الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

المرجع الشيرازي بمناسبة عاشوراء: فساد العالم وهلاكه في تلاعبه بالدين وكتمانه الحقّ

 

شبكة النبأ: دعى المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي العلماء والمبلغين الى تحمل مسؤولياتهم الكبير في ايام عاشوراء الامام الحسين عليه السلام وتبيين الحق وعدم كتمانه فالكثير من المؤمنين والمؤمنات قتلوا في سبيل القضية الحسينية المقدسة على مرّ التاريخ، وخصوصاً في زمن بني أمية وبني العباس، فلمدة قرن كان القتل والتعذيب والسجن ومصادرة الأموال والأملاك مصير كل من يشترك بعزاء الإمام الحسين صلوات الله عليه أو من يذهب إلى زيارته، وحتى من كان يسمّي ولده حسيناً كان يتعرّض للسجن والقتل، فمسؤولية أهل العلم وخصوصاً في شهري محرم وصفر أن يلتزموا بنهج الإمام الحسين صلوات الله عليه في تبيين الحقّ وترك كتمان الحقّ، كل حسب قدرته وطاقاته، وعليهم أن يحذروا من اللعب بالدين، وهذا الأمر بأيديهم.

جاء ذلك في كلمة مهمة وقيّمة القاها سماحته دام ظله، بمناسبة قرب حلول شهر محرّم الحرام، وذكرى ملحمة عاشوراء الخالدة واستشهاد مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه، وكالسنين السابقة، بجمع من العلماء والفضلاء وأساتذة الحوزة العلمية والمبلّغين من طهران وأصفهان وقم المقدسة، وبحضور جمع من الفضلاء والضيوف من العراق والخليج وسورية، وذلك يوم الأربعاء الموافق للرابع والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام 1431 للهجرة في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، وجاء فيها:

ذكر المرحوم العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في البحار في كتاب الصلاة أن الإمام الحسين صلوات الله عليه كان يدعو الله تعالى بقوله صلوات الله عليه: «اللهم وأعذ أولياءك من الافتتان بي، وفتّنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء والاستخلاص بسلوك طريقتي واتّباع منهجي»(1).

وقال سماحته: ما ذكرته آنفاً كان مقتطفاً من دعاء للإمام الحسين صلوات الله عليه، ويجدر بالمؤمنين أن يقرأوا هذا الدعاء كلّه ويتأمّلوا ويتدبّروا في مضامينه ومفاهيمه.

أما معنى كلام الإمام صلوات الله عليه فهو: إلهي امتحن أولياءك بواسطتي وأخرجهم من هذا الامتحان ناجحين وذلك بأن يسيروا على طريقتي ويتّبعوا منهجي وعملي. وإن المقصود من كلام الإمام صلوات الله عليه هو أن يتعلّموا منه صلوات الله عليه تبيان الحقّ وعدم كتمانه، وليس فقط مقارعة الظالمين والجهاد ضد الطواغيت.

وقال سماحته: إن من أهم الأمور بالنسبة لأهل العلم، سواء كانوا وعّاظاً أو خطباء أو مبلّغين أو أساتذة ونحو ذلك، هو أن يعلموا جيّداً بأن عملهم يختلف عن عمل باقي الناس كالكسبة أو الموظّفين وغيرهم. فعمل أهل العلم هو تعليم الناس الدين، فالناس يتعلّمون الأمور والعلوم الدنيوية كالهندسة مثلاً من أهل الهندسة، وأما الدين فإن الناس يأخذونه ويتعلّمونه من أهل العلم، ومن أبرز مصاديق تعليم الدين وأهمها: تبيين الحقّ وترك كتمان الحق. وهذا الأمر يضاعف مسؤولية العلماء وأهل العلم، لأنه إذا صلح العلماء صلح الناس، وإذا فسد العلماء فسد الناس وفسد دينهم.

