الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

النهضة الحسينية: انجازات متجددة على طريق الحرية

قبسات من فكر الامام الشيرازي

 

شبكة النبأ: يؤكد التأريخ البشري خلود الأحرار وتنامي أفكارهم وانتشارها بين الناس بمختلف انتماءاتهم في عموم المعمورة، إستنادا الى فطرة الانسان التي غالبا ما تنحو الى رفض الظلم والتجبر والكبرياء الفارغة التي يمارسها مرضى النفوس على غيرهم.

لذا فإن واقعة الطف وما حملته على الصعدين العملي والفكري من جوهر مترادف، يتيح لها الخلود إستنادا الى ما قدمته للبشرية من بنود اجرائية وفكرية على طريق تعضيد الحرية وترسيخها كمنهج عمل حياتي يلجأ إليه الانسان لتحصين حقوقه الفردية او الجمعية من التجاوز عليها من لدن الطغاة والجبابرة.

ولطالما عاشت البشرية هذا الصراع القائم بين نزعات الاستحواذ والمصادرة والاذلال ممثلة بالطواغيت، وبين اولئك المدافعون عن كرامتهم وحقوقهم وحرياتهم وهم الرعية في الغالب مقابل الحاكم الأوحد الذي لا يقيده حدود الدين او العرف او الرقيب الذاتي الذي يموت فيه تماما، هنا عند هذه النقطة لابد أن تتحرك النفوس العظيمة لتصحح المسارات المنحرفة، وهذا بالضبط ما دفع الامام الحسين (ع) لاعلان الثورة الحسينية على الطغيان الاموي سلطانه الذي انحرف بالاسلام الى مآرب فردية دنيوية دنيئة مقابل مصادرة تامة وتجاوز متواصل على حقوق الناس، وقد قال الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) بكتابه القيّم (الحسين –ع- أسوة) في هذا المجال:

(لقد زلزل الإمام الحسين (عليه السلام) باستشهاده عرش يزيد الأثيم فما أن قتل الإمام، حتى اضطربت أطراف البلاد وأخذت الثورات تتوالى من هنا وهناك لإنهاء حكم أمية وأخذ يزيد يرتطم في أوحالٍ عفنة ولم تمتد حياته الجانية أكثر من ثلاث سنوات، حتى هلك، ثم لم تمتد دولة بني أمية، إلا بمقدار عمر إنسان واحد أو أقل حيث زالت عن الوجود، بانتفاضة عامة المسلمين ضدها بعد سلسلة من الانتفاضات والثورات هنا وهناك، والأعظم من ذلك كله أن الإمام ألفت الأنظار ـ باستشهاده ـ إلى نقاط انحراف الدولة عن الإسلام وأسّس للأجيال الآتية خير مرقب يراقبون به الانحرافات، لا الانحرافات التي تقع داخل إطار الإسلام فقط، بل وحتى الانحرافات التي تقع في الإطار الإنساني العام!).

بمعنى إن الامام الحسين (ع) لم يكتف بإعلان الثورة على الانحراف السياسي ضد الطاغية الاموي المستبد فحسب، بل سجّل في واقعة استشهاده درسا قائما وملموسا للانسانية جمعاء ما بقيت الحياة قائمة ومتواصلة، حيث يجد الانسان فكرا متحررا معضَّداً بالفعل الذي يتمثل بالتضحية بالنفس (وهي أعلى درجات التضحية) وبالاهل من أجل أن يبقى علم الحرية عاليا متساميا، وأن تبقى حرية الانسان وحقوقه مصانة من نزوات السلطان المنحرف، ولعل أعظم ما في ثورة الفكر الحسيني هو ذلك الطابع الشمولي الذي لا ينحصر بالمسلمين حصرا بل بالانسانية التي تجد في هذا الفكر أهدافها وحاجاتها المبدئية وغيرها، وهنا يقول الامام الشيرازي (رحمه الله) في كتابه نفسه:

(كما أن نهضة الإمام كانت درساً لمن يريد الحياة الإسلامية للمسلمين، بل لمن يريد حياة البشر، كيف ينهض؟ وكيف يضحي؟ ولذا ينقل عن –غاندي- الزعيم الهندي المشهور، أنه قال: تعلّمت من الحسين -عليه السلام- كيف أكون مظلوماً فأنتصر.

