شبكة النبأ: تثير الاستهدافات
المستمرة والمركزة من قبل تنظيمات تكفيرية متشددة للمسلمين الشيعة
الكثير من علامات الاستفهام والمزيد من التساؤلات عن خفايا وأسرار
من يقف وراء تلك الاستهدافات والعداء المستميت بالإضافة الى حقيقة
من يحرك خيوطها.
فعلى الرغم من الإعلان المستمر لتلك التنظيمات المشبوهة حول
عداءه لإسرائيل وأمريكا إلا إن معظم هجماته وعملياته الانتحارية
كانت توجه ضد المسلمين كافة والشيعة خاصة.
حيث لا تمر أي مناسبة دينية إلا ونلحظ استهداف هذه التنظيمات
الارهابية المدعومة من الوهابيين للمسلمين خصوصا في الأشهر الحرم،
في حين كان لباكستان مطلع العام الهجري الحالي حصة الأسد في أعداد
الضحايا.
استهداف الشيعة
حيث قتل 43 شخصا على الأقل وجرح العشرات عندما فجر انتحاري نفسه
في موكب للمسلمين الشيعة كانوا يحيون ذكرى عاشوراء في كراتشي جنوب
باكستان رغم الإجراءات الأمنية المشددة في المدينة.
وأدى التفجير الى اعمال شغب في كراتشي، العاصمة المالية
لباكستان، حيث قام عدد من الشيعة الغاضبين باعمال تخريب ورشقوا
سيارات الاسعاف بالحجارة واضرموا النار في السيارات والمحلات
التجارية واطلقوا عيارات نارية في الهواء، مما دفع البعض الى توجيه
نداءات للهدوء.
وقال عباس علي (35 عاما) احد المشاركين في الموكب ان "الانفجار
كان قويا لدرجة انني شعرت انني فقدت السمع، ولكن بعد ذلك بدأت اسمع
صرخات الجرحى وشاهدت اشلاء بشرية ودماء تغطي الشارع".
واضاف "كان البعض يبكون بينما رايت اخرين يركضون في كل اتجاه
فزعا. كان شقيقي الاصغر معي، بحثت عنه وقيل لي انه اصيب وارسل الى
المستشفى".
وكانت السلطات قد نشرت عشرات الاف رجال الشرطة والقوات شبه
العسكرية خشية من وقوع اشتباكات طائفية او هجمات مسلحة على مواكب
عاشوراء.
واظهر التفجير الاخير مدى غليان الوضع في باكستان، حيث قتلت
هجمات مسلحة اكثر من 2760 شخصا منذ تموز/يوليو 2007.
وصرح وزير الداخلية رحمن مالك لقناة تلفزيونية خاصة "كان هجوما
انتحاريا. وكان الانتحاري يسير في الموكب وفجر نفسه"، داعيا الشيعة
الى تعليق مواكبهم الدينية.
وقال ان "طريقة التفجير تظهر ان هذا مشروع مشترك بين حركة
طالبان وعسكر جنقوي"، في اشارة الى الحركتين الباكستانيتين الأكثر
عنفا.
من جهته تحدث صغير احمد وزير الصحة في السند ان "حصيلة الضحايا
ارتفعت الى اربعين قتيلا واكثر من ستين جريحا" في كراتشي عاصمة
الولاية. وكان الحصيلة السابقة تشير صباح الى سقوط 33 قتيلا في هذا
الهجوم.
واضاف "لقد اعلنا حالة الطوارئ في كافة مستشفيات كراتشي
والاطباء يبذلون الجهود لانقاذ حياة الجرحى. والوضع قاتم للغاية".
واشتعلت النيران في شارع محمد علي جناح حيث وقع التفجير،
واحترقت السيارات والدراجات النارية وغطيت بأنقاض المباني التي
هاجمها المتظاهرون الغاضبون، بحسب وكالة فرانس برس.
وحاول عمال الإطفاء إخماد السنة اللهب التي اندلعت في المباني
فيما وقف اصحاب المتاجر يبكون امام محلاتهم التي احترقت.
وقال رئيس بلدية المدينة مصطفى كمال "نحن نستخدم اقصى الموارد
المتوفرة لدينا لاخماد الحريق الذي لا يزال يندلع في اسواقنا".
