اما مدرسة الحسين عليه السلام فإنها تمزج بين الدروس النظرية
والعملية ولجميع مراحلها الدراسية (الابتدائية والثانوية
والجامعية)، ويقبل في تلك المدرسة من يحترم حياة الثائرين، ويفشل
فيها من يكره موت المصلحين، وعلى من يدخل في تلك المدرسة ان يحفظ
عن ظهر قلب وضمير ووجدان ما كتب على بابها قبل اكثر من الف
وثلاثمائة سنة (من التحق بنا استشهد ومن تخلف لم يدرك الفتح).
اما الذين يستمرون في تلك المدرسة فــلابد انهم يمتلكون
المؤهلات الخاصة وتتوفر لديهم معدلات عالية في الولاء والحب لتنطبق
عليهم شروط امامهم (من كان باذلا فينا مهجته وموطنا الى لقاء الله
نفسه).
وقد يصبح اشخاص معيدين في تلك المدرسة ومنهم من يحصل على شهادة
الدكتوراه خاصة الذين يعرفون السر الالهي بين ما كان يردده النبي
الخاتم (اللهم اغفر لقومي انهم لا يعلمون) وبين بكاء الامام الحسين
على من سيقتله فيما بعد (ابكي على هؤلاء القوم الذين سيدخلون النار
بسببي).
نعم ادارة المدرسة لا تستقبل البخلاء والمترددين والذين يقبلون
بالامر الواقع ويهادنون السلطان وايديهم ملطخة بموائده النتنة ؛
لان استمارة القبول للانتماء للحسين تشترط ان يتمتع الطالب بالفداء
والعطاء ونكران الذات وحب الحرية ونبذ الظلم والطغيان اياً كان
مصدره، وهي تحتاج الى معدلات كبيرة في التوحيد وهو الذوبان في رب
الحسين الذي اعطا للحسين كل شيء.
دروس المدرسة الحسينية لا تتعدى الحب والفضيلة وصناعة حياة
جديرة بالعيش في ظل العدل والحرية والرخاء، بعيدا عن الفراعنة
والظلمة دعاة الفقر وانصاف الطغاة، وشهادة التخرج لا تمنح الا لمن
يرتوي من مقولة السيدة زينب عندما قال لها امير المجرمين يزيد (كيف
وجدتي فعل الله بكم؟ قالت: ما رأيت إلا جميلا، والحمد لله الذي مّن
علينا بنبيه الخاتم؛ لذلك فأن مقررات الدراسة الابتدائية فيها تقول
"اذا كان الاسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء فأن عاشوراء حسيني
الحدث وزينبي البقاء.
ويتم في المدرسة تخريج دفعات كبيرة من الملاكات الحسينية التي
تخدم قضيته في الميدان وخاصة ايام الفجيعة سواء في العاشر من محرم
ام في العشرين من صفر، فاذا ما كُلفوا في المواكب الخدمية فان
ادارة المدرسة تتحدى اي "كادر" في العالم يعمل ويجد في الليل او في
النهار ويخدم ولا يعرف الملل والكسل والفساد والمحسوبية كما هم،
وتتحدى اكبر المؤسسات في العالم بتخصيص الاموال لإقامة المناسبات
لأية شخصية في الكرة الارضية كما يرصدون هم.
وعلى الطالب ان يجيد لغات العالم اجمع وخاصة المفردات الخاصة
بحب الحسين والبراءة من المجرمين اعدائه، فاذا ما وفق لزيارة سيد
الشهداء فعليه ان لا يتعجب اذا ما وقف بجانبه جميع خلق الله، وتفوح
منهم جميعا رائحة العنبر، وهم يبكون او وهم يرددون بالسنة شتى
وقلوب واحدة (لبيك ياحسين).
ومعروف ان عميد المدرسة هو ابو الفضل العباس والسيدة زينب اما
مدرسيها الدائمون فهم مسلم بن عقيل وعلي الاكبر وزهير بن القين
وحبيب ابن مظاهر والمختار الثقفي وعابس الشاكري والحر الرياحي ووهب
وشوذب وشبيب وبرير ومسلم بن عوسجه وهاني بن عروة ووهب بن حباب
الكلبي وعمر بن خالد الصيداوي واخرون لا اعرفهم.
قال لي صديقي: هل انت منتمي لتلك المدرسة؟ قلتُ انا استحي ان
املي استمارة القبول حتى يوفقني الله ان اقتل ألف يزيد في داخلي.
hamedalhumraney@yahoo.com |