كل هفوة وخطوة وندوة وسطوة تحصل في العراق تبثها القنوات
الإعلامية البارزة والعربية خصوصاً ولا يبقون شيئاً إلا ويذكروه
ويحللوه ويفصلوه ويثبوا سمومهم فيها طبعاً أثناء الخبر والتحليل
والتقرير فكلٍ يعمل على شاكلته وعلى الجهة التي تدفع أكثر...
قناة العربية السعودية التابعة لأحد امراء العائلة الحاكمة...
وقناة الجزيرة القطرية التابعة لأحد أمراء العائلة الحاكمة...
وقناة الأم بي سي (mbc) السعودية التابعة لأحد امراء العائلة
الحاكمة...
وقنوات عراقية فضائية محلية في بعض المحافظات...
والقنوات المصرية التابعة للجمهورية المصرية كقنوات النيل
والقاهرة وغيرها...
والقنوات الامارتية كأبو ظبي ودبي والشارجة وغيرها...
والقنوات الكويتية الاخبارية كالرأي والكويت الاولى وغيرها...
وقنوات التقارير كقناة ناشينال جيوغارفيك ابو ظبي (national
geographic ABUDHABI) والجزيرة الوثائقية... التي بخلت حتى بتقرير
وثائقي حول الواقعة أو عادات الشعوب حولها...
وقنوات اخرى عربية تابعة للدولة ولأشخاص وسياسات ممولين لها...
إشتركوا بشيء واحد قبل أيام وهو التغطية على تغطية ذكرى عاشوراء
الحسين (ع) إعلامياً وتعمد إخفاء وطمس الذكرى وعدم التلميح لها
أصلاً...
في يوم العاشر من المحرم قد وصل عدد الوافدين الزائرين لمرقدي
الحسين والعباس (ع) في كربلاء أكثر من ثلاثة ملايين وخمسمائة الف
زائر (3.500.000) منهم مائة وخمسين الف أجنبي (150.000) من خمس
وعشرين (25) دولة عربية واجنبية...
مراسيم امتدت من اولى ساعات الفجر من يوم العاشر من المحرم
ولغاية حوالي الساعة الرابعة مساءاً، لم يتم نقلها ولا ذكرها ولا
حتى التلميح لها بالسبتايتل الإخباري...
بينما يذكرون حتى الهفوة الصغيرة لما يحلو لهم من شيء حصل في
العراق...
قنوات تغطي كل تصريح وحدث ولو بسيط... ولكن لشعائر مليونية في
مختلف البلدان لم يتم ذكرها ولا نقلها ولا حتى بدقائق في نشرة
الأخبار...
بينما ذات القنوات تنقل وتغطي لساعات مراسيم تنصيب بابا
الفاتيكان بينيديكت، وكلام للدالاي لاما زعيم البوذيين وطقوس
وشعائر دينية لدول لا تمس لواقعنا بصلة... ولكن مع شعائر حسينية لا
والف لا...
فهي خط أحمر حتى للإعلامي الحر الذي لا يتسنى له كسر سياسة
القنوات...
وما أداراك ما سياسة القناة..؟!!
أنا لا أقول هنا بأن هذه الشعائر تمثل الإسلام أو لا فهو ليس
موضوع مقالتي... ولا أقول أن جميع المسلمين يطبقون تلك الشعائر...
ولا أقول أن جميع المسلمين يؤمنون بقضية الأمام الحسين وشعائر
عاشوراء...
ولا أقول أن جميع تلك الشعائر صحيحة... ومتى كان هنالك شيئاً
جميعه صحيح وكله جميل ويتم نقله على هذا الأساس !!
ولكن هنالك عشرات الملايين خرجوا في يوم وحد في جميع قارات
العالم لأحياء ذكرى قتيل سنة 61هـ أي إحياء ذكرى قتيل قُتِل قبل
1371 سنة ولازال ذكراه تثير الدمعة والحزن وتلهم الدروس والحكمة...
ألا يستحق كل ذلك برنامج خاص لتغطيتها، أم أن سوق الأسهم
وتغطيتها كل رأس ساعة أهم!!
في تركيا تجمع عشرات الآلاف لأحياء ذكرى عاشوراء الحسين وحضر
التجمع وألقى الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي كلمة
بالمناسبة كما القى كلمة كلٍ من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان
رئيس الوزراء عبد الله غول وقال معلومة مهمة وهي (أنه سيعيد النظر
كلياً بطريقة صياغة المناهج التاريخية الإسلامية وسيتم تعديلها بعد
أن تفاجئ بحقيقة الأمام الحسين (ع)...)
وكذلك أحيت ذكرى عاشوراء الحسين الحزينة دول باكستان وافغانستان
واذريجان وايران والعراق والكويت والبحرين والسعودية ولبنان وسوريا
والاردن ومصر والهند والصين ودول آسيوية وافريقية وأوربية وفي
امريكا وكندا واستراليا...
وفي العراق ألقى رئيس الوزراء السيد نوري المالكي كلمة مهمة
بالمناسبة الحزينة لمقتل ابي عبد الله الحسين... ولم يتم نقلها أو
التلميح لها...
