الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الحسين.. إمام الإصلاح

ضمد كاظم وسمي

قد يتفق المحللون لحوادث التاريخ بغض النظر عن دينهم وجنسهم ومشربهم الفكري بأستثناء الذين في قلوبهم مرض ـ فهؤلاء قد طبع الله على قلوبهم ـ قد يتفقون طراً على ان خروج الامام الحسين لم يكن حباً في مغنم او طلباً لسلطان او توسلاً بجاه لان نفسياته الكريمة وسيرته الانسانية النقية ومحتده الطاهر بمنتأى عن تلك الاوطار الا ان تستحيل الى وسائل شريفة خدمة لاهداف الرسالة الانسانية الكبرى التي جاء به جده النبي الاعظم محمد ((ص)).. واستشهد دونها ابوه الامام علي بن ابي طالب.. بعد ان ذاب فيها حتى اننا يمكننا القول وبكل قوة وايمان صادقين ان الاسلام الحقيقي ذا الوجه الانساني المشرق والذي يمثل ثورة اجتماعية تستند على مبدا التسوية الشهير والمساواة الانسانية المطلقة..

لم يكن لكي نتوصل الى كنهه لولا عبقري العدالة الكونية الامام علي ونجله عبقري الاصلاح الانساني الامام الحسين.. لذلك قال النبي ((ص)) وقد اشار الى الحسين: ((انا هنا)) ومن قبل قال ((ص)): ((انا مدينة العلم وعلي بابها)).. لذلك نرى فلاسفة الاغيار بله ائمة اهل البيت كانوا دوماً يوجهون الانظار نحو نهضة الحسين وهم يصبون الى تحقيق العدالة الانسانية من خلال عملهم وافكارهم ونضالاتهم بلا هوادة..

ويمكننا ان نستشف بكل وضوح مقاصد الامام المصلح في ثورته المباركة من خلال قوله الجلي: ((واني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ((ص)) اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي وابي)).. فاذن كان خروج الامام لطلب الاصلاح في الامة الاسلامية التي اسسها جده.. ولكن لمَ الاصلاح وفيمَ ؟..

 اما اسباب طلبه الاصلاح فلان السياسة بعد وفاة الرسول لعبت لعبتها المدمرة.. اذ استغلها الحزب القريشي ليستبد بالامر والسلطة.. واستطاع بحذاقته وبحد السيف ان يستبعد حزب العدالة ـ حزب اهل البيت ـ ويقصيه من السلطة بل عمل جاهداً لمحقه في المجتمع والتاريخ مستخدماً وسائل الترغيب والترهيب الفاعلة، يقول سيد اهل البيت الامام علي: ((فو الله ما زلت مدفوعا عن حقي مستاثرا علي منذ قبض الله نبيه حتى يوم الناس هذا.. اللهم اني استعديك على قريش ومن اعانهم، فانهم قطعوا رحمي وصغروا عظيم منزلتي واجمعوا على منازعتي امراً هولي))..

 ولعله من المفيد ان نذكر ان عملية الاصلاح التي نهض بها الحسين لم تبتغ الى تصدر اهل البيت للسلطة لاشاعة العدل والحرية فحسب بل ان وراء الاصلاح كان العامل الاقتصادي حيث ان الخيط الذي كان ينتظم القوى التي ناضلت تحت راية اهل البيت هو خيط الحرمان والفقر.. يقول جورج كيرك: ((ان فكرة التشيع انتشرت بين فقراء العرب الذين لم ينالوا شيئاً من غنائم النصر)) طبعا الغنائم التي صارت من نصيب الحزب القريشي واتباعه.. لذلك كانت الثورة الشعبية الكبرى والتي انتهت بمقتل عثمان ابن عفان وتولية الامام علي سدة الخلافة.. نتيجة للاخطاء الجسيمة التي اقترفها عثمان طبقياً وقبليا عندما وضع بيت المال في خدمة الامويين والاثرياء من قريش وحرم الشعوب الاسلامية الفقيرة.. فكانت الثورة مسألة طبيعية في مجتمع حي وسوي..

 لكن مع تمادي الاستبداد والظلم والجهل وترسيخ وعاظ السلاطين لذلك الظلم في اذهان العامة وتحويله الى دين يدان به تحول المجتمع الى البلادة والتي جعلت الثورات العلوية المتتابعة لا تحرك هذه الشعوب التي اعتبرت دينيا الخروج على السلطان الجائر والثورة عليه من المحرمات التي توجب الدخول الى جهنم وبئس المصير.. وقد اصاب الحسين بوصفه لذلك المجتمع بقوله: ((الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون))..

 لقد اعاد معاوية وطاغيته يزيد وحكام بني امية اعادوا بوعي كامل انتاج الجاهلية ولكن بسربال اسلامي فضفاض.. يقول د. علي الوردي: ((لقد كان الخليفة الاموي بدويا صريحا يعمل ما يشاء ما دامت القوة بيده. وكان يتبع في ذلك سنة الصحراء التي تقول:ـ ان الحلال ما حل باليد، وان الحق بالسيف. ولذا وجدناهم تركوا اهل التقوى والدين في ابراجهم العاجية يتحذلقون كما يشتهون))..

لعلك الان ادركت مدى المسؤولية التاريخية التي كانت تثقل كاهل الامام وهو أمام هذا الانحراف الخطير الذي اصاب الدولة الاسلامية عموديا وافقيا فكان لابد وان يقدم على مهمة الاصلاح حتى ولو من طريق الشهادة اذ سدت بوجهه كل طرق الاصلاح ولم يبق بد من الشهادة كمعلم للمناضلين من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية.. بل بيّن بما لالبس فيه على ان الاصلاح محصور في سيرة النبي والوصي فقط ولو كانت في سيرة غيرهما لاشار اليها لانه اراد ان يوصل الى الناس ((الحقيقة المرة)).. وان ينقذهم من وهم ((الكذب المريح))..كما يقول المثل الروسي: ((ان الحقيقة المؤلمة افضل الف مرة من الاكذوبة المريحة)).

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/شباط/2009 - 18/صفر/1430

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

annabaa@annabaa.org