الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

النهضة الحسينية صناعة الحياة وانتصار الحق

شبكة النبأ: عقد مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة مجالسه العزائية بمناسبة حلول شهر محرم الحرام 1432هـ ذكرى شهادة سبط الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه الميامين الاخيار. حيث ارتقى المنبر الحسيني الشريف فضيلة الخطيب الشيخ محمد علي الصالح الذي قدم مجموعة قيمة من الاراء والتحليلات حول النهضة الحسينية واهدافها، في هذا الملف نستعرض بعض هذه الاراء كما نقلها موقع الشيرازي نت.

النهضة الحسينية وتحقيق الحرية

غاية العبادة ان يكون المرء عبداً لله فقط فهو مع الغير حراً، والحرية عند عامة الناس تعني عدم الإنظباط والإلتزام بالقوانين، ويشهد لذلك قول الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام في قضية بشر الحافي: «لو كان سيدَكِ عبداً لله لاستحى من الله...».

ومن هنا نقول ان سيد الشهداء عليه السلام أراد ايجاد الحرية الحقيقية للآخرين، هذه الحرية التي هي النفحة الربانية، هي العطاء الإلهي لابن آدم، فهو يصونها ويعطيها حقها.

وقد وصف سيد الشهداء عليه السلام عبيد الدنيا بقوله: «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم فإذا محصو بالبلاء قل الديانون».

وكذا حينما خاطب الإمام الأعداء علم بأنهم لن يستطيعوا سلب حرية الناس إلا بقتل الحسين عليه السلام وصحبه رضوان الله عليهم فهم كسدٍ منيع بوجه طغيان بني أمية وازلامهم.

ان الإمام الحسين عليه السلام وضع بنهضته المباركة اسس الحرية بطريقة رسمها الله سبحانه له، لذلك فقد اصبح سلام الله عليه ابو الأحرار ومنطلقهم في كل الثورات الحقة.

الموت الذي صنع الحياة

في لحظة ما وساعة ما من يوم ما وسنة معينة ينسى المرء كل شيء من هذه الحياة من شهوات واملاك وطموحات، وهي لحظة الموت لحظة الحقيقة الوحيدة والأكيدة عند معاينة ملك الموت، يُنقل ان أمير المؤمنين عليه السلام رأى يوماً قوم يدفنون ميتاً وقد حفروا له قبراً، فنظر الأمير الى الحفرة وقال: من كان هذا آخره فحري بأن لا ينظر الى شيء من هذه الدنيا.

ان الذين انغمسوا في ملذات الحياة الدنيا الفانية سيتفاجؤون يوماً بالموت لحظة الحقيقة دون ان يكونوا قد خططوا او تهيأوا له، وهذا أمرٌ خطير فهل يستطيع الفرد ان يختار موته وطريقة ذلك؟

والجواب نعم، فمن استطاع ان يجعل همه خدمة أهل البيت عليهم السلام وطاعة الله ويفني عمره في سبيل ذلك يغادر الدنيا دون أي مشقة او مفاجأة بل يرى الموت سعادة، وله قدوة في ذلك بسيد الشهداء عليه السلام القائل لا أرى الموت إلا سعادة والعيش مع الظالمين إلا برماً.

إذاً الموت نوعان موت يأتي اليك وآخر تذهب اليه، فمن امثلة الأول كما نقل لي ان شخص أتاه الموت وقد اختنق وهو في حالة الزنا ـ والعياذ بالله ـ وآخر كان في طاعة الله في لحظة الموت كما نلحظ ذلك في من يتحمل العناء والمشقة والسفر مشياً على الأقدام من مسافات طويلة لزيارة سيد الشهداء عليه السلام في كربلاء وهنا يأتي احد المجرمين السفاكين ويفجر نفسه فيذهب المؤمن شهيداً سعيداً، والإرهابي شقي تعيس.

ان هنالك عظماء اختاروا الموت الذي فيه حياة الدين والبشرية جمعاء، كما هو الحال في شهادة الإمام الحسين عليه السلام وصحبه الأبرار سادة الشهداء حقاً.

طريق الحسين طريق الحق

الناس فريقان الأول في الجنة والآخر في السعير وغير هذين الخطين لا يوجد واصحاب الحسين عليه السلام اختاروا الخط الأول وهو منهج سيد الشهداء عليه السلام فهو الداعي الى الجنة والنجاة واعداءه داعين الى النار والشقاء.

