الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

مسؤولية المثقف في عاشوراء

عبد الكريم العامري

 

شبكة النبأ: من خلال الرأسمال المعرفي الذي يمتلكه المثقفين في فهم الأزمات التي تحيط بالمجتمع الإسلامي، يتمكنوا من تزويدنا بالثقافات والرؤى الأكثر شمولية، من توسيع المدارك نحو المستوى الأفضل، بخصوص الاستقامة والانحراف. يتمكن المثقفون باستخدام أدواتهم المعرفية في قنوات اجتماعية ترفع من مستوى الاستقامة أو تعالج الانحراف الى المستوى الذي يدرك المجتمع من خلاله قول الحسين(ع): (إنما خرجت أطلب الإصلاح في أمة جدي وسيرة أبي علي بن أبي طالب).

إذا وعي المجتمع الإسلامي دوره الرسالي، من خلال ترفيع المثقفين لمستوى إدراكه، وتكيفه الاجتماعي، أدرك عندها المثقفون أهمية الرأسمال المعرفي في تحقيق أدوارهم الاجتماعية بالاستفادة من عاشوراء الحسين(ع). بذلك نكون قد أسهمنا في إبلاغ رسالة الإمام الحسين(ع) الداعية الى إحياء معالم الحق وطلب الإصلاح، مما يسبب انقاذ البشرية من الظلمات والمتاهات الفكرية .

إن حالات الانحراف بأنواعها، التي اعترت المجتمع الإسلامي، ليست مبررا أمام المثقفين للانطواء على الذات، النكوص، أو تقمص ثقافات غربية أو شرقية دخيلة، أو الاكتفاء بثقافة ذم النفوس. فليست هذه الفوضى التي تشاهد في بلاد الإسلام دليلا على اليأس، بل حالها حال التثاؤب الذي يتصف به الناعس بعد نوم طويل، حيث أن التثاؤب في هذا الحال، دليل الشروع في يقظة، لا الأخذ في النوم. لقد نام المسلمون طويلا حتى قسمت بلادهم، نهبت أموالهم، هتكت أعراضهم، أريقت دماؤهم، سادت فيهم القوانين الكافرة، عم فيهم الفوضى، الجهل، الفقر، المرض، العداء والفرقة، ..الآن أخذوا يتثاءبون للنهوض، فإذا تمكنوا من جعل برامج صحيحة للنهوض، لوصلوا الى هدفهم السامي بإذن الله تعالى.

تفاعل المثقف في تعاطيه مع عاشوراء ووعيه لحقيقة الأزمات التي تعيشها الأمة، استحضاره لهدف الإمام الحسين(ع) الذي أراد أن يبث روح الإيمان والحق فيها، لتنهض من جديد، كما كانت في عهد رسول الله(ص)، لأنه كان يرى أن الدين على وشك أن يحرف، (فأراد أن يعيد الدين غضا طريا) يخلقان الإيمان بعدم التخلي عن دوره الطبيعي الواجب تشغيله في ممارسته الاجتماعية إزاء الاستفادة من ثورة الإمام الحسين(ع) وشهادته في عاشوراء.

إن المجتمع بفقده للقيم ومنظومة المعايير، يصبح أفراده متنابذين متأزمين، فتضمحل طاقاتهم، تتردى فيهم روح المحاورة وحرية التعبير، فيلتمسون فضول الحطام ويتنافسون على السلطان، فلا يأمن فيهم مظلوم، لا تعمل بينهم فريضة أو سنة أو حكم.

عمل المثقف لا يقتصر على إيصاله للمعلومات بل عمل تحليلي لواقع المجتمع وأخلاقياته، ولخطورته يفتقد الى منزع بمستوى تظهير القيم العليا وتقديمها للمجتمع. ثقافة عاشوراء التي أرادت تكريس معنى الوجود الإنساني وتحديد الحياة وأهدافها، نجد أنفسنا أمامها وأمام صناعها المبدعين لمضامينها الفكرية العميقة إيمانا وفضيلة وتقوى، فنهضة الإمام الحسين(ع) كانت نبراسا لسائر النهضات التحررية في العالم ضد الظالمين.  

إن الإمام الحسين(ع) عبر نهضته المباركة دل الأجيال على الطريق وأوضح عن السبيل لعلاج مشاكل المجتمع والحصول على سعادة الدنيا وكرامة الآخرة. حينما كان المجتمع الإسلامي يلتزم شيئا ما بتلك التعاليم الإسلامية، كان يعيش العزة والسعادة والرفاه والكرامة، لم يكن يعرف شيئا من هذه المشاكل الموجودة اليوم..بل كان العكس، فالذي كان يعيش هذه الأزمات والمشاكل هم أعداء الإسلام حيث غرقوا حينها في بحار من الجهل والتخلف.

فمن ثقافة عاشوراء، ندرك أن الأمة إذا فقدت وعيها: عصت. يقول الإمام الحسين(ع): (اللهم إنك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة).

إن الأمة التي تفقد وعيها، أمة متأزمة في علاقتها بدينها وفي بعده الروحي والعقيدي؛ هذان الأمران مترتبان أحدهما على الآخر، فالارتباط الروحي العقيدي يربط أفراد الأمة بأسسها الدينية، ويحرك كوامنهم الرافضة لأشكال الظلم والاستبداد والعبودية إلا لله تعالى، فالدين يدعو الى الفضيلة التي لا يدعوا إليها أي قانون، ويمهد سبيل العيش الرغيد، في جو سلام ورفاه.

ان المشاكل الإجتماعية الناجمة عن تفاعل القوى الشريرة في النفوس أخذا وعطاء، لا تكبحها إلا العقيدة، فهي كقتب الناقة وزمامها اللذين يسهلان امتطائها، ويفعل الترغيب والترهيب وبث التفرقة التي برع المعادون في استخدامها فرغت الأمة من محتواها العقائدي.

فالمجتمع الواعي بمثقفيه وغيرهم، إذا أدرك عوامل الانحراف تولدت لديه أفكار وتصورات منزعها الشعور بروح المسؤولة المبنية على طبيعة تفاعله بقيمه العليا المؤمن بها. لا يختلف المثقف عن غيره إحساسا وتفاعلا، لكنه يستطيع توظيف تراكمه المعرفي بما يمتلك من قدرة استخدام أو تحريك آلياته في محاور مبرمجة واقية تنتشل المجتمع من مغبة الانحراف ومخاطر الهلكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/كانون الأول/2010 - 9/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]