الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

شهادة الإمام الحسين (ع) وإعادة منظومة القيم إلى أصلها

رؤى من أفكار الإمام الشيرازي

شبكة النبأ: في دراسة مهمة للكاتب راجي انور هيفا تحت عنوان (فلسفة النهضة الحسينية في فكر الإمام الشيرازي) يقول هيفا: (لقد رأى الإمام الشيرازي – ره- أن لعاشوراء رسالة عظيمة تعتبر الامتداد الحقيقي لرسالة جده الصادق الأمين –ص-).

لذا فقد أراد الامام الحسين عليه السلام، أن يحقق من خلال إقدامه على الشهاده هدفا جليا يتمثل بتصحيح الانحراف المادي الخطير الذي طرأ على مسيرة الرسالة النبوية، بسبب انحراف الحكم الاموي، أي أن هناك هدفا أسمى للاستشهاد، لهذا يؤكد الامام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) على أن: (الوجه الثاني للشهادة ان لا يقتل المؤمن اعتباطا).

هذا يعني أن الشهادة المجردة بعيدة عن هدف الامام الحسين عليه السلام، بل الهدف هو ما سيعقب هذا الحدث الجلل من تصحيح عظيم لمسيرة الاسلام، وإحياء للقرآن الكريم وسيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، بعد حاول الخط الاموي المنحرف، أن يجعل من المادة وملذاتها هي الاصل بدلا من الايمان والدين والجانب الروحي المعزز بالعقيدة الصحيحة.

لهذا أكد الامام الشيرازي قائلا عن فلسفة الحركة الحسينية في عاشوراء بأنها (إحياء الإسلام، وإرجاع القرآن إلى الحياة، وهذا هو ما كان يستهدفه الإمام الحسين –ع- من نهضته وشهادته، وذلك لأن الإسلام الذين أنزله الله تعالى في كتابه، ونطق به قرآنه، وبلغ له رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وضحى من أجله أهل البيت عليهم السلام، وخاصة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء يوم عاشوراء، هو الدين الكامل والقانون الشامل الذي باستطاعته في كل عصر وزمان أن يسعد الإنسان والمجتمع البشري ويضمن له التقدم والرقي والتطلع والازدهار)-1-

إن الانحدار الخطير الذي تعرّض له الاسلام والمسلمين، كان من الخطورة بحيث يتطلب عملا بطوليا كبيرا، يصل الى درجة التضحية بأغلى ما يملك الانسان في حياته، ألا وهي روحه ونفسه بل حياته نفسها، وهذا ما فعله بالضبط سيد الشهداء عليه السلام، الذي لم يكتف بهذا الحد، بل قدم أرواح ذويه وصحبه الاكرمين فداءا الى الاسلام والمسلمين، من خلال إعادة الثقة الى الناس ازاء السلطة، بعد أن مالوا الى العجز والخمول والاستكانة والقبول بالامر الواقع الذي فرضه الحكم الاموي من خلال تكريسه للظلم والبطش، ومصادرة الرأي وفرض القيم المنحرفة فرضا على الناس، من اجل تثبيت السلطة اولا، ومن ثم الفوز بمكاسب الدنيا الزائلة ثانيا، متمثلة برغبات النفس الامارة بالسوء والانقياد الاعمى لغرائزها.

ولذلك أراد الإمام الحسين –ع- كما يقول الإمام الشيرازي (أن ينشل الأمة من الحضيض الذي أركست فيه إلى العز، وذلك عندما رضيت الأمة الإسلامية بواقعها المتردي، المتمثل بالخمول، والركون إلى الدنيا، والسكوت على الظلم، وتسلط الظالمين من أمثال يزيد وأبيه وأضرابهم، فأراد الإمام الحسين -ع- أن يبث روح الإيمان والحق فيها لتنهض من جديد، كما كانت في عهد رسول الله - ص-) -2-