وأضاف سماحته: من مجموع الآيات الكريمة في القرآن الكريم ومن الروايات والأحاديث الشريفة عن أهل البيت صلوات الله عليهم لا نرى بعد رتبة ومقام الأنبياء وأهل البيت صلوات الله عليهم رتبة أو مقاماً أعلى من رتبة ومقام العلماء وأهل العلم، ومنها ما ذكرته الرواية الشريفة التالية:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة، فإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به، وإنه ليستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض، حتى الحوت في البحر، وفضل العالم عن العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء»(2).

إذن فيجب أن يكون تناسب بين المسؤولية والمقام بالنسبة لأهل العلم. فالعالم مسؤوليته تعليم الدين للناس، وليس عليه بالضرورة أن يتحقّق الهدف من عمله أن يكون الناس متديّنين، فالكثير من الأصحاب الذين عاشوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله خرجوا بعد رحيله طالحين. فمسؤولية العلماء وأهل العلم هي إلقاء الحجّة على الناس بتعليم الدين، سواء صلح الناس أو لم يصلحوا، وذلك مصداقاً للآية الكريمة التالية: «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»(3). ومن أبرز مصاديق إلقاء الحجّة على الناس وعلى رأس ذلك: تبيين الحقّ، وعدم كتمان الحقّ.

وتطرّق سماحته إلى ذكر نماذج كانوا من أهل العلم وكتموا الحق وقال: إن أبا يوسف كان قاضي القضاة في حكومة العباسيين أي قاضياً رئيساً على كل القضاة. وذكر التاريخ عنه أنه كان يكتم الحقّ:

«عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ وَبِشْرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: إلا أَسُرُّكَ يَاابْنَ مُثَنًّى؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. وَقُمْتُ إِلَيْهِ. قَالَ: دَخَلَ هَذَا الْفَاسِقُ ـ ويقصد أبا يوسف ـ آنِفاً، فَجَلَسَ قُبَالَةَ أَبِي الْحَسَنِ صلوات الله عليه، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَاأَبَا الْحَسَنِ مَا تَقُولُ فِي الْمُحْرِمِ أَيَسْتَظِلُّ عَلَى الْمَحْمِلِ؟ فَقَالَ لَهُ: لا. قَالَ: فَيَسْتَظِلُّ فِي الْخِبَاءِ؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ شِبْهَ الْمُسْتَهْزِئِ يَضْحَكُ، فَقَالَ: يَاأَبَا الْحَسَنِ فَمَا فَرْقُ بَيْن هَذَا وَهَذَا؟ فَقَالَ: يَاأَبَا يُوسُفَ إِنَّ الدِّينَ لَيْسَ بِقِيَاسٍ كَقِيَاسِكُمْ، أَنْتُمْ تَلْعَبُونَ بِالدِّينِ، إِنَّا صَنَعْنَا كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وقُلْنَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ فَلا يَسْتَظِلُّ عَلَيْهَا، وَتُؤْذِيهِ الشَّمْسُ فَيَسْتُرُ جَسَدَهُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَرُبَّمَا سَتَرَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ، وَإِذَا نَزَلَ اسْتَظَلَّ بِالْخِبَاءِ وَفَيْ‏ءِ الْبَيْتِ وَفَيْ‏ءِ الْجِدَارِ»(4).

وعقّب سماحته: لم يكن من أخلاق أهل البيت صلوات الله عليهم أن يردّوا بحدّة أو بكلام غليظ على الخصم إلاّ في بعض المواقف التي كانت تتطلب ذلك، ومنها قول الإمام الكاظم صلوات الله عليه تجاه ما صدر من أبي يوسف، فأبو يوسف لم يكن إنساناً كسائر الناس بل كان صاحب علم بالدين وكان الناس وبأمر العباسيين يأخذون دينهم منه، ولذلك قال له الإمام الكاظم صلوات الله عليه: أنتم تلعبون بالدين، وذلك ليبيّن صلوات الله عليه له ولغيره مدى خطورة اللعب بالدين بالنسبة لأهل العلم.

