الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

اعراس محرم!!

عباس عبود سالم

عرضت احدى القنوات الفضائية العراقية مساء الجمعة اول ايام السنة الميلادية الجديدة (حفلة عرس) لشاب عراقي من اهالي البصرة، بكل ماتحمل كلمة (حفلة) من محتوى.. غناء، ورقص، وايقاعات صاخبة.. واهازيج، ولا اعتراض على عرض مظاهر الفرح والبهجة، ولكن الغريب والذي يدعو للتساؤل هو توقيت العرض الذي صادف منتصف محرم الحرام.

رغم ان الحفلة كما يبدو من ملابس المشاركين فيها انها سجلت في فصل الصيف، ولم تكن هناك ضرورة ملحة لعرضها في هذا التوقيت، مراعاة لمشاعر الناس، ومشاعر البصريين الذين شاركوا فيها، والذين بالتأكيد لم يكونوا على علم ان حفلتهم ستعرض يوم 15 محرم.

وليس من المعقول ان يجهل القائمون على هذه القناة ان لمحرم الحرام خصوصية لدى العراقيين بمختلف طوائفهم ومكوناتهم باعتباره شهر الحداد المتوارث، و الحزن التأريخي، على الامام الحسين بن علي (ع) الذي تناثرت دمائه الطاهرة المقدسة على صحراء كربلاء.

 وعلى مدى اكثر من اربعة عشر قرنا، واهل العراق لايمتلكون الا الحزن مادة ينتجوها، ليردوا الدين العظيم لهذا الامام، حتى تحول الحزن الى موروث اجتماعي، بقدر ماهو شعيرة دينية تكثر فيها العبادات، والدعاء لله، وتذكّر مصيبة الحسين(ع) واستنباط الدروس والعبر منها، ولم تتغير هذه الطقوس من قبل ابناء الشعب الذين حافظوا عليها، رغم تعاقب المستبدين والجبابرة والطغاة.

ويجمع الناس على ان اهم، واول خلاف، بين جزء كبير من مواطني العراق، وبين نظام البعث، هو استخفافه بالشهر الحرام، والموروث الشعبي الهائل المرتبط به، حين كان يعمد الى اقامة الحفلات ايام محرم الحرام ويعرضها على التلفزيون، الامر الذي زاد من اصرار الناس على اقامة هذه الشعائر وأن كلفهم الامر آلاف الشهداء.

 والسؤال المطروح هنا؟ هل يسير القائمون على هذه القناة على خطى ذلك النظام المجرم الذي يسكن مزابل الذاكرة الشعبية، ام انهم يجهلون موروثات، وتقاليد وطباع الشعب العراقي، الذي طالما يتحدثون باسمه من قناتهم، متشدقون بوطنيتهم (المترفة) من منابر، دبي، وعمان، والقاهرة، ولندن.

وهنا لا اريد ان اعرض الموضوع من باب المزايدة او شغل الناس، او التدخل بالخطاب الاعلامي لوسيلة اعلام عراقية، بقدر ما اريد ان انبه الراي العام الى جزء من (الشطحات) الاعلامية التي تنتهجها بعض فضائياتنا، التي نفخر في انها جزء من تحولنا الديموقراطي القائم على تعدد الاراء.

 فهذه القناة على سبيل المثال اخذت على عاتقها اعادة انتاج الخطاب البعثي المستهلك، واظهاره على انه الحل لتناقضات العراق الديموقراطي، وكذلك المتاجرة بمعاناة الناس ومصاعب معيشتهم، مثل تمويل زيجات بعض الشباب، ثم تصوير واعلان عملية تجهيزهم بمتطلبات الزواج، اي تحويل القناة التلفزيونية الى منظمة مجتمع مدني او منظمة خيرية، وهي مشكورة لو كانت منظمة خيرية حقيقية تهدف الى اعانة المواطن، وليست مشكورة اذا استعرضت (احسانها) على شاشتها لتصبح حاجة المواطن وسيلة للترويج وغاية للكسب السياسي.

وعلى ذلك فان استخدام القنوات الفضائية لغايات واجندات سياسية تحت غطاء المهنية والاستقلالية وحرية التعبير ومنها ماعرضته هذه القناة بدوافع غامضة سيكون نقطة رمادية تستوجب الوقوف عندها وتوضيح ملابساتها، وبخلافه فان (اعراس محرم) ستكون بادرة لخلق (تصدع اجتماعي) سيكون بالتاكيد اشد خطرا من اي امر آخر.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/كانون الثاني/2009 - 21/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م

[email protected]