إن الشهادة التي تكللت بالفوز الناجز، كانت هي السبيل الوحيد لإيقاف الظلم الاموي المتسلط عند حده، فقد بلغوا من الغطرسة والاستهتار بقيم الاسلام والاعراف والاخلاق الاجتماعية، مبلغا لم يصل إليه حاكم أو طاغية من قبل، فكانت الدسائس والحيل والخداع ديدنهم من اجل الحفاظ على الكرسي بالاضافة الى قوة الظلم، وهي قيم لم تكن موجودة ابان الحكومات الاسلامية العظيمة متمثلة بقيادة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وابن عمه الامام امير المؤمنين عليه السلام والقادة المعروفين من الصحابة والاتباع الاجلاء المخلصين، لهذا حدث اختلال مريع في البنية الاجتماعية للمسلمين كافة، وبدأت تطغي القيم المادية على القيم الشريفة التي رسخها الاسلام ابان صدر الرسالة المحمدية، الامر الذي تطلب استعدادا كبيرا للوقوف بوجه هذا المد الدنيوي الخطير، من هنا بدأت النهضة الحسينية متمثلة بالاستعداد المؤمن والحقيقي لتقديم النفس والاهل من اجل الاسلام والمسلمين، واصبحت منارا مشعا للتحرر من الظلم والطغيان على امتداد التأريخ.

وقد رأى الامام الشيرازي (رحمه الله) أن نهضة الإمام الحسين –ع- (كانت نبراساً لسائر النهضات التحريرية في العالم ضد الظالمين، وكانت هي الانفجار العظيم الذي هز عرش كل الطغاة المستبدين، كما ومهدت الطريق أمام الثورات الأخرى)-3-

وطالما توضحت معالم النهضة الحسينية، والاسباب التي تطلبت قيامها، لذا يحتاج المسلمون بل الانسانية أجمع، لايجاد السبل اللازمة لنشر مبادئ وافكار وحيثيات هذه النهضة، وفق تخطيط أمثل مدعوم بالفكر الصحيح والتنفيذ الذي يستند الى ارادات مؤمنة بالحق، لهذا نحن بحاجة الى تجديد هذه النهضة لا سيما في ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام في مثل هذه الايام الخالدة في تأريخ الاسلام، حيث يؤكد الإمام الشيرازي في كتابه (رؤى عن نهضة الإمام الحسين -ع-) على (أن يكون المحرم منطلقاً مناسباً لإبلاغ أهداف الإمام الحسين –ع- إلى البشرية المتعطشة.. حيث أن الإسلام دين عالمي لإنقاذ جميع الناس من الظلمات إلى النور، وليس دين ألف مليون مسلم فقط)-4-.

لهذا كان الهدف الاول من النهضة الحسينية، هو إعادة زرع القيم الصحيحة في البنية الاجتماعية لتمتد الى عموم البنى الاخرى، وذلك من اجل إقامة المجتمع الاسلامي الذي يستند الى مبادئ الحق في أعماله واقواله وجميع تعاملاته، والسبب أن النظام الاموي كما هو حال جميع الانظمة المستبدة والظالمة، حاول زعزعة منظومة القيم، ونشر قيم الظلم والانحراف بدلا منها، لذا كانت أهمية إحياء القيم الاسلامية الصحيحة من أهم اهداف النهضة الحسينية المباركة.

وقد ركز الإمام الشيرازي، على هذا الجانب من حركة الإمام الحسين مع أهل بيته (ع) مركزاً على أن أحد أهداف تلك الحركة (تصحيح سلوك الناس وتقويمه، بعد أن تلون سلوك الناس وأخلاقهم في ظل النظام الأموي بطابع العنف والاستبداد والوحشية والاستهتار بما لا يتناسب مع الخلق الإسلامي والإنساني، فأعاد الإمام (ع) بنهضته الشريفة مكارم الأخلاق التي بناها جده الكريم (ص) وقدمها إلى البشرية ودعى الناس للتخلق بها في كل مراحل الحياة)-5-

........................................................................

المصادر:

1- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رسالة عاشوراء) طبع هيئة محمد الأمين – بيروت ط1/1422هـ ص3.

2- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قبس من شعاع الإمام الحسين –ع-) دار صادق بيروت ط2/2002 ص30.

3- ثقافة عاشوراء في فكر الإمام الشيرازي إعداد ونشر مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات بيروت – دمشق ط1/ 2002م ص12.

4- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (الحسين مصباح الهدى) مؤسسة السيدة زينب (ع) بيروت د.ت ص15.

5- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (الحسين مصباح الهدى) مؤسسة السيدة زينب (ع) د.ت ص16.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org