والإسلام والمسلمون إلى يوم القيامة هما رهينا خدمات الحسين -عليه السلام- بقاءً كما كانا رهيني إنشاء الرسول ومعاضدة الإمام المرتضى -عليهما السلام- ابتداءً).

من هنا اصبح لزاما علينا أن نسهم بكل الطرائق المتاحة في نشر هذا الفكر الخالد حفاظا على حقوقنا وكرامتنا وحرياتنا، وعلينا أن ننتهج جميع السبل لكي نعمل على حماية هذا النهج والالتزام به كونه السبيل الى حياة حرة كريمة مصانة من تجاوزات الطغاة على مر العصور، وهنا ثمة خطوات وعوامل علينا اللجوء إليها والتزامها وتعضيدها وتفعيلها  في هذا المجال، وهنا يتساءل الامام الشيرازي (رحمه الله) في كتابه نفسه (كيف تستمر ثورة الامام –ع-) ويؤكد الامام قائلا:

(إن ثورة الحسين -عليه السلام- لم تكن ثورة وقتية لتموت بعد زمان، وإنما كانت ثورة الحق ضد الباطل، وثورة العدالة ضد الظلم، وثورة الإنسانية ضد الوحشية، وثورة الهداية ضد الضلال، ولذا كان من الضروري، امتداد هذه الثورة مادامت الدنيا باقية، ومادام يتقابل جيشا الحق والباطل والهداية والضلالة).

ويرى الامام الشيرازي رحمه الله أن ثمة أمور ينبغي أن نتواصل في الالتزام بها كونها تسهم على نحو كبير في نشر الفكر الحسيني الخلاق ومنها، إحياء الشعائر، والاستفادة من المنبر الحسيني في هذا المجال من اجل الوصول الى جميع الشرائح بيسر وسهولة لغرض التوعية والحث على الالتزام بالفكر الحسيني القائم على العدل ورفض الظلم أيا كان نوعه او مصدره، كذلك يؤكد الامام الشيرازي على أهمية استخدام الاجهزة الحديثة في هذا المجال، فيقول (رحمه الله) في كتابه نفسه:

(لقد كانت وسيلة الثقافة سابقاً منحصرة في -المدارس الدينية والمنابر والكتب- وكلها كانت مصبوغة بصبغة الإسلام، فكان المجتمع يتلقّى التعاليم الإسلامية من هذه الوسائل تلقائياً. أما اليوم فقد زيدت على تلك الوسائل السابقة، -المدارس الحديثة والإذاعة والتلفزة والعارضة والجرائد والمجلات والاجتماعات الأخرى- فمن الضروري على المسلم أن يهتم لإدخال برامج الإسلام والمبادئ التي استشهد في سبيل تطبيقها الإمام الحسين (عليه السلام) في هذه الوسائل الحديثة).

ولعل المهم في هذا المجال هو تعضيد الانجازات العظيمة للثورة الحسينية والالتزام بها خدمة للصالح الانساني وللمسلمين المنتشرين في عموم أصقاع الارض، كوننا نفهم ونؤمن بأن الفكر الذي انطلق من هذه الثورة يحمي حرية الانسان ويزيد من وعيه وطرائق تعامله مع المتجبرين الطغاة الذين غالبا ما تؤخذهم طبائعهم لظلم الناس والتجاوز على حقوقهم.

 وهكذا فإننا نجد في ثورة الحسين طريقنا الى الحصانة الابدية لحرياتنا وبالتالي كرامتنا وحياتنا على نحو أشمل، وهو أمر يلزمنا أن نلتزم بالفكر الحسيني الخالد وننشره ما أمكننا ذلك وبالوسائل التي أشرها الامام الشيرازي (رحمه الله).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/كانون الاول/2009 - 12/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]