الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

إعلام التضليل الأموي

رسول الحجامي

يبدو إن حكومات الشر ما تزل تتبنى سياسة اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، وبالطبع فلن يصدق غير السذج والجاهلين والذين اعرضوا هم عن طلب الحقيقة أو التصديق بها، وبالمقابل فان ذلك لن يعفي الغافلين عن تحري الصدق والوصول الى مكمن الحقيقة، لان الله عز وجل منحنا كل أسباب المعرفة والتمييز ووهبنا من الإدراك ما يمكننا من تمييز الحق والباطل، بل ورزقنا أئمة مهديين مهتدين معصومين يدلون على الحق ويدعون إليه ويعملون به.

تستخدم حكومات الشر الإعلام المضلل كأحد الوسائل الرئيسية في تضليل الرأي العام، وبالتالي تشويش اتجاهاته ومن ثم سوقه الى ما تريده أن يؤمن به، ابتداءا من كونها قوى لا تقهر الى تسقيط من يعارضها مرورا بخلق الأصدقاء والأعداء وبث الفتن وتمزيق النسيج الاجتماعي والوطني.

وبدون خطاب إعلامي يرتكز على تزييف الوقائع والحقائق لا يمكن لحكومات الشر أن تمرر سياستها المنحرفة، وتحقيق مآربها المضادة لمصالح الأمة وتطلعات الجماهير المؤمنة.

 ولكي يحقق ذلك الخطاب الإعلامي المضلل أهدافه المرسومة لابد من ثقافة تخديرية تقوم على طمس الوعي وتشتيت الطاقات والإمكانيات والانزلاق الى مستنقعات الرذيلة والضياع والميوعة وإفشاء ثقافة السلوك البهيمي في التنشئة والتعبير، وتغييب الحراك المعرفي والعلمي والحضاري الرصين والجاد، القادر على بناء جيل من الشباب يعي الواقع وله أهداف قيمة ومهمة.

لذا كان الإمام الحسين(ع) يرى إن طبيعة الصراع الذي يقوده مع المتآمرين على الإسلام ذو آفاق وفضاءات متعددة، منها ما هو سياسي ومنها ما هو ديني ومن ما هو اقتصادي ومنها ما هو إعلامي ومنها ما هو اجتماعي..

 بل انه صراع شامل يستهدف جميع مجالات الحياة، لان يدور حول إيمان الإنسان وبناءه الذاتي للمبادئ والقيم ووعي الجماهير ومنظومتها في فهم الإسلام كدين ونمط للحياة.

وهذا ما جعل الإمام الحسين يهتم كثيرا باتجاهات الإعلام الأموي التضليلي، ويعمل على نشر ثقافة مضادة لثقافة إشباع الغرائز البهيمية التي حاول الأمويون نشرها، والتي تقوم على اللهو والميوعة والجنس.

وقد سار الإمام علي بن الحسين(ع) في نهج أبيه فكانت مسيرته الجهادية في تثوير ذلك الجانب الاجتماعي والاقتصادي والتوعوي، ثم قام الإمام الباقر(ع) بنهضة علمية كانت الأساس المتين للصرح الإسلامي الصحيح والنقي الذي بثه الإمام الصادق(ع) طيلة فترة إمامته وتأسيسه لأكبر جامعة إسلامية في حدود الربع الثاني من القرن الهجري تعنى بنشر العلوم القرآنية والسنة النبوية وفقا لمدرسة الرسول واله الأطهار.

وعلى نحو خاص علينا الاهتمام بالشباب ففي الشباب تجتمع قوى الحياة، ويتجلى عنفوانها، فيموج بطاقات لا حصر تتنوع في إثراء، وتختلف في إغناء، لا تعبر عن صورة الشخصية في هذه المرحلة فقط بل عن بانوراما الحياة كلها.

وحينما لا تكون هذه الطاقات والقوى مسترشدة وموجهة بأنماط من الحقوق والواجبات والحس العالي بالمسؤولية فان مرحلة الشباب تكون لينة ورخوة وبلا ثمر يانع.

لذا فكلما تحكم الشباب في طاقاتهم وقواهم كلما كان وقع تلك القوى والطاقات اكبر في طريق الحياة وأعمق أثرا في سجلات التاريخ.

وهناك شباب ابتعثتهم المبادئ وأسرجت قلوبهم العقيدة، فانطلقت أرواحهم تحت لواء الدفاع عن المثل العليا لتملئ النفوس والعقول بالإسلام كدين وحياة، فيعلي من شانه كمنارات للحق، ويبني للحياة صرحا من الفضيلة..

