شبكة النبأ: ما من شك بان الثقافة
الحسينية لها مناخات متعددة وهي لا تقف عند حدود البناء المتسلسل
للأحداث بل تتعداها نحو الثراء الفكري والتاريخي وهناك ثمة
انعطافات أخرى ذات علاقة بالنص الأدبي سواء كان على المستوى القصصي
او المسرحي لكن ما يعنينا في هذا المقام هو دور القصيدة الحسينية
بشقيها الفصيح والشعبي ومدى قدرتها على ممارسة الرثاء الحسيني بشكل
متطور من خلال ما يطرحه الرواديد او المنشدين الحسينيين ان صح
التعبير.
فيرى الشاعر الحسيني هاشم العربي ان الثورة الحسينية اكبر من أن
تحدها حدود، فيقول، "مساحات الإبداع تكاد ان تكون ضيقة في استيعاب
مفردات النهضة الحسينية".
ويضيف، "فعلى هذا الأساس تلج الأفكار تباعا من اجل ان تتزود من
معاني تلك الصرخة الإنسانية، وهذه ليست محل للنقاش بل هي عنوان
صريح للمخاضات العسيرة الممتدة لمئات السنين".
ويتابع، "الى الآن هناك الكثير من الإضاءات المستجدة في ثنايا
تلك الثورة الخالدة".
ويشير العربي، "قطعا الشعر له تجليات مؤثرة وذات قيمة سحرية على
المتلقي، سيما خواص الاختزال والإيجاز، ألا أن القصيدة الشعرية
تبقى حبيسة القوافي والأوزان ما لم نعطيها القرارات الصوتية
الصحيحة".
ويشير، "من هنا تتضح ملامح العلاقة التكاملية ما بين النص
الشعري ودور المنشد الحسيني الذي كان ولا زال يسطر أرقى النجاحات
في هذا المجال".
فيما يعتبر الإعلامي صباح محسن كاظم أن الرادود الحسيني هو
تجذير لوعي النهضة الحسينية، فيقول، "لا ريب إن كل القنوات
الإبداعية -الحسينية- تصب بخدمة القضية والثورة والنهج؛ فالفكر..
والبحث.. والتحليل.. والكتابة تساهم ببلورة الوعي واستشراق معالم
النهضة الحسينية".
ويضيف، "الخطابة تسهم بشكل فعال ببناء القيم والمفاهيم للملحمة
المقدسة وتخاطب العقل الجمعي بكل تنوعاته الإثنية والقومية
والعقائدية لأنها مدرسة تنهل من المعين العذب للسيرة المعطرة لآل
البيت الأطهار".
ويضيف كاظم، "الرادود الحسيني يعبر عن الأسى في الوجدان
والضمائر يتفاعل معه الحضور بشكل وجداني وفق طقس خاص يشارك به
الصغير والكبير لمواساة آل بيت النبوة بقصائد تخلدهم سواء كانت
مدونة بالشعر الفصيح أو الشعبي".
ويتابع، "وشروط القراءة حسن الأداء وجمالية الصوت والتأثر
والتفاعل مع المؤدين لهذا الطقس المعبر عن الولاء والإنشداد
والحب".
في حين يعتقد الرادود محمد السيلاوي ان مسار الإبداع الحسيني لا
يقف عند حدود معينة وهي سلسلة مترابطة تصل ما بين القصيدة من جهة
ودور المنشد الحسيني من جهة أخرى، فيقول، "حينما يكون هناك نص شعري
جيد بالضرورة أن يقابله منشد جيد وعند اختلال التوازن تخرج القصيدة
دون المستوى ولا يتعاطى معها المتلقي بروح ايجابية".
ويشير، "هذا التحول له ما يبرره في ظل التنامي اللا محدود
للنهضة الحسينية وهي ذات آفاق متصاعدة باستمرار ولها القدرة على
استيعاب كل ما هو جديد خصوصا ونحن نتحدث عن دور الرادود الحسيني
الذي استشعر ضرورة توظيف المقامات الصوتية بما يتلاءم مع ظروف
الواقعة".
وينوه السيلاوي، "القصيدة الحسينية أصبح لها مريدين وزخم كبير
في الأوساط الجماهيرية وانتشرت انتشارا واسعة في كل البلدان
العربية والإسلامية ولها مساحة لا يستهان بها في قاموس المراثي
الحسينية بل ربما تتصدر تلك المراثي بفضل الكمالات الصوتية
والشعرية".
من ناحيته يركز الأديب عقيل الجابري على النص الشعري كملهم
حقيقي لتلك الأصوات، مبينا، لولا وجود النص لما صدحت تلك الحناجر،
فيقول، "يجب الالتفات الى شيء مهم كون بناء القصائد يرتكز على
البحور الشعرية والمقامات النغمية".
ويضيف، "على هذا الأساس يمكن الرهان على تطور القصيدة نفسها
بالتالي يكون الرادود الحسيني مجبر على التماشي مع روح النص من دون
زيادة او نقصان". |