الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

زيارة الأربعين ملحمة التضحية وولادة جديدة

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

شبكة النبأ: الخلود لا يتحقق إلاّ للعظماء الذين حصلوا على هذه المرتبة بعد أن قدموا ما يوازيها من مواقف وأفكار وجهود نبتت جذورها في ارض الواقع لتثمر مبادئ عظيمة تنهل من عطائها الإنسانية ما بقيت الحياة، وهكذا هو الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) الذي سطّر أروع ملحمة في تأريخ البشرية قارعت الطغاة وأسقطتهم من عروشهم، ولتعلو راية الحق بدماء الحسين (ع) وذويه وصحبه الطاهرين.

وهكذا تخلّدت ملحمة الطف، وهكذا يحني التأريخ هامته لها، وهي تمتد في أعمق أعماق الزمان لتثري عقول المؤمنين وتزيدهم وهجا وإصرارا على ولوج سبل الحق أيا كانت التضحيات، فقد امتلأت شوارع وساحات وبيوت كربلاء المقدسة بزوار سيد الشهداء (ع) وتدفقت الجموع المليونية على المرقد الشريف لتؤكد سلامة الموقف ورسوخه وتجدده للإمام الحسين (ع)، وهذه هي سمات الخلود التي استندت إلى قيم الحق الذي لا يعلو عليه شيء، وبهذا الخصوص يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد صادق الحسيني الشيرازي في إحدى محاضراته القيمة التي تتعلق بقضية عاشوراء:

(مرة أخرى يطلّ علينا شهر محرّم الحرام وذكرى عاشوراء حيث تمّ إحياء هذه المناسبة منذ استشهاد سيد الشهداء الإمام الحسين سلام الله عليه إلى يومنا هذا ألفاً وعدّة مئات من المرّات، وفي كل مرّة ينهل فيها محبّو الإمام قيماً ومفاهيم جديدة من مدرسة عاشوراء الخالدة، وهو ما أبقى على قبس هذه الملحمة العظيمة مضيئاً يخطف الأبصار عبر العصور، وجعل الأغيار يطأطئون رؤوسهم إجلالاً لعظمة صاحب الذكرى، والمؤمنين يتزوّدون من هذه المدرسة الغنية لدنياهم وأخراهم) .

نعم هي حالة ولادة متجددة للقيم العظيمة التي أفرزتها ثورة الحسين (ع) فلا خنوع ولا قبول للظلم ولا مهادنة لمن يستبيح محارم الانسان ولا مساومة مع الطغاة، ساسة كانوا او غيرهم، فقد علمنا الحسين (ع) كيف نحول الظلم الى نصر كما قال الزعيم الهندي الراحل غاندي، وعلمنا (ع) أيضا كيف نجدد القيم ونطورها مع تطور الزمن وتجدد العصور وكيف نحولها الى طاقات كبيرة نستمد منها روحية العمل الانساني الباهر، حيث لا مجال لأرباب السوء والضغينة بين من يحملون راية الحق.

على أننا نفهم تماما أن ما وصلنا من ملحمة الطف الخالدة ومآثرها العظيمة تقف وراؤه جهود المحبين المؤمنين المستعدين أبدا للتضحية والإيثار بالنفس والمال والأهل، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص في محاضرته القيمة:

(لا ننسى بأنّ ذكرى عاشوراء مرّت بمسيرة طويلة من التحوّلات، وأنّ التضحيات التي قدّمها الأسلاف والوالهون بسيّد الشهداء سلام الله عليه هي التي أوصلت إلينا هذه المدرسة العاشورائية المناهضة للظلم العريقة بأهدافها المقدسة) .

لأننا ينبغي أن نفهم أن رسوخ القيم العظيمة في مجتمع ما لن تأتي جزافا ولا تتحق بلا جهد خلاق وعظيم يقف وراؤها، فمسيرة الانسان هي سلسلة من المواقف والتضحيات الكبيرة التي تصل الى التضحية بأغلى ما يملكه الانسان وهي روحه كما فعل سيد الشهداء (ع) حين قدم روحه قربانا على مذبح الحرية للتخلص من الطغاة والاطاحة بهم من عروشهم العالية صوب الحضيض، وهذا ما يتطلب منا جميعا أن نسعي ونجدد سعينا الجاد لترسيخ قيم الحق الحسينية الخالدة في نفوس الجميع ضمن مساع فردية وجماعية متآزرة في هذا الاتجاه، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا المجال:

(لا يمكننا أن ندّعي انتماءنا لهذه المدرسة ما لم نرخص الغالي والنفيس في سبيل تحقيق أهدافها العالية، وأن نسلّم هذه الأمانة الحسينية، السماوية، إلى الأجيال اللاحقة مصونة لا تشوبها شائبة، وفي الوقت نفسه فاعلة ومحفوظة من أي زيغ أو حرف، طبعاً إذا خلصت النوايا، وذابت المصالح الشخصية، ليحلّ محلّها تحقيق مرضاة الله عزّ وجلّ) .

ولعلنا نقر بل ونؤمن بأن السعي نحو تحقيق الاهداف العظيمة ينبغي أن يأتي ضمن عملية واضحة ودقيقة من التخطيط والبرمجة التي تنظم السعي مهما تعددت أهدافه او سبله، فالعمل العشوائي بطبيعة الحال لا يتوافق مع الاهداف العظيمة التي تتمثل بتخليد وتجديد الفكر الحسيني وإيصاله الى أبعد بقاع الارض تحقيقا لمصلحة الانسان بغض النظر عن المكان، فسواء كان في الغرب او الشرق، في الشمال او الجنوب من المعمورة، فإن الهدف منه واضح كل الوضوح، لكن نحن نعرف أن أهل القضية هم أكثر اندفاعا من غيرهم لإيصالها للآخرين، ولذلك يرى سماحة المرجع الشيرازي أنه من أولى مهام محبّي أهل البيت سلام الله عليهم:

(إعلاء شأن عاشوراء وثقافة عاشوراء، وبرامج عاشوراء، ومجالس عاشوراء، ومواكب عاشوراء وإحياء كل ما يتعلّق بها ويخلِّد ذكراها، ولا يخفى أنّها مسألة محفوفة بالمشاقّ والصعاب، لكنّها مشاقّ عاقبتها الثواب الجزيل والأجر الجميل. فالذين قدّموا في هذا الطريق الخدمات الجليلة للإمام الحسين سلام الله عليه، وتحمّلوا في سبيله العناء والعذاب، سيسَجَّل لهم ذلك بأحرف من نور في سفر التاريخ).

وهكذا نتفق جميعا على أن القيم العظيمة ينبغي أن يدعمها السعي العظيم المبرمج لكي تتحقق النتائج المرجوة، ولهذا كانت وستبقى أربعينية الامام الحسين (ع) مناسبة لتجديد القيم الحسينية وترسيخها بعد نشرها بين الناس الى ابعد المديات، تحقيقا لمنفعة المسلمين بل والانسانية جمعاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/شباط/2010 - 23/صفر/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م

[email protected]