إن الحكّام ـ كشداد أو فرعون ـ لا يقدرون على اللعب بالدين، وهكذا الأمر بالنسبة للتجّار مثلاً وغيرهم من سائر الناس، أما رجل الدين والعالم فإنه يستطيع أن يلعب بالدين وأن يكتم الحق أو يبيّنه.

وذكر سماحته نموذجاً آخر على الذين لعبوا بالدين وقال:

«رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيُّ أَنَّهُ اصْطَادَ أَهْلُ الْمَاءِ حَجَلاً فَطَبَخُوهُ وَقَدَّمُوا إِلَى عُثْمَانَ وَأَصْحَابِهِ، فَأَمْسَكُوا فَقَالَ عُثْمَانُ: صَيْدٌ لَمْ نَصِدْهُ وَلَمْ نَأْمُرْ بِصَيْدِهِ، اصْطَادَهُ قَوْمٌ حِلٌّ، فَأَطْعَمُونَاهُ فَمَا بِهِ بَأْسٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ عَلِيّاً صلوات الله عليه يَكْرَهُ هَذَا. فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ صلوات الله عليه فَجَاءَ وَهُوَ غَضْبَانُ مُلَطِّخٌ يَدَيْهِ بِالْخَبَطِ، فَقَالَ لَهُ ـ أي عثمان ـ : إِنَّكَ لَكَثِيرُ الْخِلافِ عَلَيْنَا. فَقَالَ صلوات الله عليه: أُذَكِّرُ اللَّهَ مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله أُتِيَ بِعَجُزِ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وآله: إِنَّا مَحْرُومُونَ فَأَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ. فَشَهِدَ إثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الصَّحَابَةِ. ثُمَّ قَالَ صلوات الله عليه: أُذَكِّرُ اللَّهَ رَجُلاً شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله أُتِيَ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ، فَقَالَ: إِنَّا مَحْرُومُونَ فَأَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ، فَشَهِدَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَامَ عُثْمَانُ وَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ وَتَرَكَ الطَّعَامَ عَلَى أَهْلِ الْمَاءِ»(5)

وعقّب سماحته متسائلاً: لماذا لم يعترض أولئك النفر الإثنا عشر على فعل عثمان، وسكتوا؟ ولماذا لم يقولوا لعثمان قبل مجيء الإمام عليّ صلوات الله عليه بأن هذا العمل منك خلاف لعمل رسول الله صلى الله عليه وآله؟

أليس سكوتهم وعدم اعتراضهم على عثمان لعباً بالدين؟ حيث أقرّوا عمل عثمان وتركوا ما كان يعمله رسول الله صلى الله عليه وآله.

وأشار سماحته إلى دور العالم وخطورة هذا الدور وقال: إن مثل العالم كمثل المقاتل الذي يكون على قمة الجبل. فالمقاتل عندما يكون على قمة الجبل يتمكّن بكل سهولة أن يدفع عنه الضرر والأذى الذي يتمثّل بالعدو الصاعد إليه، ولكن إذا انزلقت رجله فإنه سيسقط من قمّة الجبل وتتكسّر وتتلاشى كل أعضاؤه وربما لا يبقى أثر من جسمه. فقمّة الجبل بالنسبة لأهل العلم تعني العلم ومقام العلم ومقام العلماء.

وفي سياق كلمته تطرّق سماحته إلى قضية الإمام الحسين صلوات الله عليه وقال:

إن الله سبحانه وتعالى جعل قضية الإمام الحسين صلوات الله عليه قضية استثنائية، فبواسطة القضية الحسينية المقدسة يدخل الناس الجنة سريعاً، وبسببها أيضاً يدخلون النار سريعاً والعياذ بالله، وهذا يصدق على أهل العلم أيضاً. فأهل العلم يبتلون بمسائل وأمور كثيرة على طول السنة، ولكن من أهم موارد الابتلاءات التي تواجههم في شهري محرم وصفر ويُمتحنون بها قضية الإمام الحسين صلوات الله عليه.

