الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء ثورة من اجل الدستور

رسول الحجامي

يعيش الإنسان اليوم في عالم متقارب ومتواصل ومتداخل في مجال الاقتصاد والسياسة والاتصال، وحتى في تفشي الأزمات والأمراض، ولا توجد حقيقة أسوار يمكن أن تبعث روح الانعزال في عالم اجتاحه طوفان العولمة منذ أكثر من عقدين وأصبح أكثر الظواهر واقعية في عالمنا المعاصر.

ودستور الإنسان المؤمن ليس في شكل ونظام الدولة، وإنما في هويتها الإنسانية ومدى انطلاقها من حقيقة الفلسفة الأولى للخلق، لكن هذا لا يعني غياب نظرية للحكم، بل توجد لدى المؤمن أرقى نظريات الحكم وأكثرها تطورا، لأنها لا تنطلق من قوة فرض القانون بل من الإيمان به.

ودستور الإنسان المؤمن القران الكريم يعيش به ويعيش له.. آصرة الإيمان تربطه بقوة إليه بالرغم من تغير الأزمان والأمكنة والنظم والحكام والدول.. انه دستوره الشامل والمتكامل للحياة في الأسرة والبيت والشارع والعمل والوطن..

فالمؤمن لا يسرق سواء كان تحت حكم ملكي أو جمهوري أو يعيش بلا قانون، لان قانونه مرتبط بديمومة علاقته بالله وليس بوجود القانون أو القوة التي تفرضه.

دستوره القران وهو دستور دائم وأزلي مكنون في فؤاده ومتجسد في سلوكه وأعماله، لذا فان كل مساس بهذا الدستور هو مساس لذات المؤمن وتهديم لها وتقويض لمشروعه في الحياة بسلام.

من هنا نفهم لماذا ضحى الإمام الحسين ومن ساروا في قافلة الشهادة بدمائهم وبكل ما يملكون في سبيل الدفاع عن القرآن، ولماذا واجه الإمام علي والحسن والحسين المؤامرة الأموية مواجهة الحياة والموت واختيار طريق الشهادة للحفاظ على دستور الإنسان المؤمن الى يوم القيامة.

والأمويون هو عنوان يجمع كل القوى التي ناصبت الإسلام العداء في حياة النبي محمد واستمرت بالتآمر على الإسلام بعد فتح مكة بقيادة بني أمية، وهذا الخط وجد في مواجهته آل بيت النبوة متصدين للدفاع عن الإسلام ورسالته، وهناك من يطلق تعبير قريش المشركة (التي ناصبت الرسول العداء الى فتح مكة) وقريش المسلمة (والتي دخلت الإسلام مستسلمة تتحين الفرص لضرب الإسلام من الداخل، وان كان عنوان قريش المنافقة أكثر انسجاما مع الإشارات القرآنية) وكما نلاحظ ان المصطلحين يشيران الى قريش في مرحلتين تاريخيتين مختلفتين.

فبعد فتح مكة وانتصار الدعوة الإسلامية وانتشار الإسلام في أقطار جزيرة العرب ودخول فلول المشركين تحت خيمة الإسلام، أصبحت هناك مجموعة من التيارات التي أخرجت المجتمع الإسلامي من سكونه واستقراره، ومن أبرزها:

الأول: المخلصين للقران والسنة النبوية، وقد تجلى إخلاصهم في الدفاع عنهما وبذل الغالي والنفيس في الصد عنهما من تضليل المضللين وتشويه المزيفين ومؤامرات الحاقدين، بالرغم من المجازر والظلم الذي تعرض له هذه الفئة إلا إنهم كانوا الأمناء والحافظين، وهم آل بيت النبوة والنخبة الجليلة من أصحاب رسول الله وحواري أمير المؤمنين وأنصار أبي عبد الله الحسين وشيعتهم وأتباعهم ومواليهم ومن سار على نهجهم ومنهاجهم.

الثاني: المنافقون من المتسترين بالإسلام الذين كانوا يكيدون المكائد للمسلمين ويعملون عمل الطابور الخامس، ويخططون للتآمر على الإسلام حسدا وبغضا.

