الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

ثورة الطف... فيض الشهادة من مكة إلى كربلاء

 

شبكة النبأ: فاجعة كربلاء المتمثلة باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته الكرام وأصحابه المبجلين، كانت مصيبة عظيمة، أدمت القلوب، و أفجعت النفوس، وفجرّت العيون، ففي العاشر من محرّم، وعلى رمال كربلاء استشهد سبط الرسول وريحانته، ومصباح الهدى وسفينة النجاة، والقائل جدّه فيه: (حسين مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً)، وارتفعت روحه الطاهرة في هذا اليوم إلى خالقها لتشكوه غدر الغادرين وظلم العباد، ولقد شاء ربّ العزّة والجلالة أن تكون هذه الدماء الطاهرة الزكية الفاصل بين خندقيْن، خندق الحق والعدل والتضحية والصدق والشهادة من أجل إعلاء كلمة الله، ممثلاً بالإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الأفاضل، وبين خندق الظلم والكفر والضلالة والخسّة ممثلاً بيزيد وجنده وأتباعه الأراذل، ولقد شاءت الإرادة الإلهية أن تخط دماء الحسين الشريفة منهجاً ربانياً لكلّ مظلوم يريد التخلص من الظلم الواقع عليه، ولكلّ محروم يبحث عن حريته وكرامته وإنسانيته، ولكلّ ثائر يجاهد من أجل دينه وأمته وللتخلص من الاستبداد والعبودية.

لقد كانت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) كبيرة في معانيها، وعظيمة في دلالاتها، وكفاها عظمة وسمّواً إذ جعلت كلّ ثائر شجاع وعلى مر العصور أن يتمنى أن يكون مع الحسين، وأن يسير على نهج الحسين، ليفوز فوزاً عظيما، فانضوت في مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) أمم وشخصيات وثوار من خلال الجذوة التي ظلت مستعرة منذ انطلاقها من مكة إلى كربلاء وحتى عصرنا هذا، وأصبح كلّ ثائر يهرع إلى معين هذه الثورة الغنية بكل تراثها المعرفي والإنساني، ليتعلم منها دروساً في التضحية والشهادة والإقدام، وأصبح شعارات كلّ المتطلعين إلى غد حر آمن أمين: (يا لثارات الحسين).

في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) كانت النيّة صادقة، والصورة واضحة، والنتيجة معلومة، والطريق إلى الشهادة مكشوف، وهذا ما يتجلى في قول الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته لعمّه العباس (عليه السلام): (وانك مضيت على بصيرة من أمركَ مقتدياً بالصالحين ومتبّعاً للنبيين) (مفتاح الجنان ـ زيارة العباس)، ويتجلى هذا الموقف أكثر في مخاطبة الإمام الحسين (عليه السلام) لأصحابه: (أما بعد فأني لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله خير الجزاء، ألا وأظنّ يومنا من هؤلاء الأوغاد غداً، ألا وأني قد رأيتُ لكم، فانطلقوا جميعاً في حل، ليس عليكم منّي ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً) وبدلاً من أن يتخذ أصحابه من الليل جملاً، فقد ركبوا جمل المنايا تحت راية (الله أكبر) وخلف قيادة إمامهم، وقاتلوا قتالاً وقف التاريخ له إجلالا، حينما استشهد الواحد تلو الآخر، وفي قلوبهم إصرار لا يقهر، وفي نفوسهم ثبات لا يقاوم، واستطاعوا أن يحرقوا وثيقة التوقيع السوداء التي تهدف إلى مبايعة يزيد الطاغية الأرعن، والتي أحرقها قبلهم الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله: (ومثلي لا يبايع مثله)، وهكذا مضت ساعات الليل الأخيرة في كربلاء، ورجال الحسين وأهل بيته يعصرون الظلام وهم يرتلون آيات القرآن بقلوب مجروحة بسكاكين الغدر، وسواعدهم حاضنة لسيوفهم، وكلهم إيمان واستعداد لملاقاة الأعداء، وألسنة تلهج بالدعاء تارة، وأخرى تصرخ (لبيك يا حسين).

إننا إذ نستذكر ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، إنما نستذكر كلّ قيم البطولة والتضحية والفداء والشهادة، ونستنكر كلّ الأفعال القبيحة لمظاهر الظلم والعدوان والاستبداد، والى كل الممارسات التي تؤدي إلى تبذير أموال المسلمين، والى شراء الضمائر، وإشاعة مظاهر المجون والدعارة والانحراف، لأنّ ما يربطنا بثورة الإمام الحسين (عليه السلام) هو التجسيد الفعلي لتلك القيم التي أفرزتها هذه الثورة المباركة، والتي أول من استوعب دروسها، وسار على هداها، وعمقّ مساراتها، هي العقيلة زينب (عليها السلام) فأصبحت القدوة والفنار، عندما وقفت أما الحاكم المتغطرس يزيد بكل شموخ وإباء، صائحة به:

(أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنأن، والاحن والأضغان)

هكذا يكون المنطق الشجاع الذي لا يعرف الالتواء والخنوع، وهكذا تكون الشخصية عندما تفيض بنور الله، وهكذا تكون الإرادة فاعلة عندما تستند إلى الإيمان.

لقد كانت رمال كربلاء حاضرة حتى يومنا هذا، وهي تروي للأجيال ملحمة الإمام الحسين (عليه السلام) مع كوكبة من أهله وأصحابه الكرام، الذين استطاعوا أن يخلقوا حياة، ويغيّروا تاريخاً، ويكتبوا بدمائهم الزكية الطاهرة منهجاً.

السلام عليك يا أبا الأحرار والشهداء والثوار يوم ولدتَ ويوم خرجتَ ويوم استشهدتَ ويوم تبعث حيّا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/تشرين الثاني/2012 - 11/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2012م

[email protected]