الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1433 هـ
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الامام الحسين (ع) ومنهجية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

قراءة معاصرة للسيد مرتضى الشيرازي

 

شبكة النبأ: يقول الإمام الحسين عليه الصلاة وأزكى السلام عن فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر: (اعتبروا أيها الناس بما وعض الله به أوليائه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول: يقول الله سبحانه وتعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت) ويقول - هذه تتمة لكلام الإمام الحسين عليه الصلاة وازكي السلام - المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

ويعلق آية الله السيد مرتضى الشيرازي على هذا الكلام بقوله: بدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فريضةً منه لعلمه بانها إذا أديت وأقيمت، أقامت الفرائض كلها، هينها وصعبها، لعلمه بانها إذا أديت - هذه الفريضة- استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها). وهنا حقائق ودقائق في كلام الإمام الحسين عليه الصلاة وأزكى السلام: فقد بدأ الامام عليه الصلاة والسلام حديثه: (اعتبروا أيها الناس..) فالإمام يخاطب الناس، وليس لفئة أو فصيل من الناس، كما في الآية القرآنية الكريمة: (اعتبروا يا أولي الأبصار)، ولم يقل الإمام الحسين عليه الصلاة وأزكى السلام: اعتبروا يا أولي الأبصار.. أو يا أولي الألباب.. إنما قال: (اعتبروا أيها الناس..)، و(الناس) شعار، يشمل الرجل والمرأة. المثقف والجاهل، العالم والمفكر، فهو يشمل مختلف أصناف المجتمع بشتى فئاتهم ومستوياتهم، لان ما أُمر بالاعتبار، يكون عاماً، وهذا يؤكد ويدل على ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ عام، على الجميع أداء الفريضتين، ولذا صار الخطاب لكل الناس. فحتى الانسان الجاهل مأمور بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

وربما يكون الخطاب موجه لكل البشرية، ليس للمسلمين فحسب، أي حتى الكفار و المشركين والمجوس والنصارى واليهود والوثنيين وجميع اصحاب الديانات، معنيين بهذا الخطاب، لأنهم مكلفون بالفروع كما هم مكلفون بالأصول، ولان المحتوى عام، وهذا بمعنى؛ إذا أقيم الأمر بالمعروف في أي مجتمع، فإنه يستقيم، أما في غير ذلك، كأن ينتشر فيه الفساد المالي، الانحلال الخلقي، وتسود فيه الجريمة، فانه يواجه الانهيار والدمار.

ويضيف السيد مرتضى الشيرازي ان الأمر بالمعروف هو المفتاح، وهو عمود الخيمة، و هو بمنزلة القلب، فإذا يتوقف عن العمل، ينهار البدن كله، كذلك الحال بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع، فاذا تعطل، سيتعرض المجتمع ونظامه للتصدّع و الدمار، كما هو عمود الخيمة عندما ينكسر او يتحطم، فمن المؤكد ان تنهار الخيمة.

من هنا يقول الإمام الحسين عليه الصلاة وأزكى السلام: (فبدأ الله بالأمر بالمعروف في الآية: (المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله)، وهذا يدلّنا على أن طاعة الله ورسوله، مرهونة بتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاذا سادت الفريضتان، فان الناس سيطيعون الله ورسوله، والعكس بالعكس، فاذا ساد المنكر، لن يطيع الناس الله و رسوله، ولن يلتزموا بالصلاة ولا الزكاة. فبتراجع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يسود عالم الجريمة والفساد المالي والخُلقي، كما تسود الدكتاتورية والإرهاب والاستبداد.

