شبكة النبأ: أحيا الملايين من
المسلمين الشيعة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام قبل أكثر
من 14 قرنا في أنحاء العالم كافة، حيث انطلقت مسيرات عزاء ضخمة في
العراق، لبنان، أفغانستان، باكستان، ايران والبحرين وفي بلدان أخرى
ايضا، على الرغم من كل الظروف والمعوقات التي ضرب الشيعة في
العالم، كالاعتداءات والمضايقات والممارسات التعسفية غير المسبوقة
خلال ايام عاشوراء الخالدة كما حدث في البحرين والهند، إلا ان ذلك
لم يمنع المسلمين من الاستعداد لإحياء هذه الذكرى التاريخية
الخالدة، لما تحمله من دلالات وأبعاد تنطبق في جزء كبير منها على
الحقائق الكامنة في مسلمي العالم، وتم تأدية مراسم العزاء في مختلف
انحاء العالم مواساة لآل البيت عليهم السلام واستنكارا واستهجانا
لما جرى في العاشر من شهر محرم الحرام من انتهاكات لحرمة سبط
الرسول وللمبادئ والقيم النبيلة التي أقدم على ترسيخها بعد أن عملت
طائفة ضالة على إخماد التعاليم الإسلامية الحقيقية، والواقع بأن
هناك أماكن كثيرة حول العالم ممن يؤدون هذه الشعيرة العظيمة، لكن
زمر الكفر والظلم لا تسمح للمسلمين بأداء هذه الشعيرة الخالدة،
وعليه تبقى ثورة الحسين عليه السلام رمزا خالدا للمبادئ الإنسانية
وصوت الحق الأوحد بوجه الظلم، كونها عمود الإصلاح الإنساني في
مجالات الحياة كافة، ودرب الأحرار في الماضي والحاضر والمستقبل.
شيعة العالم أحيوا ذكرى عاشوراء
فقد احيا نحو ثلاثة ملايين زائر شيعي من العراق ودول عربية
واجنبية ذكرى عاشوراء في كربلاء وسط اجراءات امنية مشددة نجحت على
ما يبدو في منع وقوع هجمات ضد الزوار، وقال محافظ كربلاء امال
الدين الهر ان "نحو ثلاثة ملايين شخص بينهم نحو 200 الف زائر من
دول عربية واجنبية احيوا اليوم ذكرى العاشر من محرم"، وانتشرت طوال
ليلة عاشوراء في عموم كربلاء مواكب يردد فيها عبر مكبرات الصوت
منشد يعرف باسم "الرادود" اناشيد تروي سيرة الامام الحسين وترافقه
مجموعة من الرجال يقومون باللطم على صدورهم او ضرب ظهورهم بالسلاسل
على وقع الطبول، وشاركت مواكب من دول مختلفة بينها الهند
والباكستان وايران ولبنان ودول عربية اخرى. بحسب فرانس برس.
وقام صباح اليوم مئات الرجال والشبان بالمشاركة في مواكب تعرف
ب"التطبير" حيث قاموا بضرب رؤوسهم بالسيوف تعبيرا عن مشاركتهم
بمأساة الامام الحسين، وبعد انتهاء مراسم التطبير، جلس مئات الالاف
من الزوار يرتدون ملابس سوادء حول مرقدي الحسين والعباس يستمعون
الى قصة تروي عبر مكبرات الصوت واقعة الطف والمعاناة التي عاشها
الامام الحسين في تلك المعركة، وحمل بعض الزوار الذين اكتضت بهم
المدينة رايات خضراء واخرى سوداء وسط هتافات "لبيك يا حسين"، وبعد
صلاة الظهر، شاركت حشود الزوار بما يعرف ب"ركضة طويريج" والتي تجسد
قيام عامة الناس بعد واقعة الطف بالتوجه لدفن الامام الحسين
والضحايا من عائلة الامام الذين سقطوا في المعركة.