الثالث: طبقة الطامعين من المسلمين الذين توهموا إنهم قدموا الكثير للإسلام، وقد حان الوقت لكي يغنموا ويغتنوا وتكون لهم السلطة والحظوة والمناصب، وهذه الطبقة تظهر بصور طبيعية بعد الثورات والانقلابات ذات المنحى الدنيوي، أما الدعوة الإسلامية فهي دعوة إلهية يؤجر فيها الإنسان بقيمته الإنسانية وباجر الهي أخروي، وليس كما تهافت بعض الصحابة على الأموال وحطام الدنيا الى الحد الذي افقدهم القدرة على تمييز الحق والباطل، وأصبحوا يغتصبون الحقوق ويتصارعون على المناصب مما مهد للأمويين غيرهم الطمع من جديد بحلم تحطم الإسلام والقضاء على دستوره القران والسنة النبوية.

الرابع: الأمويون ومن تبعهم من فلول المشركين، وهؤلاء قد بدأوا مخططا جديدا لا يقوم على مواجهة الإسلام من الخارج بل التآمر عليه لتهديمه من الداخل، وبالطبع فان من يريد أن يقوض امة من الداخل فانه عادة ما يبدأ بخطوات تمهيدية وصولا الى الهدف النهائي الكبير، وكانت من ابرز الخطوات التمهيدية للأمويين هي:

1- جر القيادات الإسلامية الى نكوص أولي (فكري وعقائدي) تمثل في قضية السقيفة والتي أعطت الضوء الأخضر بارتكاب مجزرة كربلاء وارتكاب كل مجازر الحكام الظالمين في تاريخ المسلمين، وللحقيقة فان السقيفة كانت الانقلاب القريشي الذي كان يتوجس منه الرسول (ص واله) وكان يحذر صحابته منه ويعدهم لمواجهته، فالانتصار في معركة بدر لم يكن سوى بداية الحرب ضد قوى الشر والظلم والجاهلية، ولم يكن تحرير مكة سوى إيقاظ لقوى العبودية والاستكبار الى التهديد الحقيقي الذي يمثله الإسلام.

2- إبعاد الشخصيات الإسلامية المخلصة عن المناصب الحكومية ومراكز القرار واستبدالها بقيادات المشروع المعادي للإسلام (كما في تسليم بلاد الشام لمعاوية بن ابي سفيان وتسليم قيادات الجيش الإسلامي ومراكز القرار لمثل عبد الله بن أبي سراح خائن الوحي ومروان ابن الحكم طريد النبي).

3- السيطرة على مفاصل الدولة ومراكز صنع القرار كما حدث في عهد الخليفة عثمان بن عفان.

4- القضاء على الخط المتصدي للدفاع عن الدستور الإسلامي و المتمثل بال البيت خصوصا بعد أن تمكنت قريش المسلمة من بناء قوة عسكرية موالية لها وأجهزة قمعية متحكمة بها وسيطرت على مقدرات الأمة الاقتصادية.

ولا نردد بان التاريخ يعيد نفسه، وان تلك الخطوات التمهيدية للانقلاب على الدستور أو تكميم الشعوب لإسكاتها عن المطالبة به تتكرر الآن ونعيش إرهاصاتها، بل إننا نعتقد إن تفسير ذلك بارتباط سلطة الشر بالتوحش، فالشر لا يستطيع أن يبني سلطته إلا في عالم يسوده العبث/الظلم، تتسيده غرائز العدوان وسفك الدماء والإفساد، لذا نرى الحكومات الأموية اليوم تستفز من كل مطالبة بالدستور حتى ولو لم يكن هذا الدستور له صلة بالدستور الإلهي الحق، بل تقتل وعلى مرأى العالم الجماهير المطالبة به، بل وتسحقهم بالدبابات كما حدث في البحرين ودول إسلامية أخرى.

ويبدو إن المخطط الأموي كان ينتظر ويراقب أن تثور الأمة على عثمان ومن ثم القضاء الى الثورة الشعبية العفوية ومن ثم الانقلاب على الدستور الإسلامي وعلى من يحاول التصدي للحكم الإسلامي ممن هو خارج خط قريش المنافقة، غير إن ذلك لن يتم بالشكل المحسوب له فالأمة الإسلامية ثارت على عثمان الأموي وتركت من كان يؤلب الناس على عثمان من وجوه قريش كطلحة والزبير وعمر بن العاص وغيرهم ممن كان يطمع بحصة في الملك، ومن كانت تشك بنواياه جماهير الثوار وترتاب من سلوكه وأفعاله، فتوجهت الأمة الى الإمام الشرعي الناطق بالقران والمدافع عن السنة النبوية..