وكانت كراتشي في منأى عن معظم الهجمات التفجيرية التي شهدتها
المنطقة الشمالية الغربية من باكستان والعديد من المدن الكبرى.
ويعد الهجوم الأكثر دموية منذ استهدف انتحاري موكب رئيسة
الوزراء السابقة بنازير بوتو-- التي قتلت بعد ذلك الحادث بشهرين--
مما ادى الى مقتل 139 شخصا على الاقل في تشرين الاول/اكتوبر 2007.
وهذا ثالث هجوم على مواكب عاشوراء في باكستان هذا العام. فقد
فجر انتحاري نفسه في مسجد شيعي في الجزء الباكستاني من كشمير الاحد
مما ادى الى مقتل سبعة اشخاص. وادت تفجيرات عبوات ناسفة الى اصابة
17 شخصا في هجوم ثاني في كراتشي في اليوم ذاته.
وقالت الشرطة انه تم اعتقال شخصين مشتبه بهما في موقع التفجير،
مضيفة انه سيتم اصدار رسم تقريبي للانتحاري يستند الى رأسه المقطوع
الذي تم العثور عليه.
وذكر متحدث باسم القوات شبه العسكريين ان احد عناصر الحرس قتل
اثناء انقضاضه على الانتحاري، مؤكدا ان ذلك ادى الى خفض عدد القتلى
من الانفجار.
وصرح المتحدث الميجور محمد اورانغزيب لفرانس برس ان "الجندي عبد
الرزاق رصد الانتحاري وانقض عليه وسقط الاثنان ارضا وبعد ذلك فجر
الانتحاري نفسه".
وخرج اكثر من 50 الف شيعي الى الشوارع يرتدون اللباس الاسود
ويضربون صدورهم وظهورهم العارية بالسلاسل ويقطعون جلودهم
بالسكاكين.
وعقب الهجوم اضرم عدد من الشيعة الغاضبين النار في عشرات
المتاجر والعربات وضربوا الشرطة والقوات شبه العسكرية، حسب شهود
عيان.
وتصاعدت اعمدة الدخان وادى انفجار خزانات الوقود الى تصاعد
الهلع بين السكان في شارع محمد علي جناح الرئيسي في الوقت الذي
هرعت فيه عربات الاسعاف لنقل الجرحى الى المستشفى.
وسارع رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني الى ادانة
الهجوم الاخير، وناشد الحشود ضبط النفس، حسب مكتبه.
وتندلع اعمال العنف الطائفي بشكل دوري في باكستان بين الشيعة
والاغلبية السنية في البلاد التي تعارض موكب احياء ذكرى عاشوراء.
ويشكل الشيعة بحسب الفرانس برس نحو 20% من السكان البالغ عددهم
170 مليونا، معظمهم من السنة. وقتل اكثر من 4000 شخص في اعمال عنف
طائفية في باكستان منذ اواخر الثمانينات.
سبعة قتلى في الاعتداء على المسجد الشيعي في كشمير الباكستانية
الاحد
في ذات السياق اعلن مسؤولون محليون الاثنين ان الهجوم الانتحاري
الذي استهدف مسجدا شيعيا في كشمير الباكستانية اسفر عن سقوط سبعة
قتلى.
وفجر انتحاري نفسه عندما كان يحاول الدخول الى مسجد امامبارغاه
الذي كانت الطائفة الشيعية تحيي ذكرى عاشوراء فيه.
وقال شودري امتياز وهو مسؤول اداري محلي ان "حصيلة ضحايا
الاعتداء اصبحت سبعة قتلى بعد وفاة شخصين ليلا في المستشفى". وكان
امتياز تحدث امس الاحد عن سقوط خمسة قتلى. بحسب فرانس برس.
ووضعت قوات الامن في حالة استنفار تخوفا من وقوع اعمال عنف
طائفية وخصوصا اعتداءات على ملايين الشيعة المحتشدين لاحياء ذكرى
عاشوراء.
ويشكل الشيعة 20% من سكان باكستان البالغ عددهم 120 مليونا
معظمهم من السنة. وشهدت البلاد مواجهات طائفية منذ نهاية
الثمانينات اسفرت عن مقتل اكثر من اربعة الاف شخص.
التشييع
الى ذلك شارك الاف في تشييع جنازة ضحايا التفجير الانتحاري،
وحملت النعوش وسط جموع من المشيعين لضحايا التفجير الذي وقع في
موكب للشيعة خلال الاحتفال بعاشوراء.
