الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

حبّ الحسين عليه السلام

عبد الواحد ناصر البحراني

في لحظاته الأخيرة وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة شهيداً في سبيل الله يقال بأن الحسين عليه السلام ذكر هذه الأبيات:

 إلهي تركت الخلق طرّاً في هواك ***وأيتمت العيال لكي أراك

فلو قطعتني في الحب إرباً *** لما مال الفؤاد إلى سواك

فأي حب هذا الذي يملأ قلب الحسين عليه السلام وهو في أحلك وأصعب اللحظات وخيول الأعداء تدوس صدره الشريف وتطحن أضلعه الشريفة. حتى أن الأحاديث تروي أن ملائكة السماء تعجبت لصبر أبي عبد الله الحسين وهو يرى أصحابه وأولاده صرعى مجزّرين فما كان منه عليه السلام إلا أن آثر أن يجود بنفسه في سبيل الحق والوقوف أمام الطغاة لنشر كلمة الإسلام الصحيح بعد أن زوّر يزيد بن معاوية وبني أمية منهج الإسلام ومبادئه.

هذا الحب الحسيني لله عزّوجل انعكس على كل من امتلأ قلبه بالعزة والكرامة وكل من عشق الحسين عليه السلام.

وقد آثرت أن أتطرق لهذا الموضوع بعد القصة التي عاصرتها بنفسي والتي تؤكد هذا العشق الحسيني لله رب العالمين وأود أن أشارك القارئ الكريم بها.

وأستميح عذراً صاحب القصة الذي لا يعلم بأني سوف أرويها وأكتب عنها. فالحاج والقارىء الحسيني عبد الرزاق السنيد رجل كريم عرف عنه أخلاقه الطيبة منذ أن كان في مدينة سوق الشيوخ مسقط رأسه في الناصرية في جنوب العراق إلى أن أجبرته الظروف السياسية القاهرة على مغادرة بلده العراق للعيش في أحد البلدان الأوروبية. هذا القارىء الحسيني الجليل رجل طاعن في السن ابتلاه الله بمرض إحدى بناته بمرض السرطان الخبيث. فأشار عليه الأطباء بأن تسافر إلى العراق لأنه لا أمل من شفائها والأفضل أن تموت بين أهلها في بلدها. كما أن هذا الأمر كان رغبة من الابنة نفسها رغبة منها بالموت قريبة من مقام الحسين عليه السلام والأئمة الأطهار.

الحاج عبد الرزاق السنيد سافر معها لكنه ما لبث أن عاد. الناس استغربوا عودته معتقدين أنه سيغيب هذه السنة عن واجب إحياء المجالس الحسينية التي اعتاد على خدمتها في كل عام. لكن هذا الرجل الفاضل آثر أن يكون في خدمة أبي عبد الله الحسين عليه السلام واعتلى المنبر الحسيني الشريف يقرأ على الناس مصيبة ابي عبد الله. فأي عشق هذا لأبي عبد الله عليه السلام!

هذا العشق الحسيني هم ذات العشق الذي يدفع ثوار البحرين والسعودية للخروج في مسيراتهم لإحياء أمر الحسين عليه السلام على الرغم من كل التهديدات التي يتعرضون لها وكل المضايقات والضرب والاعتقالات والهجمات بالقنابل الغازية على الحسينيات والمآتم وتدمير المساجد.

هذا العشق الذي يدفع الأمهات لتشجيع أبنائهن للخروج في وجه الطغاة في القطيف ومدن البحرين. هذا العشق الذي يدفع بالناس للتوجه بكثافة إلى زيارة الحسين عليه السلام في العراق على الرغم من مخاطر قد تصيبهم. هذا العشق الذي قدم كثيرون في سبيله المال والنفس والولد من دون تردد.

نعم إنه عشق الحسين عليه السلام لله عز وجلّ وعشق الشرفاء لكل مبادئ الكرامة.

الحاج عبد الرزاق السنيد ما هو إلا مثال حي وواضح على خدمة أبي عبد الله. فالولد يرخص أمام مصيبة سيد الشهداء والنفس لا قيمة لها إن عاشت ذليلة مهانة.

لقد دفنت ابنة الحاج عبد الرزاق السنيد من دون أن يشمّ تراب قبرها أو يقف في عزائها. ليس لأن الحاج عبد الرزاق السنيد ليس أباً حنوناً أو لأنه يمتلك قلباً قاسياً. لا والله، بل لأن الحاج السنيد بكى وأبكى وما زال يريد أن يبكي الناس على مصيبة من هو أعظم من ابنته. على من قدّم أبناءه ونفسه وأهل بيته في سبيل قضية مشرفة هي الحفاظ على الإسلام المحمدي الأصيل.

وفي الوقت الذي كان الحاج السنيد يقرأ عزاء أبي عبد الله كان هناك من يأخذ العزاء عنه لابنته وكان هناك من يستقبلها في فسيح جناته وكان هناك من يبكيها. لقد كان الحاج السنيد يدرك أن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام تبكي على ابنته وتقيم لها العزاء وذلك لأن أخلاق أهل البيت تأبي إلا أن ترد جميل من يقدم لهم عملاً خالصاً لله. إن كرم أهل البيت يستلزم قيامهم بهذا الفعل الكريم فهم المحسنون وهم أصحاب الأخلاق الرفيعة.

نعم، هذا هو الإعجاز في حب الحسين وهذا هو أثر محبته في قلوب المؤمنين. الغريب أن حب إبي عبد الله دخل في قلوب الناس في الشرق والغرب إلا أن البعض ما يزال يعتبر يوم عاشوراء يوم فرح وسرور. اين هي كرامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند هؤلاء؟ أفلا يستحق النبي الأكرم أن نحزن لحزنه ونواسيه في مصابه الجلل هذا؟

أنا أدعو كل من يستشعر في نفسه الكرامة أن يشارك الحسين بدموعه في يوم عاشوراء وأن يقرأ سيرته ليعرف من هو أبوعبد الله ولماذا استشهد وماذا صنع بأهل بيته من بعده وماذا قال الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) عليه السلام ليزيد في قصره في الشام عندما اقتادوه بقيوده وماذا قالت السيدة زينب عليها السلام ليزيد بن معاوية؟ اقرأوا يا أمة اقرأ وتعلموا كيف يزوّر التاريخ ولمصلحة من يتم تزويره؟

إن حب الحسين عليه السلام ليس كفراً ولا مبالغة فمن أحب الحسين لمواقفه فقد قدّره ومن أحب الحسين لبطولته فقد احترمه ومن أحب الحسين حزناً عليه فقد شاركه مصيبته ومن أحب الحسين لمبادئه فقد تمثّله ومن أحب الحسين لقرابته برسول الله فقد ودّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن أحب الحسين لدينه فقد تبعه ومن أحب الحسين لصبره فقد كرّمه. لكن ماذا نقول لمن أبغض الحسين وأنكر على الناس إحياء ذكراه ورواية سيرته والبكاء عليه؟

لقد وجد أهلنا في البحرين والقطيف في الحسين مثالاً وقدوة فاقتدوا به فماذا وجد من اقتدى بيزيد بن معاوية؟ سؤال يجيب عليه واقع المسلمين المزري اليوم ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

nasirbahrani@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

annabaa@annabaa.org