والجهاد ليس استبسالا من اجل مبدأ فقط، بل هو عقيدة تتمدد في النفس وتستولي على الفؤاد وتتحكم في السلوك، فتثمر مواقف تكون اكبر من عمر الزمن وأوسع من دورة التاريخ.

لذا فكثيرا ما تبهرنا مواقف المجاهدين وكأن الزمن يتوقف حيالها، حتى تكون اشراقات في أفق التاريخ ونبض للعدالة والحق في ذاكرة الشعوب والمجتمعات، ولعل ثورة الحسين (ع) لهي المثال الأكثر نطقا في شفاه عقيدتنا، وعلى لسان حالنا.

هذه المعاني للجهاد وآفاق دلالاتها صيرها الإمام الحسين(ع) الى نبض معاش وخبز يومي تستمد منه الأمة طاقتها في الحياة وينبوع يروي نسغ عروقها في علاقتها بالله.

 لقد كان الإمام الحسين(ع) وبهدي الإمامة الراعية للمجتمع يفجر في الأمة مكامن القوة والاقتدار على مواجهة الظلم والانحراف، وكانت مواقفه عندما نقراها لا في سطور التاريخ بل في ثمار الأحداث والمواقف التي أنتجتها نجد إن الإمام قد ألهب الأمة قوة وحياة استمدها من علاقته بالله ومن العقيدة المقدسة، وحملها الى الأمة حتى استحالت فم لا ينطق إلا بالثورة والرفض للظلمة والمفسدين والمتجبرين، ويرفض كل إذلال وانحراف من أي قوة مهما استكبرت وان قتلت وشردت وهدمت وخربت.

وقد ورد عن الإمام الحسين (عليه السلام) حديث مهم يدل على عمق اهتمام الإمام بهذا الأمر الهام: قال جعيد الهمداني: أتيت الحسين بن علي... فسألني، فقال: " أخبرني عن شباب العرب؟ " قلت: أصحاب جلاهقات ومجالس ! قال (عليه السلام) " فأخبرني عن الموالي؟ " قلت: آكل ربا، أو حريص على الدنيا ! قال (عليه السلام): (إنا لله وإنا إليه راجعون) " والله، إنهما للصنفان اللذان كنا نتحدث أن الله تبارك وتعالى ينتصر بهما لدينه. يا جعيد همدان: الناس أربعة: فمنهم من خلاق، وليس له خلق. ومنهم من له خلق، وليس له خلاق. ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق، فذاك أشر الناس ومنهم من له خلق وخلاق، فذاك أفضل الناس " (تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين ص 159).

فقد استخدم الأمويون سياسة التضليل بصورة واسعة وفي عدة مجالات أهمها:

1- سياسة إعلامية تضليلية ترسخ في الثقافة الشعبية للأمة وفي وعيها الديني إن الخروج على السلطان أو معارضة الولاة هو خروج عن الجماعة وشق لعصى المسلمين، بغض النظر عن عدالة السلطان ونزاهته ونزاهة عماله، وهم يستندون في ذلك على عدة أطروحات من الحديث النبوي الموضوع والمحرف والمساء تأويله.

2- سياسة تلفيقية تقوم على وضع الأحاديث المكذوبة على لسان النبي وبعض الصحابة، لتأييد أطروحات السلطة الأموية والتخفيف من بشاعة الجرائم التي ترتكبها حينما تصبغها بصبغة دينية مزيفة.

3- منع الخط الذي يمثل الإسلام الصحيح من الحوار مع الأمة والاتصال بها لطرح التأويل القرآني الصحيح ونشر سنة وأحاديث رسول الله الصحيحة، وقد اتخذ المنع صورا متعددة منها إجراءات حكومية قاسية وشديدة ومنها قتل وتشريد ونفي المتصدي للعمل ومنها الحبس والسجن والإقامة الجبرية ودس الجواسيس عليه ومراقبته، ومنها تربية النشء الجديد على شتم الإمام علي والحط من مكانة آل البيت وهذه كانت من اخطر ما قام به الأمويون وقد ذكر البلاذري في انساب الأشراف (ج8ص 195) رواية المدائني عن عمر بن عبد العزيز: نشأت على بغض علي لا اعرف غيره وكان أبي يخطب فإذا ذكر عليا ونال منه تلجلج فقلت: يا أبت انك تمضي في خطبتك فإذا أتيت ذكر علي عرفت منك تقصيرا قال: أفطنت لذلك؟ قلت: نعم قال: يا بني إن الذين من حولنا لو نعلمهم من حال علي ما نعلم تفرقوا عنا.

rasolalhajame@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/كانون الأول/2011 - 22/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org