شبكة النبأ: من أهم ما يميز
القضية الحسينية عن سائر الأحداث التي خلدها التاريخ وعلى مدار
أربعة عشر قرنا كونها ذات أبعاد لا متناهية ومتنامية في الفهم
والتصور والتعبير وهي لا تستند على قاعدة محددة بل تمتلك رصانة في
الرؤيا وثقافات متشعبة وحبكة درامية تتقد عطاءً لتصل إلى أعماق
الشعور الإنساني والعاطفي والوجداني سيما لو حاولنا أن نبحر في أدق
تفاصيلها وتفرعاتها وعمق قدرتها على خلق المناخات اللاشعورية في
ظل ما تربو إليه مساحة الذكرى العطرة التي عاشتها القضية الحسينية،
وما نتج عنها من إبداع يندرج في خانة التعبيرات الأدبية والملاحم
الشعرية.
ومن اجل ترسيخ تلك المفردات ومحاولة الوصول إليها التقت (شبكة
النبأ المعلوماتية) الأستاذ على جاسم خليفة، وهو مخرج مسرحي،
ليطلعنا على لون جديد من ألوان الإبداع الحسيني من خلال أيجاد
مسرح مختص بنقل القضية الحسينية إلى أبعد نقطة من نقاط الإبداع
واليكم ما جاء في هذا الحوار:
(شبكة النبأ المعلوماتية) من
أين جاءت فكرة تأسيس المسرح الحسيني المتنقِّل؟
يقيننا بأن قضية الحسين قضية إنسانية عالمية ونتاج ثقافي وفكري
ثر دفعَنا لابتكار منحى جديداً لنقل مبادئ الإسلام من خلال إحياء
مبادئ النهضة الحسينية المباركة، وقد تشكلت هذه الفكرة وتم العمل
بها بعد سقوط النظام البائد مباشرة عام 2003، وهي ذات رسالة محددة
تقتصر على تناول القضية الحسينية في محاولة الإحاطة بها من الزوايا
المرئية وغير المرئية. أما من جهة الانتساب فنحن جزء من هيئة
حسينية تدعى (رابطة الغدير الإسلامية) وهي ثقافية بحتة، ويوجد في
هذه الرابطة قسم يسمى (المسرح الحسيني) ولنا العديد من المشاركات
على مستوى العراق في هذا المسرح وخصوصا في كربلاء وديالي والكوت
وبابل.
(شبكة النبأ) ما هو برنامج
نشاطاتكم في كربلاء خلال زيارة الأربعين لهذا العام؟
بالتأكيد المسرح رسالة ذات قيمة إنسانية عالية وهو يرمي إلى خلق
نزعة التغيير أو التصحيح وهذا بطبيعة الحال يسهل المهمة التي نحن
يصددها اليوم وأقصد وجود المسرح في مدينة كربلاء المقدسة وهي تعيش
هذه الأيام مناسبة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، علماً
بأننا ومنذ أربع سنوات نأتي إلى كربلاء لعرض أنشطتنا المسرحية،
والغاية من وجود المسرح هنا وعلى الهواء الطلق هو لضمان حضور اكبر
عدد ممكن من الجماهير، وفعلاً تحقق ذلك المسعى حيث لم نكلّف
المتلقي مشقة الوصول إلينا، علماً بأننا أعددنا أربعة عروض مسرحية
وهي تحمل أسماء مختلفة، الأولى هي مسرحية الصراع والثانية هي
مسرحية العهد والثالثة تحمل اسم زينب عليها السلام والعرض الرابع
يتناول يوم الواقعة، وهناك معرض تشكيلي موجود إلى جانب العروض
المسرحية ويحمل بصمات أسماء معروفة في الوسط الفني حيث يتناول ذلك
المعرض القضية الحسينية عن طريق اللوحات التشكيلية.
(شبكة النبأ) ما هي الإسقاطات
الجديدة في مسرحكم؟
نحن جميعاً نقر ونعترف ضمناً بأن قضية الحسين سلام الله عليه
ليست حكراً على أمة أو زمن محدد بل هي سمة الوجود الإنساني وحالة
الصراع الأزلي بين الحق والباطل.
ومن خلال هذه الرؤية الشمولية نستطيع توظيف النص الحسيني إلى
معايشة الواقع الراهن وخلق نزعة الترابط الوثيق بين الحالتين، وقد
حققنا هذا العام بعض الإسقاطات الفنية حيث كانت مسرحية الصراع
لكاتبها الأستاذ على الخباز، وهي تحاكي الواقع العراقي من خلال عرض
شخصية عمر ابن سعد وحالة تأنيب الضمير، والعمل جدير بالاهتمام كونه
يستعرض نزعة محاسبة الذات ومحاولة كشف المحطات غير المضيئة فيها
وهذه فكرة نوعية تكاد أن تصب باتجاه إصلاح النفس ومراقبتها كي لا
تكون في الصف المعادي لإرادة البناء والحق.
(شبكة النبأ) هناك من يتهم
الكتّاب العراقيين بالتقصير وأقصد كتّاب الدراما؟
أنا أتفق جملة وتفصيلاً مع هذا الرأي كوننا نعيش أزمة في النَص
العراقي فمِن غير المعقول أن يكون وضع العراق بهذه الصورة ورغم
التحديات المستمرة لقرابة الستة سنوات وما تفرزه من إرهاب وأشكال
من التحديات لا حصرَ لها، ولا توجد موضوعات مهمة تشد الكاتب
العراقي، فلو كان هذا الوضع موجوداً في مصر او سوريا على سبيل
الفرض لوجدنا آلاف الموضوعات التي تحاول أن تعيد المعركة لصالح
المواطن، هناك ثمة خلل غير مبرر ولا أستطيع فهمه، ومن هنا أقدم
دعوة صريحة لكل الكتّاب أن يعيدوا النظر بهذا السكون والصمت
المطبق.
(شبكة النبأ) ماذا تقولون بحق
العمل الطوعي؟
إنها فعلاً إشارة مهمة وتستحق الاهتمام والإشادة فكل الناس هم
الآن يعيشون حالة النفير العام من اجل تقديم الخدمة إلى زوار
الحسين عليه السلام، وكان من المفترض أن تنمي تلك التجربة نوازع
التواصل مع الحالة العراقية لتعزيز حالة البناء المؤسساتي، ونحن عل
سبيل المثال وبكل كوادرنا الفنية نعمل بهذا الاتجاه أي أن عملنا
طوعي وليس هناك من مكاسب مادية أو أهداف ذاتية بل لدينا هدف محدد
لا يتعدى معايشة القضية الحسينية ونقل معالمها الإنسانية إلى
العالم اجمع.
كلمة أخيرة؟
بالتأكيد الكلمات خجلى من إن تفي حقكم وأنتم تحاولون أن تنقلوا
واقع مسرحنا الحسيني، ولكن هي رسالة ارتضيتم أن تنشدوها، وهي نقل
الحقيقة بكل ما لهذه الكلمة من معنى ومن الله التوفيق. |