ان اصحاب ابي عبد الله الحسين عليه السلام اختاروا الدفاع عن سيد العظماء كونه يمثل الحق الذي دافع عنه، ومن هنا لابد من ان نتساءل كيف وفقوا لذلك؟

والإجابة عند متابعة سيرة حياتهم واضحة حيث ان اصحاب الحسين عليهم السلام باجمعهم لم يسجدوا لصنم قط بل كانوا من عليّة القوم، وقد اخلصوا لله سبحانه فاتخذهم الله انصاراً لسيد الشهداء عليه السلام الشاهد لهم بأنه خيرة الاصحاب حيث قال عليه السلام: لم اعرف اصحاباً خيراً من اصحابي فهم رضوان الله عليهم افضل من اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله ومن اصحاب امير المؤمنين عليه السلام.

ان اصحاب الحسين عليه السلام تركوا الدنيا لأجل الحسين وقضيته العادلة بل ان بعضهم سرَّح نساءه ليدافع عن الحسين واهل بيته صلوات الله عليهم، وفعلاً فقد صمد انصاره عليهم السلام الى آخر لحظات حياتهم، ومعركة الطف هي المعركة الوحيدة في التاريخ التي لم يهرب فيها احد بل جميع جيش الحق استشهد ولم يهرب.

اذاً الفرق واضح وجلي بين جيش الحسين وانصاره صلوات الله عليهم اجمعين وبين جيش الاعداء فالفريق الاول بحثوا عن الجنة والآخرة وفوق ذلك رضا الله سبحانه عن طريق الحسين الحسين عليه السلام القائل: «رضا الله رضانا أهل البيت»، والفريق الآخر الذي اختار الدنيا وملذاتها الفانية وكان لزاماً عليه قتل الحسين وانصاره لكونهم السد المنيع بينه وبين ما يشتهون من هذه الحياة.

الحسين عليه السلام شعيرة عظمى

كيف اصبح الحسين عليه السلام شعيرة عظمى؟ وكيف أمكن المحافظة على هذه الشعائر رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها؟.

الأعداء أرادوا القضاء على النهضة الحسينية المقدسة وكل ما يبت لها بصلة إلا ان النهضة وشعائرها مرتبطة بالله سبحانه فكيف يمكن القضاء عليها! بل الأمر على العكس حيث اخذت بالإنتشار والتوسع واليوم في غالبية بلدان العالم هناك شعائر حسينية تلازمها الدعوى الى الله سبحانه ودينه القويم.

قد يتحول العظماء احياناً الى قضية وفي حين آخر الى قضايا متعددة، اما الإمام الحسين وهو من سادة العظماء فهو يمثل ثلاث قضايا: الجسد المقدد والحق المهدد والعبد المؤيد.

والحسين عليه السلام يمثل الحق فهو معه والحق معه حيثما دار، ومن هنا قال سيد الشهداء عليه السلام انا احق من غير، ولا يمكن لأي شخص ان يعرف الحق مثل الإمام الحسين عليه السلام او يدعي انه ملازم للحق فلا افتراق بينهما.

اما الحسين عليه السلام فهو ولد بالحق كما خلق الله سبحانه الكون بالحق، لذا فإن الاعداء مهما حاولوا ابعاد الحق عن الإمام ما استطاعوا، فلو استطاعوا ان يغيّروا مسير الشمس لن يستطيعوا ابعاد الحق عن الحسين عليه السلام ومن هنا فانه يمثل الميزان، فمن اراد الحق والنجاة كان مع الحسين ومن اراد الباطل كان في ضده مع الأعداء.

الحسين عليه السلام اصبح قدوة المصلحين والثائرين كانوا حينما يتعاهدون فإنهم يقصدون كربلاء سيد الشهداء عليه السلام ليتعاهدوا عنده عليه السلام لكي يكون مسيرهم وثورتهم على خطى الإمام وعلى نهجه الإصلاحي، فما من ثورة مشروعة إلا وهي من الحسين عليه السلام والى يوم القيامة.

وارث الانبياء

طهراً وسلوكاً وعملاً وفكراً وصفاتاً بل لحماً ودماً كان الإمام الحسين عليه السلام وارث النبيين والمرسلين والأصفياء والأولياء وهذا ما نقرأه في زيارة وارث الشريفة, ورثهم في كل شيء ما خلا للنبوة, وهو سلام الله عليه أفضل من الأنبياء جميعاً ماعدا النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله, وأفضل من الأوصياء جميعاً ما خلا أمير المؤمنين عليه السلام.

