الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

ما أجمل التضحية في سبيل الله تعالى!

حسين أحمد آل درويش

إنَّ من يحب الله حبًا صادقًا فإنَّه سوف يشتاق إليه.. حتمًا وبدون شك في كل لحظة من لحظات مناجاته وخلواته مع ربّه ويرغب في ملاقاته.. طمعًا في رحمته الواسعة و أن يحشره الله تعالى مع أنبيائه ورسله وأوليائه الصالحين. ولا يمكن في الحقيقة إدراك لذة المناجاة الإيمانية تلك إلا المؤمن الصادق والمخلص !!! حيث يرخي الليل سدوله، ويهجع كل حيّ، ويسود السكون الليل، فيتفتح قلب المؤمن لمناجاة الحبيب، يناجي ربّه ويناجيه ربّه، يناجي ربّه بحديث القلوب، ويراه بعيون البصائر... ولذلك نجده يعد العدة للآخرة ويزرع لما بعد الحياة ليلقى الله سعيدًا فرحًا.. لذلك نراه دائمًا يشتاق إلى لقاء الله عز وجل ولا يخاف من الموت ولا يخاف من أي شيء يقع عليه.

في المصباح عن أبي حمزة الثمالي (رحمه الله) قال: كان زين العابدين (ع) يصلي الليل في شهر رمضان، فإذا كان وقت السّحر دعا بهذا الدعاء: " اللّهم إنّي أسألك أن تملأ قلبي حبًّا لك وخشيةً منك وتصديقًا بكتابك وإيمانًا بك وفرقًا منك وشوقًا إليك يا ذا الجلال والإكرام، حبّب إليّ لقاءك وأحبب لقائي واجعل لي في لقائك الرّاحة والفرج والكرامة، اللّهم ألحقني بصالح من مضى واجعلني من صالح من بقي وخذ بي سبيل الصّالحين وأعنّي على نفسي بما تعين به الصّالحين على أنفسهم وأختم عملي بأحسنه واجعل ثوابي منه الجنّة برحمتك وأعنّي على صالح ما أعطيتني وثبّتني يا ربّ ولا تردّني في سوء استنقذتني منه يا ربّ العالمين.... ".

وفي دعاءٍ مرويٍ عن الرسول الأكرم (ص): " اللّهم اجعل حبّك أحب الأشياء إليّ واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندي واقطع عني حاجات الدّنيا بالشوق إلى لقائك ".

وأوحى الله تعالى إلى موسى (ع): " يا بن عمران كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ها أنا ذا يا بن عمران مطلع على أحبائي إذا جنّهم اللّيل حولت أبصارهم إلى قلوبهم ومثلت عقوبتي بين أعينهم يخاطبونني عن المشاهدة ويكلموني عن الحضور يا بن عمران هب لي من قلبك الخشوع ومن بدنك الخضوع ومن عينك الدموع في ظلم الليل فإنّك تجدني قريبًا ".

وفي أخبار داوود (ع): " قل لعبادي المتوجهين إلى محبّتي: ما ضرّكم إذا احتجبتم عن خلقي إذ رفعت الحجاب فيما بيني وبينكم حتى تنظروا إليّ بعيون قلوبكم، وما ضرّكم ما زويت عنكم من الدّنيا إذ بسطت ديني لكم وما ضرّكم مسخطة الخلق إذا التمستم رضاي ".

 وقال أمير المؤمنين (ع) في دعاء كميل: " فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربّي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك.. ".

 وقال سيد الشهداء (ع) في دعاء عرفة: " إلهي أنت الّذي أشرقتَ الأنوار في قلوب أوليائك حتّى عرفوك ووحّدوك، أنت الّذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك، ولم يلجئوا إلى غيرك، أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم، وأنت الّذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم.. ".

إنّ الإنسان المؤمن الذي يحب الله قد يلاقي أذى كثيرًا ومصائب وابتلاءات عظيمةً جدًا في جنب الله ويكابد المشاق والمعاناة ولكنّه مع ذلك يشعر أن ذلك الأذى له لذةً كبيرةً جدًا تنسيه التعب أكثر لذةً من ذلك الأب الذي يعمل من أجل أن يصرف على عياله ويرتاح لذلك.