وتعد ركضة طويريج التي اعقبها حرق الخيام آخر ما يؤديه
المشاركون في احياء ذكرى واقعة الطف، واشار محافظ كربلاء الى قيام
وزارات النقل والدفاع والتجارة اضافة الى محافظة كربلاء بتأمين
2400 حافلة في اماكن خاصة لنقل الزوار الى مدنهم، وقال الشيخ نزار
التميمي خطيب جامع المخيم في وسط كربلاء ان "هذه الشعائر الحسينية
تمثيل للوجدان الشعبي المتوارث لاستذكار اول مأتم اقامه اهل البيت
بعد مقتل الامام الحسين"، واضاف ان "الحزن على الامام الحسين تصاعد
في الضمير الشعبي ليتحول الى مواكب عزاء تستمر لعدة ايام لغرض
استذكار اهداف الامام ورسالة النبي محمد في الوقوف ضد الظلم
والفساد وانحراف الحكام"، واكد التميمي بان جميع المرجعيات الشيعية
مع هذه الشعائر "لانها تحفظ ذكرى الامام الحسين الذي مثل الاسلام
الحقيقي".
من جهته قال محمد خالد (37 عاما) الذي جاء من بغداد لاداء مراسم
الزيارة ان "ذكرى عاشوراء ينتظرها المسلم عموما وخاصة الشيعي
للتعبير عن حبه وتمسكه بمبادىء الامام الحسين"، واضاف خالد الذي
ارتدى ملابس سوداء ووضع غطاء اسود على رأسه ان "هذه المناسبة
تذكرنا باهمية التمسك بالحق ورفض الباطل"، وجرت مراسم احياء الذكرى
وسط اجراءات امنية مشددة فرضتها قوات الامن العراقية من الجيش
والشرطة وشارك في تنفيذها نحو ثلاثين الف عنصر امن في عموم المدينة
والطرق الرئيسية المؤدية اليها، وفقا لمصدر امني، وقال احمد فاضل
(30 عاما) وهو موظف حكومي جاء من محافظة النجف لاداء مراسم الزيارة
ان "الاجراءات والخدمات جيدة والوضع الامني مستقر، في عموم
كربلاء".
وتابع "نحن على استعداد لاحياء هذه الذكرى رغم كل الظروف"،
بدوره، قال مصطفى حسين (40 عاما) من اهالي البصرة وقد وصل الى
كربلاء قبل ثلاثة ايام في موكب لتقديم الخدمات والطعام للزوار ان
"مراسم الاعداد كانت جيدة ونحن حريصون على اداء الزيارة لاستذكار
الامام الحسين الذين يعيش في ضمائرنا، وسنستعد لدى عودتنا الى
البصرة للتحضير لزيارة الاربعين"، وهو العام الثالث الذي تتولى فيه
قوات عراقية مسؤولية حفظ الامن في هذه الذكرى بعدما كانت تنفذ
بمشاركة القوات الاميركية التي انهت تواجدها في العراق في كانون
الاول/ديسمبر 2011، ونجحت قوات الامن للمرة الاولى هذا العام بمنع
وقوع هجمات ضد الزوار والمواكب التي توافدت طوال الايام الماضية
الى كربلاء بعد ان كانت هذه الذكرى هدفا في السنوات الماضية للعديد
من الهجمات، وقال المقدم احمد الحسناوي المتحدث باسم قيادة عمليات
الفرات الاوسط حيث تقع كربلاء في تصريح ان "الزيارة جرت في اجواء
آمنة ولم يحدث خلالها اي خرق امني او عمل ارهابي من خلال تعاون
قوات الامن من الشرطة والجيش"، الا ان عشرة زوار شيعة اصيبوا في
قضاء بلدروز شرق بعقوبة شمال شرق بغداد بانفجار عبوة ناسفة استهدفت
حافلة كانت تقلهم، وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي قتل ثلاثة
زوار شيعة في انفجار سيارة مفخخة استهدفت حافلة تقلهم ايضا في بلد
شمال بغداد، ولم تحدث هذا العام اي هجمات كبرى ضد الزوار في العراق
الذي يشهد منذ عام 2003 اعمال عنف يومية.
