- المنبر الحسيني يزاوج بين
البعد الوجداني والبعد العقلي وإن ابتعد عن هذا الهدف فيلزم ان
نطلق عليه اسماء اخرى من قبيل المنبر الاسلامي، المنبر الفكري،
المنبر السياسي..
- بعض المنابر تطرح الافكار
والمقولات بعيداً عن التأهيل القرآني أو الاصولي أو الفقهي وهذا
يوقع اصحاب تلك المنابر في اخطاء واحراجات كثيرة وكبيرة
- بإمكان المستمِع أن يسهم في
المسح العام لأبرز المشكلات التي تتصدر قائمة الاولويات.. وبإمكانه
اقتراح الموضوعات التي تهم المستمعين والمجتمع
شبكة النبأ: الحديث حول تطوير
المنبر الحسيني، حديث عن الاصلاح، فالامام الحسين (ع) الذي تعقد له
وبأسمه المجالس الحسينية الشريفة، خرج لإصلاح الامة ولن يصلُح
حالها إن لم يكون وضع المنبر بمفهومه الواسع كأداة للتعليم فيها،
هذا اذا كنا نتبنى الرؤية التي تقول: أن الحضارة الاسلامية حضارة
منبر يبث العلم والهدى والنور.
فعلى سبيل المثال، ان اي خطيب من الخطباء الذين يعتمدون في
إلقاء محاضراتهم بناءً على ترديدهم لمقولات الآخرين أو تبعاً
لحفظهم لمحاضرات ممن سبقهم فستكون لهم القدرة على التطوير من حيث
الشكل أو المضمون. ولكن بشرط أن تتوفر لدى القارئ مقدمات من اهمها:
أولاً- التحصيل الدراسي التخصصي، لأن بعض المنابر تطرح الافكار
والمقولات بعيداً عن التأهيل القرآني أو الاصولي أو الفقهي وهذا
يوقع اصحاب تلك المنابر في اخطاء واحراجات كثيرة وكبيرة.. حتى يخيل
للمستمع في بعض الاحيان ان الخطيب المعني لم يمر يوماً بباب الحوزة
العلمية.
ثانياً- دراسة أو قراءة العلوم الاجتماعية كلغة تواصلية
وأقناعية، أذ ان العلوم تكاملية في الأداء والمحصلة.
ثالثاً- الإلمام بتاريخ المنبر والمحطات التي مر بها الى ان وصل
لهذه الكيفية المتعارفة الآن.
رابعاً- تعلُّم فن الخطابة عبر الالتحاق بدورات تخصصية، تتخللها
الممارسة العملية التدريبية، وملاحظة خطابات الخطباء الكبار
للأستفادة من اساليبهم في البدء ولتجاوزهم في المستقبل، لأن اغلب
الخطباء كوّنوا أنفسهم بأنفسهم بطريقة عصامية، فمتى يتم تجاوز هذه
المرحلة؟.
بين القول والفعل..
يقول الله سبحانه وتعالى:( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا
تفعلون)، يلاحَظ ان لدى بعض الخطباء سلوك متناقض، فقد نجد خطيباً
من الخطباء، يطرح افكاراً يخالفها فور نزوله من على المنبر، فلا
تتحقق الفائدة المرجوة، فما الفائدة من تحدث خطيب عن التسامح وهو
على راس قائمة المتعصبين والمتحزبين، وماذا نجني من تحدُّث خطيب عن
التعددية وهو يمارس دكتاتورية على الآخرين ليجعل من نفسه فرعوناً
صغيراً.
تعدد المنابر
ان المنبر الحسيني ينبغي ان يبقى حسينياً ولا يصح تطويره بعيداً
عن الاهداف التي بدأ منها، وهي قضية الدمعة على الحسين (ع)،
فالمنبر الحسيني يزواج بين البعد الوجداني والبعد العقلي وإن ابتعد
عن هذا الهدف فيلزم ان نطلق عليه اسماء اخرى من قبيل: المنبر
الاسلامي، المنبر الفكري، المنبر السياسي... أو غير ذلك.
كما ينبغي ان لا نلغي اي نمط من أنماط المنابر الحسينية، فهناك
المنبر الحسيني التقليدي الذي يغلب عليه طابع اللوعة والأسى..
وهناك المنبر الذي يركز على المقتل والقضية التاريخية للواقعة، الى
جانب الخطاب الوعظي الارشادي، وهناك المنبر الذي يعالج القضايا
الفكرية المعاصرة، وهناك المنبر الذي يتحدث عن القضايا الساخنة،
وهناك المنبر الذي يطرح الامور الفقهية والعقائدية.. فهذه المنابر
يجب ان تبقى جنباً الى جنب.. وكما نقول لكل كتاب قارئه، فأن لكل
خطيب مستمعه.
بين الخطيب والمستمع
يعتقد البعض ان مهمة تطوير المنبر الحسيني هي مسؤولية الخطباء
وحدهم أو مسؤولية الجهة التي ينتمي اليها هؤلاء الخطباء فقط أي
الحوزة العلمية، هذا تصور عير صحيح، فالمسؤولية تقع على الجميع،
فالمستمع لمنبر الحسين (ع) ينبغي ان يتحمل دوره في هذا التطوير،
فلا يكفي ان نجتز الكلام في مجالسنا موجهين سهام نقدنا للخطباء، بل
من الضروري ان نتواصل معهم، ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه.
فالمستمع بأمكانه ان يسهم في المسح العام لأبرز المشكلات التي
تتصدر قائمة الاولويات... وبأمكانه اقتراح بعض الموضوعات التي تهم
المستمعين والمجتمع.
وربما يكون من الجيد ان توزع قائمة بالموضوعات التي سيطرحها
الخطيب خلال موسم شهر محرم، فالمستمع يذهب للأستماع وهو لا يدري
شيئاً عن الموضوع الذي سيطرحه الخطيب.
ان تحديد الموضوع سلفاً، قد يساعد المستمع على اختيار المنبر
الذي يعالج اهتماماته، فمستمع يبحث عمن يرشده في كيفية تربية
أولاده، وثان يبحث عمن يرسم له خريطة التعامل مع زوجته، وثالث لديه
إشكال عقائدي يبحث عن اجابة شافية له..
......................................................
المصادر
مجلة النبأ العدد 85 |