ويستدل السيد مرتضى الشيرازي على ذلك بذكر أهم إحصائيتين في بلد إسلامي وعربي، والمصدر رسمي، ففي سنة واحدة بلغت حالات الرشوة والاختلاسات وعمليات الغش والاحتيال، في الجهاز الحكومي وحده، (365) ألف حالة، طبعاً، هذا ما تمكنوا من إحصائه، وما خفي أعظم، والسبب أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا البلد الاسلامي لم تقُم له قائمة. واليوم؛ لا وجود للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى العوائل، او على مستوى التنظيمات والمجتمعات والنقابات والأحزاب والحكومة أيضاً، فمن يريد الاعتراض يتعرض للكبت والقمع. والمثال الآخر فلسطين المحتلة.. فمنذ عام 1967 وحتى الآن، بلغ عدد الذين أودعوا السجن من أهالي فلسطين المحتلة، على يد الكيان الصهيوني الغاصب والظالم نسبة خمسة وعشرين بالمائة من الشعب الفلسطيني، وهذا دليل على أن تراجع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المحلي، حيث يسود الفساد وتنتشر السجون، وتكون المقابر مأوى الأحرار، فان المجتمع الدولي سينهار ايضاً.

ويرى السيد مرتضى الشيرازي ان هنالك العديد من الآيات الدالة والآمرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن المشكلة في تهميش الناس لها، وعدم أخذها على محمل الواجب والوظيفة بالأساس، في حين انها واجبة كما الصلاة، وكما ان تارك الخمس والحج والزكاة، يكون عاصياً، أو إذا رأى معصية أو جريمة أو حالات استبداد وكتب للحريات، أو هتك لحرمة أهل البيت عليهم السلام، كما حصل الروضة العسكرية في سامراء، فانه يكون عاصياً و آثماً، ويكون كذلك ايضاً إذا لم يأمر بالمعروف دائما، ويأمر بالحرية وبالشورى وبالأخوة والوحدة الإسلامية وبالعدل والإحسان وبالمودة للقربى، امتثالاً للآية الكريمة: (قل ما سائلكم عليه من اجر إلا المودة في القربى).

وبشير السيد مرتضى الشيرازي الى اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اقتصاديا بذكر مثال على ذلك بقوله ان هنالك مؤسسة معروفة، باسم (ميرلنش العالمية)، هذه المؤسسة توجهت لإحصاء أثرياء العالم، فاعدّت تقريراً تقول فيه: ان أثرياء العالم يملكون من الثروة ما يعادل سبعة وثلاثين فاصلة اثنين ترليون دولار، أي سبع وثلاثين تريليون وميتين مليار دولار، وهو رقم خيالي حقاً، بالمقابل نجد حسب بعض الاحصائات الرسمية ثلاثة مليار فقير في العالم، كما قدرت هذه المؤسسة عدد أثرياء العالم الذين يملكون هذه الثروات بتسعة ملايين وخمسمائة ألف إنسان فقط، وهذا بسبب أن الأمر بالمعروف اقتصادياً والنهي عن المنكر اقتصاديا غير سائد في المجتمع، فالأثرياء يزدادون ثراءً فيما الفقراء يزدادون فقراً، وإلا إذا كان الأمر بالمعروف سائد في البعد الاقتصادي، وكان الناس يؤدون الزكاة الخمس والإنفاق وغير ذلك باجمعهم، لم يكن حال المجتمع كما هو عليه اليوم، ولم يكن للاحتكار وجود، ولم تكن تلك المضاربات التي تحدث في سوق الأسهم التي تؤدي بحياة الكثير من اصحابها، ولم تتعرض عشرات بل مئات الآلاف من العوائل للفقر المفاجئ.

ويضيف ان الإمام يقول: إذا أقيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أقيم الدين بأجمعه وأقيم الوجدان وأقيم الضمير وأقيم المجتمع السليم أيضا، وإذا لم يقاما انهدم الدين انهدم المجتمع وتحطم وتآكل، فعلينا جميعا ان نلتزم بأمر الله سبحانه وتعالى وبإرشاد الإمام الحسين عليه الصلاة وأزكى السلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/تشرين الثاني/2012 - 11/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1434هـ  /  1999- 2012م

[email protected]