وقال سماحته: إن الكثير من المؤمنين والمؤمنات قتلوا في سبيل القضية الحسينية المقدسة على مرّ التاريخ، وخصوصاً في زمن بني أمية وبني العباس، فلمدة قرن كان القتل والتعذيب والسجن ومصادرة الأموال والأملاك مصير كل من يشترك بعزاء الإمام الحسين صلوات الله عليه أو من يذهب إلى زيارته، وحتى من كان يسمّي ولده حسيناً كان يتعرّض للسجن والقتل. ومع كل هذه المظالم التي تعرّض لها زوّار الإمام الحسين صلوات الله عليه ومحبّو أهل البيت صلوات الله عليهم، التي يقول عنها بعض السذج من الناس بإنها إلقاء النفس في التهلكة وأن القرآن ينهى عن ذلك، مع كل ذلك لم ينه الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم شيعتهم وأتباعهم ومحبّيهم عن إحياء القضية الحسينية أو عن زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه، بل كان أهل البيت صلوات الله عليهم يقرّون ذلك، وكانوا يدعون الله تعالى في صلواتهم وسجودهم صلوات الله عليهم بأن يمنّ بالرحمة وبالجزاء الجميل وبالأجر العظيم على زائري الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه وعلى الذين يحيون القضية الحسينية المقدّسة، ومما روي في ذلك:

«عن الأصم عن ابن بكير عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال: قلت له: إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح. فقال: ياابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظل عرشه، وكان محدّثه الحسين صلوات الله عليه تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقّرته وقوّته الملائكة وسكّنت قلبه بالبشارة»(6).

و«عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ صلوات الله عليه فَقِيلَ لِي ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُهُ فِي مُصَلاّهُ، فَجَلَسْتُ حَتَّى قَضَى صَلاتَهُ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَامَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَخَصَّنَا بِالْوَصِيَّةِ، وَوَعَدَنَا الشَّفَاعَةَ، وَأَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا، اغْفِرْ لِي وَلإخْوَانِي وَلِزُوَّارِ قَبْرِ أَبِيَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَشْخَصُوا أَبْدَانَهُمْ رَغْبَةً فِي بِرِّنَا وَرَجَاءً لِمَا عِنْدَكَ فِي صِلَتِنَا، وَسُرُوراً أَدْخَلُوهُ عَلَى نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَإِجَابَةً مِنْهُمْ لأمْرِنَا، وَغَيْظاً أَدْخَلُوهُ عَلَى عَدُوِّنَا، أَرَادُوا بِذَلِكَ رِضَاكَ، فَكَافِهِمْ عَنَّا بِالرِّضْوَانِ، وَاكْلاهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَاخْلُفْ عَلَى أَهَالِيهِمْ وَأَوْلادِهِمُ الَّذِينَ خَلَّفُوا بِأَحْسَنِ الْخَلَفِ، وَاصْحَبْهُمْ، وَاكْفِهِمْ شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَكُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ شَدِيدٍ وَشَرَّ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالإنْسِ، وَأَعْطِهِمْ أَفْضَلَ مَا أَمَّلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أَوْطَانِهِمْ، وَمَا آثَرُونَا بِهِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ وَقَرَابَاتِهِمْ. اللَّهُمَّ إِنَّ أَعْدَاءَنَا عَابُوا عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُمْ فَلَمْ يَنْهَهُمْ ذَلِكَ عَنِ الشُّخُوصِ إِلَيْنَا وَخِلافاً مِنْهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَنَا، فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي قَدْ غَيَّرَتْهَا الشَّمْسُ، وَارْحَمْ تِلْكَ الْخُدُودَ الَّتِي تَقَلَّبَتْ عَلَى حُفْرَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ صلوات الله عليه، وَارْحَمْ تِلْكَ الأعْيُنَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُهَا رَحْمَةً لَنَا، وَارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزِعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنَا، وَارْحَمِ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ الأنْفُسَ وَ تِلْكَ الأبْدَانَ حَتَّى تُوَافِيَهُمْ عَلَى الْحَوْضِ يَوْمَ الْعَطَشِ»(7).