 ان أنبياء الله سبحانه كانوا هبة الله لعباده وفق قاعدة اللطف لإنقاذ الناس من الضلالة والتيه والحيرة وكذا الحسين عليه السلام هو المنقذ للعباد ومخرجهم من الظلمات إلى النور, رغم ان أعداءه كانوا على علم بمنزلته ومكانته ومقامه وقاموا بقتله بتلك الصورة البشعة, وهو سلام الله عليه هدف إلى إصلاحهم وانقاذهم وأقام الحجة عليهم إلا انهم اصروا واستكبروا استكباراً ولم يزدهم دعاءه إلا فراراً, فلهم شبهاً بقوم نوح وكذا شبه باليهود الذين قتلوا الأنبياء والأوصياء.

 ان الحسين عليه السلام استشهد لأجل إعلاء كلمة الله سبحانه وإقامة دينه, لذا فإنه ثأر الله وكيف يمكن لله سبحانه ان يتخلى عن ثأره, فالحسين وشعائره لله سبحانه فكل من يقف ضد الشعائر فقد اعتدى على حدود الله سبحانه ومن يعادي الله ورسوله فقد خاب.

حوارات النهضة

 كل شيء في هذه الحياة يذهب ويفنى ما لم يرتبط بموقف يخلده، وهذا الأمر كما يرتبط بعنوانٍ ما كما في الأشخاص كذلك يجري في الأراضي والبقاع، فكربلاء أرض لولا الحسين عليه السلام وموقفه ودمه الطاهر لما تقدست وطهرت فهي مقدَّسة بالحسين وفيها الكثير من آثاره ومواقفه ومنها موضع شبه الحجرة يسمى «موقع حوار الإمام الحسين عليه السلام مع ابن سعد».

الإمام أراد بموقفه هذا وحواره انقاذ أعداءه من الهلكة وإصلاحهم، شأنه في ذلك شأن الأنبياء والمصلحين، فوقف الحسين عليه السلام مصلحاً ومنقذاً ومقيماً للحجة ومتممها قبل اشتعال اوار الحرب واثناء المعركة، ولم يبتدء القوم بالقتال بل كانوا هم المبتدئين، فنهجه نهج الأنبياء عليهم السلام فما من نبي او وصي ابتدأ الأعداء بالقتال بل كانوا هم المبتدئين.

استخدم سلام الله عليه الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة بواسطة الحوار الهادف وقد اهتدى بذلك بعض الأعداء وان كانوا قليلين، اما الباقون فقد بقوا في طغيانهم يعمهون فقلوبهم كالحجارة او اشد قسوة.

اسلوب الحوار قد اتبعه الأنبياء والمرسلون كما نقرأ في قصة نوح النبي وابراهيم الخليل وموسى الكليم عليهم السلام والإمام الحسين عليه السلام اتبع ذلك بمنطقة المؤثر وكلامه العذب إلا ان الاعداء ولخوفهم من كلماته الربانية افتعلوا الضوضاء حتى لا يسمع جنودهم كلام سيد الشهداء فيتأثروا ويقع النزاع بينهم ويتهدوا آخرون.

 ان ساقي عطاشى كربلاء وعلامة معسكر الحق سيدنا أبا الفضل العباس عليه السلام اراد هدي الأعداء واصلاحهم بالحوار وقد حاورهم ولكن ناديت اذا اسمعت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.

ومن الحوارات التي سجلها التاريخ في واقعة الطف، ان شمر بن ذي الجوشن اتى الى معسكر سيد الشهداء عليه السلام ونادى ابن اختنا العباس واخوته فلم يجبه العباس عليه السلام وسمع الحسين ذلك فقال لاخوته وانصاره من هذا المنادي؟ قالوا: الشمر، قال عليه السلام: اجيبوه وان كان فاسقاً، ذهب اليه ابا الفضل عليه السلام واخوته وقال له: ماذا تريد؟ قال هذا كتاب امان لك واخوتك فلا تقتلوا انفسكم مع الحسين؟

فأجابه العباس عليه السلام: تباً لك ولأمانك اتأمنني وابن رسول الله لا امان له!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/كانون الأول/2010 - 9/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]