توجهت الأمة الى الإمام الذي رفض الخلافة حتى لا يشرك بسنة الرسول أحدا...

 توجهت الى الإمام الذي طالب بحقوق الجماهير طوال عهد الخلفاء السابقين، وهو الإمام علي وهذه الخطوة المفاجئة من الأمة أدت الى اضطراب المعسكر الآخر فخاض حربين كبيرتين ضد أمير المؤمنين (الجمل وصفين) في مخطط بديل يستهدف الى تمزيق الأمة وتجزئتها، فكان هناك مخطط لكي يعصي الزبير في الكوفة، ويعصي طلحة وعائشة في البصرة، ويعصي معاوية في الشام، ويعصي عمال وولاة عثمان في مناصبهم.

ثم وبعد استشهاد الإمام علي بدأ معاوية يتوجه جديا الى إعادة كتابة نسخة من الإسلام حسب الطريقة الأموية (ومن ذلك منع الحجيج من التوجه الى مكة وتسييرهم للحج الى بيت المقدس) غير الإمام الحسن كان يدرك إن الهدف النهائي للمخطط الأموي لا ينتهي بالملك، وإنما هدفه هو التلاعب بدستور الأمة، والتلاعب بمصادرها التشريعية، وان المعركة ليست معركة من اجل الوصول الى السلطة، بل معركة من اجل الحفاظ على مصادر التشريع وهي القران والسنة النبوية والمعركة هي من اجل الوصول الى الوعي وفضح المشروع التآمري ضد الإسلام،.

وما يقال عن حلم معاوية وصبره ومدارات الناس ما هو إلا تزييف للسلوك الأموي الذي سعى لعدم لفت انتباه الأمة لما يحدث من مؤامرات ضدها، خصوصا خلال العشر سنوات بعد صلح الإمام الحسن، وبالمقابل فان السلطة الأموية أدركت (وبعد فوات الأوان)إن صلح الحسن(ع) كان قيدا أوقف كل مخططاتها ضد الإسلام وجعلها تعود تعمل في الزوايا المظلمة، ووصل الرعب لمعاوية الى الحد الذي دفعه الى تصفية الإمام الحسن وقتله بالسم.

وتخلص معاوية من الحسن(ع)، وتخلص بذلك من قيد ثقيل كان يحبس يديه من البطش بالعلماء ورجالات الإسلام العظيمة، وبدا الطريق أمامه سالكا لتنفيذ جرائمه الكبرى بحق الإسلام والأمة، وبهذا وجد الحسين(ع) نفسه وهو في منصب الإمامة أمام مواجهة حتمية ومصيرية في الدفاع عن دستور الأمة ووعي الأمة بما تتعرض له.

وكان المخطط الأموي يهدف الى:

1- الالتفاف حول القران من خلال التأويل المنحرف وأحكامه، وقد أشار الصحابي الكبير عمار بن ياسر في معركة صفين قبل استشهاده إن هذه المعركة هي من اجل التأويل كما كانت معارك الرسول من اجل التنزيل (القران).

وبذا ارتجز عمار قتيل الفئة الباغية كما وصفه الرسول في صفين

نحن قتلناكم على تأويله***كما قاتلناكم على تنزيله

ضربا يزيل الهمام عن مقيله***ويذهل الخليل عن خليله

(راجع تاريخ ابن الوردي ج1 ص 159)

فالهدف هو أن يفرغوا القران من محتواه، وان يعطلوا وظيفته في بناء الإنسان والمجتمع، وان يستخدموه لأغراضهم وان يجعلونه ضمن وسائلهم للسيطرة على الأمة، كما رفعوه على أسنة الرماح في هزيمتهم في معركة صفين، وجعلوه جزء من خدعة اشتقوا بها وعي الأمة، ويمنعوا الأمة والأجيال القادمة من التعرف على القرآن الناطق ومن يتجسد بهم السلوك القرآني من الأئمة المعصومين عليهم السلام.

