شبكة النبأ: يشعر الطفل مهدي محمد
ذو الأحد عشر ربيعا بالرضا عن نفسه كونه استطاع بمساعدة رفاقه
الذين يوازونه سنا من تشييد تكيتهم الخاصة في زقاق محلتهم.
ويروي مهدي إنه استطاع جمع احتياجات بناء التكية من خلال تعاون
رفاقه أبناء المحلة، فيقول، "كل واحد منا اشترى شيئا مختلفا من
مصروفه اليومي، أو جلب مادة ما من مسكنه بعد أن استأذن ذويه".
وتنتشر في اغلب أحياء مدينة كربلاء المقدسة العديد من التكايا
التي يعكف على تأسيسها الأطفال في تقليد سنوي أثناء إحياء مراسم
عاشوراء في شهر محرم الحرام ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه
السلام.
ويضيف مهدي، "قمت بشراء بضع ألواح من الخشب، وأخي اشترى قطع
القماش أما بقية أصدقائي فمنهم من جلب المصابيح والاحتياجات
الضرورية الأخرى".
وعن السبب الذي يدفعه للقيام بذلك وتحمل المشاق، والتخلي عن
مصروفه اليومي في سبيل شراء المواد الغذائية وتفريقها بين الزوار
يقول مهدي خلال حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية)، "أجد من الواجب
أن نقوم على خدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام، وهو تعبير عن
مواساتنا وحزننا على المصاب".
ويلفت مهدي منتشيا: "قمنا خلال الأيام الأربعة الماضية بتفريق
الشاي والمعجنات على الزوار".
من جهته يشير علي عوينات، احد أعضاء هيئة تنظيم المواكب في
الحضرة الحسينية، الى ظاهرة تشييد التكايا من قبل الأطفال بكونها
ثقافة متوارثة بين الأجيال، لم تنقطع منذ مئات السنين رغم مختلف
الظروف، معتبرها ثقافة ايجابية تساعد على نشر المبادئ الإنسانية
كالتعاون والإيثار والكرم والتضحية.
ويقول عوينات، "تشييد تكايا الأطفال ظاهرة متوارثة منذ عدة
أجيال في مدينة كربلاء واغلب المحافظات العراقية، حيث تنتشر أسوة
بالتكايا الكبيرة التي تشيد في المدينة القديمة وعلى مسار الطرق
الخارجية،التي يسلكها الوافدين، بالإضافة الى كونها مشعر حسيني
للتعبير عن مواساة الإمام الحسين عليه السلام في ذكرى الواقعة".
وعن طبيعة الخدمات التي تقدمها التكايا للمواطنين، فيقول، "التكايا
تقام لاستقبال الوافدين لزيارة الإمام الحسين عليه السلام، وبات
تشييدها من الشعائر الحسينية التي تقام في شهري محرم وصفر من السنة
الهجرية".
الفوائد التربوية المرجوة
ويسترسل عوينات خلال حديثة مع (شبكة النبأ المعلوماتية) عن بعض
ما يراه مردودات تربوية واجتماعية تنعكس إيجابا في نشأة الأطفال،
فيقول, "يتعلم أطفالنا من الشعائر الحسينية ضرورة نصرة المظلوم،
والتفريق بين الحق والباطل، سيما إن الإمام الحسين استشهد في سبيل
الحق وقتل هو وأبنائه ظلما من قبل السلطات الأموية المستبدة".
ويرى عوينات أيضا, "تعتبر التكايا التي يشيدها الأطفال تجربة
متقدمة للاعتماد على النفس، وإشاعة ثقافة الإيثار والتعاون
والتكافل الاجتماعي، الى جانب الكرم والأخلاق الحميدة.
الجدير بالذكر إن التكايا تكون بمثابة محطات استراحة للوافدين
كون جلهم يأتون الى كربلاء المقدسة سيرا على الأقدام، الى جانب
تقديم الطعام والشراب لهم طيلة الأيام العشر الأولى من شهر محرم
الحرام".
من جهته يرى المواطن حسين عبد الستار في ممارسة الأطفال للشعائر
الحسينية بالوسيلة ناجعة التي تسهم في ترسيخ العقيدة الإسلامية في
نفوس الصغار، فيقول لـ شبكة النبأ المعلوماتية، "الشعائر الحسينية
بصورة عامة كانت سببا ولا تزال في ترسيخ مبادئ الدين الإسلامي
الحنيف، سيما عند تلاوة الآيات الكريمة من القران والمحاضرات
الدينية التي تتناول السيرة النبوية وأحاديث آل البيت صلى الله
عليهم أجمعين، خصوصا لدى شريحة الصغار".
الأوضاع أفضل من السابق
الى ذلك يشير حسين عبد الستار الذي يزود تكية الأطفال المجاورة
لمنزلة بالتيار الكهربائي الى إن الأوضاع الاجتماعية والأمنية باتت
أفضل بكثير عما سبق، خصوصا إبان النظام الديكتاتوري السابق حيث
يقول لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "أتذكر عندما كنت صغيرا كنت
ورفاقي نتعرض للضرب والشتيمة والتهديد من قبل أزلام النظام البعثي،
كون السلطات الأمنية في العهد البعثي تمنعنا من إقامة تلك التكايا،
سيما تكايا الأطفال، وتقوم بتهديمها". ويختم حديثه مبتسماً، "رغم
ذلك كنّا نعاود بنائها بعد كل عملية تهديم".
|