الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

مدينة الحزن الأبدي تبكي دما في عاشوراء

كربلاء تتوشح بحزنها على الامام الحسين (ع)

علي حسين عبيد/النبأ

 

شبكة النبأ: مرت بنا في هذه الايام الخالدة الذكرى المتجددة لاستشهاد أبي الاحرار الامام الحسين بن علي عليهما السلام، وقد توشحت مدينة الحسين التي تضم جسده الشريف بين طيات تربتها المقدسة، بالحزن والألم والسواد على ما طال آل بيت محمد الأكرم (ص) من ظلم وتقتيل قامت به زمرة ضالة ظالمة تدّعي الاسلام زورا وبهتانا.

وما يلفت النظر لكل من تابع الشعائر المقدسة لهذا العام، انها آخذة بالتوسع مع امتلاك سمة التجدد، لتملأ هذه الشعائر الخالدة مساحات يَصعُب حصرها في أي اطار كان، فمع انها امتدت الى مساحات كبيرة ومتعددة في ارجاء المعمورة، إلاّ ان الذروة كانت هنا في كربلاء، الارض المطهرة التي شرفها الله عز وجل بدم الامام الحسين (ع)، فصارت قبلة ومنارا ووجهة لكل المسلمين من جميع البلدان والامصار.

فقد غصَّت شوارع كربلاء المقدسة وازقتها وساحاتها بملايين الزوار الذين توجهوا اليها من عموم مدن العراق والعالم، كي يحيوا الشعائر الحسينية المباركة المقدسة.

فقد انتصبت عشرات التكايا في امكنة متعددة تتوزع قلب المدينة المقدسة وقد أضاءتها مئات المصابيح والقناديل والثريات المتوهجة بالايمان الراسخ في قلوب المسلمين وشيعة أمير المؤمنين واتباع اهل البيت الذين طهرهم الله تعالى من الرجس، ناهيك عن وهج المنائر والقباب الشامخة في سماء كربلاء أبدا.

ومع ان الحزن هو سمة هذه المدينة في هذه الايام ولون السواد هو الذي يطغي على كل معالمها، إلاّ ان وهج الايمان كان ولا يزال وسيبقى يشعُّ من هذه التكايا، ومن كل العلامات التقديسية العظيمة لشعائر الحسين عليه السلام، فثمة السرادق التي تنتشر في جميع امكنة المدينة المقدسة، حيث يشمر القائمون عليها سواعدهم، وهم يقدمون لزوار ابي عبد الله (ع) كل ما يتمكنون عليه من أكل وشرب وسكن وأماكن للراحة والنوم اذا تطلب الأمر، فلقد امتدت خدمة زوار عاشوراء الى أطراف كربلاء، الى احيائها القصية ونواحيها البعيدة، لكي تقف على خدمة من جاءوا من ابعد المدن والبلدان كي يحيوا ذكرى استشهاد الامام الحسين الخالد (ع)، ولايخفى في هذا الصدد، الامتداد العظيم لهذه الشعائر ليصل الى بقاع جديدة من ارض المعمور كما نوهنا سابقا.

ثم هناك منظر المواكب الحسينية المباركة، وهي تتسابق لتقديم نشاطاتها العزائية في ساحات وشوارع المدينة التي تزدان برغم حزنها بملايين الاجساد والارواح المؤمنة، وهي تطوف حول مرقد الامام الحسين واخيه العباس عليهما السلام.

لقد أحيت هذه المدينة وعظَّمت الشعائر الحسينية المقدسة ليلا ونهارا، فلم يتمكن منها تعب او اجهاد، حيث الايمان بمبادئ الحسين وثورته الخالدة يذلل كلَّ المصاعب مهما كان نوعها او مصدرها.

وقد التقينا إحدى الزائرات في أعماق ليلة العاشر من محرم الحرام، حيث تجاوز عمرها الستين عاما، وهي تغذُّ الخطى الى مرقد أبي عبد الله الحسين (ع) ودموعها تهمي على وجهها من دون توقف، وحين سألناها (حيث كانت تعاني من مرض السكر وضغط الدم)، هل تشعرين بالتعب او الاجهاد في هذه اللحظات، فأجابت:

في بيتي لا اتحرك إلاّ قليلا او عند الحاجة القصوى، لكنني الآن لا اشعر بتعب او اجهاد او مرض، لأنني في مدينة ابي عبد الله كربلاء المقدسة، جئت لكي اناصر سيدي ومولاي الحسين وأتبرك بكراماته الكبيرة والكثيرة عند الله.

ومضت المرأة الى ضالتها وإمامها بنشاط كأنها لا تعاني من شيء قط، ومثل هذا النموذج ثمة الكثير، حيث شاهدنا عددا يصعب عدّه من الزائرات والزوار المسنين المرضى لكنهم صاروا أصحّاء معافين وهم في رحاب سيد الشهداء (ع).

لتبدأ شعيرة خالدة بعد صلاة الظهر من اليوم العاشر وهي (ركضة طويريج) حيث بدأ هدير الاصوات الحسينية وهي تدوّي في أرجاء كربلاء نصرةً للحسين (ع)، ملايين الاجساد والارواح المؤمنة تتدفق كالسيول الهادرة من بوابة (شارع طويريج) ثم تتجه الى مرقد سيدنا العباس (ع) وتطوف حوله كالزحف البشري الذي لا يتوقف.

ثم تتجه عبر ساحة الحرمين الى مرقد إمامنا الحسين (ع) لتستعيد بكل آلام الكون وقائع تلك الفعلة الجبانة المنكرة الظالمة التي طالت سبط الرسول الاعظم (ص) وآله الطاهرين، حيث الاصوات تعلو وتعلو وتعلو حتى تعانق وجه السماء (يا حسين، ياحسين، ياحسين، ياحسين، ياحسين، ياحسين) ....................

إنه منظر لا أجل منه ولا أعظم، هدير بشري، وفيضان جسدي منظّم ينطلق من خارج كربلاء المقدسة الى روافدها ليملأ الارض والسماء دويّا، وهو يصيحُ بنصرة الحسين وذويه وصحبه الطاهرين، أولئك الذين ضربوا أمثالا خالدة للانسانية جمعاء، في الشجاعة والتضحية والايثار والايمان الراسخ ابدا في النفوس والقلوب المطهرة.

ثم تخرج هذه الحشود المليونية المتدفقة لتصل الى ذروة واقعة الاعتداء الأثيم على آل بيت النبوة، بنات واحفاد رسول الله محمد (ع) لتبدأ وقائع حرق الخيام وتقتيل الاطفال وتشريد النساء وسط موجات العويل والاستغاثة التي لم تحرك ساكنا في قلوب القتلة الطغاة المجرمين.

هذه هي كربلاء عاشوراء، مدينة تتشح بالحزن والسواد، مدينة تبكي دما، أرضها وسماؤها، ترابها وماؤها، اشجارها وطيورها، شوارعها وساحاتها وبيوتها وأناسها، كلها تبكي دما على مصاب آل البيت الجلل، مدينة الحزن الأبدي على الامام الحسين (ع).

ولكن يبقى العزاء الخالد لنا ولكل شيعة امير المؤمنين (ع) والمسلمين اجمعين، اننا لن ننساك ياسيدي ويامولاي ياحسين، وان طريقك هو طريقنا الأبدي، ومبادؤك مبادؤنا ما دمنا في رحاب الحياة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/كانون الثاني/2009 - 11/محرم/1430

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]