2- تضليل الأمة عن السنة النبوية الصحيحة:

وذلك عبر تنفيذ الإجراءات التالية:

أ‌- تعزيز إجراء منع تدوين السنة الذي قال به عمر بن الخطاب وسار عليه عثمان بن عفان (وهذا ييسر عملية ضياع السنة النبوية وتشويهها).

ب‌- وضع الأحاديث المكذوبة والتي كان الهدف منها:

- وضع أحاديث معارضة للسنة النبوية وذلك لإيجاد أكثر من خيار في العمل ثم ترجيح السنة المكذوبة بتوجيه السلطة.

- وضع أحاديث تساند وتؤكد أطروحات السياسية الأموية في الحكم من قبيل مثل هذا، الأحاديث الموضوعة كما رواه مسلم في صحيحه عن حذيفة قال:

(قال رسول الله يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم منهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس.

قال: قلت: كيف اصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟

قال: تسمع وتطيع للأمير، وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع وأطع)

(مختصر صحيح البخاري 3/1319، صحيح مسلم 3/1476).

ومعاوية يقدم نفسه خليفة الله كما يقول في إحدى خطبه (الأرض لله، وأنا خليفة الله فما أخذت في، وما تركبه للناس فبفضل مني) (انساب الأشراف ق4 ج1 /20)

فمعاوية ينفي حقوق وجود امة مسلمة و يضرب بعرض الحائط دستورها، فالأرض كما هي عليه بعض الدول ملكا صرفا للسلطان وأبناء وبنات السلطان، بل تعدى الأمر فأصبحت فرس الملك وبعير الأمير أعظم كرامة وحقوق من امة وشعب عريق.

يقول الشاعر:

فالأرض لله ولاها خليفة - وصاحب الله فيها غير مغلوب

فأصبح الله ولي الأمر خيرهم - بعد اختلاف وصدع غير مشعوب

وقال مسكين الدرامي بوق الضلالة الأموية يستحث معاوية على ترشيح يزيد لحكم الأمة الإسلامية:

بني خلفاء الله مهلا فإنما – يبؤها الرحمن حيث يريد

إذا المنبر الغربي خلاه ربه – فان أمير المؤمنين يزيد

(الأغاني 2/212)

ومن المضحكات بل المبكيات أن يستهزئ الأمويون الجدد بالوعي الإسلامي المعاصر، فيكتبون التاريخ بصورة لم يحلم بها معاوية نفسه، فيصورون بان تسلط معاوية على رقاب المسلمين كأنه حدث فجأة، بأمر الهي، بل قل معجزة إلهية، فقد كان معاوية عائدا الى بيته فوجد نفسه خليفة الله، وكأن معاوية لم يلم شتات شراذم الطغاة فيؤسس له في الشام وعلى مدى عشرين عاما اكبر قوة عسكرية وأكثر النظم القمعية ووحشية، ولم يمارس على ارض الشام لعقود سياسة التعمية والتضليل الى الحد الذي تذكر فيه بعض الروايات انه لما استوثق الأمر لأبي العباس السفاح (أول ملوك بني عباس) إليه عشرة من أمراء الشام فحلفوا له بالله وبطلاق نسائهم وبإيمان البيعة بأنهم لا يعلمون – الى أن قتل مروان بن الحكم - إن لرسول الله (ص) أهل ولا قرابة غير بني أمية.

وإذا كان الأمويون في عهد الخلفاء (عهد عثمان بن عفان) قد رفعوا شعار(السواد-العراق-بستان قريش) يسرحون فيه ويمرحون ويتصرفون فيه وبمواطنيه ما يشاءون، فأنهم في عهد دولتهم قد حولوا البيعة من مفهومها الإسلامي الإنساني الممتلئ بالقيم النبيلة الى عملية استعباد مقززة يستعبدون بها الأمة ويستحوذون على مقدراتها، فيروي الطبري في تاريخه، إن مسلم بن عقبة وهو احد جلاوزة الطاغوت الأموي، اخذ بيعة أهل مدينة رسول الله على إنهم عبيد للسلطان الأموي يزيد، وقد رفض بن وهب بن زمعة أن يبايع على سنة عمر بن الخطاب، فأمر بقتله فاعتذر بن وهب وتراجع عن موقفه وقبل على بيعة العبودية، فلم يقبل عذره فقطعت عنقه)(تاريخ الطبري ج5 ص 493 سنة 62)

