الباحثون في الأرشيف العثماني في إسطنبول يجدون في وثائق متعددة
ذعر قيادات الدولة العثمانية من "خطر" انتشار التشيع في أنحاء
العراق في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
التشيع، كما هو حاله منذ استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى اليوم، شكّل مشكلة عويصة للسلطة العثمانية آنذاك بقيادة
السلطان عبدالحميد الثاني. خسر عبدالحميد معظم أراضيه في بلاد
البلقان في حربه مع روسيا في ١٨٧٧-١٨٧٨ وخسر مع تلك الأراضي رعاياه
المسيحيين. لكي يستنهض رعاياه المسلمين لانقاذ ما تبقى من دياره في
الشرق، أحيا عبدالحميد ادعاءه بخلافة المسلمين و أطلق حملته
الإيمانية.
عيّن نفسه السلطان العثماني أميرا للمؤمنين بالرغم من أن جده
محمد الفاتح يفضل لقب القيصر بعد فتحه لإسطنبول. عموما، انتشار
التشيع في العراق شكل خطرا لحملة عبدالحميد التي لا تختلف كثيرا عن
حملة صدام الإيمانية بعد هزيمته على يد قوات التحالف بعد احتلاله
للكويت. الشيعي الحق، كما تعلمون، بطبيعة عقيدته يرفض الطواغيت.
لذلك راح عمال السلطان العثماني في الأستانة بإيجاد طرق للحد من
انتشار التشيع في العراق.
كانت الشعائر الحسينية هي من أهم ما ركز عليه عمال الدولة
العثمانية للحد من انتشار التشيع والقضاء عليه. الشعائر الحسينية
جسدت "الخطر" الشيعي في أرض الواقع في أعين الدولة العثمانية فكان
لا بد لهم من محوها من أرض الوجود. العجيب أن الحسين عليه السلام
محى الدولة العثمانية من الوجود قبل أن ينجح عبدالحميد من محو
شعائره. الأعجب من ذلك أنه بالرغم من حملة العثمانيين ضد شعائر
الحسين في العراق في أواخر القرن التاسع عشر، يذكر أحد الرحالة إلى
بلاد الأناضول أنه في نفس تلك الفترة رأى جماعة من الإيرانيين في
يوم العاشر من محرم يقومون بإحياء بشعيرة التطبير المقدسة في قلب
الدولة العثمانية في إسطنبول.* أقامت الجالية الإيرانية شعيرة
التطبير في يوم العاشر من محرم بعد غروب الشمس على أضواء المشاعل
وأصوات ضرب الصدور والنواعي الفارسية الحسينية.
لذلك نقول، إن شعائر الحسين حافظت على دين رسول الله صلى الله
عليه وآله في ذلك الزمن ولا تزال تحافظ عليه في هذا الزمن.
فيا طواغيت العصر، تعلموا ممن سبقكم وحارب الشعائر الحسينية
وانظروا أين هم وأين الحسين عليه السلام اليوم. كفوا أيديكم عن
زوار ومعزي الحسين عليه السلام لمصلحة دنياكم إن لم تهمكم مصلحة
آخرتكم.
ويا عشاق الحسين، تهيؤوا لزيارة و مجالس الأربعين و تذكروا من
سبقكم كالمطبرين الإيرانيين في إسطنبول والمخاطر التي عاشوها لأجل
إحياء شعائر الحسين، واصرخوا معا في مواكب المشق من إندونيسيا إلى
كاليفورنيا: إنا جنودك يا حسين وهذه أسيافنا ودماؤنا الحمراء، إن
فاتنا يوم الطفوف فهذه أرواحنا لك يا حسين فداء.
* Murray's Hand Book, Constantinople, Brusa
and the Troad (John Murray, London, 1893). Quoted in Selim
Deringil, "The Sturggle Against Shiism in Hamidian Iraq: A Study
in Ottoman Counter-Propaganda," Die Welt des Islams (1990):
45-62. |