- علينا الاستمرار في استنكار
جريمة هدم الروضة العسكرية المطهرة وإعلان المظلومية للبشرية جمعاء
وذلك باﻷيدي واﻷلسن وعبر وسائل الاعلام كافة وهذا أقلّ ما يمكن
فعله
- إذا أردنا أن نقلّل من أمثال
فاجعة سامراء فعلينا أن نهدي الشباب ونعلمّهم من خلال عقد جلسات
تثقيفية نعرّفهم فيها على ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم
- إن فاجعة سامراء لها جذور
وليست وليدة اليوم، وجذورها هي ثقافة الظلم والغصب اللذين اتّصف
بهما أعداء أهل البيت صلوات الله عليهم
شبكة النبأ: قال سماحة المرجع
الشيرازي، إن هَدم الروضة العسكرية المطهرة فاجعة كبرى ولا انتهاء
لها وإن أعيد إعمارها. فبعض المصائب لا يمكن جبرها ومنها توجيه
اﻹهانة إلى المقدّسات، وهذا أمر يقرّ به العقلاء جميعاً.
واضاف السيد المرجع، نعم قد تكون بعض اﻷشياء مقدّسة عند بعض
الناس وغير مقدسة عند غيرهم، ولكن ما كان مقدّساً عند أمة فإن
التعرّض له وتوجيه اﻹهانة إليه مهما كانت يُعدّ أمراً لا يمكن
جبره. ومأساة سامراء من هذا القبيل، وستبقى إلى أبد الدهر فاجعة لا
تجبر. وعمليات إعادة إعمارها لا تعني إنهاء الفاجعة وإنما تعني
الحدّ من استمرار هذه الجريمة النكراء.
جاء ذلك بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للعدوان اﻵثم على
المرقد الطاهر للإمامين العسكريين صلوات الله عليهما في مدينة
سامراء المشرّفة الذي ارتكبه خوارج العصر، حيث تطرّق المرجع الديني
سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، إلى
هذه الذكرى اﻷليمة والفاجعة العظيمة خلال درسه خارج الفقه صباح
اليوم الثلاثاء الموافق للثالث والعشرين من شهر محرم الحرام 1430
للهجرة في مسجد اﻹمام زين العابدين صلوات الله عليه بمدينة قم
المقدسة وقال:
إن اليوم هو يوم ذكرى هدم القباب الطاهرة للإمامين العسكريين
صلوات الله عليهما في مدينة سامراء المقدسةّ. واليوم تمرّ ثلاث
سنوات على هذه الجريمة التي طالت أيضاً سرداب الغيبة المقدّس الذي
أمرتنا اﻷوامر الشرعية بأن نزور ـ عند حضورنا فيه ـ مولانا المفدّى
الإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يُعجّل بإعمار الروضة العسكرية
الطاهرة وأن تجري عمليات الإعمار بأسرع مما هي عليه حالياً،
ويمهَّد الطريق للعالمين أجمع كي يوفّقوا وبحرية للتشرّف إلى
الزيارة، وأسأله تعالى أن يمنّ علينا بفضيلة الزيارة.
وقال سماحته: إن هدم الروضة العسكرية المطهرة فاجعة كبرى ولا
انتهاء لها وإن أعيد إعمارها. فبعض المصائب لا يمكن جبرها ومنها
توجيه اﻹهانة إلى المقدّسات، وهذا أمر يقرّ به العقلاء جميعاً.
نعم قد تكون بعض اﻷشياء مقدّسة عند بعض الناس وغير مقدسة عند
غيرهم، ولكن ما كان مقدّساً عند أمة فإن التعرّض له وتوجيه اﻹهانة
إليه مهما كانت يُعدّ أمراً لا يمكن جبره. ومأساة سامراء من هذا
القبيل، وستبقى إلى أبد الدهر فاجعة لا تجبر. وعمليات إعادة
إعمارها لا تعني إنهاء الفاجعة وإنما تعني الحدّ من استمرار هذه
الجريمة النكراء.
