شبكة النبأ: الدراسات والبحوث
الخاصة بفئة الشباب ترى أنهم الشريحة الأهم في المجتمع، وأن حيوية
المجتمعات ترتبط بسعة هذه الشريحة وكثرتها، فكلما كان الشباب هم
النسبة الأكثر في تكوين المجتمع كلما كان المجتمع أكثر حيوية وعطاء
وتفاعلا، لكن هذا الأمر يرتبط بالنوع وليس الكم بطبيعة الحال،
فينبغي أن ترتبط سعة هذه الشريحة بمدى وعيها وثقافتها وقدرتها على
العطاء المنظم.
وهنا يأتي دور المربين ومسؤولياتهم في تحويل الكم الشبابي الى
طاقات عملية منتجة في المجالات كافة، ولعل الفكر الحسيني الذي نتفق
جميعا على سماته الخالدة التي تصب في صالح الانسانية جمعاء هو
المحرك الأقدر على ملء عقول الشباب بالوعي المطلوب، إذ أن مرحلة
الشباب تتسم بالحماسة الفكرية والعملية ولابد أن تمتلئ بالصحيح
والقويم من الافكار التي تتحكم بنوعية الفعل، ولهذا كان ولا يزال
الدور المهم والراسخ للشباب الحسيني في تدعيم النشاط المجتمعي على
وجه العموم.
لقد أكد العلماء والمعنيون على أهمية مراعاة شريحة الشباب
والأخذ بأيديهم نحو الرقي والتطور ورعاية مواهبهم وما الى ذلك من
جوانب تصب في صالحهم وبالتالي تشمل عموم مكونات المجتمع كون التطور
الذي يحدث في هذه الشريحة سيمتد ليشمل عموم الشرائح الاخرى، على أن
تُراعى طبيعة الشحنات الفكرية التي يُربّى عليها الشباب، وطالما
اننا نعيش هذه الايام ذكرى أربعينية الامام الحسين (ع) فلابد أن
يتنبّه المعنيون الى ضرورة تربية الشباب على هذه المبادئ ذات
الطابع الانساني الذي يهدف بالدرجة الأساس الى صالح الانسان
عموما.
من هنا كانت هناك مسؤوليات محدد ملقاة على عاتق الجهات المعنية
بالشباب سواء الرسمية او الأهلية منها، ناهيك عن دور ولي الامر
التوجيهي والرقابي وما شابه، ثم هناك دور رجال الدين والخطباء، في
تعميق الوعي الديني والفكري لدى هذه الفئة الهامة، لاسيما ما يتعلق
بالفكر الحسيني، وكل ذلك يهدف الى بناء شريحة شباب حسينية التوجه
والخصال معا.
كما أننا جميعا نتفق على أن الاهتمام والرعاية المسخّرة لصالح
شريحة الشباب لا تعني إعفاءهم من مسؤولياتهم تجاه الآخرين، فمثلما
كان وسيبقى الجميع مسؤولين عن معاونة الشباب ومؤازرتهم وتنمية
طاقاتهم وصقل مواهبهم وتعميق المبادئ الحسينية في ذواتهم، فإنهم
بالمقابل مسؤولون ايضا حيال الآخرين في تأدية ادوارهم المهمة وتحمل
مسؤولياتهم في الاسهام بإحياء الشعائر الحسينية التي تمثل أفكار
الفضيلة ونكران الذات والعمل على إسعاد الآخرين قبل النفس.
وفي هذا المجال يرى أحد الكتاب ان لكل شيء موجود في هذا الكون
دور ينبغي أن يؤديه لكي تستمر دورة الوجود وتتواصل مسيرة الحياة،
فعلى سبيل المثال، إن الشمس والقمر مسؤولان عن إنارة الأرض
والسّماء في النهار وفي اللّيل، ولولا هذا السراج وهذا المصباح
لغرق الكون في ظلام دامس مخيف، ولهما أعمال أخرى، والليل والنهار
مسؤولان في تعاقبهما عن هذا التقسيم الزمنيّ لليوم، فنهارٌ للنشاط
والمعاش وليلٌ للنوم والسبات، وهذا الماء العذب الرقراق الذي يسيل
أنهاراً وينابيع وعيوناً، فيسقي الزرع ويروي عطش الإنسان والحيوان،
والبحر المالح الذي يحمل على صدره السفن الماخرة، وفي بطنه تعيش
ملايين الأسماك، فما بالك بالإنسان وهو أشرف هذه المخلوقات وأكرمها
وأعظمها عند الله سبحانه وتعالى ؟ وما بالك اذا كان شابا يمتلك
حيوية كبيرة تميزه عن المراحل العمرية الأخرى؟.
إذن حتى الكائنات والموجودات غير البشرية لها دور محدد في هذه
الحياة، فكيف بالانسان، بل كيف بالشاب الذي يكون في اوج قوته
وعطائه بل ينبغي ان يكون كذلك لكي تتقدم الحياة باستمرار، ولكن يجب
أن يدعم هذا الدور بعمل تربوي من لدن المسؤولين عن الشباب إبتداءً
من الوالدين صعودا الى المنظمات والمؤسسات الدينية الخاصة بنشر
الفكر الحسيني وإيصاله الى جميع العقول لاسيما الشاب نظرا لأهمية
دورهم في الحياة.
لذلك فإن رعاية الشباب واجبة وان اكتشاف مواهبهم وتوظيفها لصالح
المجتمع امر في غاية الاهمية كذلك، أما الحديث عن دورهم وإسهامهم
في إحياء الشعائر الحسينية فذلك يتعلق بمدى تربيتهم على هذا الدور
من قبل الجهات المعنية لاسيما المؤسسات الدينية التي يقع عليها
الدور الاكبر في هذا المجال، على أننا لا يمكن أن نعفي الشباب من
المسؤولية الملقاة على عاتقهم وتفعيل دورهم في بناء المجتمع من
خلال إطلاعهم الدائم على الفكر الحسيني المتوهج والعمل وفقا
لتوجيهاته نحو خير الانسان.
لقد ركز علماء الدين على ضرورة نقاء الاجواء التي يعيش في خضمها
الشباب، إذ أنهم يتأثرون بطبيعة هذه الاجواء ايجابا او سلبا وحسب
نوعها، فكلما كانت هذه الاجواء نقية متوازنة خالية من علامات
الانحراف والتطاول والتردي كلما كان الشباب أكثر فاعلية وقدرة على
البناء السليم والعكس يصح طبعا، لهذا ينبغي أن يسعى المعنيون الى
ملء عقول الشباب بالاجواء السليمة المستمدة من مبادئ الحسين (ع)
ومن ثورته العملاقة التي أعادت الحق الى نصابه، وهذه الافكار
الانسانية ينبغي أن تبقى المعين الذي لا ينضب للشباب (وهذه مسؤولية
ولاة الأمر) لأن هذا الهدف الهام يتطلب سعيا متواصلا من المعنيين
بهذا الاتجاه . |