تقول الروايات التاريخية المتواترة من التراث الإسلامي، انه لما
خرج الإمام الحسين عليه السلام إلى مدينة كربلاء عام ( 61 هـ)
كان برفقته جون المسيحي، ولما بدأت معركة الطف، وقف جون يوم العاشر
من محرم أمام الإمام يستأذنه للقتال ، فقال عليه السلام له: يا جون
إنما تبعتنا طلباً للعافية ، فما كان من جون إلا ان وقع على قدمي
الإمام يقبلهما ويقول أنا في الرخاء أكل معكم ، وفي الشدة أخذلكم،
فأذن له الإمام وخرج الى القتال، وقاتل قتال الإبطال فقتل جماعةً
حتى استشهد . فوصل الخبر الى الحسين فبكى عليه ودعا له قائلا:
( اللَّهُمَّ بَيِّض وجهه وطَيِّب رِيحه ، واحشره مع الأبرار )
.
هذه الحادثة، التي لاقت أجماعاً على صحتها، تبدو أن لها شواهد
وامتدادات في عراقنا هذا العام، بعد حوالي 1370 عاما على تلك
الموقعة الشهيرة التي قاتل فيها رجلا مسيحي من اجل رجل مسلم ! بغض
النظر عن العناوين والمسميات والألقاب والأنساب التي يحملهما كل
من هذين الرجلين.
هذه الامتدادات قد تجسدت أفقياً عند الأخوة المسيحيين في العراق
الذين يتعرضون للاغتيالات وتفجير كنائسهم ، من قبل ذات القوى
والمنظمات التي تستهدف زوار كربلاء حينما زرعت في طريقهم العبوات
الناسفة والمفخخات القاتلة، في محاولة يائسة وعبثية من هذه القوى ،
لإحلال الفوضى في العراق عبر ضرب المكون المسيحي وإجباره على
مغادرة العراق وتركه لهؤلاء المجرمين.
فمحرم هذا العام قد تزامن مع أعياد ميلاد السيد عيسى المسيح (
عليه وعلى نبينا آلاف التحية والسلام) من ناحية، ومع بداية العام
الميلادي الجديد هذا العام من ناحية ثانية، ولهذا آل الأخوة
المسيحيين على أنفسهم الا أن يؤجلوا احتفالاتهم بهذه المناسبات
التي ينتظرها بعضهم بفارغ الصبر، احتراما منهم لإخوانهم الشيعة
ولمجالس عزائهم وإحزانهم التي تقام منذ اليوم الأول في محرم.
ولم يكتف الإخوة المسيح بهذا الأمر فحسب، بل نرى أن العوائل
المسيحية في بعض مناطق بغداد ، قد نظمت موكبا عزائيا وتوجهت به إلى
كربلاء ، وقامت أخرى منهم بتقديم الطعام للمواكب الشيعية التي تمر
بالقرب من بيوتهم، مقدمين بذلك صورة رائعة من صور التلاحم والتعاضد
والتلاقي بين أبناء هذا الشعب الذي يمكن ان يفتح لنا بابا من
التفاؤل حول ما يمكن أن تؤول أليه الأحداث مستقبلا في العراق الذي
يتشكل من هذه الفسيفساء المتنوعة الأديان والمذاهب والقوميات
والأعراق، خصوصا ونحن نواجه أنواعا كثيرا من المحاولات التي تحاول
أثارة الفتن بين مكونات العراق .
القنوات الفضائية المسيحية لم تشذ عن هذه التعاطف والمواساة مع
إخوتهم المسلمين الشيعة، وكانت قناة آشور الفضائية هي الأولى في
هذا المجال بلا منازع ، بل انها فاقت الكثير من القنوات العراقية
والعربية التي تجاهلت هذا الحدث او لم تعطه القيمة الحقيقة حيث
نقلت من كربلاء مباشرة وقائع العاشر من محرم الحرام ومجالس العزاء
والمواكب بل عرضت حلقات تلفزيونية عن واقعة الطف .
وقد ظهر ذلك جليا خلال الرسائل التي يبعثها الناس لهم والتي
تظهر على أسفل شاشة القناة التي جسدت مدى الارتياح الشعبي للمسلمين
لما قدمته هذه القناة التي تُعنى بشؤون المسيحيين في العراق التي
استطاعت أن تخرج من اطر المكون المحدود نحو فضاء الوطن اللامحدود .
وفي نهاية هذه المقالة....أدرج بعض الرسائل النصية التي وردت
إلى قناة آشور التي تقدم لنا صورة جميلة من تعانق الهلال مع
الصليب..... اتركها للقارئ الكريم مع خياله الواسع للنظر في
دلالاتها وما تحمله من معاني جميلة تخفف عنا بعض من المآسي التي
زرعها الإرهابيون في العراق .
• تحية خاصة للمسيحيين لمساندتهم مصيبتنا وهنيئا لهم بالعام
الجديد-حسين شهيد الزيرجاوي .
• شكرا لكم قناة آشور على موقفكم... فدائكم أبي وأمي - مرتضى
الموسوي .
• بارك الله بكم قناة آشور- جاسم المظلوم.
• وحق الحسين اكتب المسج وأنا ابكي من موقفكم يا قناة آشور
.
• اللهم بحق الحسين الشهيد انتقم من كل من يؤذي الإخوة المسيح-
نور .
• سنبقى لكم السند أيها الإخوة المسيح ولا ننسى موقف الشهيد
جون.
• موقفكم يا أخواننا المسيحيين لا ينسى وبالذات قناة آشور
الرائعة حينما نقلت شعائر محرم بحق العذراء البتول .
• يحفظكم أهل البيت - علاء موسى من مستشفى ابن النفيس.
• نعزي أحرار العالم باستشهاد الإمام الحسين – أرمن بغداد .
• نيابة عن أهالي قرقوش نعزي الأمة الإسلامية باستشهاد الإمام
الحسين -ستيف ووسام النديري .
• عظم الله أجوركم يا إخواننا الشيعة باستشهاد الإمام الحسين -
عامر التلكيفي .
• الأخوة المسيح وقناة آشور انتم تاج على الرأس- أخوكم أبو
مصطفى من البصرة.
• رغم الأعياد والأفراح لا ننسى الحسين - نادر البغدادي.
• رغم أعيادنا وأفراحنا لكن لا ننسى الإمام الشهيد - أميرة
إسحاق.
• استشهاد الإمام الحسين انتصار كلمة الحق على الباطل- سيمون
جميل.
• يوم العاشر هم يوم الإنسانية المشرف - ستيف سمير.
• عامر المحاويل يبارك للإخوة المسيحيين ويشكرهم على موقفهم من
فاجعة الطف.
• عشيرة ال جويبر يشكرون قناة آشور .
[email protected] |