الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

ايها المتبرعون بالدم

تطبروا قبل أن تتبرعوا

حسين محمد حكيم الطريفي

التبرع بالدم.. كلمة حق أريد بها باطل وهي دعوى بلا دليل عقلي ولا شرعي كما أنها مناهضة لطريقة العقلاء والفقهاء في طرق إستدلالهم على المطالب العلمية والشرعية كما يقول سماحة آية الله العلاّمة المحقِّق الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي، انتشرت في السنوات الأخيرة وسط المجتمعات الإسلامية عامة والشيعية خاصة وتغلغلت في عقول الكثير من الناس حتى صاروا يتباهون بها كإنجاز كبير لهم وبديل عن التطبير المقدس الذي صار في نظرهم منظر دموي وغير حضاري يثير أصحاب القلوب الرقيقة والضعيفة وغير حضاري بحسب تعبيرهم ويجب استبداله بالتبرع بالدم وهنا وفي هذه المقالة البسيطة سأورد بعض الفروقات التي تتميز بها شعيرة التطبير عن عادة التبرع بالدم.

فيطرح البعض التبرع بالدم لأجل إعانة مريضٍ في إشفائه أو ربما في إنقاذ حياته بديلاً عن مواكب التطبير الحسيني. ونحن هنا لا نريد التشكيك في ما وراء هذا الكلام كما يذهب آخرون إلى ذلك وربما صدقوا في شكوكهم وربما لم يصدقوا. لا شأن لنا بذلك. ولا نريد الاعتراض عليهم للجدل بما هو جدل؛ فنقول لهم: إن كنتم تقولون بأنّ التطبير الحسيني بدعة ولا دليل عليه كما تدّعون، فإنّ التبرع بالدم كذلك بدعة ولا دليل من الكتاب أو السنة ينصّ عليه، وهذا الكلام وارد جداً في النقاش مع القطع بأنهم لا يملكون رداً على ذلك.

 لكننا نريد مناقشة الموضوع للوصول إلى حقيقة الأمر التي يطلبها كل منصفٍ وعاقلٍ سويّ. لذا سأجمع شتات كلامي في عدة نقاطٍ مهمة لأجل إيضاح المطلب بأسلوب مناسب:

1.التطبير يعده عدد كبير من المراجع العظام بأنه شعيرة من الشعائر الحسينية والتبرع بالدم عكس ذلك فهو لا يعد شعيرة من الشعائر حتى لدى من يحثون عليه وما دام التطبير شعيرة من شعائر الحسين فهو من شعائر الله عز وجل وقد عده البعض أعظم شعيرة من شعائر الله ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) {الحج/32}

2.التطبير سنة نبوية كنوع من أنواع الحجامة كما بينها بعض المراجع الكرام في النجف المقدسة وكربلاء المقدسة وقم المقدسة في فتاواهم وبعض البحوث العلمية لبعض الكتاب على عكس التبرع بالدم، وكما يقول السيد المرجع صادق الحسيني الشيرازي دام ظله: التبرع بالدم بحد ذاته جيد، لكنه لا يتعارض مع إقامة الشعائر الحسينية مضافاً إلى أن إخراج الدم من الرأس فيه فوائد صحية كثيرة وهو سنة الرسول ( صل الله عليه و اله وسلم) وكان الرسول ( صل الله عليه واله وسلم) يسميها المغيثة والمنقذة، وقد اتفقت على ذلك العامة والخاصة، وذكر البخاري وغيره عدة روايات في ذلك، وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنها شفاء من الجنون والجذام والبرص وظلمة العين ووجع الضرس، وليمارس المؤمنون التبرع بالدم في يوم أخر كيوم الثالث من شعبان يوم ولادة الإمام الحسين(عليه السلام).

3.التطبير إحياء ومواساة لأهل البيت عليهم السلام بمصاب الإسلام العظيم وهذا الفداء الأعظم فهو إظهار للحزن والجزع والبكاء على عكس التبرع بالدم والذي لا يصدق عليه كل تلك العناوين.

4. التطبير يساوي ثواب عظيم من حيث انه عمل مستحب حسبما أفتى بعض المراجع وراجح حيثما أفتى البعض الآخر منهم و التبرع بالدم يساوي حسنة فهي بغرض انقاذ إنسان أو شفائه ولا يعدو غير ذلك.

