الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء: والفرص المتاحة لاستثمارها حضارياً

 

شبكة النبأ: الأمم والشعوب غالبا ما تبحث عن كوامن القوة التي تتحلى بها، وذلك من أجل استثمارها على النحو الامثل خدمة لحاضرها ومستقبلها، ولا ينحصر هذا البحث في جانب العلم او التأريخ او الدين او غيره، وإنما يشمل جميع المجالات التي تنطوي على عناصر التطوير والسمو بشأن الامة او المجتمع الى مرتبة أرقى، وهكذا سيجد المراقب او الباحث في بطون التأريخ القديم والمنظور، أن الامم التي ارتقت وتطورت وتواصلت في نموها بجميع المجالات هي تلك الامم التي لم تترك فرصة سانحة في هذا المجال او ذاك إلاّ واستثمرته لصالحها بالصورة الامثل، وذلك لمواصلة التحديث والتحضّر في عموم مجالات الحياة .

هذه المقدمة تجعلنا نسأل السؤال التالي، هل يمكن أن نستثمر مناسبة عاشوراء وما يتمخض عنها من أنشطة جماعية متعددة لصالح الحاضر والمستقبل ؟.

إن الاجابة عن هذا التساؤل تدفعنا اولا الى الخوض في المظاهر والنشاطات الجماعية التي ترافق عاشوراء، وهي تتوزع على مجالات عدة منها التكافلي، والخدمي، والاخلاقي، والايماني ...وغيرها.

ففي المجال التكافلي سيلاحظ المراقب بروز ظاهرة التعاون الجماعي بين افراد المجتمع وانتشارها في عموم كربلاء المقدسة، بل في عموم المدن والبلدان التي تحيي هذه الذكرى ووقائعها، حيث تسود حالة التعاون بين من يبغي تأدية مراسيم الزيارة او ذلك الذي يحاول ان يسهّل سبل الزائرين من حيث المأكل والمشرب وتوفير أماكن الراحة والصلاة وماشابه، ولعل النقطة الاهم في هذا الجانب هو تحول هذا النشاط الى اسلوب حياة تكافلي يشيع بين الناس وينتقل من الكبار الى الصغار ليرسخ في تكوينهم وبنائهم النفسي والاخلاقي وما شابه، بكلمة اوضح أن الطفل عندما يراقب مثله الأعلى وهو الأب او الكبار على وجه العموم سيأخذ منهم حالة التكافل والتعاون وستنزرع في ذاته كإسلوب عمل دائم في الحياة، وكلنا نعرف ان الطفل ميّال لتقليد الكبار.

وفي المجال الخدمي، سنلاحظ إقبالا واسعا من لدن الناس جميعا بتقديم الخدمات اللازمة لبعضهم البعض، مهما تعددت او تنوعت، كما اننا نلاحظ استعدادا مبكرا قد يسبق ميعاد الزيارة بأسابيع حيث يبدأ الناس بالتحضير لمراسيم هذه الزيارة كنصب السرادق او بناء المواكب وتحضير ما يلزمهم في هذا المجال الذي يهدف الى خدمة الزائرين والتقليل من المصاعب التي قد يعانون منها لا سيما اننا لا نتحدث عن عشرات او مئات الاشخاص بل يصل الامر الى عدة ملايين كما هو معروف واقعا او من خلال وسائل الاعلام المختلفة.

أما في المجال الاخلاقي، فإن ما يرافق مجال التكافل هو الاخلاق الحسنة قطعا، بمعنى انك عندما تقدم خدماتك الطوعية للزائرين فإنك لابد أن ترفق هذا النشاط الانساني بعنصر الاخلاق العالية كالترحيب وبشاشة الوجه والتخفيف من وطأة عناء السفر او السير على الاقدام وما شابه، وهو امر ينعكس اخلاقيا على الجميع لا سيما الصغار منهم، ولذا فإن مجموع هذه الانشطة الجماعية ستسهم بشكل او آخر بترسيخ وتطوير منظومة السلوك القويم لدى الفرد والجماعة ايضا وهو ما يصب في صالح المجتمع على نحو الاجمال.

ولعل ما سبق الحديث عنه يصب أخيرا في تعميق الجانب الايماني لدى الجميع، بمعنى ان التكافل والخدمة والاخلاق وغيرها، كلها موظفة من اجل ان يكون الانسان اكثر واعمق ايمانا، ولعله الهدف الاسمى لعاشوراء حيث تقوم هذه الواقعة الخالدة أساسا على الصراع بين الضلال من جهة والايمان من جهة اخرى، وهذا هو الدافع الاساس الذى حدا بالامام الحسين (ع) السلام أن يطلق صرخته المدوّية الرافضة للظلم والطغيان وحرف مسار الاسلام من منهجه الانساني العظيم الى منهج منحرف مسخّر لخدمة الفرد الطاغية ومآربه الدنيوية المرفوضة.

وهكذا يمكننا الاجابة بأن عاشوراء وما يرافقها من أنشطة ذات طابع جماعي هائل، يمكن أن تٌستثمر في تطوير الامة والمجتمعات عموما من خلال اعتماد المنهج اللازم في هذا الصدد ومن خلال تعاون الجهات المعنية عموما ولا ينحصر الامر في عنصر دون غيره، بمعنى ان الجهات التنفيذية الرسمية ينبغي أن يتضاعف دورها في هذا المجال مع انها قدمت ما يلزم من حفظ الامن وغيره، بيد أن الامر ينبغي أن يمتد الى التنمية على نحو شامل، كالتنمية الاقتصادية من خلال تطوير السياحة الدينية واستثمارها على النحو الامثل، والتنمية الانتاجية وغيرها.

كذلك على الجهات الاخرى أن تستثمر زيارة عاشوراء ذات الطاقات المتنوعة والهائلة في خدمة الامة من خلال وضع الخطط النظرية مرفقة بالاجراءات العملية القابلة للتنفيذ.

وهكذا يمكن أن تُستَثمر عاشوراء في مجالات متعددة وكبيرة، تصب جميعها في خدمة الانسان والامة عموما في مجالات متعددة، فيما لو تحققت الارادة الفاعلة التي تعتمد التخطيط والمنهجية وتحول الافكار والرؤى والمقترحات الى واقع عملي ملموس لمس اليد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 3/كانون الثاني/2009 - 17/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م

[email protected]