شبكة النبأ: يتفق العلماء
والباحثون وغيرهم مع الاقوال التي تذهب الى أن مبادئ الامام الحسين
(ع) هي ملك للبشرية جمعاء كونها ذات صفات إنسانية تناسب أي أمة من
الأمم أو الشعوب، غير أن هذه المبادئ الانسانية تتيح لنا كعراقيين،
كما لغيرنا، أن نستفيد منها في تغيير حياتنا نحو الأفضل، ولذلك فإن
الحديث عن رؤية وطنية لهذه الزيارة المقدسة وحيثياتها، لا يتنافى
مع طابعها الانساني الشامل .
من هنا نذهب الى القول بأن العراقيين، وهم يجتازون مفترق طرق
عصيب، يطمحون لبناء حاضر متوازن ومستقبل مزدهر، ولذلك فهم يمتلكون
كغيرهم من الشعوب حق البحث عن سبل التقدم لاسيما تلك التي لم تكن
متاحة لهم سابقا او تلك التي لم يكتب لهم النجاح في تجريبها او
الولوج في معتركها.
وزيارة أربعينية الامام الحسين (ع) هي واحدة من أهم السبل
والأبواب التي تنفتح أمام العراقيين بآفاق جديدة تتيح لهم اسثمارها
الى أقصى حد يصب في صالحهم، واذا عرفنا بأن المواطن العراقي قد
أدّى دوره المهم في إحياء هذه الشعيرة الحسينية الاسلامية
الانسانية المقدسة، فثمة الطرف الآخر الذي يشكل ركن التوازن في
استثمار هذه الفعالية المقدسة لصالح العراقيين، ونعني بهذا الطرف
المسؤولين الحكوميين تحديدا.
لقد تابعنا باهتمام كغيرنا من المتابعين الاعلاميين والمثقفين
وغيرهم، مجريات هذه الزيارة الخالدة، ولقد شكل الزخم البشري الهائل
الذي طرق ابواب كربلاء المقدسة على مدى اسابيع متتالية، مؤشرا
وطنيا لا يمكن إغفاله في أي حال من الأحوال، فقد كان المواطن
العراقي المتوجه الى سيد الشهداء (ع) يحمل في قلبه قطبين مهمن هما،
وطنه العراق أرضا وشعبا وتأريخا، وفي الوقت نفسه كان يحمل في عقله
مبادئ الحسين (ع) ونهجه الهادف الى رفض الظلم وتقويم الانحراف،
وبذلك فإن الملايين التي استقرت بوصلتها باتجاه كربلاء المقدسة،
حملت هذا الثنائي العظيم (الحسين –ع- والعراق الخالد) في عقولها
وقلوبها، حتى بسطاء الناس من الزوار أدّوا دورهم على أفضل وجه
بفطرتهم الصادقة وحسهم الوطني الانساني العميق، ويقينا انهم جميعا
وهم يضعون دم الحسين الطاهر تاجا على رؤوسهم وأرواحهم، كانوا في
الوقت ذاته يطمحون بحياة كريمة تقودهم الى آخرة تليق بمسعاهم
واخلاصهم ونواياهم الصادقة.
من هنا يمكن القول بأن الزائر العراقي وهو مواطن مسجل على ذمة
هذا الوطن قد قام بدوره كما ينبغي وكما هو مطلوب منه، والشوط الذي
يكمّل هذا الطرف يتعلق بالطرف الثاني المتمثل بالمسؤولين الرسميين
على وجه الدقة.
ولعلنا لا نغالي أذا قلنا بأن مصطلحا جديدا شاع في ثنايا اللغة
الاعلامية على تنوعها، وهذا المصطلح يربط بين الحس الوطني
والشعائري في آن، فزيارة الاربعين هي شعيرة حسينية مقدسة لكنها في
ذات الوقت شكلت مظهرا رائعا من مظاهر وحدة الشعب العراقي، فحين
يجتمع قرابة (15) مليونا من العراقيين على اداء شعرة مقدسة واحدة،
فإن هذا الامر لاريب يشكل دليلا راسخا على وحدة هذا الشعب وتشابه
اهدافه وتقارب تطلعاته حاضرا ومستقبلا وعدم استعداده للتفريط
بوحدته تحت أقسى الظروف وأصعبها، ولذلك فهو قام بمسؤوليته الوطنية
على أفضل وجه، ولكن ما هو المطلوب من ولاة الأمر لكي يضاهوا هذا
الشعب فطرة وسلوكا انسانيا صادقا؟.
إننا نعتقد بوجود فرصة للتوازن بين دور المواطنين العراقيين
وحكومتهم بما يضاعف من فرص الازدهار والتطور، فيما لو احسنت
الأخيرة طريقة استثمار هذه الزيارة عبر المقترحات الاجرائية
التالية:
1- تأليف وتكليف اللجان المحلية والخارجية لدراسة متطلبات هذه
الزيارة، كتوسيع طرق وبوابات وساحات مدينة كربلاء المقدسة وبناء
المنشآت الخدمية ذات المواصفات العالمية بما يليق بالزائرين
الكرام.
2- تخصيص جزء من ميزانية الدولة السنوية بما يتناسب ومكانة هذه
المدينة والمناسبات الدينية التي تقام فيها. وفي ذات الوقت إستثمار
السياحة الدينية بما يشكل عنصرا داعما ومهما لميزانية العراق
المالية.
3- استثمار هذه الظاهرة بما يحقق امتصاصا لحالة البطالة من خلال
تشغيل آلاف الأيدي العاملة وفق طرق اقتصادية مدروسة، علما إن
الوقائع تشير الى التشغيل الفعلي لمئات الرجال والنساء وحتى
الاطفال والشباب القادمين من محافظات العراق ولكن بصورة عشوائية
على الرغم من انها حققت لهم ربحا (عشوائيا) ووقتيا.
4- قراءة حيثيات هذه الشعيرة الحسينية الخالدة والافادة من وحدة
الشعور الوطني العراقي الذي يصاحبها وتوظيفه للصالح العام.
5- التسليم بأن هذه الجموع المليونية التي تحتشد سنويا بهذه
الصورة الفريدة تستحق الرعاية من المسؤولين عبر كف الأذى عنهم من
خلال القضاء التام والشامل على ظاهرة الفساد الاداري فورا.
6- أهمية الاستفادة من تجربة هذا العام الذي تحققت فيه أعلى
نسبة للزائرين من داخل العراق وخارجه، بما يحقق نجاحا متصاعدا
لمجريات الزيارات والمناسبات القادمة. |