5. التبرّع بالدّم إنما يتمّ بواسطة العروق الغليظة وهو دم نظيف خالٍ من الرّواسب التي طالما تكون في الدّم المتواجد في الشرايين الدقيقة التي تخرج بواسطة الحجامة، لذا أكّد الأطباء أنّ الدّم إذا خرج من الشّرايين الدقيقة - أي من غير الأوردة الغليظة كالتطبير حيث خروج الدم الراكد تحت الجلد - تتجدّد الخلايا، وتخفُّ الرواسب المتواجدة في الدم، لذا فإنّ وظيفة الكِلى هي تكرير الدّم من الأوساخ وتنقيته من الرواسب العالقة به، من هنا إذا تعطّلت كليتي الإنسان فإنه بحاجة إلى عمليّة غسل الدّم في كلّ أسبوع أو أسبوعين، وعليه؛ فإنّ الحجامة أو التطبير يفيدان الجسم ويعينان الكِلى على تأدية مهامها بشكل أسرع وأفضل.

6. دم التطبير تخرج منه كرات الدم الحمراء الهرمة أما دم التبرع بالدم فتخرج منه كرات الدم الحمراء السليمة.

7. دم التطبير تخرج منه كرات الدم البيضاء بنسبة 15 % فقط أو أقل من ذلك، لأن تركيزها في الدم الرئيسي، وبذلك يقوى الجهاز المناعي أما دم التبرع بالدم فتخرج منه كرات الدم البيضاء بنسبة 100 %...

8. دم التطبير لا يخرج منه الحديد نهائياً وبذلك يرتفع الحديد و الهيموغلوبين أما دم التبرع بالدم فيخرج منه الحديد بنسبة 100 %...

9. دم التطبير يذهب إلى الشخص نفسه لأنه بإخراج الدم الفاسد يستبدل الدم الخارج بدم مباشر من الأوردة إلى الرأس عن طريق الشرايين والشعيرات الدموية. والدم الجديد يقوّي الجهاز المناعي، ويقوي الدورة الدموية، وبخروج الدم الفاسد ترتفع نسبة الحديد وتنشط الغدد اللمفاوية ويرتفع الهيموغلوبين أما دم التبرع بالدم يذهب إلى الآخرين.

إذن وبعد كل ما ذكرنا أعلاه من استدلالات وفروقات حول شعيرة التطبير وعادة التبرع بالدم المستحدثة فنقول بأنه جميل أن تتشكّل مجاميع للتبرع بالدم يوم عاشوراء والأربعين باسم الحسين (عليه السلام) وجميل أن تسمى بإسمه المبارك أيضاً ولكن كل ذلك ليس بديلاً عن شعيرة التطبير الحسيني ولا يتساوى معها لا في الأفضلية ولا في الإستحباب كما قالت بذلك المرجعية الرشيدة في شتى بقاع العالم ومن يقول خلاف ذلك فليأتي بدليله من المراجع العظام فهم أحرص الناس على صورة المذهب وأعرفهم بما يشوه صورته أو يحسنها وكل كلام يقال خلاف ذلك حول التطبير وإسائته للمذهب هو كلام موجه ضد مولانا وإمامنا ولي أمر المسلمين السيد القائد المهدي المنتظر عجل الله فرجه المبارك فهم نوابه الكرام المعينون من قبله سلامه الله عليه في حديث الغيبة الكبرى المشهور وأهل البيت أدرى بالذي فيه.

 وهذه القضية محفوظة من قبله سلام الله عليه وعجل له الفرج فلو كان هناك أي إشكال فيها لأوقفها المراجع العظام حالاً فنحن على يقين تام باتصالهم وتواصلهم بمولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام وكما ورد عن بعضهم بعد وفاتهم حول تشرفهم باللقاء المقدس معه عليه السلام وعجل له الفرج. فالإمام ليس معطل الصلاحيات في غيبته الكبرى كما يريد أن يصور لنا البعض من خلال التهم التي يلقيها يميناً وشمالاً ومن قصد ومن دون قصد بل هو يقوم بكل واجباته وصلاحياته في فترة غيبته الكبرى سلام الله عليه فلو رفع الإمام عن هذه الأرض لساخت بأهلها كما ورد في الروايات الشريفة وأهل الأرض ينتفعون به كما ينتفعون بالشمس كما ورد عن صادق أهل البيت عليه السلام.

أما عن تذوّق البعض لكلمة التبرع بالدم كبديل عن شعيرة التطبير فليتقوا الله في أنفسهم وليعلموا أن الإمام الحسين عليه السلام هو استثناء في الوجود قبل ولادته وبعد ولادته وإلى قيام الساعة هو استثناء في كل شيء وحتى من يخالف شعائره له عذاب استثنائي في الدنيا قبل الآخرة كما دلت الشواهد والأدلة المقرونة، فالبديل إمّا أن يكون أفضل أو مساوٍ على الأقل في ميزان المفاضلة وقد رأينا النتيجة قبل قليل حينما ذكرنا الفرق بين التبرع بالدم وشعيرة التطبير.