وأبرز التفجير الذي وقع وسط موكب شيعي في كراتشي التحديات
الامنية المتعددة التي تواجه باكستان حليفة الولايات المتحدة في
وقت حساس بالنسبة للرئيس اصف علي زرداري الذي قد يضعف بدرجة أكبر
اذا تجددت اتهامات فساد موجهة لاقرب مساعديه.
والى جانب متاعبه السياسية يواجه زرداري ضغوطا شديدة من واشنطن
للقضاء على المتشددين الذين تقول انهم يستغلون مخابيء في باكستان
للعبور الى أفغانستان ومهاجمة القوات الامريكية هناك.
وشنت الحكومة حملة أمنية في أكتوبر تشرين الأول الماضي استهدفت
مقاتلي طالبان المرتبطين بالقاعدة في معاقلهم القبلية في شمال غرب
باكستان وأسفرت تفجيرات انتقامية عن مقتل المئات منذ ذلك الحين في
أنحاء باكستان.
وعلى الرغم من أن الحكومة اتهمت المتشددين بارتكاب هجوم كراتشي
وهو ثالث هجوم من نوعه خلال ثلاثة أيام فان بعض المشيعين شككوا في
أن يكون أخوانهم المسلمون قادرين على ارتكاب مثل هذه المذبحة.
وقال سيد كوثر حسين زيدي وهو محام شيعي "أنا متأكد مئة بالمئة
من أن الولايات المتحدة وعملاءها هم وراء هذا الهجوم وكل الهجمات
المماثلة الاخرى في البلاد."
وأضاف "هدفهم هو زعزعة استقرار باكستان. المتطرفون الدينيون
المزعومون الذين ينشرون هذا الارهاب ما هم الا دمى في يد الولايات
المتحدة."
وردد مشيعون غاضبون هتافات مختلطة منها "فلتسقط امريكا ولتسقط
طالبان ولتسقط اسرائيل." وحث رجال الدين الناس على الهدوء.
وربما يكون هجوم كراتشي جزءا من سلسلة من التفجيرات التي تهدف
الى نشر الذعر أو محاولة لاشعال فتنة طائفية لاضافة المزيد من
الضغوط على قوات الامن او خلق أزمة أمنية جديدة.
ونظمت قوات الامن الباكستانية دوريات في شوارع شبه خالية في
كراتشي عاصمة اقليم السند.
وأعلن حاكم اقليم السند عطلة عامة. وتوقفت خدمات النقل العام
وأغلقت أغلب المتاجر ومحطات الوقود بعد أن دعت الاحزاب الدينية
والسياسية الى الحداد الوطني.
ويشن جيش باكستان القوي حملة على معاقل المتشددين في مناطق يغيب
عنها القانون في شمال غرب البلاد. لكن يصعب على القوات التقدم في
المناطق الجبلية الوعرة.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني "نقوم بحملة
عسكرية على معاقلهم على مستوى القاعدة. انهم يدمرون سلام البلاد."
وقال وسيم أحمد قائد شرطة كراتشي "ألقينا القبض على البعض ونجري
تحقيقات... طبقا لتحقيقاتنا المبدئية كان عمر الانتحاري بين 18 و20
عاما واستخدم ثمانية أو تسعة كيلوجرامات من المتفجرات." وأضاف أن
النيران اشتعلت في 500 متجر على الاقل وتسعة مبان عقب التفجير.
وقال أنجوم نقوي الذي شارك في الموكب الذي تعرض للهجوم "من
الواضح أن الارهابيين منظمون للغاية. انهم يريدون زعزعة استقرار
البلاد."
وصرح هاشم رضا زيدي مسؤول الصحة باقليم السند بأن عدد القتلى
ارتفع الى 43 في حين أن 52 شخصا ما زالوا في المستشفيات لتلقي
العلاج.
وقال محمد شمس صاحب متجر للبلاستيك "أعلم أنها خسارة فادحة لاسر
القتلى. لكن ماذا عن أسرنا. نحن أحياء لكننا فقدنا كل شيء."
واشتهرت مدينة كراتشي التي يسكنها 18 مليون نسمة بالعنف العرقي
والطائفي لكنها ظلت بمنأى عن هجمات طالبان خلال العامين المنصرمين. |