لبنان
كما بدأت في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت مراسم احياء اليوم
العاشر من محرم ذكرى استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) بإقامة
المجالس الحسينية، وتجمّع الاف المواطنين في مجمع سيد الشهداء حيث
بدأ قارئ العزاء بقراءة المصرع الحسيني، ويلي المجلس العاشورائي
وكان السيد نصر الله دعا ليلة الجميع للمشاركة في مراسم عاشوراء
مهما كانت التحديات الطبيعية والامنية، وفي كلمة له بمجمع سيد
الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال السيد نصر الله إن
المشاركة تأكيد على نهج المقاومة في زمن المخاطر والتحديات، وأضاف
السيد نصر الله أن المشاركة في مراسم عاشوراء تأكيد على تشبث
المقاومة باهدافها وثوابتها، خاصة القضية الفلسطينية، رغم محاولات
البعض إثارة الفتنة المذهبية.
اليمن
في حين نظمت في مدينة صعدة شمالي اليمن مسيرة حاشدة، جدد
المشاركون فيها تمسكهم بنهج الامام الحسين (عليه السلام) في مقارعة
الظالمين والدفاع عن المظلومين، وقد أدان تحالف قبائل اليمن
التفجير الذي استهدف المشاركين في إحياء مراسم عاشوراء بالعاصمة
صنعاء، والذي راح ضحيته عدد من الاشخاص واعتبره بادرة خطيرة لخلق
الفتنة الطائفية، واستهدف التفجير مجلس عزاء للامام الحسين (عليه
السلام) في منطقة الجراف شمال صنعاء، ما أسفر عن إستشهاد 4 أشخاص
وجرح 13 آخرين حالة بعضهم خطرة، وشهدت صنعاء عدة مسيرات حسينية،
ردد خلالها المشاركون هتافات ضد امريكا والكيان الاسرائيلي وطالبوا
بدعم المقاومة في فلسطين ولبنان منددين بالاعتداءات الاسرائيلية
على غزة.
أفغانستان
على الصعيد نفسه أحيا الأفغان من مختلف الطوائف والقوميات ذكرى
استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في مختلف المدن والمناطق
الأفغانية، وجابت مسيرات ومواكب حسينية الشوارع والساحات، فيما
فرضت السلطات الأمنية إجراءات مشددة تفاديا لحصول أي اعتداء على
المشاركين.
الهند
الى ذلك أحيا عشرات الآلاف من المسلمين في كشمير مراسم عاشوراء
متحدين حظر التجوال الذي فرضته السلطات الهندية، وذكرت أنباء واردة
من كشمير أن الشرطة الهندية فرضت حظرا على التجوال خشية تحول مواكب
العزاء إلى مواجهات مع الشرطة، في حين أفادت مواقع إخبارية محلية
أن عشرات الآلاف تحدوا الحظر ونزلوا إلى الشوارع، وقامت الشرطة
الهندية بإطلاق الغاز المسيل للدموع، واستعملت خراطيم المياه
لتفريق المشاركين في المراسم.
باكستان
أما في باكستان فقد استشهد 4 اشخاص على الأقل وأصيب أكثر من 70
سبعين آخرين جراء انفجار استهدف موكب إحياء لذكرى عاشوراء في مدينة
ديرا إسماعيل خان بشمال غرب باكستان، وكان 7 باكستانيين على الاقل
استشهدوا وجرح العشرات جراء اعتداء بتفجير عبوة ناسفة على جانب
طريق قرب موكب عزاء حسيني في مدينة دير اسماعيل ايضا.
