شبكة النبأ: تكتسب الإعدادات
الواجب القيام بها والتحضّر لها عند دخول شهر محرم الحرام والشروع
بالتهيؤ لمراسيم عاشوراء والمجالس الحسينية، أهمية كبرى من ناحية
التجديد في طرح قضية الإمام الحسين عليه السلام كحدث مفصلي في
التاريخ الإسلامي.
ومن نواحِ أخرى تشتمل على طرح النهضة الحسينية كأحدى مقوّمات
بناء الانسان والحضارة على أسس الدعوة للحق والعدالة والفضيلة،
وتناول هذه القضية بالإسلوب الذي يحقق الأهداف التي من أجلها ضحى
صاحب الذكرى بنفسه الشريفة وأهله وخاصته وخلّص أتباعه.
يمكن تصنيف إعدادات المجالس الحسينية من ناحيتين رئيسيتين هما:
الإعدادات المعنوية والإعدادات المادية.
فأما الإعدادات المعنوية فتتركز في، ان المجالس الحسينية انما
هي ذكر لله تعالى وعليه فإن نيتنا يجب ان تكون خالصة للتقرب الى
الله من خلال استذكار أوليائه والقيم الالهية التي من أجلها عملوا
وضحّوا، دون أن نضع نصب أعيننا أية أهداف دنيوية، رغم ان البركة
بطبيعة الحال وكما هو مجرَّب ومعروف ستنالنا حتماً بمختلف أبعادها.
من جهة اخرى تدخل مسألة الاهتمام بالنشئ الجديد من ناحية زرع
مفاهيم روحية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية المجالس الحسينية عن
طريق إشراك الشباب في برامج تربوية لاتقتصر على محرم وإنما تمتد
على طول السنة بحيث يستشعر الشباب روح النهضة الحسينية ويعملون على
تجسيدها بممارسات انسانية وتعايش سلمي وتصرفات سويّة بناءة.
كما ينبغي على الهيئات الحسينية وضع برنامج متكامل نؤكد ونعمّق
من خلاله حب اهل البيت عليهم السلام في نفس كل فرد، وهذا الحب يجب
ان يكون عن وعي وفهم، فأن التبعية الساذجة من دون وعي وفهم معمق
تتصدع في المواقف الحرجة وفي أيام الفتن والنزاعات..
الاعدادات المادية
وأما الإعدادت المتعلقة بالجوانب المادية للمجالس الحسينية ورغم
تشعبها إلا ان مقوماتها الأساسية تنحصر في سعينا لتسخير جميع وسائل
الإعلام الحديثة كالصحافة بأنواعها الورقية والالكترونية والراديو
والقنوات الفضائية والانترنت، لأجل نقل تعاليم ومراسيم عاشوراء
ومنها المجالس الحسينية، لأنها اصبحت في عالم اليوم الوسائل الأنجع
لايصال مفاهيم ديننا الحقّة وعلوم اهل البيت عليهم السلام وقضاياهم
ولاسيما عاشوراء..
بالاضافة الى ضرورة حرصنا على إقامة المجالس الحسينية في بيوتنا
وإن لم يحضرها سوى أهلنا او القليل من الجيران، وكذا المشاركة
الفعالة في المجالس التي يعقدها المؤمنون، واصطحاب الاطفال والنساء
إن أمكن، مع حفظ الموازين الشرعية واحترامها، ومراعاة توصيات أهل
البيت عليهم السلام وجميع الاحكام الشرعية كمسألة غض البصر وترك
الزينة والالتزام بالحجاب..
الثقافة هي الأساس
قال الله تعالى:"هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون"، نلاحظ
ان صيغة الآية الاستفهامية إنما تريد الاشارة بوضوح الى حقيقة
الاجابة التي لا يختلف فيها اثنان، باعتبار ان العلم والعلماء أرقى
منزلة من الجهل والجهال. وبما ان كافة العلوم ترتكز على مسألة
الثقافة فإنها-الثقافة- أصبحت من اهم المسائل في كل امة وحضارة،
وبقدر ما يحمل المرء من ثقافة في مجالات الحياة المختلفة فأنه
غالباً ما يكون مؤثِراً بصورة ايجابية في محيطه ومع مَن يتعامل
معه.
من هنا فإن التسلح بالثقافة الاسلامية والتوعية الدينية يعتبر
من اهم التحديات التي يجب على القائمين على المجالس الدينية عموماً
والحسينية خصوصاً، احتواءها والإحاطة بها، لأنها تمثل البنى
التحتية التي يعتمد عليها المؤمنون في شؤون حياتهم المختلفة
الاتجاهات..
ولمّا كان العمل الثقافي من اهم مصاديق نشر التوعية الدينية
ومفاهيم النهضة الحسينية، فإنه يستوجب توفر عدة شروط، منها:
- التأكُّد بأن فكر اهل البيت عليهم السلام هو النور والمشعل
الوضاء والبيّنة التي يحتاجها كل عصر، وأن هناك الملايين من البشر
محرومون منه، وأن مهمة ايصاله لهذا الكم الهائل ليست بالمهمة
اليسيرة، مما يستدعي مضاعفة الجهود لتحرير الناس- بمن فيهم
المفكرون والمثقفون- من ظلمات الانحراف والجهل التي ينشرها العالم
المادي اليوم تحت عناوين عولمة فضفاضة..
- اذا أردنا لأعمالنا أن تحقق اهدافها فلابد أن تكون مطابقة
للطريق الذي رسمه الشرع لنا، وإلا فسيتبين لنا ان المسافة التي
قطعناها بعد مدة طويلة لم تكن في الاتجاه المطلوب أصلاً.. وبتعبير
أدق، يتعين على العاملين في السلك الثقافي الاسلامي أن يعرضوا على
الناس عين ما يريده ائمة اهل البيت سلام الله عليهم، وفق أنجح
وأنجع الأساليب وأجمل التعابير وأبلغها أثراً، كما هو الحال
بالنسبة لأساليب التوجيهات والأدعية الواردة عن أئمتنا المعصومين
عليهم السلام، حيث روعة البلاغة والفصاحة وجمال التعبير فضلاً عن
سمو المعنى..
وأخيراً، ان الامام الحسين عليه السلام استُشهد من أجل ثلاثة
اهداف هي، اصول الدين، والاحكام الشرعية، والاخلاق الاسلامية، فمن
أراد استحصال رضا الله تعالى وتقديم الولاء لسيد الشهداء عليه
السلام، عليه أن يسعى لتحقيق هذه الاهداف الثلاثة، وأن يضعها على
رأس أهتماماته ليكون من الفائزين في الدنيا والآخرة... |