وأشار سماحته إلى جذور جريمة تفجير الروضة العسكرية المطهرة
وقال:
إن جريمة هدم المرقد الطاهر للإمامين العسكريين صلوات الله
عليهما لها جذور وليست وليدة اليوم، وجذورها هي ثقافة الظلم والغصب
اللذين اتّصف بهما أعداء أهل البيت صلوات الله عليهم. وهذه الثقافة
بدأت منذ ذلك اليوم الذي أعلن فيه أبو سفيان مع قريش حربه على
مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، وطالت اثنتين وعشرين سنة.
ورغم أن أبا سفيان أسلم بالظاهر بعد فتح مكّة سنة ثلاث وعشرون
للهجرة لكن هذه الحرب استمرت وسار على نهج أبي سفيان ابنه معاوية
ومن بعده ابنه يزيد ومن بعده مروان وبنو أمية ومن بعدهم بنو
العباس.
وشدّد سماحته قائلاً: إن ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم هي
ثقافة العدالة والرحمة، أما ثقافة أعدائهم فهي ثقافة الظلم والغصب.
وهذه حقيقة نعرفها نحن، أمّا غيرنا كالمنحرفين عن أهل البيت صلوات
الله عليهم وغير المسلمين والكفّار من أهل الكتاب وغيرهم فإن
أكثرهم لا يعلمون ذلك ﻷنه قد غسلت أدمغتهم. فإن قمنا بعرض هذه
اﻷمور عليهم ومنها جريمة هدم مراقد البقيع وجريمة هدم الروضة
العسكرية المطهرة فإنهم سيبتعدون عن بني أمية وعن بني العباس وعمّن
انتهج نهجهم. فلقد ذكر لنا التاريخ أن بعض اﻷشخاص كانوا يأتون إلى
النبي صلى الله عليه وآله ويتطاولون عليه، ولكنهم بعد إطلاعهم على
الحقيقة ومعرفتهم لمولانا رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا
يعتذرون ويطلبون العفو عمّا صدر منهم، وكانوا يقولون: الله أعلم
حيث يجعل رسالته، واﻷمر نفسه جرى مع اﻷئمة اﻷطهار صلوات الله
عليهم.
وذكر سماحته نماذج من ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم ومن
ثقافة أعدائهم وقال:
أذكر لكم نموذجاً من سيرة مولانا اﻹمام أمير المؤمنين صلوات
الله عليه أيام حكومته الظاهرية التي امتدت على نصف الكرة اﻷرضية،
نقلاً عنه صلوات الله عليه عندما أتاه أخوه عقيل طالباً منه ثلاثة
كيلو غرامات من الشعير أكثر من حصّته حيث قال:
والله لقد رأَيتُ عقيلاً وقد أَملقَ حتى استماحني من بُرِّكُم
صاعاً، ورأَيت صبيانه شُعثَ الشُّعور غُبرَ الألوان من فقرهم
كأنّما سُوِّدت وجوهُهُم بالعِظْلِمِ، وعاودني مؤكّداً وكرّر عليَّ
القولَ مُردِّداً، فأَصغَيتُ إليه سَمعي، فظنَّ أنّي أبيعُهُ ديني
وأتَّبعُ قيادَهُ مُفارقاً طريقتي، فأحمَيتُ له حديدةً ثمّ
أدنيتُها من جسمه ليعتبر بها، فضجَّ ضجيجَ ذي دَنَفٍ من ألَمِها
وكاد أن يحترقَ من ميسمِها، فقلتُ له: ثكلتك الثَواكل يا عقيلُ
أتئِنُّ من حديدة أحماها إنسانُها للَعِبه وتجُرُّني إلى نارٍ
سَجَرَها جبَّارُها لغضبه؟ أتئِنُّ من الأذى ولا أئنُّ من لظى؟
وعندما استشهد اﻹمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان عليه
دَين كثير حيث كان صلوات الله عليه اقترض ذلك لتمشية أمور الناس
المعاشية، وقد أدّى هذا الدَين ابنه مولانا الإمام الحسن المجتبى
صلوات الله عليه بعد كدّ وتعب شديدين. وعلى سيرة أمير المؤمنين
صلوات الله عليه سار علماؤنا اﻷعلام من السلف الصالح، فقد ذكروا في
أحوال السيد أبي الحسن اﻷصفهاني رضوان الله تعالى عليه أنه مات
وعليه دَين، وكانت ديونه لقضاء حوائج المستضعفين والفقراء من
الناس.