ربما من يقرأ هذه الأسطر سوف يلاحظ من أين أتتنا سياسية أنت وما تملك للسلطة، وأخنع للسلطة وان ضربتك على ظهرك أي مسحت بكرامتك الأرض ونهبت مالك وبالطبع يتداخل عرضك وشرفك بين الاثنين، فحقوق الإنسان بدعة، وحقوق المسلم بدعة وضلالة، وحقوق الأمة نقض لسلطة الله الذي جعل علينا أمثال سلاطين بني أمية وأتباعهم !!! بل يكتب عبد الملك بن مروان الى الحجاج شارحا له سياسية التعامل مع الأمة فيأمره: إن جمر أهل العراق، وتابع عليهم البعوث، واستعن عليهم بالفقر، فانه جند الله الأكبر..) وبقية الكتاب توضح لنا جانبا مهما من السياسات المستخدمة اليوم ضد أبناء الشعوب العربية والإسلامية وتبين لنا إن أساليب سلطة الشر والتوحش ما تزل تفعل فعلها على نحو تفصيلي لدى شعوبنا، وارج وان يلاحظ كل الباحثين عن سبب فقر المسلمين وخصوصا ممن يعانون من الأمويين الجدد إن ذلك التفقير للمؤمنين هو نظرية أصيلة في تاريخ التاريخ الأموي لتركيع الأمة الإسلامية وإذلالها وما تزل فاعلة ومتداولة لدى الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة.

 جـ - وضع أحاديث تشوه مكانة آل البيت واختلاق أحاديث حول مناقب معاوية ويزيد وبني أمية.

 3-قتل ونفي وصلب وتشريد الصحابة وتلامذة أمير المؤمنين من التابعين ومن أبرزهم:

- حجر بن عدي: صحابي جليل ثقة كان صالحا عابدا شريفا مطاعا شهد واقعة القادسية وشهد مع مالك الاشتر موت أبي ذر الغفاري في منفاه بالربذة وشهد حربي الجمل وصفين والنهروان، وقتله معاوية صبرا بحرج عذراء.

- أصحاب حجر بن عدي وهم من القراء ورواة الحديث قتلهم معاوية صبرا مع حجر ما عدا اثنان احدهم شفع فيه فنفي الى أن مات والآخر ارجع الى زياد بن أبيه ليعذب ويدفن حيا في قس الناطف. (تاريخ الطبري ج/5 ص 277 حوادث سنة 51).

- قتل عمرو بن الحمق الخزاعي صحابي وأحد تلامذة أمير المؤمنين طاردته الأجهزة القمعية فهرب فالقي القبض على زوجته آمنة بنت الشريد فسجنها معاوية الى ان القي القبض على الصحابي ابن عمرو الخزاعي وقتل في الموصل واهدي رأسه الى معاوية وهو أول رأس اهدي في الإسلام. ثم بعث معاوية رأس الصحابي الشهيد الى زوجته في السجن.

- رشيد الهجري: كان ممن صلبه زياد على باب عمرو بن صريت وقطع لسانه لأنه كان يتحدث بفضائل علي (ع).

هناك آلاف الأسماء التي حفظها لنا التاريخ ممن صلب أو نفي أو دفن حيا وعشرات الآلاف ممن سجن ونهب ماله أو هدمت داره.

ويصور لنا الإمام الباقر عليه السلام تلك المحنة بقوله: قتلت شيعتنا بكل بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره.

قام معاوية بهذه الجرائم وتنفيذ سياسته القمعية بعد استشهاد الإمام الحسن (ع) مباشرة مرتكزا على:

1- أجهزة قمعية وحشية قوية.

2- بناء طبقة جديدة من وجوه المجتمع في العراق (الكوفة والبصرة) والحجاز (مكة والمدينة) من أتباع السلطة والمؤيدين لها والمسوغين لكل جرائمها والمثبطين عزم الجماهير في مواجهتها.

3- جهاز إعلامي ودعائي يقوم باختلاق الأحاديث النبوية وتأويلات السلطة على نص القران وحجب الأمة عن مصادر الحديث والتأويل السليم وهم آل البيت.