وأردف سماحته قائلاً: أقول ـ وليس من باب الفتيا ـ:

يستفاد من هذه الرواية وغيرها من الروايات الشريفة ـ وهي كثيرة ـ أن الدعاء لزوّار الإمام الحسين صلوات الله عليه هو من المستحبّات، مطلقاً أو في الصلوات، لأن عمل المعصوم حجّة.

وأكّد دام ظله: إن مسؤولية أهل العلم وخصوصاً في شهري محرم وصفر أن يلتزموا بنهج الإمام الحسين صلوات الله عليه في تبيين الحقّ وترك كتمان الحقّ، كل حسب قدرته وطاقاته، وعليهم أن يحذروا من اللعب بالدين، وهذا الأمر بأيديهم. ففي شهر محرم وشهر صفر على أهل العلم أن يتوسّلوا إلى الله تعالى ويطلبوا منه التوفيق في العمل على تبيين الحقّ وترك كتمانه، وأن يطلبوا من الإمام الحسين صلوات الله عليه ومن الإمام المهدي صلوات الله عليه وعجّل الله تعالى في فرجه الشريف أن تشملهم رعايتهما بأن يوفّقوا للعمل على تبيين الحق وعدم كتمانه، وأن يكونوا كأبي ذر الغفاري الذي بيّن الحق ولم يكتمه فكلّفه ذلك أن نُفي ومات من الجوع، حيث لم يكن عنده حتى قرص واحد من الخبز.

أما غير أبي ذر كزيد بن ثابت فقد خلّف بعد موته الكثير والكثير من الأموال والأملاك والذهب بحيث كسّروه بالفؤوس وذلك لأنه كتم الحقّ بعدم نصرته مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها عندما دعته صلوات الله عليها إلى نصرتها بعد أحداث السقيفة.

إن أبوذر عاش فقيراً ومات بسبب الجوع ليس لأنه كان يصلّي أو لأنه كان يبكي في صلاة الليل أو لأنه كان يصوم، بل إن سبب نفيه عن بلده وعيشه فقيراً وموته من الجوع هو لأنه لم يكتم الحق. فهنيئاً لمن يكون كأبي ذر.

وختم المرجع الشيرازي دام ظله كلمته بقوله: أسأل الله تعالى ببركة مولانا الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف أن يوفّقنا للعمل بمسؤوليتنا بالأخصّ في شهري محرم وصفر وأن نتحمّل المشاكل في ذلك ونصبر على المصاعب.

جدير بالذكر، أنه بعد كلمة المرجع الشيرازي دام ظله، أقيم مجلس عزاء حسيني، وتحدّث أحد الخطباء الأفاضل من الضيوف الكرام عن مصائب الإمام الحسين صلوات الله عليه وألقى أبياتاً شجية.

.........................................

[1] / بحار الأنوار: ج82/ باب 33 في القنوتات الطويلة المروية عن أهل البيت صلوات الله عليهم/ ص214.

[2] / الأمالي للصدوق: المجلس الرابع عشر/ ص60.

[3] / سورة الأنفال: الآية42.

[4] / فروع الكافي: ج4/ باب الظلال للمحرم/ ص350/ ح1.

[5] / مستدرك الوسائل: ج9/ باب 2 تحريم أكل المحرم من صيد البر/ ص200/ ح4.

[6] / الكامل في الزيارات: الباب الخامس والأربعون ثواب من زار الحسين صلوات الله عليه وعليه خوف.../ ص125/ ح2.

[7] / وسائل الشيعة: ج14/ باب 37 تأكّد استحباب زيارة الحسين صلوات الله عليه .../ ص411/ ح19482.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/كانون الأول/2010 - 1/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]