وكذلك ايران بمشاركة الرئيس الدكتور احمدي نجاد...
طبعاً سيتم تغطية خبر تفجير حصل لتلك الشعائر وسيكونون
السبّاقين بذكر أعداد القتلى، وتهويل الحدث، وترويع المشاهدين بصور
دماء الضحايا وصور قتلاهم وسحابات الدخان...
ولكن إن مرت الشعائر الحسينية المليونية من دون حادث إرهابي،
فسيتم إخفائها وعدم تغطيتها... !!
كلها تم إخفائها وعدم تغطيتها عن عمد وقصد... ولماذا ؟!!
ولا أعتقد أن صاحب الضمير وصاحب العقل الواعي والقلب السليم
سيكون جواب (لماذا) صعباً عليه... بينما سيتغابى ويتجاهل الحاقد
المعاند...
طبعاً اسجل شكري هنا لقناة (الرسالة) الخليجية والتي بثت
تقريراً وفلماً تسجيلياً من إعدادها بالمناسبة وقد شاهدته فشكراً
لهم طبعاً كان المعد والمقدمين من الأخوة شيوخ السنة... وانا أكره
أن أقول سنة وشيعة ولكن جرت عليّ الدواهي التكلم بتلك المسميات
فالعيون عبرى والقلوب حرى...
بينما ألمح لتلك الشعائر قنوات ليس لها وصلاً بالمنطقة ولا
بدينها كقنوات البي بي سي (bbc) البريطانية و السي ان ان (cnn)
الأمريكية...
فلا يتم تغطيتها على أساس أنها ثقافة شعوب، ولا تنقل على الأقل
كعادات وتقاليد مليونية... كما ينقلون أخبار حول العالم من عادات
هندوسية وبوذية ومهرجان الطماطة والبرتقال والثيران وغيرها من
تقاليد وعادات الشعوب التي نراها من على قنواتكم...
لم يغطوا الشعائر المليونية، وركضة طويريج المارثونية التي دامت
لأكثر من ثلاثة ساعات متواصلة ولكيلوات المترات شباباً وشيباً
وأطفالاً ونساءاً ورجالاً يهرولون وهم يبكون تجاه مرقدي الحسين
وأخيه العباس بكربلاء...
ولكنهم يخشون هذه الشعائر لأن فيها إحياء للثورة وإحياء للثبات
على الحق... ونبكي عليه لأن في البكاء عليه إحياء ونهضة وخلود
لذكرى العزة والكرامة والثبات على الايمان...
وهذا لا يعني أن كل من يحيي تلك الشعائر مؤمن ملتزم...!!
ومتى كان الكل في الأمور قياس فالكمال لله سبحانه...
أنا لا أريد التكلم بالمذهبية، فأنا أكره ذلك النوع من
الكلام... وصدقوني وأقسم لكم أني رأيت مواكب أنشئها مسيحيين وصابئة
فيها يجلس السنة والشيعة كلهم سواء يعزون بقتل حفيد رسول الله...
أيييه يا وسائل الأعلام ويا حكام حكمت خيرة الناس بالفساد
والظلام والجهل...
ولعنت زماناً خصى العقل فيه تقود فحول العقول !!
ايييه يا وسائل اعلام محكومة بسياسات وتوجيهات دول عظمى
وتوجيهات حكام فاسدين وشهوات من يحكم الناس بالحديد والنار والظلال
والظلام، فقد صرتم يا كتاب وإعلاميين عبيداً بعد أن خلقكم الله
أحراراً، وقد جرت عليّ الدواهي مخاطبتكم... فالعيون عبرى والقلوب
حرى...
ألا يتساءلون لماذا يزداد هذا الخط الحسيني في كل عام ولم يوقفه
ويؤخره لا حاكم ظالم حينما قتل وآذى وملأ السجون بأنصار الحسين...
فإذا بهم يزدادون في كل عام...
ألا يتساءلون لماذا يزداد هذا الخط الحسيني في كل عام ولم يوقفه
ويؤخره تفجيرات العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والانتحاريين
والدول التي تضيق وتحارب من يناصر ويظهر النصرة لمقتل سيد شباب أهل
الجنة... فإذا بهم يزدادون في كل عام...
قتل من نوعان قتل تنفيذ وقتل باللسان والقلم...
لماذا فسدوا ولم يعيروا أهمية للقران الذي قرأوه وتعلموه وقوله
تعالى: (من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس
جميعا) !!
من قتل الحسين بالسيوف والألسن في السابق والحاضر... لم يفعل
ذلك جهلاً منهم بالحسين أو اشتبهت عليهم الأمور فهم يعرفون من هو
الحسين ولذلك قتلوه، لأنهم يعرفون من هو الحسين...
عرفوه كما عرفوا أن ما بقي الإسلام ومبادئ الخير والعدالة إلا
وزالت عروش الظالمين...