4- استغلال الأمة وإنهاكها بالفتوحات ومطاردة الخوارج وإرسال أهل الفكر والرأي الى الثغور.

5- تهجير الشيعة من العراق (الكوفة والبصرة) الى بلاد فارس.

6- إدخال حياة اللهو والمجون الى مكة والمدينة.

7- محاولة السلطة المركزية البراءة مما حدث من قمع في أطراف الدولة الإسلامية وإظهار معاوية بالسلطان الحليم من خلال عشرات المواقف الممسرحة التي تظهر حلمه وصبره على الرعية.

والمفارقة إن هذه السياسات السلطوية ما تزال سائدة في بعض بلداننا بتفاصيلها الدقيقة فإزاحة الشيعة عن الديوان ومحوهم من ديوان عرفاء الجند، وعدم قبولهم في البعوث الغازية في الفتوح يطابق بصورة دقيقة إجراءات بعض حكوماتنا في إبعاد الشيعة في الحصول على ولو رتبة ضابط صغير في الجيش أو الشرطة وتغييبهم عن جميع مفاصل الدولة، لأنهم ما يزالون مواطنين من الدرجة الثالثة بحسب السياسة الأموية، فهل ننتظر ممن يسير على نهج الأمويين ويطبق سياستهم في هدم الرسالة واستبعاد الأمة أن ينشرح لسماعه خطب عاشوراء ويبتهج بمسيرات البراءة من الظالمين و المنحرفين.

وكما قلنا في أكثر من موضع: نحن لا نكتب من اجل أن نضيف بحثا تاريخيا في أحداث عاشوراء بل نريد أن نفهم واقعنا من خلال انتمائنا لعاشوراء وقيمها ومبادئها ورمزها الاستشهادي الخالد: الإمام الحسين (ع).

فالسياسة الأموية كانت تستهدف الدستور الأمة (القران – السنة – الناطق بها)

وهي معركة ما تزال قائمة بين سلطات أبعدت العمل بالدستور الإلهي للأمة الإسلامية (سواء من خلال تحريف التأويل أو تأطير التنزيل في زوايا الجوامع) وبين من يعدون دستور الأمة (القران–السنة – الخط الذي دافع عنها) منهجا للحياة ونمطا حضاريا لبناء الفرد والجماعة.

إن من طبيعة السلطات الظالمة و المنحرفة أن تتمرد على الدستور لأنها تجد فيه قيدا يحد من شهوتها العبثية وغرائزها البدائية ويجعلها في مواجهة قيم وحقوق كانت تريد الوصول الى السلطة لتسحقها وتصادرها.

فالدكتاتورية لا يمكنها أن تعيش ولو ليوم واحد تحت خيمة الدستور وسلاطين اليوم يضيقون ذرعا حتى بالدساتير الوضعية التي تهدر، كثيرا من القيم والمبادئ الإنسانية وتغفل عن جماعة من حقوق الأفراد و الجماعات، فالسلطان عندنا يحن كثيرا لنظرية السلطة المطلقة التي أتى بها معاوية حينما أعطى لنفسه الحق أن يكون خليفة الله (و ليس حتى خليفة رسول الله).

وان كل تصرفاته هي بمشيئة الله فلا سنة نبوية تمنعه ولا قران يردعه ومن يرد على السلطان فالى حبل المشنقة مورده.

إن واحدة من أهم مرتكزات ثورة عاشوراء هي بناء إنسان قادر على الالتزام بدستور الأمة ومنهجا في الحياة، إنسان يسعى لان يعيد بناء أمته وفقا لمنظومة القيم الأخلاقية التي جاءت بها الرسالة الإسلامية، ويعيد من خلالها كرامة وحقوق الجماهير المسلمة التي أهدرها أئمة الضلالة وحكام الجور، ويعاضد الآخر في بناء وطن يتسع للجميع وتحفظ فيه حقوق الجميع على أساس العدل والإنصاف والإحسان.

فعاشوراء تحيي في الأفراد والجماعات و الجماهير ذلك النزوع العقائدي لبناء المجتمع على قيم القران والسنة النبوية الأصيلة و التشبع بالسلوك الإيماني للأئمة الأطهار عليهم السلام.

rasolalhajame@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/كانون الأول/2011 - 30/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org