شبكة النبأ: حظيت مراسم إحياء
ذكرى عاشوراء في العراق هذا العام بإقبال قياسي لم تشهده البلاد
عبر تاريخها الحديث، حيث أحيى ملايين المسلمين الشيعة المناسبة
بشكل غير مسبوق وبفعاليات متنوعة، امتدت منذ ساعات الصباح وحتى
قبيل منتصف الليل. فقد إكتظت المراقد المقدسة والمساجد والحسينيات
وسرادق منتشرة في الشوارع الرئيسية والأزقة والمنازل بالزائرين
الوافدين من داخل وخارج العراق، لإحياء وقائع قصة استشهاد الإمام
الحسين وأفراد عائلته قبل نحو 1400 عاما على أرض كربلاء.
وانتشرت في شوارع كربلاء ايضا مواكب "التطبير"، ارتدى المشاركون
فيها ملابس بيضاء وحلقوا رؤوسهم قبل ان يقوموا بالضرب عليها
بالسيوف على وقع الطبول، للتعبير عن المشاركة بمصاب الامام
وعائلته.
وبعد صلاة الظهر جرت اخر المراسم التي تعرف بركضة طويريج، حيث
قام خلالها الزوار بالهرولة لمسافة تقدر بخمسة كيلومترات لتنتهي
بخيم تشبه التي كانت للامام الحسين وعائلته، وتحرق بعد ذلك ايذانا
بانتهاء معركة الطف.
وكانت كربلاء التي توافدت المواكب اليها من عموم المحافظات،
اتشحت بالسواد منذ اليوم الأول لشهر محرم الذي قتل في العاشر منه
الامام الحسين. وشهدت العتبة الحسينية والعباسية استبدال الرايات
الحمراء المرفوعة على قبتها، للدلالة على الدم، باخرى سوداء
للدلالة على الحزن.
ويقول الشيخ عبد علي الحميري المسؤول عن احد المواكب الحسينية
"توزع في انحاء كربلاء هذا العام اكثر من 1200 موكب بينها مواكب
جاءت من محافظات اخرى". واشار الى قيام جهات حكومية بتقديم مساعدات
مالية اضافة الى الوقود والمواد الغذائية، التي عادة ما يقدمها
متبرعون.
واستقبلت هذه المواكب التي تنطلق منها الاناشيد الحزينة لاحياء
الذكرى المؤلمة، الزائرين طيلة الايام العشرة الاولى من شهر محرم
حيث قدمت لهم الطعام والشراب ومكان الراحة والمبيت.
كما تحركت مواكب اخرى، شارك فيها رجال يرتدون ملابس حرب كالتي
في واقعة الطف ويحملون سيوفا، وابرزهم شخصية "الشمر" الذي قطع رأس
الامام الحسين ويرتدي ملابس حمراء، وقد قام الزوار برجمه تعبيرا عن
غضبهم.
وقال أبو سجاد "58عاما" ان: "إحياء مراسم عاشوراء بالنسبة
للعراقيين شيء مقدس لا يمكن إغفاله، وقد فشل صدام حسين طوال فترة
حكمه في منع إحياء هذه المناسبة رغم أنه سعى إلى ذلك باللجوء إلى
استخدام القوة وإعدام شخصيات دينية بارزة إلا أن العراق اليوم يحيي
المناسبة بشكل غير مسبوق". وأضاف ان "الشوارع تعج يوميا بالملايين
المشاركين في إحياء مراسم عاشوراء وهذا العدد يرتفع كلما اقترب
موعد العاشر من محرم حيث ستكتظ مدينة كربلاء بالمشاركين في مراسم
العزاء".
وفرضت قوات الامن اجراءات امنية مشددة في عموم المدينة والطرق
الرئيسية المؤدية اليها، بعد يوم دام استهدفت خلاله مواكب
عاشورائية في مناطق متفرقة.
واكدت افتخار عباس رئيسة لجنة السياحة في محافظة كربلاء
"استقبال 650 الف زائر عربي واجنبي بينهم 430 الف زائر من دول
اجنبية مثل الولايات المتحدة وايران والهند و باكستان ودول
اوربيةاخرى، و220 الف زائر من دول عربية مختلفة بينها سوريا ومصر
والكويت والسعودية".
واشارت الى "نفاذ الحجوزات في فنادق المدينة التي يصل عددها الى
400 فندق ما دفعنا الى استئجار منازل من الاهالي لايواء الزوار".
وقال الفريق عثمان الغانمي قائد عمليات الفرات الاوسط، حيث تقع
كربلاء، خلال مؤتمر صحافي "قمنا بفرض خطة امنية تنفذها قوات عراقية
مئة بالمئة، بمشاركة 28 الفا من عناصر الامن من الشرطة والجيش".
كما شاركت مروحيات تابعة للجيش العراقي بتنفيذ الخطة، وفقا
للغانمي. وقال "قسمنا مدينة كربلاء الى عدة قواطع وفرضنا حولها
خمسة اطواق امنية تبدأ من المداخل الخارجية وحتى المدينة القديمة"
حيث مراقد الائمة.
كما تم قطع الطرق الرئيسية حول المدينة بشكل تدريجي ومنع اقتراب
المركبات الى اكثر من خمس كيلومترات عن المدينة القديمة. وانتشرت
نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية شارك فيها نحو الف امرأة لتفتيش
النساء، وفقا للمصدر ذاته.
