شبكة النبأ: تشهد مدينة كربلاء
منذ بداية الشهر المنصرم تظاهرة دينية وصفها المراقبون بأنها
الاكبر حيث يتوافد مئات الآلاف على المدينة يوميا مشياً على
الأقدام، بعد قطعهم مئات الكيلو مترات متوجهين إلى المدينة التي
تضم مرقد الإمام الحسين بن علي (ع)، ثالث الائمة المعصومين عند
المسلمين الشيعة، والذي تصادف الاثنين ذكرى إعادة رأسه سلام الله
عليه مع رؤوس أهله وأصحابه الذي قتلوا معه في واقعة الطف عام 61
هـ، من مدينة دمشق السورية إلى مدينة كربلاء وسط العراق.
وفيما غصَّت مداخل وشوارع المدينة الرئيسية والفرعية بالحشود
الهائلة، لم تندهش (أم عذراء) القادمة من مدينتها النجف إلى
كربلاء، من منظر الحشود البشرية التي اكتضّت بها مدينة تكاد تتفجر
سوادا وشعورا بالفجيعة، وطّنت نفسها بعد أن أدركت أن إمكانية دفع
عربة طفلتها وسط هذا الزحام الهائل أمرا مستحيلا، وضعتها على كتفها
وغاصت بين الجموع وهي تهمس لنفسها “الأجر على قدر المشقة” و اختفت
تماما في بحر السواد.
الكثير من زوار كربلاء، وليس أم عذراء وحدها، يعرفون تماما وهم
يقطعون المسافات من مدنهم إلى المدينة التي تضم مرقد الإمام الحسين
في ذكرى أربعينيته، أنهم لن يجدوا كربلاء بشوارعها وأزقتها ومحالها
على سعة لتحمل المزيد.
وقال حسين احمد من أهالي الناصرية “اتفقنا أنا وبعض الجيران
والأصدقاء أن نشارك في أربعينية الإمام الحسين(ع) مشيا على
الأقدام، وهي المرة الأولى لي”.
وأضاف وهو يتحاشى الاصطدام بالآخرين “لم أكن أتوقع أن أرى هذه
الحشود التي تلتقي عند مفترق الطرق بين المحافظات، فكلما تجاوزنا
مدينة انظم إلينا حشد جديد وهكذا حتى وصلنا إلى مدينة كربلاء وكأن
العراق كله خرج إلى هذه المدينة”. بحسب اصوات العراق.
وتشهد مدينة كربلاء منذ عشرة أيام تظاهرة دينية وصفها المراقبون
بأنها الأكبر التي تشهدها البلاد حيث يتوافد مئات الآلاف على
المدينة يوميا مشيا على الأقدام، بعد قطعهم مئات الكيلو مترات
متوجهين إلى المدينة التي تضم مرقد الإمام الحسين بن علي، ثالث
الأئمة المعصومين عند المسلمين الشيعة، والذي تصادف اليوم الاثنين
ذكرى إعادة رأسه مع رؤوس أهله وأصحابه الذي قتلوا معه في واقعة
الطف عام 61 هـ، من مدينة دمشق السورية إلى مدينة كربلاء جنوبي
العراق.
وقال جاره عمار حسن الذي كان لصيقا به “المشهد من الأرض يبدو
غير واضح سوى كتلة من الأجساد التي تحولت إلى جسد واحد، ولكن حينما
صعدت إلى سطح احد الفنادق أجبرني المشهد على البكاء”، مستدركا
“البكاء ليس على الأمام الحسين فقط، بل على العراقيين الذين ينسون
الجوع والتعب والإرهاق وحتى الأعداء، ويتملكهم شعور واحد هو شعور
الوحدة والاتحاد في أوقات الشدة، إذ يشعر الجميع وكأنهم أخوة”.
وعما إذا كان الخوف والتردد رافقا حشود الزائرين وهي تزحف إلى
كربلاء قال لطيف الجحيشي من أهالي السماوة “العراقي أولاً لايخاف
من الموت ثم علينا أن لا نستسلم لمثل هؤلاء الذين يريدون قتل
العراقيين جميعا وليس الشيعة فقط، لأن الحسين ليس شيعيا بل مسلما
وللإنسانية جمعاء”.
وأضاف “صدقني كلما حدث شيء ازداد التمسك بهذه الشعائر، والدليل
ما حدث بعد سقوط النظام من تفجيرات في كربلاء فقد ازداد إصرار
الناس على مواصلة هذه الشعائر”
وشهدت كربلاء عام 2004 في يوم العاشر من محرم ذكرى مقتل الإمام
الحسين ثمانية تفجيرات “انتحارية” في أماكن متفرقة من وسط المدينة
أدت إلى مقتل وجرح عدة مئات من الزوار الذين واصلوا تنفيذ الشعائر
الحسينية وكانت واحدة منها ما يعرف بـ “ركضة طويريج” التي انتهت
عند احد التفجيرات قرب مرقد العباس.
واستذكر احمد علي من أهالي كربلاء عمليات الحظر على هذه
الشعائر زمن النظام السابق قائلا “النظام السابق كان يعدم من يقوم
بهذه الشعائر، لكنه لم يستطع منعها فهل تمنعها تفجيرات
الإرهابيين؟”.
وأردف “اعتقد أن الناس هنا توحدوا، وبيتي واحد من هذه البيوت
التي فتحت أبوابها للزوار وبلا تفتيش، وأنا لست الوحيد الذي فتح
بيته لمبيت الزوار بل الجميع وخاصة من يقع بيته وسط المدينة لأن
أعداد الزوار كبيرة جدا”.
الزائر عباس العامري لم يظهر عليه ما يدل على أنه يشعر بالتعب
بعد أن سار من البصرة إلى كربلاء (نحو 524 كم) على قدميه وقال “هل
تصدق أنه بعد عشرة أيام من المشي لم أشعر بأي تعب حتى وصلت
كربلاء”. وأضاف “يبدو أن طاقة خفية كنا نختزنها أو ربما هو الحماس
الجماعي الذي انتابنا ونحن نريد إقامة الشعائر الدينية تحديا لمن
يخططون لقتل العراقيين”.
واستطرد وهو يغالب دموعه “بعد أن وصلت كربلاء وعانقت عيناي قباب
الحسين، انهارت قواي ورحت أبكي بحرقة وشغف”.
ورأى علوان ميسر من أهالي الديوانية أن “لا تعب في الطريق، لأن
وسائل الراحة موجودة في كل الطرق المؤدية إلى كربلاء إن كانت من
الأهالي أو المفارز الطبية”.
وأضاف” هناك شباب تطوعوا، ورجال من دوائر الصحة يقومون بعمل
المساج إلى الزوار بتدليك عضلات الساقين مما يعني إراحة الزائر
قليلا”.
وقال مشددا “نعم هناك تعب في الجسد لكنه سرعان ما يذوب حين نبدأ
بإقامة العزاء وممارسة الطقوس التي علينا أن نقيمها”. |