنة :(لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما)، أي لا يسمع المثابون في الجنة لغوا يعنى مالا فائدة فيه من الكلام، لان كل ما يتكلمون به فيه فائدة (ولا تأثيما) ولا يجري فيها ما يؤثم فيه قائله من قبيح القول (إلا قيلا سلاما سلاما) يعني لكن يسمعون قول بعضهم لبعض على وجه التحية (سلاما سلاما) إنهم يتداعون بالسلام على حسن الآداب وكريم الاخلاق الذي يوجب التواد، لان طباعهم قد هذبت على أتم الكمال.

وفي الاحاديث الشريفة حث على السلام: قال رسول الله(ص) اذا لقى احدكم اخاه فليسلم عليه وليصافحه فان الله عز وجل اكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنيع الملائكة. وعن امير المؤمنين علي (ع) قال : السلام سبعون حسنة تسع وستون للمبتدئ وواحدة للراد .

اما السلم فيتردد في القران ثماني عشرة مرة. اولى المرات في سورة البقرة (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)... وهي تتكرر في مناسبات محددة تحديدا دقيقا: الاسلام بمعنى الخضوع، احترام الغير، التهذيب، السير في الطريق المستقيم.

والسلم هو الهدنة، اي انهاء الحرب، وهو والاسلام والسلام من جذر واحد، والسلم ينظر اليه على انه دليل حكمة وبفضله يجد المؤمن (الطريق القويم). والسلم في الاسلام صفة الهية قبل ان يصبح نتيجة على طارئة كالحرب او الغزو، الى اخها من معاني حملتها الآيات القرآنية ودلت عليها.

منح العراقيون للسلام رمزه المعروف وهو الحمامة التي تحمل غصن الزيتون في منقارها، وهو رمز اخذت فكرته من حضارة ما بين النهرين. واعتبرت الحمامة وغصن الزيتون رمز للسلام في عهد نوح (ع) وهي ايضا رمز وضعته حملة نزع السلاح النووي... وأول شارة سلام، صنعها أريك أوستين من التصميم الأصلى لهولتوم، صنعت من السيراميك لحركة نزع السلاح النووي في 1958.

اعود الى المقتبس الذي افتتحت به الموضوع، وهي كلمات للإمام الشيرازي الراحل من كتابه (السلم والسلام) الذي تميز فيه وهو يصوغ نظريته في السلم والسلام أنه ذهب بها؛ لتشمل مختلف جوانب الحياة، وبمعنى ثانٍ؛ فإن الإمام الشيرازي لم يُقصِر تنظيره حول فقه السلم والسلام، في المعنى بما يقابل الحرب، وإنما هو معنى واسع متشعب الأطراف، من مصاديقه (اللاعنف) وفي مختلف الميادين السياسية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والعائلية والعسكرية وغيرها.

يشير الإمام الشيرازي إلى أن الهدف الذي يتوخاه الإسلام ويسعى إليه، هو تهذيب الإنسان، وتمكينه من العيش في الدنيا والآخرة بأمن وسلام، وقد تحقق ذلك فترة حكومة القوانين الإسلامية التي طبقها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، في حين (يتسم -حسب المؤلف- تاريخ الكثير من المبادئ وتعاليمها بالعنف والإرهاب. ولم تستطع تلك المبادئ بل والأديان السابقة من إنجاز هدف الإنسان وتهذيبه وتحقيق الأمن والسلام له، وذلك بسبب التحريف المقصود الذي طرأ على الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل).

وعن العنف والارهاب المستشريان في المجتمعات والسياسات يقول الإمام الشيرازي: ظاهرة العنف والإرهاب محرمة شرعاً، ومن مصاديقها القتل والغدر والاختطاف والتفجير والتخريب وما أشبه... وعن دلالات مصطلح الإرهاب يقول: وردت مادة (رهب) في القرآن الكريم وأريد به ما يكون سبباً للردع عن العنف والإرهاب لا مشجعاً له... فقالت الآية: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}. (ومعنى –ترهبون- هنا هو ردع العدو بتلك القوة التي هيأت كي يمتنع من اتخاذ أي قرار في المهاجمة، وهذه وقاية لكي لا تقع الحروب ولا تنجر البشرية إلى العنف والإرهاب... ثم أن وسائل استخدام الردع كثيرة، ومن أهمها القوة السياسية والإعلامية والدولية والدبلوماسية... ويرى الإمام الشيرازي أن مصطلح الإرهاب الذي وضع للصد عن التعدي وهدر الحقوق حُرِّف إلى ما يعني العنف، فكثرة استخدام هذا المصطلح في وسائل الإعلام الغربية جعله وكأنه من وضع الغرب ومصطلحاته التي وضعها في قاموسه السياسي والعسكري... ويذكر أن هناك بعض الغموض في مصطلح الإرهاب اليوم، فكل يتهم الطرف الآخر بكونه إرهابياً، ويتساءل الإمام الشيرازي قائلاً: هل حركات التحرر من الأجنبي سواء كانت إسلامية أو وطنية أو غيرها تعتبر إرهابية؟ وهل جهاد الشعوب ضد الحكام الطغاة المستبدين أيضاً إرهاب؟... ويقول بمنتهى الصراحة: نعم قد تكون بعض الحركات والرجالات تسير في طريق العنف والإرهاب بالمعنى المصطلح وهؤلاء لا يمثلون الإسلام وهو بريء منهم، لأنهم خارجون عن سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرة أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) وما نزل به القرآن الحكيم).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/كانون الثاني/2013 - 18/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2013م

[email protected]