وتحدث الغانمي عن "اعتقال عدد من الارهابيين كانوا يخططون
لاعداد طعام مسموم للزوار ويفرون قبل ظهور اعراض التسمم عليهم"، من
دون الاشارة الى تفاصيل اكثر.
وياتي ذلك بعد يوم من مقتل 28 شخصا على الاقل واصابة اكثر من 78
اخرين بجروح في تفجيرات استهدفت مواكب عاشورائية في بغداد وفي
مناطق تقع الى جنوب العاصمة. وقد ادان الممثل الخاص للأمين العام
للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر في بيان "الهجمات المروعة
التي لا تزال تدمر حياة العراقيين في كافة أرجاء العراق".
واضاف ان "التنوع الديني والعرقي هو القوة المحركة لهذه البلاد،
فهذا التنوع يقع في صميم جهود البلاد الرامية الى بناء مجتمع سلمي
ومزدهر يشمل الجميع". وتعد هذه الهجمات الاعنف في العراق منذ مقتل
32 شخصا وجرح اكثر من سبعين آخرين في انفجار عبوتين ناسفتين في
بغداد في 27 تشرين الاول/اكتوبر.
وبحسب ارقام الشرطة، فان 18 مشاركا في المسيرات العاشورائية
قتلوا في هجمات العام الماضي خلال ايام احياء الذكرى العشرة.
وأعرب محمد العامري "47عاما"، موظف حكومي، عن أمله أن "تكون هذه
المناسبة فرصة للعراقيين للتعبير عن مزيد من التوحد واللحمة في
مواجهة القوى التي تريد أن تمزق هذا البلد وخاصة بعد انتهاء
الاحتلال الأمريكي نهاية الشهر الجاري". وقال: "علينا أن نقتدي
بتضحية الإمام الحسين ونبني بلدا مستقرا موحدا يكون قدوة للدول
المجاورة من جميع المجالات".
وإلى جانب كل هذه الفعاليات يقوم آخرون بإعداد وجبات طعام مكونة
من الأرز واللحوم ويوزعون أنواعا مختلفة من المواد الغذائية
والحلويات والفواكه والخضر والعصائر والشاي والقهوة وقناني مياه
الشرب.
وتستنفر الحكومة العراقية جميع قواتها العسكرية والأمنية
والاستخباراتية لتأمين الحماية للمشاركين في إحياء مراسم عاشوراء
في إطار خطط أمنية يشارك فيها كبار القادة العسكريين والأمنيين
وبمشاركة مروحيات طيران الجيش .
وقال اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد: "تم
اتخاذ كل التدابير الأمنية وعلينا أن نتوقع كل شيء ونحن في ساحة
معركة مع ما تبقى من الخلايا الإرهابية والبعث الصدامي وأزلام
النظام البائد وكل الذين لا يريدون التقدم للعملية السياسية".
وأضاف: "اليوم ملايين المواطنين متواجدون في الشوارع، وكل القوات
الأمنية في مختلف مناطق البلاد تعمل على توفير الأمن في هذه هذه
المناسبة"، التي تبلغ ذروتها في مدينة كربلاء الثلاثاء المقبل.
وأعلنت المدن الشيعة اعتبار يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين عطلة
رسمية في إطار الاستعدادات للاحتفال بيوم العاشر من شهر المحرم
ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام .
قرابة الثلاث ملايين زائر أدو ركضة
طويريج
من جانب آخر ذكر رئيس لجنة الصحة في الحكومة المحلية الأستاذ
حسين شدهان العبودي، ان التقارير الرسمية تفيد بان عدد المشاركين
في (ركضة طويريج) اليوم بلغ أكثر من ثلاثة ملايين زائر جلهم من
خارج المحافظة.
وقال العبودي، "نشعر بالقلق كبير إزاء مصير هذه الأعداد، خصوصا
اننا لا نملك البنى التحتية الملائمة او وسائل النقل الكافية
لتأمين سلامتهم على افضل وجه" ،مشيرا الى ان "الانخفاض الكبير في
درجات الحرارة قد يؤثر بشكل كبير على صحة الوافدين سيما الأطفال
وكبار السن".
وكان محافظ كربلاء أعلن اليوم ان المدينة "استقبلت خلال هذه
الزيارة ما يقارب ثلاث ملايين زائر خلال الأيام العشرة الماضية"،
فيما قالت رئيسة لجنة السياحة في محافظة كربلاء افتخار عباس ان
"عدد الاجانب الذين وفدوا الى المدينة بلغ 650 الف زائر، بينهم 430
الف زائر من دول اجنبية مثل الولايات المتحدة وايران والهند و
باكستان ودول اوربية اخرى، و220 الف زائر من دول عربية مختلفة
بينها سوريا ومصر والكويت والسعودية".
من جهتها استنفرت وزارة النقل" ملاكاتها بالتعاون مع قيادة
عمليات الفرات الاوسط للمساعدة في نقل الزارين الى محل سكناهم حسب
مصدر مسؤول في محافظة كربلاء". وقال المصدر، "وزارة نقل قامت
بتهيئة أسطول من الحافلات الصغيرة والباصات الكبيرة بالاضافة الى
سيارات الحمل الكبيرة من خلال شركة النقل البري".
واضاف، "تم اشراك عدد من القطارات من خلال شركة السكك الحديد
وذلك خدمة منها في نقل الزائرين من وإلى محافظاتهم مجانا". |