والتاريخ ينقل لنا نماذج صادقة في قمة الروعة أحبّت الله فامتلكها الشوق للقائه واستقبلت الآلام والأخطار بسرور وارتياح في سبيل الله فهذا: عمّار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) في واقعة صفين عندما تقابل جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) مع جيش معاوية بن أبي سفيان حيث نزل عمّار إلى الميدان لقتال القوم وهو شيخ في الرابعة والتسعين من عمره وقد نقل ابن الأثير أن عمّار بن ياسر خرج إلى النّاس يومها وهو يقول:" اللّهم أنّك تعلم أنّي لو أعلم أن رضاك في أن اقذف بنفسي في هذا البحر لفعلته، اللهم أنّك تعلم لو أنّي أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم انحني عليها حتّى تخرج من ظهري لفعلت، وأنّي لا أعلم اليوم عملاً أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين ولو أعلم اليوم ما هو أرضى منه لفعلته والله لو ضربونا حتّى بلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحق وأنّهم على الباطل ". وحارب عمّار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) حتى استشهد في سبيل الله تعالى، ولقد كان لاستشهاده أثرًا كبيرًا أزال الشبهة والشكوك عند كثير من النّاس، وكان ذلك سببًا لرجوع جماعة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) والتحاقهم به، ذلك أن الجميع يعلمون علم اليقين أن رسول الله (ص) قال: " ويح عمّار تقتله الفئة الباغية، يدعو هم إلى الجنّة ويدعونه إلى النّار ".

وآخر في معركة كربلاء وهو عابس بن أبي شبيب الشاكري قبل أن يلج المعركة كان يقول للإمام الحسين (ع): " يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد، أعز عليّ ولا أحب إليّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضّيم والقتل، بشيء أعز عليّ من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد الله أنّي على هديك وهدي أبيك ". ثم مشى بالسيف مصلتًا نحوهم (نحو الأعداء) وبه ضربة على جبينه قال أبو مخنف: حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم قال: لما رأيته مقبلاً عرفته وقد شاهدته في المغازي وكان أشجع الناس فقلت: أيّها الناس هذا أسد الأسود هذا ابن أبي شبيب لا يخرجنّ إليه أحد منكم فأخذ ينادي إلا رجل لرجل !!!

فقال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة قال: فرمي بالحجارة من كل جانب فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ثم شد على الناس فو الله لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس ثم أنّهم انعطفوا عليه من كل جانب فقُتِل.. ".

وثالث في معركة بدر الكبرى وهو معاذ بن عمرو بن الجموح كان يبارز أبا جهل وعندما ضربه ضربة أطاح بها رجله من الساق أخذت ابنه عكرمة الحمية فضرب معاذ على عاتقه فطرح يده من العاتق وبقيت معلقة بجلده فذهب يسحبها بتلك الجلدة ولما آذته وضع عليها رجله ثم تمطى عليها فقطعها وواصل القتال فهل كان ذلك يؤلمه ؟؟؟ كلاّ.. أنّه كان يتلذذ بهذا الأذى بحبّه لله تعالى.

وهذا الإمام العظيم الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الّذي تجسّد فيه حبّ الله تعالى بكلّ أبعاده وأعطى للبشرية جمعاء درسًا عظيمًا بكلّ معنى الكلمة عندما قدّم في يوم عاشوراء جميع أهله وأصحابه في سبيل الله بل وقدّم أعز ابن له وهو علي الأكبر الّذي كان يحبّه حبًّا جمًّا إلاّ أن حبّ الله تعالى كان هو الأكثر على شخصيته وحتى طفله الصغير (عبد الله الرضيع) قدّمه قربانًا في سبيل الله فحينما أصابه سهم مشؤوم من قبل الأعداء وهو على صدره تلقى الإمام الحسين (ع) دم وليده بيده ورمى به نحو السماء وهو يقول: " هون عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله ". وحين وقع جريحًا لا يقوى على النهوض راح يجمع التراب تحت رأسه الشريف وشرع يصلي لربّه، غير عابئ بما حوله من كتائب الأعداء، وهي تموج كالبحر، لا يلتفت لأحد منهم ولكن إلى الله سبحانه وتعالى، وهو يقول: " إلهي رضًا برضاك لا معبود سواك ".

وهو القائل أيضًا (سلام الله عليه) في آخر لحظة من لحظات الأخيرة من رحلة شهادته الدامية وهو على رمضاء كربلاء والدماء تنزف من جسمه الشريف:

 تركت الخلق طرًا في هواك***وأيتمت العيال لكي أراك

 فلو قطعتني في الحبّ إربًا***لما مال الفؤاد إلى سواك

وختامًا وفي نهاية المطاف... نسأل الله تعالى أن يحشرنا وإياكم في زمرة الأنبياء والمرسلين والأئمة الأطهار (ع) والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org