وقد تبنت حركة طالبان باكستان ، هجوماً ثالثاً استهدف موكباً
للأقلية الشيعية خلال احياء ذكرى عاشوراء في منطقة القبائل (شمال
غرب)، وقال الناطق باسم الحركة احسان الله احسان: "نفذنا الهجوم
على الطائفة الشيعية"، مضيفاً: "بين 20 و25 انتحارياً مستعدون
لتفجير قنابل وتنفيذ عمليات، والحكومة لن تستطيع وقف هجماتنا"،
وكانت وزارة الداخلية شددت، بعد تبني الحركة اعتداءين على الاقلية
الشيعية تسببا في سقوط 25 قتيلاً في كراتشي وروالبندي، اجراءات
المراقبة الامنية لمواكب عاشوراء، وعلقت خدمات الهاتف النقال التي
تسمح بتفجير قنابل من بعد في مدن مختلفة.
وأظهرت التحقيقات الأولية في التفجير الجديد استخدام المنفذين
جهاز تحكم بالتلفزيون لتفجير عبوة زنتها بين 8 و10 كيلوغرامات وضعت
على جانب طريق، في ما اشارت وسائل اعلام الى ان فرق الإنقاذ عانت
من صعوبات بسبب انقطاع خدمات الهاتف الخليوي في المنطقة، وحذرت
معلومات استخباراتية من شن مزيد من الهجمات في الأيام المقبلة
بالعاصمة إسلام آباد وكراتشي وكويتا. وستقطع السلطات خدمة
الاتصالات بالهواتف الخليوية بالكامل لساعات في المدن الثلاث اليوم
بالتزامن مع ذكرى عاشوراء، علماً ان كراتشي شهدت خلال احتفال بذكرى
عاشوراء في كانون الاول (ديسمبر) 2009 تفجيراً انتحارياً اسفر عن
سقوط 43 قتيلاً.
ومع تزايد اعمال العنف الطائفية، انتقدت منظمة العفو الدولية
"السجل السيء للحكومة الباكستانية في تقديم الجناة ومحرضيهم الى
العدالة"، مشيرة الى ان 39 هجوماً على الاقل استهدف الشيعة هذه
السنة، وأدت الى سقوط حوالى 300 من اتباع الطائفة التي تشكل نسبة
20 في المئة من اجمالي السكان.
ايران
على صعيد ذو صلة احيا ملايين المسلمين في ايران زيارة العاشر من
محرم الحرام، وذكرى استشهاد الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي
طالب وسبط الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في واقعة الطف التي
حدثت عام 61 هجرية، وتشهد ايران في كافة محافظاتها إحياء مراسم
عاشوراء بإقامة مجالس العزاء التي تسترجع أهداف الثورة الحسينية
والظروف السياسية والاجتماعية التي كانت سائدة أثناءها.
البحرين والكويت
واحيا البحرينيون مراسم اليوم العاشر من محرم، بمواكب حسينية،
شهدتها مختلف أنحاء المملكة، فقد انطلقت مواكب العزاء واللطم، اثر
تلاوة المصرع الحسيني، بمشاركة شعبية تقدمها علماء الدين، وردد
خلالها المشاركون نداءات التلبية للرسول الأكرم محمد صل الله عليه
وآله وسلم ولحفيده الامام الحسين عليه السلام، وكانت ليلة العاشر
من محرم، شهدت موكباً حسينياً في وسط العاصمة المنامة، بمشاركة
كبار علماء الدين البحرينيين. والكويت بعاصمتها والعديد من مدنها
وقراها أحيت ذكرى عاشوراء بمجالس العزاء واللطم لمصاب اهل بيت رسول
الله (ص).
فرنسا
وفي فرنسا أقيمت مراسم العزاء في ايام شهر محرم الحرام، وأحيا
أبناء الجالية اللبنانية والإسلامية المجالس الحسينية في العاصمة
باريس بمشاركة حشد من المسلمين. |