أما عن واحدة من أفعال عثمان الذي سمّى نفسه خليفة الله وخليفة
رسوله فقد ذكر التاريخ أنه أعطى لصهره مروان خمس أفريقية وكان مئة
ألف دينار.
ونموذج أخر أذكره عن سيرة اﻹمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وهو:
في الحرب التي فُرضت على مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات
الله عليه وهي حرب الجمل، وبعد أن انتصر الإمام على جيش الجمل، لاذ
أفراده بالفرار، وفي طريق فرارهم صادفوا امرأة وكانت حاملاً، فخافت
وارتعدت منهم فأسقطت جنينها، وعندما وصل خبر ذلك للإمام أرسل إليها
وأعطاها دية السقط، علماً أن الإمام لم يكن مسؤولاً عن ذلك، لأن
المرأة خافت من جيش الجمل وليس من جيش الإمام سلام الله عليه.
فمعنى عمل الإمام هذا أن الحاكم الإسلامي مسؤول عن أيّ ظلم يقع
في نطاق حكومته وإن لم يكن هو مسبّبه.
أما عن معاوية فقد ذكر التاريخ أنه استعمل زياد بن سمية على
البصرة، فخطب زياد بأهلها وقال: والله لآخذن البريء بالسقيم،
والبر باللئيم، والوالد بالولد، والجار بالجار أو تستقيم إليّ
قناتكم(3). فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام
عليّ عليه السلام، فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي
والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشرّدهم عن
العراق، فلم يبق بها معروف منهم.
وعقّب سماحته قائلاً: إن حكومة معاوية وأمثاله هي حكومة الغاب
بل وأسوأ من ذلك. فالذئب عندما يهجم على خمسين أو سبعين رأس من
الغنم أو الغزال قد ينهش عدداً منها لكنه بالنتيجة يأكل واحداً
منها. وأما معاوية وغيره ممن حكم باسم النبي وادّعى بأنه خليفة
الله وخليفة النبي فقد فعلوا بالأبرياء ما لم تفعله الذئاب. ولهذا
شبّه مولانا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه الظالمين بالذئاب في
خطبته أثناء توجّهه إلى العراق: «كأني بأوصالي تقطّعها عسلان
الفلوات بين النواويس وكربلاء». فهذه الثقافة السيّئة امتدت
واستمرت ولازالت ومن نتائجها فاجعتا البقيع وسامراء.
وفي ختام كلمته بيّن دام ظله تكليف المؤمنين تجاه فاجعة هدم
الروضة العسكرية المطهرة وقال: إن هذا اليوم هو يوم ذكرى فاجعة
تاريخية عظمى ولكن من المؤسف جداً أنه لا أحد يذكرها ولا يتطرّق
إليها، وإن ذكرت فإنها ليست بالمستوى المطلوب.
لذا إن التكليف علينا نحن أهل العلم وعلى المؤمنين جميعاً اليوم
هو أمران:
اﻷول: وهو على المدى القصير، الاستمرارية في استنكار جريمة هدم
الروضة العسكرية المطهرة وإعلان المظلومية للبشرية جمعاء وذلك
باﻷيدي واﻷلسن وبرفع الأعلام السود على أبواب البيوت وواجهات
الدكاكين، وعبر الصحف واﻹذاعات والتلفاز والفضائيات، وهذا أقلّ ما
يمكن فعله.
الثاني: وهو على المدى البعيد، إذا أردنا أن نقلّل من أمثال
فاجعة سامراء فعلينا أن نغيّر تلك الثقافة السيّئة بأن نهدي الشباب
ونعلمّهم. وأقلّ ما يمكن عمله في هذا المجال عقد جلسات تثقيفية
للشباب نعرّفهم فيها على ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم ونعرض
لهم نماذج من السيرة السيّئة للحكّام الظالمين الذين حكموا بلباس
اﻹسلام وباسم رسول الله صلى الله عليه وآله سواء من بني أمية أو
بني العباس ومن سار على نهجهم.
|