 فلا وجه لطرح التبرع بالدم بديلاً عن التطبير الحسيني بأيّ نحوٍ من الأنحاء. ومن أدعى غير ذلك فعليه البينة والبينة هنا هو كلام المراجع الجامعين للشرائط فهم أهل الإختصاص في ذلك لا غيرهم من العوام ومن لم يصل درجة الإجتهاد.

يقول سماحة الشيخ علي الكوراني حول مدح بعض العلماء للشباب فيقولون (حثوا الشبيبة أن تتقدم بالتبرع بالدم في أيام عاشوراء وقد نصبت المخيمات لذلك ) انتهى. فما داموا عملوا برأي المرجع الذين يقلدونه.. فعليهم أن يحترموا حرية المكلف الذي يعتقد بجواز التطبير، ولا يصادروا حريته ويحرموا فعله، أو يسخروا به ويقولوا له إنك تنكل بنفسك وترتكب الحرام، أو أنك تجلد نفسك باللطم، أو أنك تذرف الدموع وتستغرق في شخصية الحسين ويجب أن تستغرق في الإسلام !!

وأمثال ذلك من عبارات التهويل والتضليل الإعلامي، والسخرية بفتاوى المراجع، والسخرية بدموع الشيعة ومخزون عواطفهم المقدسة، ومراسمهم التي هي العامل الشعبي الأول في حفظ تدين المتدينين..

إنها كلمات قاسية مضللة..ابتدعها وبدأ بإشاعتها في عصرنا شخصٌ أعرف أنه لم تجر من عينيه على الحسين دمعة واحدة ! ولا خامر مقامه الرفيع المقدس أبداً ! ولا تفاعل مع ظلامته الفريدة اليتيمة في تاريخ الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم !! انتهى كلام الشيخ الكوراني.

وهنا أختم مقالتي ببضع كلمات ولائية لسماحة آية الله العلاّمة المحقِّق الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي جعلها الله في ميزان حسناته حيث يقول العاملي: إنّ مواكب عاشوراء بلبلت أفكارهم ونغّصت عيشهم لأنها تملأ النفس بالكثير من الدخان العاطفي _ حسب تعبير المعهود _ لأنّ البكاء والتطبير وبقيّة المراسم ليس فيها شيء من الترف واللعب واللهو الّذي يحبّه أولئك المتحضّرون، إنهم يريدون للفرح واللهو أنْ ينطلقان بدلاً من الدموع والحسرة على الإمام المظلوم (عليه السلام)، ولو سنحت لهم الظروف المؤاتية لَمَنعوا الكثير من مفاهيم الإماميّة ومعتقداتها لكونها تعارض توجهاتهم الحزبيّة والسياسيّة وانكبابهم على الدّنيا وزخارفها، إنهم أناسٌ متلونون، يجب أنْ تحذر منهم القواعد الشيعيّة الموالية للعِترة الطاهرة (عليهم السلام)، لا سيّما العلماء الأتقياء والخطباء الصالحون.وإن الحضارة هي أنْ تلتزم خطّ الدين، إنْ كان في الواجبات أو كان في المستحبات والمكروهات والمباحات، فلا يكون المستحب حضارياً إلاّ إذا توافق مع المصالح الشخصيّة والرّغبات الدنيويّة، ولا يكون حضارياً إذا ما عارضها وصادمها ووقف بوجهها؟!

حضارة الشرق هي بقيمه ومبادئه، وحضارة الدين إنما هي بإقامة أحكامه حتى لو عارضت المصالح والتوجهات والأنانيات، وليست الحضارة هي التي يؤمن بها الغربيون أو تتوافق مع رغبات أولئك المتلونين المشكِّكِين.

ومن هنا وبعد كل ما قلنا لا ينبغي لأي جاهل غررت به تلك المقولة وهي التبرع بالدم أفضل من إهداره بالتطبير أن يأتي ويتبجع علينا ببضع كلمات لا يفقه ما وراءها وندعوهم لأن يتطبروا خيراً من أن يتبرعوا لما لذلك من فائدة وثواب يعود عليهم كما بينا والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليهم السلام ولا جعله الله آخر العهد منا للقيام بذلك العهد الذي خطته لنا عقيلة الهاشميين مولاتنا زينب عليها السلام وما زال يجدده مولانا وولي أمرنا السيد القائد المهدي المنتظر بالدم المسكوب من عينيه المباركتين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/كانون الثاني/2011 - 26/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]