المسرح الحسيني: خطوات ينبغي تفعيلها

علي حسين عبيد

شبكة النبأ: لواقعة الطف الخالدة خصوصية واضحة وعميقة في صفحات التاريخ سواء ما يخص القيم الدينية او الفكرية او الاخلاقية وغيرها، لذلك تنعكس هذه الخصوصية في جميع المجالات التي تحاول أن تقترب من هذه الواقعة المتجددة وتجسد احداثها وقيمها فنيا او ادبيا او فكريا .

ومن هذه المجالات المسرح، فهو كما نتفق عنصر تثقيف مهم في منظومة التوصيل للقيم بكل اتجاهاتها، وكلنا نتذكر المقولة الشهيرة التي تذهب الى المعنى التالي (إعطني خبزا ومسرحا، أعطيك شعبا مثقفا) ولكن تُرى هل ركز المعنيون كتاب وفنانون وفرق ومؤسسات فنية جهودهم في هذا المجال كما هو مطلوب منهم ؟ ولعل الجواب واضح، صحيح هناك خطوات معينة بهذا الاتجاه بيد ان الامر لا يزال قيد القصور والتراجع، لأن المطلوب هو جهود اكثر بكثير مما بذلت في مجال المسرح الحسيني.

مثلا هنالك في كربلاء ادباء وكتاب معروفون في كتابتهم للمسرح الحسيني وقد تناولوا واقعة الطف برؤى جديدة تحاول أن تركز على القيم الحسينية وضرورة تفعيلها للافادة منها الى اقصى حد ممكن خاصة واننا نعيش ازمة قيم كما يقول المتابعون، بمعنى ان تصحيح الواقع ونشر القيم الحسينية كرفض الظلم وتصحيح المسارات الخاطئة وما شابه أمر مطلوب شعبيا وربما في العالم الاسلامي اجمع.

من هنا تأتي اهمية تفعيل دور الكتاب والادباء في هذا المجال، وقد كانت لخطوة عقد  المؤتمر التاسيسي الاول للمسرح الحسيني في كربلاء أهمية بالغة في هذا المجال حيث توافد عدد مهم من المختصين بفن المسرح وعقدوا مهرجانهم التأسيسي في العتبة الحسينية المطهرة، وهي خطوة مهمة في هذا المجال حيث انطوت على عدد من البحوث والدراسات المتخصصة بالمسرح الحسيني، وقد أشرت بعض البحوث نقاطا مهمة كما ورد في بحث الدكتور علي كاطع خلف قسم اللغة العربية ـ كلية الاداب ـ جامعة الكوفة، الذي جاء فيه:

(تعود جذور المسرح الى اصول دينية وفي العصور الوسطى نشأت المسرحية بموضوعات مأخوذة من الأنجيل ... وعدم امتلاك الاسلام لهذا الفن كان وما زال مثار استغراب ولذلك يرى البعض انه موجود والقسم الآخر يتنكر لوجوده بينما هناك ظواهر مسرحية كثيرة مثل مسرح الحكواتي وخيال الظل ومسرح السمار والمسرح الاحتفالي وغير ذلك وتناسوا الشعائر الحسينية التي لم يكتب لها التطور لتتحول الى فن مسرحي متكامل )..

وهكذا يكون تأشير هذه النقطة هم ولافت للنظر، فليس من المعقول ان لا تتضافر الجهود الفنية والاجرائية والكتابية والمالية لكي نعضد كل ما يمت للمسرح الحسيني بصلة، خاصة اننا نمتلك عناصر هذا المسرح من كتاب لهم كتابات مسرحية متكاملة وفنانين في شطري التمثيل والاخراج وغيرهما، وعلى سبيل المثال نذكر الشاعر والكاتب المسرحي رضا الخفاجي الذي كتب سلسلة مسرحيات حسيني مهمة منها مسرحية الحسين (ع) ومسرحية سفير النور وعددا متواصلا من المسرحيات التي تتعلق بالمسرح الحسيني كمسرحية الحر الرياحي التي قال فيها الناقد الراحل لواء الفواز في دراسة مهمة عنها نُشرت في حينها بعدد من وسائل الاعلام الصحفية وغيرها:

(في مسرحية الشاعر((رضا الخفاجي) الشعرية ((صوت الحر الرياحي)) سنحاول معرفة ما اذا كان الشاعر قد حقق هذه المعادلة الصعبة ام لا، على المستوى الفني، كما سنتعرف على قيمة العمل الفكرية، حتى نمسك بطرفي المعادلة على نحو اكثر اكتمالا في المنظور النقدي) .

ثم يتناول الفواز الجانب القيمي في هذه المسرحية فيقول:

(اذا كان الامام الحسين (عليه السلام) ثورة على الواقع، فأن شخصية الحر الرياحي مثال ممتاز للثورة على النفس ومغريات الظرف الذي تعيشه والثورة تلك كانت ((فعلا)) بالمعنى الفلسفي للكلمه حيث تناهي الشخصية ومحدوديتها ودخول حيز البقاء التاريخي بسبب من انتشاره واستمراريته عبر الاجيال فأصبح فعله(( رساله)) استقرأها المؤلف الشاعر رضا الخفاجي جيدا وحاكاها بتأملاته الخاصة والنابعة اصلا من ايمان واع بمفردات عقيدته الاسلامية).

وهكذا يبدو اننا قادرون على الوصول الى نصوص المسرح الحسيني بيسر طالما اننا نتوفر على مواهب في الكتبة بهذا المجال، بيد أن الامر لا يتعلق حصرا في مجال الابداع الكتابي للمسرح وانما ثمة عناصر أخرى مؤازة لذلك، ومنها توفير الفرق الفنية وعناصرها كافة (ممثلين ومخرجين واضاءة ومؤثرات صوتية وقاعات عرض وما شابه) ودعمها ماديا ومعنويا من اجل الوصول الى ركائز مسرحية قوية تتخصص بعرض القيم الحسينية على خشبة المسرح كونها وسيلة توصيل سريعة ومحببة للمتلقي.

واذا ما تضافرت الجهود في هذا المجال، فإن النجاح سيكون حليفنا حتما، لكن السعي والتركيز على الدعم والتواصل والمتابعة والتشجيع أمور مهمة بإمكانها أن تفعّل المسرح الحسيني بالطريقة التي ترقى الى الملحمة الحسينية الخالدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 23/كانون الاول/2009 - 6/محرم/1431