تفجيرات في مناطق متفرقة تستهدف مواكب عزاء لشهادة أبي عبد الله
الحسين (ع) ووسائل إعلام تغطيها ولكن تخفي نشر تلك الشعائر ولا
تعير لها أدنى أهمية... والسؤال هنا:
ما الخطر الذي يخاف منه هؤلاء وسياسييهم والدول العظمى التي
تدعمهم وتمولهم وتناصرهم فما الذي يخشوه ويخافوه من كثرة المد
الحسيني وخط نصرة الحسين (ع) في العالم !!
ألا يتساءلون لماذا لا يفجر القوم الجيش الإسرائيلي الغاصب
لفلسطين ولأجزاء من لبنان ومن سوريا والجيش الإسرائيلي الذي يذل
ويقتل يومياً بالمسلمين والمسيحيين... ؟!!
هم لا يفعلون ذلك لأنهم تم توجيههم سياسياً وتم صرف الأموال
الباهظة لأجل حصرهم بهذا الاتجاه وغسل أدمغتهم وتوجيهها بهذا
الاتجاه الطائفي لكي لا ينتبهوا لفساد الحكام والأمراء والملوك
والرؤساء والسياسيين والدول العظمى في العالم التي تدعمهم بأموال
السحت والربا والشبهات هم ومن ناصرهم ورضي عن عملهم وعنهم...
الحسين ألهم الناس المعروف وحب الخير...
الحسين نصير نهج الله وعدو لكل فاسد ومرتشي ومستغل لحقوق عمّاله
ومن ينشر الشهوات والخلاعة في الأفلام والأغاني والبرامج والشوارع
وحياتنا اليومية ليسيل لعاب البعض لا لشهوة طعام بل لشهوة
الحيوان...
والحسين نصير لنهج الله ومن يساعد الفقراء ويسدد ما بذمته من
حقوق لله من زكاة وخمس وصدقات... والحسين نصير لنهج الله ومن يفضح
الفاسد ولا يتملق له ولا يناصره على حساب من ليس له ناصراً إلا
الله...
والحسين حرب ضد كل من يسرق المال العام والحق العام والممتلكات
العامة وأموال الشعب ويملأ بها بطنه وبطن عائلته بينما يجوع
الفقراء ممن يدعون عليه بالويل والانتقام في الليل والنهار...
والحسين ثورة والثورة تغيير، والبعض يخاف من التغيير لأن هذا
البعض سيكون أول من يطرد بفضل هذا التغيير...
والحسين ثورة، والثورة صلا ح إجتماعي وها هو الحسين صارخاً
بكربلاء:
(لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً ولكن خرجت لطلب
الأصلاح في أمة جدي رسول الله).
نحن في عالم مظلم وظالم وأسود كالح... تباح فيه الدماء وتنتهك
فيه الحرمات وإطفئت فيه أنوار الهداية والعلم عن علم وقصد، فنحتاج
الى مصباح يضيء لنا دربنا ولسفينة لتنقذنا من موج الظلال العاتي
وفيضانات الفساد وتسونامي الهيمنة العالمية الجديدة والحاكمين
الناس بالحديد والنار...
فبحثنا فتعبنا من سياسات ومن فتاوى ومن أنظمة عالمية ومن تقارير
وأخبار وبحوث ونسينا حديث رسول الله (ص) في الحديث الذي أخرجه
البخاري في صحيحه وأحمد بن حنبل في مسنده وأثبته الكثيرين من علماء
مسلمين بقوله (ص):
(الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)
نتخذه قدوة، لقول رسول الله فيه كذلك فهو المصباح في عالمٍ مليء
بالظلام والفتن...
أراد يزيد أن يقتل مبادئ رسول الله في كربلاء بقتل الحسين فبث
مقتل الحسين الروح في الأمة وأحيتها من جديد بعد أن زاغت العيون
وتعطلت العقول عن التفكير...
كل من ذكر عنده اسم الحسين وانزعج أو ضجر أو لم يرتح لذكره
فأعلم أنه فاسد أو ظالم أو قاتل أو جاهل بحقه...
فالحسين مصباح هدى وهم يكرهون أن يفضح نور المصباح ظلم وسواد
لياليهم الفاسدة...
يقول الكاتب الفرنسي الكبير فكتور هوجو:
(مهما فعل أولئك الذين يحكمون عندهم بالعنف و عند غيرهم
بالإرهاب...
مهما فعل أولئك الذين يعتقدون أنهم سادة الشعوب وما هم في
الحقيقة سوى إرهابيون لدى الضمير البشري...
فالإنسان الذي يكافح من أجل العدالة و الحق يجد دائماً السبيل
إلى أداء واجبه كاملا غير منقوص...
إن قوى الشر الأعظم في العالم، لم تتمكن في النهاية سوى من
تبديد جهودها أدراج الرياح...
إن الفكرة تنجو دوماً ممن يريد خنقها، بحيث تصبح غير مرئية
لأعدائها، فهي تتحول من شكل لآخر، والشعلة تظل تشع إذا أطفأناها،
أو غطيناها بالظلمات !!! فالشعلة تصبح صوتا، ولا يمكن فرض الليل
البهيم على الكلمة. فلو أغلقنا فم المتكلم سرعان ما تتحول الكلمة
إلى نور ولا يمكن حجب النور).
[email protected] |